تسجيل الدخول


عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام الأنصاري الخزرجي السلمي

عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي السلمي:
يكنى أَبا جابر، بابنه جابر بن عبد اللّه. وأمّه الرباب بنت قيس بن القريم، وأمّها هند بنت مالك بن عامر. كان لعبد الله بن عمرو من الولد: جابر شهد العَقَبة؛ وأمّه أنيسة بنت عَنَمة بن عديّ.
روى أبو يَعْلى، وابن السّكن، عن جابر، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "جَزَى اللهُ الأنْصَارَ عَنَّا خَيْرًا لا سِيَّما عَبْدُ الرحمنِ بْنُ عَمْرٍو بْن حرامٍ، وسَعْدُ بنُ عُبادَة"َ(*). وروى عنه ابنه جابر قال:‏ رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يتختّم في يمينه(*).
وشهد عبد الله العَقبة نَقِيبًا، وكان نقيبَ بني سَلِمة هو والبَرَاءَ بن مَعْرُور، ثم بدرًا، ولما أَراد أَن يخرج عبد الله إِلى أُحد دعا ابنه جابرًا فقال: يا بني، إِني لا أَراني إِلا مقتولًا في أَول من يُقتَل، وإني أرجو أن أكون في أول من يصاب غدًا، وإِني والله لا أَدع بعدي أَحدًا أَعز عَلَيّ منك، غير نفس رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وإِن عليّ دينًا فاقض عني ديني، واستوصِ بأَخواتك خيرًا، قال: فأَصبحنا فكان أَول قتيل، قتله أسامة الأعور ابن عبيد، وقيل‏: بل قتله سفيان بن عبد شمس أبو أبي الأعور السّلميّ، وهو أول قتيل قُتِل من المسلمين يومئذ، وجدَع الكفار أَنْفَه وأُذنيه، وصلّى عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قبل الهزيمة، قال جابر بن عبد اللّه: أصيب أيضًا خالي يوم أُحُدٍ فجاءت بهما أمّي قد عَرَضْتهما على ناقة، أو قال: على جمل، فأقبلت بهما إلى المدينة، فنادى منادي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ادفنوا القتلى في مصارعهم، فُردّا حتى دُفنا في مصارعهما، ولما خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لدفن شهداء أُحُد قال: "زَمّلوهم بجراحهم فإنّي أنا الشهيد عليهم، ما من مسلم يُكْلَم في سبيل الله إلاّ جاء يوم القيامة يسيل دمًا؛ اللون لون الزعفران والريح ريح المسك"، وكُفّن أبي في نَمِرة واحدةٍ وكان يقول صَلَّى الله عليه وسلم: "أيّ هؤلاء كان أكثر أخذًا للقرآن؟" فإذا أُشيرَ لَه إلى الرجل قال: "قَدّموه في اللحد قبل صاحبه"، و‏جيء بأَبِي يوم أُحد إلى النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فوُضِع بين يديه، فجئت إِليه، وهو مُغَطَّى الوَجْه، فجعلتُ أكشف عن وجهه وأُقبّله، فجعلت أبكي، وجعل القوم يَنْهَوْنَني، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لا ينهانِي، فجعلت فاطمة بنت عَمْرو ــ يعني عمته ــ تبكي، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ابْكوه أَوْ لَا تَبْكُوهُ، فَوَاللهِ مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلّه بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى دَفَنْتُمُوهُ"، ونظر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إليّ، فقال: "ما لي أَراك منكسرًا مُهْتَمًّا"؟ قلت‏: يا رسول الله، استُشْهد أَبي، وترك عيالًا وعليه دَيْن،‏ قال: ‏"أَفَلَا أبشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللهُ بِهِ أَبَاكَ‏"؟‏ قلت‏: ‏بلى يا رسول الله‏، قال:‏ ‏"إنَّ الله أَحْيَا أَبَاكَ، وَكَلَّمَهُ كِفَاحًا، وَمَا كَلَّم أَحَدًا قط إِلّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَقَالَ:‏ يَا عَبْدِي، تَمَنَّ أُعْطِكَ،‏ ‏قَالَ:‏ يَا رَبِّ، تَرُدُّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيةً‏،‏ فَقَال الرَّبُّ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُوِنَ‏، ‏قَالَ:‏ يَا رَبِّ، فأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي"،‏ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران 199‏ٍٍ]‏، وكُفّن هو وعمرو بن الجَمُوح في كفّنٍ واحدٍ، وكان عبد الله بن عمرو رجلًا أحمر أصلع ليس بالطويل، وكان عمرو بن الجَموح رجلًا طويلًا، ودفنا في قبر واحد؛ قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "ادْفِنُوهُمَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُمَا كَانا مُتَصَافَّيَيْنِ مُتَصَادِقَيْنِ فِي الْدُّنْيَا" وفي رواية أخرى: "ادفنوا هذين المتحابّين في الدنيا في قبرٍ واحد"، وكان عَمْرو زوج أُخت عبد اللّه؛ واسمها هند بنت عمرو بن حَرَام، وقيل: دُفِنَ مع اثنين في قبره، وقال جابر:‏ فحفرت له قبرًا بعد ستةِ أَشهر فحولْتُه إليه، فما أنكرتُ منه شيئًا، إلّا شعرات من لحيته كانت مستها الأرض، أو: لم تأكل الأرض شيئًا منه إلاّ قليلًا من شَحْمة أذنه، وصُرِخَ بنا إلى قتلانا يوم أُحُد حين أجرى معاوية العين فأخرجناهم بعد أربعين سنة لَيّنَةً أجسادُهم تتثنى أطرافهم، وكان السَّيْلُ قد حَفَرَ عن قبر‏ عمرو بن الجموح وعبد اللّه بن عَمْرو بن حرام، وكان قبرُهما مما يَلِي السَّيْل، فحفروا عنهما ليُغَيِّرَا من مكانِهما، فوُجِدا لم يَتَغَيَّرَ كَأَنَّمَا مَاتَا بالأَمْس وعليهما نَمِرتان وكَانَ أَحدُهما قد وضع يده على جُرْحه، فدُفن وهو كذلك، فيدُه على جرحه فأميطَتْ يدُه عن جُرحه فانبعث الدم فرُدّت يده إلى مكانها فسكن الدم، وقال جابر: فرأيت أبي في حفرته كأنّه نائم وما تغيّر من حاله قليل ولا كثير، فقيل له: فرأيتَ أكفانه؟ قال: إنّما كُفّن في نَمِرَةٍ خُمِرَ بها وجهه وجُعل على رِجليه الحَرْمَل فوجدنا النّمِرة كما هي والحرمل على رجليه على هيئته وبين ذلك ستّ وأربعون سنة، فشاورهم جابر في أن يُطيَّب بمسك فأبَى ذلك أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقالوا: لا تُحدِثوا فيهم شيئًا، وحُوّلا من ذلك المكان إلى آخر وذلك أنّ القناة كانت تمرّ عليهما، وذكر جابر بن عبد الله: أنّ أباه تُوفّي وعليه دَيْن، قال: فأتيْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلت: إنّ أبي تَرَكَ عليه دَيْنًا وليس عندنا إلا ما يُخْرِجُ نَخْلُه فلا يبلغ ما يُخرج نخله سَنَتَين ما عليه فانطلقْ معي لكيلا يفحش عليّ الغُرماء، فمشى حَوْلَ بَيْدَرٍ من بَيَادِر التمر ودعا ثمّ جلس ‏عليه وقال: "أين غرماؤه؟" فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم(*).
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال