تسجيل الدخول


خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي

1 من 1
خالد بن سعيد بن العاص

ابن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصيّ، وأمّه أمّ خالد بنت خَبّاب بن عبد ياليل بن ناشب بن غِيَرَة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وكان لخالد بن سعيد من الولد سعيد، وُلد بأرض الحبشة، درج، وأمَةُ بنت خالد وُلدت بأرض الحبشة تزوّجها الزّبير بن العوام فولدت له عَمرًا وخالدًا ثمّ خلف عليها سعيد بن العاص، وأمّهما هُمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بَيَاضة بن سُبيع بن جُعْثُمَة بن سعد بن مُليح بن عَمْرو مِن خزاعة. وليس لخالد بن سعيد اليومَ عقب.

قال محمد بن عمر قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن خالد بن الزبير عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال: كان إسلام خالد بن سعيد قديمًا وكان أوّل إخوته، أسلم وكان بدء إسلامه أنّه رأى في النّوم أنّه واقف على شفير النار فذكر من سَعَتها ما الله به أعلم، ويرى في النوم كأنّ أباه يدفعه فيها ويرى رسولَ الله آخذًا بحَقْوَيْه لا يقع ففزع من نومه فقال: أحلف بالله إنّ هذه لرؤيا حق.

فلقي أبا بكر بن أبي قُحافة فذكر ذلك له فقال أبو بكر: أريدَ بك خير، هذا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فاتْبَعْهُ فإنّك سَتَتْبَعُه وتدخل معه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها، وأبوك واقعٌ فيها.

فلقي رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو بأجيْادَ فقال: يا محمد إَِلامَ تدعو؟ قال: "أدعو إلى الله وحْدَه لا شريكَ له وأنّ محمّدًا عبده ورسوله وخلعِ ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يُبْصِرُ ولا يضرّ ولا ينفَع ولا يدري مَن عَبَدَه ممّن لم يعبده". قال خالد: فإنّي أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّك رسول الله. فسُرّ رسول الله بإسلامه، وتغيب خالد، وعلم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه مَن بقي من ولده ممّن لم يُسْلِمْ ورافعًا مولاه، فوجدوه فأتوا به إلى أبيه أبي أُحيحة فأنّبَه وبكّتَه وضربه بمِقْرَعة في يده حتى كسرها على رأسه ثمّ قال: أتَبِعْتَ محمّدًا وأنتَ ترى خلافه قومَه وما جاء به من عَيْب آلهتهم وعَيْب من مضى من آبائهم؟ فقال خالد: قد صدق والله واتّبعتُه. فغضب أبو أُحيحة ونال من ابنه وشتمه، ثمّ قال اذهب يالُكَعُ حيث شئتَ فوالله لأمنعنّك القوتَ.

فقال خالد: إن منعتَني فإنّ الله يرزقني ما أعيش به. فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلّمه أحد منكم إلاّ صنعتُ به ما صنعتُ به. فانصرف خالد إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكان يلزمه ويكون معه(*).

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة قال: سمعتُ عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص يحدّث عمرو بن شُعيب قال: كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص ثالثًا أو رابعًا، وكان ذلك ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يدعو سرًّا وكان يلزم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ويصلّي في نواحي مكّة خاليًا فبلغ ذلك أبا أُحيحة فدعاه فكلّمه أن يدع ما هو عليه فقال خالد: لا أدع دين محمّد حتى أموت عليه. فضربه أبو أُحيحة بقَرّاعة في يده حتى كسرها على رأسه ثمّ أمر به إلى الحبس وضيّق عليه وأجاعه وأعطشه حتى لقد مكث في حرّ مكّة ثلاثًا ما يذوق ماءً، فرأى خالد فُرْجةً فخرج فتغيّب عن أبيه في نواحي مكّة حتى حضر خروجُ أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى الحبشة في الهجرة الثانية، فلَهُوَ أوّلُ من خرج إليها.

قال: أخبرنا الوليد بن عطاء بن الأغر المكّيّ وأحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقيّ قالا: حدّثنا عمرو بن يحيَىّ بن سعيد الأمويّ عن جدّه عن عمّه خالد بن سعيد أنّ سعيد بن العاص بن أُميّة مرض فقال: لئن رفعني الله من مَرَضي هذا لا يُعْبَدُ إلهُ بن أبي كبَْشَةَ ببَطْنِ مكّة. فقال خالد بن سعيد عند ذلك: اللهمّ لا تَرْفَعْه.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن خالد بن الزّبير بن العوّام عن إبراهيم بن عقبة قال: سمعت أمّ خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول: كان أبي خامسًا في الإسلام، قلت: فمن تقدّمه؟ قالت: ابن أبي طالب وابن أبي قُحافة وزيد بن حارثة وسعد بن أبي وقّاص، وأسلم أبي قبل الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة، وهاجر في المرّة الثانية فأقام بها بضع عشرة سنة، ووُلدتُ أنا بها، وقدم على النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، بخَيْبَرَ سنة سبعٍ فكلّم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، المسلمين فأسهموا لنا، ثمّ رجعنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى المدينة وأقمنا، وخرج أبي مع رسول الله في عمرة القضيّة، وغزا معه إلى الفتح هو وعمّي، تعني عَمرًا، وخرجا معه إلى تَبوك، وبعثَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أبي عاملًا على صدقات اليمن فتُوفّي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبي باليمن(*).

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن خالد عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان قال: أقام خالد بعد أن قدم من أرض الحبشة مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بالمدينة، وكان يكتب له، وهو الذي كتب كتاب أهل الطّائف لوَفْد ثَقيف، وهو الذي مشى في الصّلْح بينهم وبين رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: سمعتُ عمر ابن عبد العزيز في خلافته يقول: تُوفّي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وخالد بن سعيد عامله على اليمن. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني محمد بن صالح قال: حدّثني موسى بن عمران بن منّاح قال: توفّي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وخالد ابن سعيد عامله على صَدقات مَذْحِج.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني جعفر بن محمّد عن خالد بن الزّبير بن العوام عن ابراهيم بن عقبة عن أمّ خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت: خرج خالد بن سعيد إلى أرض الحبشة ومعه امرأته هُمينة بنت خلف بن أسعد الخُزاعيّة فولدت له هناك سعيدًا وأمّ خالد وهى أَمَةُ امرأة الزبير بن العوّام. وهكذا كان أبو معشر يقول: هُمينة بنت خلف، وأما في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق فقالا: أمينة بنت خلف.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزّبير بن العوّام عن إبراهيم بن عقبة قال: سمعتُ أمّ خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول: قدم أبي من اليمن إلى المدينة بعد أن بويع لأبي بكر فقال لعليّ وعثمان: أرَضيتُم بني عبد مناف أن يَليَ هذا الأمرَ عليكم غيرُكم؟ فنقلها عمر إلى أبي بكر فلم يحملها أبو بكر على خالد وحملها عمر عليه. وأقام خالد ثلاثة أشهر لم يبايع أبا بكر.

ثمّ مرّ عليه أبو بكر بعد ذلك مُظْهِرًا وهو في داره فسلّم عليه فقال له خالد: أتُحِبّ أن أُبايعَك؟ فقال أبو بكر: أحبّ أن تدخل في صالح ما دخل فيه المسلمون، قال: مَوْعِدكُ العشيّةَ أُبايعك. فجاء وأبو بكر على المنبر فبايعه، وكان رأيُ أبي بكر حسنًا، وكان مُعَظّمًا له.

فلمّا بعث أبو بكر الجنودَ على الشأم عقد له على المسلمين وجاء باللواء إلى بيته، فكلّمَ عُمرُ أبا بكر وقال: تُولّي خالدًا وهو القائل ما قال؟ فلم يزل به حتى أرسل أبا أروى الدّوْسيّ فقال: إنّ خليفة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول لك ارْدُدْ إلينا لواءنا، فأخرجه فدفعه إليه وقال: والله ما سرّتْنا ولايتُكم ولا ساءنا عَزْلكم وإنّ الـمليمَ لَغيرُك. فما شعرتُ إلا بأبي بكر داخل على أبي يعتذر إليه ويعْزِمُ عليه ألا يذكر عمر بحرف، فوالله ما زال أبي يترحّم على عمر حتى مات.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني عبد الله بن يزيد عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: لما عزل أبو بكر خالدًا ولّي يزيد بن أبي سفيان جندَه ودفع لواءه إلى يزيد.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبيه قال: لما عزل أبو بكر خالدَ بن سعيد أوصى به شُرَحْبيلَ بن حَسَنَة، وكان أحد الأمراء، فقال: انظر خالد بن سعيد فاعرف له من الحقّ عليك مثل ما كنتَ تُحِبّ أن يعرفه لك من الحقّ عليه لو خرج واليًا عليك، وقد عرفتَ مكانه من الإسلام، وأنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، توفّي وهو له والٍ، وقد كنتُ ولَّيتُه ثمّ رأيتُ عزلَه، وعسى أن يكون ذلك خيرًا له في دينه، ما أغبِطُ أحدًا بالإمارة، وقد خيّرتُه في أُمراء الأجناد فاختارك على ذاك على ابن عمّه، فإذا نزل بك أمر تحتاج فيه إلى رأي التقيّ النّاصح فليكن أوّلَ من تَبْدَأ به أبو عُبيدة بن الجرّاح ومُعاذ بن جَبَلٍ، وَلْيَكُ خالد بن سعيد ثالثًا، فإنـّك واجد عندهم نُصحًا وخيرًا، وإياك واستبداد الرأي عنهم أو تطوي عنهم بعض الخير.

قال محمد بن عمر: فقلتُ لموسى بن محمّد أرأيتَ قول أبي بكر قد اختارك على غيرك؟ قال: أخبرني أبي أنّ خالد بن سعيد لما عزله أبو بكر كتب إليه: أيّ الأمراء أحبّ إليك؟ فقال: ابن عمّي أحبّ إليّ في قرابته وهذا أحبّ إليّ في ديني فإنّ هذا أخي في ديني على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وناصري على ابن عمّي. فاستحبّ أن يكون مع شُرَحْبيلَ بن حَسَنَة.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال: شهد خالد بن سعيد فَتْحَ أجْنادِينَ وفِحْلٍ ومَرْج الصُّفَر، وكانت أمّ الحكيم بنت الحارث بن هشام تحت عكرمة بن أبي جهل فقُتل عنها بأجْنادين فأعدّت أربعة أشهر وعشرًا، وكان يزيد بن أبي سفيان يخطبها، وكان خالد بن سعيد يُرْسِلُ إليها في عدّتها يتعرّض للخِطْبة، فحَطّتْ إلى خالد بن سعيد فتزوّجها على أربعمائة دينار، فلمّا نزل المسلمون مُرْجَ الصُّفّر أراد خالد أن يُعْرِسَ بأمّ حكيم فجعلت تقول: لو أخّرتَ الدخولَ حتى يَفُضّ الله هذه الجموع. فقال خالد: إن نفسي تحدّثني أني أُصاب في جموعهم، قالت: فدونك. فأعرس بها عند القنطرة التي بالصُّفّر فبها سُمّيَتْ قنطرة أمّ حكيم، وأولَمَ عليها في صبح مدخله فدعا أصحابه على طعامٍ فما فرغوا من الطعام حتى صفّت الرومُ صفوفها صفوفًا خلف صفوف وبرز رجل منهم مُعْلِمٌ يدعو إلى البِراز فبرز إليه أبو جَنْدَل بن سُهيل بن عمرو العامري فنهاه أبو عُبيدة، فبرز حبيب بن مَسْلَمَةَ فقتله حبيب ورجع إلى موضعه، وبرز خالد بن سعيد فقاتل فقُتِل، وشدّت أمّ حكيم بنت الحارث عليها ثيابَها وعَدَتْ وإنّ عليها لَدِرْعَ الحَلوق في وجهها، فاقتتلوا أشدّ القتال على النهر وصبر الفريقان جميعًا وأخذت السيوف بعضها بعضًا فلا يُرْمَى بسهمٍ ولا يُطْعَنُ برمح ولا يُرْمى بحجر ولا يُسْمَعُ إلا وقعَ السيوف على الحديد وهامِ الرجال وأبدانهم، وقََتَلَتْ أمّ حكيم يومئذٍ سبعةً بعمود الفسطاط الذي بات فيه خالد بن سعيد مُعْرِسًا بها. وكانت وقعة مَرْج الصُّفّر في المحرّم سنة أربع عشرة في خلافة عمر بن الخطّاب.

قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا موسى بن عُبيدة قال: أخبرنا أشياخنا أنّ خالد بن سعيد بن العاص وهو من المهاجرين قتل رجلًا من المشركين ثمّ لبس سَلَبَه دِيباجًا أو حريرًا فنظر الناس إليه وهو مع عمر فقال عمر: ما تنظرون؟ مَن شاء فَلْيَعْمَلْ مثل عمل خالد ثمّ يَلبسُ لباسَ خالدٍ.

قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقيّ قال: حدّثنا عمرو بن يحيىّ عن جدّه عن عمّه عن خالد بن سعيد بن العاص أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بعثه في رهط من قريش إلى مَلك الحبشة فقدموا عليه، ومع خالد امرأة له، قال فولدت له جارية. وتحرّكت وتكلّمت هناك، ثمّ إنّ خالدًا أقبل هو وأصحابه وقد فرغ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من وقعة بدر، فأقبل يمشي ومعه ابنته، فقال: يا رسول الله لم نشهد معك بدرًا، فقال: "أوَمَا تَرْضَى يا خالد أن يكون للناس هجرة ولكم هجرتان ثِنْتَانِ؟" قال: بلى يا رسول الله، قال: "فذاك لكم"(*).ثمّ إنّ خالدًا قال لابنته: اذهبي إلى عمّك، اذهبي إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فسَلّمي عليه. فذهبت الجُويرية حتى أتتْه من خلفه فأكبّتْ عليه، وعليها قميص أصفر، فأشارت به إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، تُريه فقال: سَنَهْ سَنَهْ، يعني بالحبشية: أبْلي وأخْلقِي ثمّ أبْلي وأخْلِقي‏(*).
(< جـ4/ص 88>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال