تسجيل الدخول


ثابت بن قيس بن شماس بن زهير بن مالك بم امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن...

ثابت بن قيس بن شَمّاس:
عن ثابت عن أنس: كان ثابت بن قيس خطيب الأنصار يكنى أبا محمد، وقيل أبا عبد الرحمن. وأمُّه هند بنت رُهم بن حبى، من طيئ. ويقال: بل كبشة بنت واقد بن عَمرو، وإخوته لأمه: عبدُ الله، وعَمرةُ ابنا رواحة. ووَلَدَ لثابتُ بن قيس: محمدًا؛ وأمُّه جَمِيلة بنت عبد الله بن أُبَيّ بن سَلُول، وأخوه لأمه عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب، وأخوه أيضا لأمه أبو كثير بن خُبَيب بن يَساف، وأخته أيضا لأمه الفُرَيعَةُ بنت مالك بن الدُّخشم من بني سالم. وأبا فَضَالة ابن ثابت، واسمه عبد الله، وأمه نَسيبة بنت لام بن هِزَّان. وعن يحيى بن إبراهيم بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس أن جَمِيلة بنت أبَيّ اختلعت من ثابت بن قيس فانتقلت، فولدت محمدًا فجعلته في ليفٍ وأرسلته إلى ثابت، فأتى به ثابت النبي صَلَّى الله عليه وسلم فحنَّكه، وسماه محمدًا، فاسترضع له في قوم آخرين(*).
شهد ثابتٌ أُحدًا، والخندقَ، والمشاهدَ كلها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. وقال محمد بن إسحاق: ويقال آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بين ثابت بن قيس بن شماس، وبين عمار بن ياسر، فيجعلون ثابتا مكان حُذيفة بن اليمان في مؤاخاة عمار بن ياسر. وروى عطاء الخراساني عن ابنة ثابت بن قيس بن شماس قالت: لما نزلَتْ:‏ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] الآية. دخل أبوها بيْتَه وأغْلقَ عليه بابه؛ ففقدَهُ النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأرْسل إليه يسأله ما خَبَره؟ فقال: أنا رجل شديد الصّوْتِ، أخافُ أن يكونَ قد حبط عملي. قال: "لسْتَ منهم، بل تعيش بخير، وتموت بخير‏"(*). قال: ثم أنزل الله عزَّ وجل:‏ {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان:‏ ‏18‏] فأغلق عليه بابَه وطفِقَ يبكي؛ ففقده النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فأرسل إليه فأخبره، وقال: يا رسولَ الله إني أُحِبُّ الجمال وأُحِبُّ أَن أَسُوَد قومي. فقال: "لَسْتَ مِنْهُمْ، بَلْ تَعِيشُ حَمِيدًا، وَتُقْتَلُ شَهِيدًا، وَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ"(*)أخرجه الحاكم في المستدرك 3/234 وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2270‏‏. وعن عَمرو بن يحيى بن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس، أن ثابت بن قيس اشتكى، فأتاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو مريض، فرقاه بالمُعَوِّذات، ونَفَثَ عليه، وقال: "اللهم ربَّ النَّاسِ، اكشِفِ الباسَ، عن ثابت بن قيس بن شماس"، ثم أخذ ترابا من واديهم ذلك ــ يعني بُطحان ــ فألقاه في ماء فَسَقَاهُ(*). وعن أبي هريرة، قال: قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس"(*).
وروى سعيد عن عَمرو: قَدِمَ وفدُ بني تميم فيهم عشرة من رؤسائهم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيمن سَبَى عُيينَة بن حِصن من ذراريهم ونسائهم حين وجّهه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سَرِية إلى بني العنبر، فدخلوا المسجد وقد أَذّن بلالٌ الظهرَ والناس ينتظرون خُروجَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَعَجَّلُوا خُروجَه؛ فنادَوه من وراء الحجرات: يا محمد، اخرج إلينا! فقام إليهم بِلال، فقال: إن رسول الله صَلَّى الله عليه سلم يخرج الآن، واشتهر أهلُ المسجد أصواتهم، فجعلوا يُخَفِّضُونهم بأيديهم، فخرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأقام بلال الصلاة، فتعلقوا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يكلمونه، فوقف معهم مَليًّا، وهم يقولون: أتيناك بخطيبنا وشاعرنا فاستمع منّا. فَتَبَسّم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم مضى فصلى بالناس الظهر، ثم انصرف إلى بيته فركع ركعتين، ثم خرج فجلس في صحن المسجد، وقدّموا عُطَارِد بن حاجب التميمي، فخطب فقال: الحمد لله الذي له الفضل علينا، والذي جعلنا ملوكا، وأعطانا الأموال نفعل فيها المعروفَ، وجعلنا أعز أهل المشرق، وأكثرهم مالا وأكثرهم عددا، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برءوس الناس وذوي فضلهم؟ فمن يفاخرنا؛ فليعدّد مثل ما عدّدنا! ولو شئنا لأكثرنا من الكلام، ولكنا نستحي من الإكثار فيما أعطانا الله، أقول هذا لِأَنْ يُؤْتَى بقولٍ هو أفضل من قولنا؛ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: "قُمْ فأجبْ خطِيبَهم"! فقام ثابت ــ وما كان دَرَى من ذلك بشيء، وما هَيَّأ قبل ذلك ما يقول ــ فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض خَلقُه، قضى فيهما أَمْرَه، وَوَسِع كلَّ شيء عِلمُه، فلم يَكُ شيء إلا من فضله، ثم كان مما قَدَّر أن جعلنا ملوكا، واصطفى لنا من خلقه رسولًا؛ أكرمهم نسبا، وأحسنهم زِيًّا، وأصدقهم حديثًا، أنزل عليه كتابَه، وائتمنه على خلقه، وكان خِيرَتَه من عباده، فدعا إلى الإيمان، فآمن المهاجرون من قومه من ذوي رحمه، أصبَحُ الناس وجوهًا، وأفضلُ الناس أفعالًا، ثم كنا أول الناس إجابة حين دعانا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فنحن أنصار الله ورسوله، نقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله؛ فمن آمن بالله ورسوله مَنَعَ منا مالَه ودمَه، ومن كفر بالله ورسوله جاهدناه في ذلك، وكان قَتلُه علينا يسيرًا، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات، ثم جلس. قالوا: يا رسول الله ائذنْ لشاعرنا، فأذِنَ له، فأقاموا الزبرقان بن بدر، فأنشد قصيدتَه التي فيها:
نَحْنُ الْمُلُوك فَلَا حَيٌّ يُفاخِرُنا فينا الملوكُ وفينا تُنْصَبُ البِيَعُ
حتى أتى عليها؛ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَجِبْهُم يا حسَّان"، فقام حسان بن ثابت، فأنشد قصيدته التي فيها:
إنّ الذوائبَ مِنْ فِهْرٍ وَإِخْوَتِهِمْ قَدْ شَرَّعُوا سُنَّةً للناس تُتَّبَعُ
حتى أتى على آخرها، وقد كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَمَر بِمِنْبر، فَوُضع في المسجد يُنْشِد عليه حسانُ بن ثابت، وقال: "إن الله ليؤيد حَسّان برُوحِ القُدُسِ ما نافَحَ عَن نَبِيِّه". وسُرّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والمسلمون يومئذ بمقام ثابت بن قيس بن شماس وخطبته، وشِعْر حسان بن ثابت. وخلا الوفد بعضهم إلى بعض، فقال قائلهم: تعلمُنّ والله أَنَّ هذا الرجل مُؤيَّد مصنوع له، والله لخطيبه أخطب من خَطِيبنا، ولشاعِرُه أشعَرُ من شاعِرنا، ولهمْ أحلم منّا! فردّ عليهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الأسرَى والسبيَ، وأنزل الله على نبيه صَلَّى الله عليه وسلم في رفع أصوات التميميّين الذين نادَوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من وراء الحُجُرات فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [سورة الحجرات: 2] {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] يعني تميمًا حين نادوا النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكان ثابت بن قيس من أجهر الناس صوتا، فكان حين نزلت هذه الآية لا يرفع صوته عند النبي صَلَّى الله عليه وسلم(*).
وروى عن ثابت: أنس بن مالك، وأولاد ثابت: محمد، ويحيى، وعبد الله.
وروى أنَس بن مالك: لما انكشف النّاس يوم اليمامة مع خالد بن الوليد، قلْتُ لثابت بن قيس بن شماس: ألا تَرَى يا عمّ، ووجدته قد حَسَرَ عن فخذيه وهو يتحنط، فقال: ما هكذا كنَّا نقاتلُ مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، بئس ما عودْتم أقرانكم، وبئس ما عوَّدْتم أنفسكم، اللّهم إني أبرَأُ إليك مما يصنعُ هؤلاء، ثم حفر حُفْرَة، فثبت، وقاتل حتى قُتِل، وعَلى ثابت يومئذ دِرْعٌ له نفيسة، فمرَّ به رجلٌ من المسلمين فأخذَها. فبينا رجلٌ من المسلمينَ نَائِم إذْ أتاه ثابت في منامه فقال له: إني أُوصيك بوصيّة، فإياك أن تقول هذا حُلم فتضيعَه، إني لما قتلت أمْسِ مرّ بي رجلٌ من المسلمين فأخذ دِرْعي، ومنزله في أقْصى النّاس، وعند خبائه فرسٌ يستنُّ في طولَه، وقد كفأَ على الدرع بُرْمة، وفوق البُرْمة رَحْل، فائت خالدًا فمُرْه أنْ يبعَثَ إلى دِرْعي فيأخذها، وإذا قدمْتَ المدينةَ على خليفةِ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ــ يعني أبا بكر الصّدّيق رضي الله عنه ــ فقل له: إنّ عَلَيَّ من الدَّيْن كذا وكذا، وفلان من رقيق عتيق فلان. فأتى الرّجل خالدًا فأخبره؛ فبعث إلى الدرع، فأتى بها، وحدَّث أبا بكر رضي الله عنه برؤياه، فأجاز وصيتَه بعد موته. قال أنس بن مالك: ولا نعلم أحدًا أُجيزت وصيتُه بعد موته غير ثابت بن قيس رضيَ الله عنه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال