تسجيل الدخول


عدي بن حاتم الطائي

1 من 1
عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ

(ب د ع) عَدِيُّ بنُ حَاتِم بن عبد الله بن سعد بن الحَشْرَج بن امرئ القيس بن عَدِيّ ابن أَخْزَم بن أَبي أَخْزَم بن رَبِيعَة بن جَرْوَل بن ثُعَل بن عمرو بن الغَوْث بن طَيِّئ الطائي، وأَبوه حاتم هو الجَوَاد الموصوف بالجُود، الذي يضرب به المثل، يكنى عَدِيٌّ أَبا طَرِيف. وقيل: أَبو وَهْب، يختلف النَّسَّابون في بعض الأَسماءِ إِلَى طَيِّئ.

وفد عَدِيُّ على النبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم سنة تسع في شعبان، وقيل: سنة عشر، فأَسلم وكان نَصْرَانِيًّا.

أَخبرنا أَبو الفضل عبد الله بن أَحمد بن عبد القاهر، أَخبرنا أَبو محمد جعفر بن أَحمد القارئ، أَخبرنا علي بن المحسن التنوخي، حدثنا عيسى بن علي بن عيسى بن داود، أَخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا إِسحاق بن إِبراهيم المَرْوَزِيّ، حدثنا حماد بن زيد، عن أَيوب، عن محمد بن سيرين، عن أَبِي عُبَيْدَة بن حُذَيْفَة قال: كنت أَسأَل عن حديث عَدِيّ بن حاتم، وهو إِلى جنبي، فقلت: أَلا آتيه فأَسْأَلَه؟ فأَتيته فسأَلته، فقال: بُعِث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين بُعِثَ، فَكَرِهْتُه أَشَدَّ ما كَرِهْتُ شيئًا قط، فانطلقت حتى إِذا كنت في أَقصى الأَرض مما يلي الروم، فكرهْت مَكَانِي ذَلِك مِثْلَما كرهته أَو أَشد، فَقُلْتُ: "لَوْ أَتَيْتُ هَذَا الْرَّجُلَ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا اتَّبَعْتُه؟ فَأَقْبَلْتُ، فَلما قَدِمْتُ الْمَدِيْنَةَ اسْتَشْرَفَنِي النَّاسُ وَقَالُوا: عَدِيُّ بْنُ حَاتِم! عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ! فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: "يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ" قُلْتُ: إِنَّ لِي دِيْنًا. قَالَ: "أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ". قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِدِينِي مِنِّي؟ قَالَ: "نَعَمْ"، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، قَالَ: "أَلَسْتَ تَرْأَسُ قَوْمَكَ؟" قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "أَلَسْتَ رَكُوسِيًّا؟ أَلَسْتَ تَأْكُلُ الْمِرْبَاعَ؟" قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلّ فِي دِينِكَ". قَالَ: فَنَضْنَضْتُ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا عدِيُّ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ". قَالَ: قَدْ أَظُنُّ ـــ أَوْ: قَدْ أَرَى، أَوْ: كَمَا قَالَ رَسُوْلُ اللَّه صَلَّى الله عليه وسلم: ـــ "أَنَّهُ مَا يَمْنَعَكَ أَنْ تُسْلِمَ إِلاَّ غَضَاضَةٌ مِمَّنْ حَوْلِي، وَإِنَّكَ تَرَى الْنَّاسَ عَلَيْنَا إِلْبًا وَاحِدًا". قَالَ: "هَلْ أَتَيْتَ الْحِيْرَةَ؟" قُلْتُ: لَمْ آتِهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ مَكَانًهَا. قَالَ: "يُوشِكُ الْظَّعِيْنَةُ أَنْ تَرْتَحِلَ مِنَ الْحِيْرَةِ بِغَيْرِ جِوَارٍ، حَتَّى تَطُوْفَ بِالْبَيْتِ، وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْنَا كَنْزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ". قَالَ: قُلْتُ: كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ! قَالَ: "كَسْرَى بْن هُرْمُزَ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَلَيَفِيضَنَّ الْمَالُ حَتَّى يُهِمَّ الْرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ". قَالَ عَدِيٌّ: قَدْ رَأَيْتُ اثْنَتَيْنِ: الْظَّعِيْنَةُ تَرْتَحِلُ بِغَيْرِ جِوَارٍ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَقَدْ كُنْتُ فِي أَوَّلِ خَيْلٍ أَغَارَتْ عَلَى كُنُوْزِ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؛ وَأَحْلِفُ بِاللَّه لِتَجِيئَنَّ الْثَّالِثَةُ أَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى الله عليه وسلم".

وقيل: إِنه لما بَعَثَ النبي صَلَّى الله عليه وسلم إِلى طَيِّىءٍ أَخذ عَدِيُّ أَهله، وانتقل إِلى الجزيرة، وقيل: إِلى الشام، وترك أُخته سَفَّانَة بنت حَاتِم، فأَخذها المسلمون، فأَسلمت وعادت إِليه فأَخبرته، ودعته إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فحضر معها عنده، فأَسلم وحسن إِسلامه، وقد ذكرناه في ترجمة أُخته سَفَّانَة [[أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن محمد بن إسحاق قال: أصابت خيل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ابنة حاتم، فقدم بها على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في سبايا طَيِّئ، فَجُعلَتْ ابنةَ حاتم في حظيرة بباب المسجد، فمر بها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقامت إليه ـــ وكانت امرأة جَزْلة ـــ فقالت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليّ منّ الله عليك. قال: "مَنْ وَافِدُكِ"؟ قالت: عدي ابن حاتم. قال: "الْفَارُّ مِنَ الله وَرَسُولِهِ"؟ ثم مضى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وتركني، حتى مر بي ثلاثًا، فأشار إلي رجل من خلفه أنْ قومي فكلميه. فقمت فقلت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليّ منَّ الله عليك. قال: "قَدْ فَعَلْتُ، فَلَا تَعْجَلِي حَتَّى تَجِدِي ثِقَةً يُبَلِّغُكِ بِلَادَكِ، ثُمَّ آذَنِينِي" فسألت عن الرجل الذي أشار إليّ، فقيل علي بن أبي طالب. وقدم ركب من بَلِي،ّ فأتيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقلت: قَدِمَ رهط من قومي. قالت: فكساني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وحَمَلني، وأعطاني نفقة، فخرجت حتى قدمت الشام على أخي عدي بن حاتم، فقال لها عديّ: ما ترين في أمر هذا الرجل. قالت: أرى أن تلحق به.

كذا رواه يونس، ولم يسم سَفَّانة، وسماها غيره. ورواه عبد العزيز بن أبي روّاد نحوه، وزاد: وكانت أسلمت فحسن إسلامها.(*)]] <<من ترجمة سفانة بنت حاتم"أسد الغابة".>>.

وروى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أَحَادِيثَ كَثِيْرةً، ولما تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى الله عليه وسلم قدم على أَبي بكر الصديق في وقت الردة بصدقة قومه، وثبت على الإِسلام ولم يَْرتَدَّ، وثبت قومه معه. وكان جوادًا شريفًا في قومه، مُعَظَّمًا عندهم وعند غيرهم، حاضرَ الجَوَابِ، روي عنه أَنه قال: "ما دخل عَلَيّ وقتُ صلاةٍ إِلا وأَنا مشتاق إِليها". وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يكرمه إِذا دخل عليه.

أَخبرنا غير واحد إِجازة عن أَبي غالب بن البناءِ، عن أَبي محمد الجوهري، عن أَبي عمر بن حَيُّويَةَ، حدثنا أَحمد بن معروف، حدثنا الحسين بن قَهْم، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا يزيد بن هارون ويعلى بن عبيد قالا: حدثنا إِسماعيل بن أَبي خالد، عن عامر الشعبي قال: لما كان زمنُ عمر، رضي الله عنه، قدم عديُّ بن حاتم على عمر، فلما دخل عليه كَأَنَّهُ رأَى منه شَيْئًا ـــ يعنى جَفَاءً ـــ قال: يا أَمير المؤمنين، أَما تَعْرِفُني؟ قال: بلى، والله أَعرفك، أَكْرَمَكَ اللهُ بِأَحسنِ المعرفةِ، أَعرفك والله، أَسلمتَ إِذ كفروا، وعَرَفْتَ إِذ أَنْكَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذ غَدَرُوا، وأَقْبَلْتَ إِذ أَدْبَرُوا. فقال: حسبي يا أَمير المؤمنين حسبي.

وشهد فتوح العراق، ووَقْعَةَ القادِسِيَّة، ووقعة مِهْران، ويوم الجِسْر مع أَبي عُبَيد، وغير ذلك.

وكان مع خالد بن الوليد لما سار إِلى الشام، وشهد معه بعض الفتوح، وأَرسل معه خالد بالأَخْمَاس إِلى أَبي بكر الصديق، رضي الله عنه.

وسكن الكوفة، قال الشعبي: أَرسل الأَشعثُ بن قَيْس إِلى عدي بن حاتم يَسْتَعِيرُ منه قُدُورَ حاتم فملأَها، وحملها الرجالُ إِليه، فأَرسل إِليه الأَشعث: إِنما أَرَدْنَاها فارغة! فأَرسل إَليه عدي: إِنا لا نُعِيرُها فارغةً.

وكان عدي يَفُتُّ الخبز للنمل ويقول: إِنهن جاراتٌ، ولهُنَّ حَقٌّ.

وكان عديٌّ منحرفًا عن عثمان، فلما قُتِلَ عثمان قال: "لا يَحْبِق في قتله عنَاقٌ". فلما كان يوم الجمل فُقِئَتْ عَيْنُه وقتل ابنه محمد مع عَلِيّ، وقتل ابنه الآخر مع الخوارج، فقيل له: يا أَبا طَرِيف، هل حَبَقَ في قتل عثمان عَنَاق؟! قال: إِيْ والله، والتَّيْسُ الأَعظم.

وشهد صفين مع علي، روى عنه الشعبي، وتميم بن طَرَفَة، وعبد الله بن معقل، وأَبو إِسحاق الهَمْدَانِي، وغيرهم.

وتوفي سنة سبع وستين، وقيل: سنة ثمان. وقيل: سنة تسع وستين، وله مائة وعشرون سنة قيل: مات بالكوفة أَيام المختار، وقيل: مات بقَرْقِيسياءَ، والأَول أَصح.

أَخرجه الثلاثة.

النَّضّنَضَة: تحريك اللسان. والغَضَاضَة: الذِّلَّة. والنقيصة وقيل: إِنما هي "خَصَاصة" بالخاءِ وهي الفقر.
(< جـ4/ص 7>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال