تسجيل الدخول


ثابت بن قيس بن شماس بن زهير بن مالك بم امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن...

1 من 1
ثَابِت بن قَيْس

ابن شَمّاس بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج ابن الحارث بن الخزرج، وأمُّه هند بنت رُهم بن حبى بن الأغر بن طريف ابن عَمرو بن عَبد رِضَا من طيئ ويقال بل كبشة بنت واقد بن عَمرو بن الإطْنَابة، وإخوته لأمه عبدُ الله وعَمرةُ ابنا رواحة وكان ثابتٌ خطيبَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

فَوَلَدَ ثابتُ بن قيس: محمدًا، وأمّه جَمِيله بنت عبد الله بن أُبَيّ بن سَلُول، وأخوه لأمه عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب، وأخوه أيضا لأمه أبو كثير بن خُبَيب بن يَساف، وأخته أيضا لأمه الفُرَيعَةُ بنت مالك بن الدُّخشم من بني سالم.

وأبا فَضَالة بن ثابت واسمه عبد الله، وأمه نَسيبة بنت لام بن هِزَّان بن عمرو بن نجدة ابن عَمِيرة بن رَبيعة بن سَوَاء بن عُصَيم بن دُهْمان بن عوف بن سعد بن ذُبيان بن غَطَفان.

قال محمد بن إسحاق: ويقال آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين ثابت بن قيس بن شماس وبين عمار بن ياسر، فيجعلون ثابتا مكان حُذيفة بن اليمان في مؤاخاة عمار بن ياسر. وشهد ثابتٌ أُحدًا والخندقَ والمشاهدَ كلها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان رجلا جَهِيرَ الصوت وكان خطيبا.

أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدّثني حُمَيد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: خطب ثابت بن قيس بن شماس مَقْدَمَ، رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينةَ، فقال: نمنعُك مما نمنع مِنْه أنفسَنا وأولادَنا، فما لَنا؟ قال: "الجنة". قالوا: رضينا يا رسول الله(*).

أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدّثنا حماد بن سَلَمة، قال: أخبرنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس أن جَمِيله بنت أبَيّ اختلعت من ثابت بن قيس فانتقلت، فولدت محمدًا فجعلته في ليفٍ وأرسلته إلى ثابت، فأتى به ثابت النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فحنَّكه وسماه محمدًا، فاسترضع له في قوم آخرين(*).

أخبرنا معن بن عيسى، قال: حدّثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن قيس بن شماس، أن ثابتَ بن قيس قال: يا رسول الله، إني أخشى أن أكون قد هلكتُ، ينهانا الله أن نُحب أن نُحمد بما لا نفعل وإني أُحِبُّ الحمدَ. وينهانا عن الخُيَلاَء وأنا امرؤٌ أُحِبُّ الجَمال. وينهانا الله أن نَرفع أصواتنا فوق صَوْتِك وأنا رجل رفيع الصوت. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يا ثابت أما تَرضَى أن تَعِيش حَمِيدًا! وتُقتل شَهيدًا وتدخل الجنة"؟(*)

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأَسَدي قال: أخبرنا أيوبُ عن عكرِمةَ قال: لما نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [سورة الحجرات: 2] قال ثابت بن قيس بن شماس: فأنا كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأَجَهرُ له بالقول، فأنا من أهل النار، فقعد في بيته، فتفقده رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فسأل عنه، فقال رجل يا رسول الله إنه لجاري، فإن شئت لأعلمَنّ لك علمَه، فقال: "نعم": فأتاه فقال له: إن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد تَفَقَّدك وسأل عنك فقال: نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} فأنا كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأجهر له بالقول. فأنا من أهل النار، فرجع إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: "بل هو من أهل الجنة"، فلما كان يوم اليمامة انهزم المسلمون فقال ثابت: أُفٍّ لهؤلاء ولما يعبدون! وأُفٍّ لهؤلاء وما يصنعون! يا معشر الأنصار! خَلُّوا سَنَني لعلي أصلى بحَرِّها ساعة. قال ورجل قائم على ثُلمَةٍ فَقَتله وقتِل(*).

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب عن ثُمامةَ بن عبد الله، عن أنس بن مالك، قال: أتيتُ عَلَى ثابت بن قيس يوم اليمامة وهو يتَحنَّط فقلت: أي عَمِّ، ألا تَرى مالَقِي الناسُ! فقال: الآن يابن أخي، الآن يابن أخي.

أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا ابن عون، قال: حدثنا موسى بن أنس، عن أنس بن مالك، قال: لما كان يومُ اليمامة جئتُ إلى ثابت بن قيس بن شماس وهو يتَحنَّط قال: وأومأ بيده، قال فقلت: ياعَمّ ألا ترى ما يلقى الناس؟ فقال: الآن. يابنَ أخي! ثم أقبل، فقال: هكذا عن وجوهنا نُقارِع القومَ، بئس ما عوّدتم أقرانكم، ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَتَقدّمَ فَقَاتَلَ حتى قُتِلْ.

أخبرنا عفان بن مسلم وسليمان بن حرب، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت، عن أنس بن مالك، أن ثابت بن قيس بن شماس جاء يوم اليمامة وقد تَحَنَّطَ ولَبس ثوبين أبيضين تكفّن فيهما، وقد انهزم القومُ، فقال: اللهم إني أَبْرَأ إليك مما جاء به هؤلاء المشركون، وأعتذر إليك مما صَنَعَ هؤلاء، ثم قال: بئس ما عَودتم أقرانكم منذ اليوم، خلوا بيننا وبينهم ساعة، فَحَمَلَ، فقاتَلَ حتى قُتِل. وكانت درعه قد سُرِقَت فرآه رجل فيما يرى النائم فقال له: إنها في قدر تحت إكافٍ مكان كذا وكذا وأوصاه بوصايا فيما يرى النائم، فنظروا فوجدوا الدرع كما قال، وأنفذوا وصاياه.

أخبرنا رَوحُ بن عُبَادَةَ، قال: حدثنا ابن جُرَيج، قال: أخبرني عَمرو بن يحيى بن عمارة ابن أبي حسن الأنصاري، قال: أخبرنا يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس. وأخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا وُهَيب بن خالد، قال: حدثنا عَمرو بن يحيى بن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس، أن ثابت بن قيس اشتكى فأتاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو مريض، فرقاه بالمُعَوِّذات، ونَفَثَ عليه، وقال: "اللهم رب الناس، اكشف الباسَ، عن ثابت بن قيس بن شماس"، ثم أخذ ترابا من واديهم ذلك ـــ يعني بُطحان ـــ فألقاه في ماء فسقاه(*).

أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس، قال: حدثني سليمان بن بلال. وأخبرنا موسى ابن إسماعيل، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي جميعا، عن سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس"(*).

أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مسلم، عن الزهري قال الواقدي: وأخبرنا عبد الله بن يَزيد، عن سعيد عن عَمرو، قالا: قَدِمَ وفدُ بني تميم فيهم عشرة من رؤسائهم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيمن سَبَى عُيينَة بن حِصن من ذراريهم ونسائهم حين وجّهه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سَرِية إلى بني العنبر، فدخلوا المسجد وقد أَذّن بلالٌ الظهرَ والناس ينتظرون خُروجَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَعَجَّلُوا خُروجَه فنادَوه من وراء الحجرات: يا محمد، اخرج إلينا! فقام إليهم بِلال فقال: إن رسول الله صَلَّى الله عليه سلم يخرج الآن، واشتهر أهلُ المسجد أصواتهم، فجعلوا يُخَفِّضُونهم بأيديهم، فخرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأقام بلال الصلاة، فتعلقوا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يكلمونه، فوقف معهم مَليًّا، وهم يقولون: أتيناك بخطيبنا وشاعرنا فاستمع منّا. فَتَبَسّم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم مضى فصلى بالناس الظهر، ثم انصرف إلى بيته فركع ركعتين، ثم خرج فجلس في صحن المسجد، وقدّموا عُطَارِد بن حاجب التميمي، فخطب فقال: الحمد لله الذي له الفضل علينا، والذي جعلنا ملوكا، وأعطانا الأموال نفعل فيها المعروفَ، وجعلنا أعز أهل المشرق، وأكثرهم مالا وأكثرهم عددا، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برءوس الناس وذوي فضلهم؟ فمن يفاخرنا. فليعدّد مثل ما عدّدنا! ولو شئنا لأكثرنا من الكلام، ولكنا نستحي من الإكثار فيما أعطانا الله، أقول هذا لِأَنْ يُؤْتَى بقولٍ هو أفضل من قولنا؛ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: "قُمْ فأجبْ خطِيبَهم"! فقام ثابت ـــ وما كان دَرَى من ذلك بشيء، وما هَيَّأ قبل ذلك ما يقول ـــ فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض خَلقُه، قضى فيهما أَمْرَه، وَوَسِع كلَّ شيء عِلمُه، فلم يَكُ شيء إلا من فضله، ثم كان مما قَدَّر أن جعلنا ملوكا، واصطفى لنا من خلقه رسولا، أكرمهم نسبا، وأحسنهم زِيًّا، وأصدقهم حديثا، أنزل عليه كتابَه، وائتمنه على خلقه، وكان خِيرَتَه من عباده، فدعا إلى الإيمان، فآمن المهاجرون من قومه من ذوي رحمه، أصبح الناس وجوها، وأفضل الناس أفعالا، ثم كنا أول الناس إجابة حين دعانا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فنحن أنصار الله ورسوله، نقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن آمن بالله ورسوله مَنَعَ منا مالَه ودمَه، ومن كفر بالله ورسوله جاهدناه في ذلك، وكان قَتلُه علينا يسيرًا، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات، ثم جلس قالوا: يا رسول الله ائذنْ لشاعرنا، فأذن له فأقاموا الزبرقان بن بدر، فأنشد قصيدتَه التي فيها:

نَحْنُ الْمُلُوك فَلَا حَيٌّ يُفاخِرُنا فينا الملوكُ وفينا تُنْصَبُ البِيَعُ

حتى أتى عليها؛ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَجِبْهُم يا حسَّان"، فقام حسان بن ثابت فأنشد قصيدته التي فيها:

إنّ الذوائبَ مِنْ فِهْرٍ وَإِخْوَتِهِمْ قَدْ شَرَعُوا سُنَّةً للناس تُتَّبَعُ

حتى أتى على آخرها.

وقد كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَمَر بِمِنْبر، فَوُضع في المسجد يُنْشِد عليه حسانُ بن ثابت، وقال: "إن الله ليؤيد حَسّان بروح القدس ما نافح عن نبيه". وسُرّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والمسلمون يومئذ بمقام ثابت بن قيس بن شماس وخطبته، وشِعْر حسان بن ثابت. وخلا الوفد بعضهم إلى بعض، فقال قائلهم: تعلمُنّ والله أَنَّ هذا الرجل مُؤيَّد مصنوع له، والله لخطيبه أخطب من خَطِيبنا، ولشاعِرُه أشعَرُ من شاعِرنا، ولهم أحلم منّا! فردّ عليهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الأسرَى والسبيَ، وأنزل الله على نبيه صَلَّى الله عليه وسلم في رفع أصوات التميميّين الذين نادَوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من وراء الحُجُرات فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [سورة الحجرات: 2] {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] يعني تميمًا حين نادوا النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكان ثابت بن قيس من أجهر الناس صوتا، فكان حين نزلت هذه الآية لا يرفع صوته عند النبي صَلَّى الله عليه وسلم(*).
(< جـ4/ص 342>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال