تسجيل الدخول


علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه ابن عبد المطلب هاشم بن عبد مناف...

1 من 3
علي بن أبي طالب، رضي الله عنه

واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطّلب، واسمه شَيْبَةُ بن هاشم، واسمه عمرو ابن عبد مناف، واسمه المُغيرة بن قُصَيّ، واسمه زيد ويكنى عليّ أبا الحسن، وأمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قُصيّ. وكان له من الولد الحسن والحسين وزينب الكبرى وأمّ كلثوم الكبرى، وأمّهم فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ومحمّد ابن عليّ الأكبر وهو ابن الحَنَفِيّة وأُمّه خَوْلَة بنت جعفر بن قيس بن مَسْلَمَة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدّول بن حَنيفة بن لُجَيم بن صَعْب بن عليّ بن بكر بن وائل.

وعُبيد الله بن عليّ قتله المختار بن أبي عُبيد بالمذَار، وأبو بكر بن عليّ قُتل مع الحسين ولا عقب لهما، وأُمهما ليلى بنت مسعود بن خالد بن ثابت بن رِبْعيّ بن سَلْمَى ابن جَندل بن نَهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زَيد منَاة بن تَميم.

والعبّاس الأكبر بن عليّ وعثمان وجعفر الأكبر وعبد الله قُتلوا مع الحسين بن عليّ ولا بقيّة لهم، وأُمّهم أمّ البنين بنت حِزام بن خالد بن جعفر بن ربيعة بن الوحيد بن عامر بن كعب بن كِلاب.

ومحمّد الأصغر بن عليّ قُتل مع الحسين، وأُمّه أم ولد، ويحيَى وعون ابنا عليّ وأمّهما أسماءُ بنت عُميس الخثعميّة.

وعمر الأكبر بن عليّ ورقيّة بنت عليّ وأمّهما الصّهباءُ، وهي أم حبيب بنت ربيعة ابن بُجير بن العبد بن علقمة بن الحارث بن عُتبة بن سعد بن زهير بن جُشَم بن بكر بن حُبيب بن عمرو بن غَنْم بن تغلب بن وائل، وكانت سبيّة أصابها خالد بن الوليد حين أغار على بني تغلب بناحية عين التمر، ومحمّد الأوسط بن عليّ وأُمّه أُمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد العُزَّى بن عبد شمس بن عبد مَناف، وأمها زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأُمّها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قُصيّ.

وأُمّ الحسن بنت عليّ ورَمْلَة الكبرى، وأُمهما أمّ سعيد بنت عروة بن مسعود بن مُعتِّب بن مالك الثقفي، وأُمّ هانئ بنت عليّ، وميمونة، وزينب الصغرى، ورملة الصغرى، وأم كلثوم الصغرى، وفاطمة، وأُمامة، وخديجة، وأم الكرام، وأم سلَمة، وأم جعفر، وجُمانة، ونفيسة، بنات عليّ وهنّ لأمّهات أولاد شتّى، وابنة لعليّ لم تُسَمّ لنا، هلكت وهي جارية لم تبرز، وأُمّها مُحَيّاة بنت امرئ القيس بن عديّ بن أوس بن جابر بن كعب ابن عُليم من كلب، وكانت تخرج إلى المسجد وهي جارية فيقال لها: مَن أخْوالُكِ؟ فتقول وه وه تعني كلبًا.

فجميع ولد عليّ بن أبي طالب لصلبه أربعة عشر ذكرًا وتسع عشرة امرأة، وكان النسل من ولده لخمسة: الحسن والحسين ومحمّد بن الحنفيّة والعبّاس بن الكلابيّة وعمر بن التغلَبيّة. قال محمّد بن سعد: لم يصحّ لنا من ولد عليّ، رضي الله عنه، غيرُ هؤلاء‏‏.

ذِكر إسلام عليّ وصلاته

قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح ويزيد بن هارون وعفّان بن مسلم عن شعبة عن عمرو بن مرّة عن أبي حمزة مولى الأنصار عن زيد بن أرقم قال: أوّل من أسلم مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عليّ. قال عفّان بن مسلم: أوّل من صلّى.

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا إبراهيم بن نافع وإسحاق بن حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: أوّل من صلّى عليّ وهو ابن عشر سنين.

قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عمرو بن عبد الله بن عنبسة عن عُمارة بن غَزِيّة عن محمّد بن عبد الرّحمن بن زُرارة قال: أسلم عليّ وهو ابن تسع سنين.

قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أُويس، حدّثني أبي عن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب أن عليّ بن أبي طالب حين دعاه النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، إلى الإسلام كان ابن تسع سنين، قال الحسن بن زيد: ويقال دون التسع سنين، ولم يعبد الأوثان قطّ لِصِغَرِه.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون وسليمان أبو داود الطيالسيّ قالا: قال أخبرنا شُعبة عن سَلَمَة بن كُهيل عن حبّة العُرَني قال: سمعتُ عليًّا يقول: أنا أوّل من صلّى، قال يزيد: أو أسلم.

قال: أخبرنا يحيَى بن حمّاد البصريّ قال: قال أخبرنا أبو عُوانَة عن أبي بَلْج عن عمرو ابن ميمون عن ابن عبّاس قال: أوّل من أسلم من النّاس بعد خديجة عليّ. قال محمّد بن عمر: وأصحابنا مجمعون أنّ أوّل أهل القبلة الذي استجاب لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خديجة بنت خويلد ثمّ اختُلف عندنا في ثلاثة نفر أيـّهم أسلم أوّلًا، في أبي بكر وعليّ وزيد بن حارثة، وما نجد إسلام عليّ صحيحًا إلا وهو ابن إحدى عشرة سنة.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، حدّثني عبد الله بن محمّد عن أبيه عن عُبيد الله بن أبي رافع عن عليّ قال: لما خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى المدينة في الهجرة أمرني أن أقيم بعده حتى أُؤدّيَ ودائع كانت عنده للنّاس، ولذا كان يسمّى الأمين، فأقمتُ ثلاثًا فكنتُ أظْهَرُ، ما تغيّبْتُ يومًا واحدًا، ثمّ خرجْتُ فجعلتُ أتبع طريق رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى قدمْت بني عمرو بن عوف ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مقيم فنزلت على كلثوم بن الهِدْم وهنالك منزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عاصم بن سُويد من بني عمرو بن عوف عن محمّد بن عمارة بن خُزيمة بن ثابت قال: قدم عليّ للنصف من شهر ربيع الأوّل ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بقُباءَ لم يَرمْ بعد.

قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ عن أبيه قال: لما قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، آخى بين المهاجرين بعضهم لبعض، وآخى بين المهاجرين والأنصار، فلم تكن مؤاخاةٌ إلا قبل بدر، آخى بينهم على الحقّ والمؤاساة، فآخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بينه وبين علي بن أبي طالب.(*)

قال: أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن أبي فُديك عن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ عن أبيه أن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، حين آخى بين أصحابه وضع يده على منكب عليّ ثمّ قال: "أنت أخي تَرِثُني وأرِثُكَ": فلمّا نزلت آية الميراث قَطعت ذاك.(*)

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن محمّد بن إبراهيم عن أبيه، قال محمّد بن عمر: وأخبرنا عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون وسعد بن إبراهيم، قال محمّد ابن عمر: وأخبرنا محمّد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قالوا: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين علي بن أبي طالب وسهل بن حُنيف.(*)

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن محمّد بن إبراهيم عن أبيه قال: كان عليّ بن أبي طالب يوم بدر مُعْلِمًا بصوفة بيضاء.

قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن عليّ بن أبي طالب كان صاحب لواء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يوم بدر وفي كلّ مَشْهَد.

ذِكر قول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لعليّ بن أبي طالب: "أما تَرْضى أَن تكونَ منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنَّه لا نبيّ بعدي؟"

قال قال محمّد بن عمر: وكان عليّ ممّن ثَبَتَ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يوم أُحُدٍ حين انهزم النّاس، وبايعه على الموت، وبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سريّة إلى بني سعد بفَدَك في مائة رجل، وكان معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث يومَ فتْح مكّة، وبعثه سريّة إلى الفُلُس إلى طَيِّئ، وبعثه إلى اليمن ولم يتخلّف عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في غزوة غزاها إلا غزوة تبوك خَلّفه في أهله.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا فُضَيْل بن مرزوق عن عطيّة، حدّثني أبو سعيد قال: غزا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، غزوة تبوك وخلَّف عليًّا في أهله، فقال بعضُ النّاس: ما منعه أن يخرج به إلا أنّه كَرِهَ صُحْبَتَه، فبلغ ذلك عليًّا فذكره للنّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "أيا ابن أبي طالب أما ترضى أن تنزل منّي بمنزلة هارون من موسى؟"(*)

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا فِطْر بن خليفة عن عبد الله بن شريك قال: سمعتُ عبد الله بن رُقيم الكنانيّ قال: قدمنا المدينة فلقينا سعد بن مالك فقال: خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى تبوك وخلّف عليًّا، فقال له: يا رسول الله خرجتَ وخلّفْتَني؟ فقال: "أمَا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي؟" (*)

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم عن حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن زيد عن سعيد ابن المسيّب قال: قلت لسعد بن مالك إني أريد أن أسألك عن حديث وأنا أهابُك أن أسألك عنه، قال: لا تفعل يا ابن أخي، إذا علمتَ أنّ عندي علمًا فسَلْني عنْه ولا تَهَبْني، فقلت قول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لعليّ حين خلّفه بالمدينة في غزوة تبوك، قال قال: أتخلّفني في الخالفة في النساء والصبيان؟ فقال: "أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟" فأدْبَرَ عليّ مسرعًا كأني أنْظُرُ إلى غُبار قدمَيْه يَسْطَعُ، وقد قال حمّاد: فرجع عليّ مسرعًا.(*)

قال: وأخبرنا رَوْح بن عُبادة قال: أخبرنا عون عن ميمون عن البراء بن عازب وزيد ابن أرقم قالا: لما كان عند غزوة جَيْش العُسْرة وهي تبوك قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لعليّ بن أبي طالب: "إنّه لا بدّ من أن أقيم أو تقيم"، فخلّفه، فلمّا فصل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، غازيًا قال ناس: ما خلّف عليًّا إلا لشيءٍ كرهَهُ منه. فبلغ ذلك علِيًّا فاتّبع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى انتهى إليه، فقال له: "ما جاء بك يا عليّ؟" قال: لا يا رسول الله إلا أني سمعتُ ناسًا يزعمون أنّك إنّما خَلّفتَني لشيء كرِهتَهُ منّي، فتضاحك رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقال: "يا عليّ أما ترضى أن تكون منّي كهارون من موسى غيرَ أنّك لستَ بنبيّ؟" قال: بلى يا رسول الله. قال: "فإنّه كذلك".(*)

أخبرنا روح بن عُبادة قال: أخبرنا بسطام بن مسلم عن مالك بن دينار قال: قلتُ لسعيد بن جُبير: مَنْ كان صاحب راية رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: إنّك لرِخْوُ اللَّبَب. فقال لي معبد الجُهَني: أنا أُخبرك، كان يحملها في المسير ابن ميسرة العبسيّ فإذا كان القتال أخذها عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه.

ذِكر صفة عليّ بن أَبي طالب، عليه السلام

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشّعبي قال: رأيتُ عليًّا وكان عريض اللحية وقد أخذت ما بين منكبيه، أصلع على رأسه زُغَيْبَات.

أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه أبي إسحاق قال: رأيت عليًّا فقال لي أبي قم يا عمرو فانْظُرْ إلى أمير المؤمنين، فقُمتُ إليه فلم أرَه يَخْضِبُ لحيته، ضَخْم اللّحية.

قال: أخبرنا مؤمَّل بن إسماعيل وقبيصة بن عقبة قالا: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق قال: رأيت عليًّا أبيض الرأس واللّحية.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا شريك عن أبي إسحاق قال: رأيت عليًّا أصلع أبيض اللّحية، رَفَعَني أبي.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا شريك عن جابر عن عامر قال: كان عليّ يَطْرُدُنا من الرّحْبَة ونحن صبيان، أبيض الرأس واللّحية.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا زهير عن أبي إسحاق أنّه صلّى مع عليّ الجمعة حين مالت الشمس، قال فرأيته أبيض اللّحية أجْلَحَ.

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا الثوريّ وإسرائيل وشيبان وقيس عن أبي إسحاق قال: رأيت عليًّا أبيض اللّحية والرأس.

أخبرنا شهاب بن عبّاد العبديّ قال: أخبرنا إبراهيم بن حميد عن إسماعيل عن عامر قال: ما رأيتُ رجلًا قطّ أعرضَ لحيةً من عليّ، قد ملأت ما بين منكبيه، بيضاء.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين وعفّان بن مُسلم وسليمان بن حرب قالوا: أخبرنا أبو هلال قال: حدّثني سَوادة بن حنظلة القُشيريّ قال: رأيت عليًّا أصفر اللّحية.

قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير وأسباط بن محمّد عن إسماعيل بن سلمان الأزرق عن أبي عمر البزّاز عن محمّد بن الحنفيّة قال: خضب عليّ بالحنّاء مرّة ثمّ تركه.

قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال: أخبرنا أبي قال: سمعت أبا رجاء قال: رأيت عليًّا أصلع، كثير الشعر، كأنّما اجتاب إهاب شاة.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا أبو عَوانة عن مغيرة عن قُدامة بن عتّاب قال: كان عليّ ضخم البطن، ضخم مُشاشة المنكب، ضخم عضلة الذّراع، دقيقَ مُسْتَدَقّها، ضخم عضلة الساق، دقيقَ مستدَقّها، قال رأيته يخطب في يوم من أيّام الشتاء، عليه قميصٌ قِهْز وإزاران قِطْرِيّان، معتمًّا بسِبّ كتّان ممّا يُنْسَجُ في سوادكم.

قالَ: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا رِزام بن سعد الضبّي قال: سمعتُ أبي يَنْعَتُ عليًّا قال كان رجلًا فوق الرّبْعَة، ضَخْم المنكبين، طويل اللّحية، وإن شئت قلت إذا نظرت إليه هو آدَمُ، وإن تبيّنه من قريب قلت أن يكونَ أسْمَرَ أدْنى من أن يكون آدم.

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي فروة قال: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ قلت: ما كانت صفة عليّ؟ قال: رجل آدَمُ شديدُ الأدمة، ثقيلُ العينين، عظيمُهما، ذو بطن، أصلع، إلى القِصَر أقرب.

قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: أخبرنا همّام بن يحيَى عن محمّد بن جُحادة قال: حدّثني أبو سعيد بيّاع الكرابيس: أنّ عليًّا كان يأتي السوق في الأيّام فيسلّم عليهم، فإذا رأوه قالوا بوذا شكنب أمذ، قيل له إنّهم يقولون إنّك ضخم البطن، فقال: إنّ أعلاهُ عِلمٌ وأسفله طعامٌ.

قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن جابر عن عامر قال: رأيت عليًّا ورأسه ولحيته بيضاء كأنهما قطن.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا سلمة بن رَجاءٍ التّيمي عن مُدْرِك أبي الحجّاج قال: رأيت في عيني عليّ أثر الكحل.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسّان قال: أخبرنا أبو الوَضِيء القيسيّ قال: ربّما رأيت عليًّا يخطبنا وعليه إزارٌ ورداءٌ مرتديًا به، غير ملتحف، وعمامة، فينظر إلى شَعْر صدره وبطنه.

ذِكر لباس عليّ، عليه السلام

قال: أخبرنا وكيع عن أبي مكين عن خالد أبي أُميّة قال: رأيت عليًّا وقد لحق إزاره بركبتيه.

قال: أخبرنا يعلى بن عُبيد وعبد الله بن نُمير عن الأجلح عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: رأيت عليًّا عليه قميص رازيّ إذا مدّ كُمّه بلغ الظُّفْر فإذا أرخاه، قال يعلى، بلغ نصف ساعده، وقال عبد الله بن نُمير: بلغ نصفَ الذراع.

قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن عليّ بن صالح عن عطاء أبي محمّد قال: رأيت على عليّ قميصًا من هذه الكرابيس غيرَ غسيل.

قال: أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمْرة الليثيّ قال: حدّثني محمّد بن أبي يحيَى عن أبي العلاء مولى الأسلميّين قال: رأيت عليًّا يأتزر فوق السُّرّة.

قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن سفيان عن عمرو بن قيس أنّ عليًّا رُئي عليه إزارٌ مرقوعٌ فقيل له فقال يُخَشّعُ القلبَ ويَقتدي به المؤمن.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا الحرّ بن جرموز عن أبيه قال: رأيتُ عليًّا وهو يخرج من القصر وعليه قِطْرِيّتان إزارٌ إلى نصف الساق ورداءٌ مُشَمَّرٌ قريب منه ومعه دِرّةٌ له يمشي بها في الأسواق ويأمرهم بتقوى الله وحسن البيع ويقول أوْفوا الكَيْلَ والميزان، ويقول لا تَنْفُخوا اللّحم.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا سعيد بن عُبيد عن عليّ بن ربيعة أنه رأى على عليّ بُرْدَيْن قِطْريّين.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا حميد بن عبد الله الأصمّ قال: سمعتُ فرّوخَ مولى لبني الأشتر قال رأيت عليًّا في بني ديوار وأنا غلام فقال: أتعرفني؟ فقلت: نعم أنت أمير المؤمنين، ثمّ أتي آخر فقال: أتعرفني؟ فقال: لا، فاشترى منه قميصًا زابيًّا فلبسه فمدّ كُمّ القميص فإذا هو مع أصابعه فقال له: كُفّه، فلمّا كفّه قال: الحمد لله الّذي كسا عليّ بن أبي طالب.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا أيوب بن دينار أبو سليمان المُكْتِب قال: حدّثني والدي أنّه رأى عليًّا يمشي في السوق وعليه إزارٌ إلى نصف ساقيه وبردة على ظهره، قال: ورأيت عليه بردين نجرانيّين.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا عبد الجبّار بن المغيرة الأزديّ حدّثتني أمّ كثيرة: أنها رأتْ عليًّا ومعه مِخْفَقَةٌ وعليه رداءٌ سُنْبُلاني وقميصٌ كرابيسُ وإزار كرابيس إلى نصف ساقيه الإزار والقميصُ.

قال: أخبرنا خالد بن مَخْلَد قال: أخبرنا سليمان بن بلال قال: حدّثني جعفر بن محمّد عن أبيه قال: كان عليّ بن أبي طالب يطوف في السّوق بيده درّة فأتي بقميص له سُنْبُلانيّ فلبسه فخرج كمّاه على يديه فأمر بهما فقُطعا حتّى استويا بيده ثمّ أخذ درته فذهب يطوف.

قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: ابتاع عليّ قميصًا سنبلانيًّا بأربعة دراهم فجاء الخيّاط فمدّ كُمّ القميص فأمره أن يقطعه ممّا خلف أصابعه.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا زهير بن معاوية عن جابر عن هرمز قال: رأيت عليًّا متعصّبًا بعصابة سوداء ما أدري أيّ طَرَفَيْها أطول الّذي قدّامه أو الذي خلفه، يعني عِمامة.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا شريك عن جابر عن مولى لجُعْفيّ يقال له هرمز قال: رأيت عليًّا عليه عمامة سوداء قد أرخاها من بين يديه ومن خلفه.

قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن أبي العنبس عمرو بن مروان عن أبيه قال: رأيتُ على عليّ عمامة سوداءَ قد أرخاها من خلفه.

أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن الأعمش عن ثابت بن عُبيد عن أبي جعفر الأنصاريّ قال: رأيت على عليّ عمامة سوداء يومَ قتل عثمان، قال ورأيته جالسًا في ظُلّة النساء وسمعتُه يومئذ يقول: تَبًّا لكم سائر الدّهْر!

قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا عليّ بن صالح عن عطاء أبي محمّد قال: رأيت عليًّا خرج من الباب الصغير فصلّى ركعتين حين ارتفعت الشمس وعليه قميصٌ كرابيس كسكريّ فوق الكعبين وكمّاه إلى الأصابع وأصل الأصابع غير مغسول.

ذِكر قلنسوة عليّ بن أبي طالب، عليه السلام، وخاتمه وتختّمه له وما كان نقشه

قال: أخبرنا عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة قال: حدّثنا عبد السّلام بن حرب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن ابن عبّاس عن عليّ قال: قال لي رسول الله، صلّى الله عليه وسلم: "إذا كان إزارك واسعًا فَتَوَشّحْ به، وإذا كان ضيّقًا فأتَزِرْ به". (*)

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا حسن بن صالح عن أبي حيّان قال: كانت قلنسوةُ عليّ لطيفة.

قال: أخبرنا محمّد بن ربيعة الكلابي عن كسيان بن أبي عمر عن يزيد بن الحارث بن بلال الفزاريّ قال: رأيت على عليّ قلنسوة بيضاءَ مُضَرَّبَة.

قال: أخبرنا مَعن بن عيسى قال: أخبرنا أبان بن قَطَن عن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن أبيه عبد الرّحمن بن أبي ليلى: أنّ عليّ بن أبي طالب تختّم في يَساره.

قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أُويس عن سليمان بن بلال عن جعفر بن محمّد بن عليّ عن أبيه: أنّ عليًّا تختّم في اليسار.

قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي قال: أخبرنا معتمر عن أبيه عن أبي إسحاق الشيباني قال: قرأتُ نقش خاتم عليّ بن أبي طالب في صُلح أهل الشأم: محمّد رسول الله.

قال: أخبرنا الحسن بن موسى الأشْيب وعمرو بن خالد المصريّ قالا: أخبرنا زهير عن جابر الجُعْفيّ عن محمّد بن عليّ قال: كان نقش خاتم عليّ: الله الملك.

قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن جابر عن محمّد بن عليّ قال: كان نقش خاتم عليّ: الله الملك.

أخبرنا مالك بن إسماعيل النهديّ قال: أخبرنا جعفر بن زياد عن الأعمش عن أبي ظَبْيَان قال: خرج علينا عليّ في إزارٍِ أصفر وخميصةٍ سوداء. الخميصة شبه البَرْنَكان.

ذِكر قتل عثمان بن عفّان وبيعة عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنهما

قال: قالوا لما قُتل عثمان، رحمه الله، يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين وبويع لعليّ بن أبي طالب، رحمه الله، بالمدينة، الغدَ من يومِ قتل عثمان، بالخلافة بايعه طلحة، والزّبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو ابن نُفيل، وعمّار بن ياسر، وأُسامة بن زيد، وسَهل بن حُنيف، وأبو أيّوب الأنصاريّ،ومحمّد بن مَسْلَمَةَ، وزيد بن ثابت، وخُزيمة بن ثابت، وجميع من كان بالمدينة من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وغيرهم ثمّ ذكر طلحة والزبير أنهما بايعا كارهين غير طائعين وخرجا إلى مكّة وبها عائشة، ثمّ خرجا من مكّة ومعهما عائشة إلى البصرة يطلبون بدم عثمان، وبلغ عليًّا، عليه السلام، ذلك فخرج من المدينة إلى العراق، وخلّف على المدينة سهل بن حُنيف، ثمّ كتب إليه أن يَقْدَمَ عليه، وَوَلّى المدينة أبا حسن المازنيّ، فنزل ذا قار وبعث عمّارَ بن ياسر والحسنَ بن عليّ إلى أهل الكوفة يستنفرهم للمسير معه، فقَدِموا عليه فسار بهم إلى البصرة، فَلقِيَ طلحةَ والزّبير وعائشة ومن كان معهم من أهل البصرة وغيرهم يوم الجَمَل في جمادي الآخرة سنة ستّ وثلاثين، وظَفِرَ بهم وقُتل يومئذ طلحة والزّبير وغيرهما، وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألف قتيل، وأقام عليّ بالبصرة خمسَ عشرةَ ليلة ثمّ انصرف إلى الكوفة. ‏ ‏

ذِكر عليّ ومعاوية وقتالهما وتحكيم الحَكَمَيْن

ثم خرج يريد معاوية بن أبي سفيان ومن معه بالشأم، فبلغ ذلك معاوية فخرج فيمن معه من أهل الشأم والتقوا بصفّين في صفر سنة سبعٍ وثلاثين، فلم يزالوا يقتتلون بها أيّامًا، وقُتل بصفّين عمّار بن ياسر، وخُزيمة بن ثابت، وأبو عمرة المازني، وكانوا مع عليّ، ورفع أهل الشأم المصاحف يدعون إلى ما فيها مكيدة من عمرو بن العاص أشار بذلك على معاوية وهو معه، فكره النّاس الحربَ وتداعوا إلى الصّلح، وحَكّمُوا الحَكَمَين فحكّم عليّ أبا موسى الأشعريّ، وحكّم معاوية عمرو بن العاص، وكتبوا بينهم كتابًا أن يوافوا رأسَ الحَوْل بأذْرُحَ فينظروا في أمر هذه الأمّة، فافترق النّاس فرجع معاوية بالألفة من أهل الشأم وانصرف عليّ إلى الكوفة بالاختلاف والدّغَل، فخرجت عليه الخوارج من أصحابه ومن كان معه وقالوا: لا حَكَمَ إلاّ الله، وعسكروا بحَرَوْرَاءَ، فبذلك سُمّوا الحَرَوْرِيّة، فبعث إليهم عليّ عبدَ الله بن عبّاس وغيره فخاصمهم وحاجّهم فرجع منهم قومٌ كثير وثَبَتَ قومٌ على رأيهم وساروا إلى النَّهروان فعَرَضوا للسّبيل وقَتَلوا عبدَ الله بن خَبّاب بن الأرَتّ، فسار إليهم عليّ فقتلهم بالنَّهْرَوَان وقتل منهم ذا الثديّة، وذلك سنةَ ثمانٍ وثلاثين، ثمّ انصرف عليّ إلى الكوفة فلم يزل بها يخافون عليه الخوارج من يومئذ إلى أن قُتل رحمه الله. واجتمع النّاس بأذرح في شعبان سنة ثمان وثلاثين، وحضرها سعد بن أبي وقّاص وابن عمر وغيرُهما من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقدّم عمرو أبا موسى فتكلّم فخلع عليًّا، وتكلّم عمرو فأقَرّ معاوية وبايع له، فتفرّق النّاس على هذا.‏ ‏

ذِكر عبد الرّحمن بن مُلْجَم المرادي وبيعة عليّ ورَدِّه إياه وقوله: لتُخْضَبَنَّ هذه من هذه، وتَمَثُّله بالشعر وقَتْله عليًّا، عليه السلام، وكيف قتله عبد الله بن جعفر والحسين بن عليّ ومحمّد بن الحنفيّة ‏

أخبرنا الفضل بن دُكين أبو نُعيم، أخبرنا فِطر بن خليفة قال: حدّثني أبو الطّفيل قال: دعا عليّ النّاسَ إلى البيعة، فجاءَ عبد الرّحمن بن ملجم المرادي فردّه مرّتين، ثمّ أتاه فقال: ما يَحْبِسُ أشقاها، لَتُخْضَبَنّ أو لَتُصَبغنَّ هذه من هذا، يعني لحيته من رأسه، ثمّ تمثّل بهذين البيتين‏: ‏

اُشْدُدْ حَيازيمَكَ للمَوتِ فَإنّ الـمَوتَ لاقِيكا

ولا تَـجْزَعْ
من القَتْـلِ إذا حلّ
بوادِيـكا

قال محمّد بن سعد: وزادني غير أبي نعيم في هذا الحديث بهذا الإسناد عن عليّ بن أبي طالب والله إنّه لَعَهْدُ النّبيّ الأمّيّ صَلَّى الله عليه وسلم، إلَيّ.

أخبرنا أبو أُسامة حمّاد بن أُسامة عن يزيد بن إبراهيم عن محمّد بن سيرين، قال عليّ ابن أبي طالب للمُراديّ:‏ ‏

أريدُ حباءهُ ويُريـدُ قَتْـلي عَذيرَكَ من خليلك من مُرادِ

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن عُلية عن عُمارة بن أبي حفصة عن أبي مِجْلَز قال: جاء رجل من مراد إلى عليّ وهو يصلّي في المسجد فقال: احْتَرِسْ فإنّ ناسًا من مراد يريدون قتلك، فقال: إنّ مع كلّ رجل مَلَكَين يحفظانه ممّا لم يُقَدّرْ فإذا جاء القَدَر خلّيَا بينه وبينه، وإنّ الأجل جُنّة حصينة.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسّان عن محمّد عن عُبيدة قال: قال عليّ: ما يَحْبِسُ أشقاكم أنْ يَجيءَ فَيَقْتُلَني؟ اللّهمّ قد سَئِمْتُهُمْ وسَئِمُوني فأرِحْهُمْ مني وأرحني منهم.

قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح قال أخبرنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله ابن سبع قال سمعت عليًّا يقول: لَتُخْضََبَنّ هذه من هذه فما يُنْتَظَرُ بالأشْقَى، قالوا: يا أمير المؤمنين فأخبرْنَا به نُبيرُ عِتْرَتَه، فقال: إذًا والِلّه تَقْتُلُون بي غيرَ قاتلي، قالوا: فاسْتَخْلِفْ علينا، فقال: لا ولكنْ أتْرُكُكُمْ إلى ما تركَكُمْ إليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قالوا: ما تقول لربّك إذا أتَيْتَهُ؟ قال: أقول اللّهمّ تَرَكْتُكَ فيهم فإن شِئْتَ أصْلَحْتَهُمْ وإن شِئْتَ أفْسَدْتَهُم.

قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن سنان بن حبيب عن نُبَلَ بنت بدر عن زوجها قال: سمعتُ عليًّا يقول لَتُخْضَبَنّ هَذِهِ مِنْ هذا، يعني لحيته من رأسه.

قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى، قال أخبرنا موسى بن عُبيدة عن أبي بكر بن عُبيد الله بن أنس أو أيّوب بن خالد أو كليهما، أخبرنا عُبيد الله أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال لعليّ: "يا عليّ من أشْقَى الأّولِين والآخرين؟" قال: الله ورسوله أعلم قال: "أشْقَى الأوّلين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين الذي يطعُنُك يا عليّ"، وأشار إلى حيثُ يُطْعَن.(*)

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا سليمان بن القاسم الثقفيّ قال: حدّثتني أمّي عن أمّ جعفر سُريّّة عليّ قالت: إني لأصُبّ على يديه الماءَ إذ رفع رأسه فأخذ بلحيته فرفعها إلى أنفه فقال: واهًا لَكِ لَتُخْضَبِنّ بدم! قالت فأُصيبَ يوم الجمعة.

قال: أخبرنا خالد بن مَخْلَد ومحمّد بن الصلت قالا: أخبرنا الربيع بن المُنذر عن أبيه عن ابن الحنفيّة قال: دَخَلَ علينا ابنُ مُلْجَم الحَمّامَ وأنا وحسن وحسين جلوس في الحمّام، فلمّا دخل كأّنهما اشمأزّا منه وقالا: ما أجْرَأكَ تدخل علينا! فقلت لهما: دَعاه عنكما فَلَعَمْري ما يريد بكما أحْشَمُ من هذا. فلمّا كان يومَ أُتِيَ به أسيرًا قال ابن الحنفيّة: ما أنا اليوم بأعْرَفَ به منّي يومَ دَخَلَ علينا الحمّام، فقال عليّ: إنه أسير فأحْسِنُوا نُزُلَه وأكْرِموا مَثْواه فإنْ بَقيتُ قَتَلْتُ أو عفوتُ وإن متّ فَاقْتُلُوهُ قِتْلَتي ولا تَعْتَدُوا إن الله لاُيحِبّ المعتدين.

قال: أخبرنا جَرير عن مغيرة عن قُثَم مَولَى لابن عبّاس قال: كَتَبَ عليّ في وصيته إلى أكبر ولدي غير طاعن عليه في بطن ولا فرج.

قالوا: انتدب ثلاثةُ َنفَر من الخوارج: عبد الرّحمن بن مُلْجم المراديّ، وهو من حِمْيَر، وعِداده في مُرِادٍ، وهو حَليفُ بني جَبلة من كِندة، والبُرَك بن عبد الله التميميّ، وعمرو ابن بُكَير التميميّ، فاجتمعوا بمكّة وتَعاهدوا وتَعَاقدوا لَيَقْتُلُنّ هؤلاء الثلاثةَ: عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعَمرو بن العاص ويريحوا العباد منهم، فقال عبد الرّحمن بن مُلجم: أنا لكم بعَليّ بن أبي طالب، وقال البُرَكُ: وأنا لكم بمعاوية، وقال عمرو بن بُكيَر: أنا أكْفِيكُمْ عمرو بن العاص. فتَعاهدوا على ذلك وتَعاقدوا وتَواَثقوا لا َينْكُصُ رجلٌ منهم عن صاحبه الذي سَمَّي ويتوجّه إليه حتى يقتله أو يموت دونه، فاتّعدوا بينهم ليلة سبعَ عشرةَ من شهر رمضان، ثمّ توجّه كلّ رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، فقَدِمَ عبدُ الرّحمن بن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتَمَهُم ما يريد، وكان يزورهم ويزورونه، فزارَ يومًا نفرًا من تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها قَطامِ بنت شِجْنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب - وكان عَليّ قَتَلَ أباها وأخاها يومَ نهروان فأعجبته فخطبها، فقالت: لا أتزوّجُك حتّى تُسِْني لي المهرَ، فقال: لا تَسْألينَني شَيْئًا إلاّ أعطيتُكِ، فقالت: ثلاثة آلاف وقتلَ عليّ بن أبي طالب، فقال: والله ما جاءَ بي إلى هذا المصر إلاّ قتلُ عليّ بن أبي طالب وقد آتيتُكِ ما سألْتِ.

ولقي عبدُ الرّحمن بن مُلجم شبيبَ بن بَجَرَة الأشجعي فأعلمه ما يريد ودعاه إلى أن يكون معه فأجابه إلى ذلك، وبات عبد الرّحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليًّا في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكنديَّ في مسجده حتى كاد أن يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فضَحَك الصّبحُ فقُمْ، فقام عبد الرّحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما ثمّ جاءا حتى جلسا مقابل السّدّة التي يخرج منها عليّ.

قال الحسن بن عليّ: وأتيته سَحَرًا فجلست إليه فقال: إني بِتّ اللّيلةَ أوقظ أهلي فَمَلَكَتني عيناي وأنا جالس فسنَحَ لي رسول الله فقلت: يا رسول الله ما لقيتُ من أُمّتِكَ من الأوَد واللَّدَد، فقال لي: "ادْعُ اللَّه عليهم"، فقلت اللّهمّ أبْدِلْني بهم خيًرا لي منهم وأبدلهم شرًّا لهم مني. ودخل ابن النّبّاح المؤذّنُ على ذلك فقال: الصّلاة، فأخذت بيده فقام يمشي وابن النّبّاح بين يديه وأنا خلفه، فلمّا خرج من الباب نادى: أيّها النّاسُ الصّلاةَ الصّلاةَ، كذلك كان يفعل في كلّ يوم يخرج ومعه درّتُهُ يوقِظُ النّاسَ، فاعترضه الرّجلان، فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف وسمعتُ قائلًا يقول: لله الحُكْمُ يا عليّ لا َلكَ! ثمّ رأيتُ سيفًا ثانيًا فضربا جميعًا فأمّا سيف عبد الرّحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قَرْنه ووصل إلى دماغه، وأمّا سيف شبيب فوقع في الطّاق، وسمعتُ عليًّا يقول: لا يفوتنّكم الرجلُ، وشدّ الناّسُ عليهما من كلّ جانب.

فأمّا شبيب فأفلت، وأُخِذَ عبدُ الرّحمن بن ملجم فأُدخل على عليّ، فقال: أطيبوا طعامه وألينوا فراشه فإن أعِشْ فأنا وَلِىُّ دَمِي، عفوٌ أوقصاص وإنْ أمُتْ فألْحِقُوه بي أُخاصمه عند ربّ العالمين. فقالت أمّ كلثوم بنت عليّ: يا عدوّ الله قتلت أمير المؤمنين! قال: ما قتلتُ إلّا أباكِ، قالت: فوالله إنّي لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأسٌ، قال: فلِمَ تَبكينَ إذًا؟ ثمّ قال: والله لقد سممتُه شهرًا، يعني سيفَه، فإنْ أخْلَفَني فأبْعَدَهُ الله وأسحقه.

وبعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضُربَ عليّ، عليه السلام، فقال: أيْ بُنيّ انظر كيف أصبح أمير المؤمنين. فذهب فنظر إليه ثمّ رجع فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه، فقال الأشعث: عَيْنَيْ دَميغ وربّ الكعْبة، قال ومكث عليّ يومَ الجمعة وليلة السبت وتُوفي، رحمة الله عليه وبركاته، ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وكفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص.

قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن يحيَى بن مسلم أبي الضّحّاك عن عاصم بن كُليب عن أبيه قال: وأخبرنا عبد الله بن ُنمَير عن عبد السّلام رجل من بَني مُسيلمة عن بَيان عن عامر الشعبيّ قال: وأخبرنا عبد الله بن نمير عن سفيان عن أبي رَوْق عن رجلٍ قال: وأخبرنا الفضل بن دُكين قال أخبرنا خالد بن إلياس عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص قال وأخبرنا شبَابة بن سَوّار الفزاري قال: أخبرنا قيس بن الربيع عن بيان عن الشّعبيّ أنّ الحسن بن عليّ صلّى على عليّ بن أبي طالب فكبّر عليه أربع تكبيرات، ودُفن عليّ بالكوفة عند مسجد الجماعة في الرحبة ممّا يلي أبوابَ كِنْدَة قبل أن ينصرفَ النّاسُ من صلاة الفجر، ثمّ انصرف الحسن بن عليّ من دفنه فدعا النّاس إلى بيعته فبايعوه. وكانت خلافة عليّ أربع سنين وتسعة أشهر.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين عن شريك عن أبي إسحاق قال: توفّي عليّ وهو يومئذ ابن ثلاث وستين سنة.

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال أخبرنا عليّ بن عمر وأبو بكر بن أبي سَبْرة عن عبد الله بن محمّد بن عقيل قال: سمعت محمّد بن الحنفيّة يقول سنة الجُحاف حين دخلت إحدى وثمانون: هذه لي خمسٌ وستّون سنة وقد جاوزتُ سنّ أبي، قلت: وكم كانت سنّه يومَ قُتِلَ، يرحمه الله؟ قال: ثلاثًا وستّين سنة، قال محمّد بن عمر: وهو الثبتُ عندنا.

قال: أخبرنا محمّد بن ربيعة الكلابي عن طَلْق الأعمى عن جدّته قالت: كنت أنوح أنا وأمّ كلثوم بنت عليّ على عليّ، عليه السلام.

قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير وعُبيد الله بن موسى قالا أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن هُبيرة بن يَريمَ قال: سمعت الحسن بن عليّ قام يخطُبُ النّاس فقال: يا أيها الناس لقد فارَقَكُمْ أمْس رجلٌ ما سبقه الأوّلون ولا يُدْركه الآخرون، لقد كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يُرَدّ حتّى يَفْتَحَ اللُّه عليه، إنّ جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ما ترك صفراءَ ولا بيضاءَ إلاّ سبعمائة درهم فَضَلَتْ من عَطائه أراد أن يشتري بها خادمًا.

قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن الأجلح عن أبي إسحاق عن هُبيرة بن يَريمَ قال: لمّا توفّي عليّ بن أبي طالب قام الحسن بن عليّ فصعد المنبر فقال: أيها النّاس، قد قُبِض الليلةَ رجلٌ لم يَسبِقْه الأوّلون ولا يدركه الآخرون، قد كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يبعثه المبعث فيكتنِفُه جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله فلا ينثني حتّى يفتح الله له، وما ترك إلا سبعمائة درهم أراد أن يشتري بها خادمًا، ولقد قُبض في اللّيلة التي عُرجَ فيها بروح عيسى بن مريم ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان.

قال: أخبرنا أبو معاوية الضّرير عن حجّاج عن أبي إسحاق عن عمرو بن الأصمّ قال: قيل للحسن بن عليّ إنّ ناسًا من شيعة أبي الحسن عليّ، عليه السلام، يزعمون أنّه دابّة الأرض وأنّه سَيُبْعَثُ قبل يوم القيامة، فقال: كذبوا ليس أولئك شيعتَه، أولئك أعداؤه، لو علمنا ذلك ما قسمنا ميراثه ولا أنكحنا نساءه. قال ابن سعد: هكذا قال عن عمرو بن الأصمّ.

قال: أخبرنا أسْباط بن محمّد عن مُطَرّف عن أبي إسحاق عن عمرو بن الأصمّ قال: دخلتُ على الحسن بن عليّ وهو في دار عمرو بن حُرَيْث فقلتُ له: إنّ ناسًا يزعمون أنّ عليًّا يرجع قبل يوم القيامة، فضحك وقال: سبحان الله! لو علمنا ذلك ما زوّجنا نساؤه ولا ساهمنا ميراثه. قالوا وكان عبد الرّحمن بن ملجم في السجن، فلمّا مات عليّ، رضوان الله عليه ورحمته وبركاته، ودُفِنَ بعث الحسن بن عليّ إلى عبد الرّحمن بن ملجم فأخرجه من السجن ليقتله، فاجتمع النّاس وجاءُوه بالنفط والبواريّ والنّار فقالوا نحرقه، فقال عبد الله بن جعفر وحسين بن عليّ ومحمّد بن الحنفيّة: دَعُونا حتّى نَشْفِيَ أنفسا منه، فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه فلم يَجْزَعْ ولم يتكلّم، فكحَل عينيه بمسمار مُحْمًى فلم يجزع وجعل يقول: إنّكَ لَتَكْحُلُ عَيْنَيْ عَمّكَ بمُلْمُول مَضٍّ، وجعل يقول: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق 1، 2]، حتّى أتى على آخر السورة كلّها وإنّ عينيه لَتَسِيلان، ثمّ أمر به فعولج عن لسانه ليقطعه فجَزَعَ، فقيل له: قَطَعْنَا يديك ورجليك وسَمَلْنا عَينيكَ يا عدوّ الله فلم تَجْزَعْ فلمّا صِرْنا إِلى لسانك جزعت؟ فقال: ما ذاك منّي من جزع إلا أني أكره أن أكون في الدّنيا فُواقًا لا أذكر الله، فقطعوا لسانه ثمّ جعلوه في قَوْصرة وأحرقوه بالنّار، والعبّاس بن عليّ يومئذ صغير فلم يُسْتَأنَ به بلوغه، وكان عبد الرّحمن بن ملجم رجلًا أسمرَ حسنَ الوجه أفلجَ شعره مع شحمة أذنيه، في جبهته أثَرُ السجود. قالوا وذَهَبَ بقتل عليّ، عليه السلام، إلى الحجاز سفيانُ بن أميّة ابن أبي سفيان بن أُميّة بن عبد شمس فبلغ ذلك عائشة فقالت: ‏‏

فألقت عصاها وَاستقرّتْ بها النّوى كما قَرّ عينًا بالإياب المسافرُ
(< جـ3/ص 17>)
2 من 3
3 من 3
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال