تسجيل الدخول


علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه ابن عبد المطلب هاشم بن عبد مناف...

((عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِب بنِ هاشِم بن عبد مناف بن قُصَيّ بن كلاب بن مُرَّة بن كَعب بن لُؤَيّ)) أسد الغابة. ((علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ ابن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ القرشيّ الهاشميّ)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((يكنى عليّ أبا الحسن)) الطبقات الكبير. ((أبو القصم: بعد القاف صاد مهملة. اكتنى بها عليّ رضي الله عنه يوم أحُد عند القتال. ذكره ابن إِسْحَاقَ.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((هو أَول هاشمي ولد بين هاشميين)) أسد الغابة. ((وُلِد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، فربّي في حِجْر النبي صَلَّى الله عليه وسلم ولم يفارقه)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قُصيّ.)) الطبقات الكبير. ((أَوّل خليفة من بني هاشم)) أسد الغابة. ((اسم أبيه ــ أبا طالب ــ عبد مناف وقيل: اسمه كنيته. والأول أصحّ، وكان يقال لعبد المطّلب شيبة الحمد، واسم هاشم عمرو، واسم عبد مناف المغيرة، واسم قصيّ زيد.‏ وأمُّ عليّ بن أبي طالب فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهي أولُ هاشميةٍ وُلدت لهاشمي، تُوفيِّت مسلمةً قبل الهجرة، وقيل:‏ إنها [[هاجرت]]، وسيأتي ذِكْرُها في بابها من كتاب النِّساء إن شاء الله تعالى‏. كان عليّ أصغر ولد أبي طالب‏.‏ وكان أصغر من جعفر بعشر سنين، وكان جعفر أصغر من عقيل بعشر سنين، وكان عقيل أصغر من طالب بعشر سنين)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((ابن عم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم))
((أَخو رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وصهره على ابنته فاطمة سيدة نساءِ العالمين، وأَبو السبطين)) أسد الغابة. ((كان له من الولد الحسن والحسين وزينب الكبرى وأمّ كلثوم الكبرى، وأمّهم فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ومحمّد ابن عليّ الأكبر وهو ابن الحَنَفِيّة وأُمّه خَوْلَة بنت جعفر بن قيس بن مَسْلَمَة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدّول بن حَنيفة بن لُجَيم بن صَعْب بن عليّ بن بكر بن وائل. وعُبيد الله بن عليّ قتله المختار بن أبي عُبيد بالمذَار، وأبو بكر بن عليّ قُتل مع الحسين ولا عقب لهما، وأُمهما ليلى بنت مسعود بن خالد بن ثابت بن رِبْعيّ بن سَلْمَى ابن جَندل بن نَهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زَيد منَاة بن تَميم. والعبّاس الأكبر بن عليّ وعثمان وجعفر الأكبر وعبد الله قُتلوا مع الحسين بن عليّ ولا بقيّة لهم، وأُمّهم أمّ البنين بنت حِزام بن خالد بن جعفر بن ربيعة بن الوحيد بن عامر بن كعب بن كِلاب. ومحمّد الأصغر بن عليّ قُتل مع الحسين، وأُمّه أم ولد، ويحيَى وعون ابنا عليّ وأمّهما أسماءُ بنت عُميس الخثعميّة. وعمر الأكبر بن عليّ ورقيّة بنت عليّ وأمّهما الصّهباءُ، وهي أم حبيب بنت ربيعة ابن بُجير بن العبد بن علقمة بن الحارث بن عُتبة بن سعد بن زهير بن جُشَم بن بكر بن حُبيب بن عمرو بن غَنْم بن تغلب بن وائل، وكانت سبيّة أصابها خالد بن الوليد حين أغار على بني تغلب بناحية عين التمر، ومحمّد الأوسط بن عليّ وأُمّه أُمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد العُزَّى بن عبد شمس بن عبد مَناف، وأمها زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأُمّها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قُصيّ. وأُمّ الحسن بنت عليّ ورَمْلَة الكبرى، وأُمهما أمّ سعيد بنت عروة بن مسعود بن مُعتِّب بن مالك الثقفي، وأُمّ هانئ بنت عليّ، وميمونة، وزينب الصغرى، ورملة الصغرى، وأم كلثوم الصغرى، وفاطمة، وأُمامة، وخديجة، وأم الكرام، وأم سلَمة، وأم جعفر، وجُمانة، ونفيسة، بنات عليّ وهنّ لأمّهات أولاد شتّى، وابنة لعليّ لم تُسَمّ لنا، هلكت وهي جارية لم تبرز، وأُمّها مُحَيّاة بنت امرئ القيس بن عديّ بن أوس بن جابر بن كعب ابن عُليم من كلب، وكانت تخرج إلى المسجد وهي جارية فيقال لها: مَن أخْوالُكِ؟ فتقول وه وه تعني كلبًا. فجميع ولد عليّ بن أبي طالب لصلبه أربعة عشر ذكرًا وتسع عشرة امرأة، وكان النسل من ولده لخمسة: الحسن والحسين ومحمّد بن الحنفيّة والعبّاس بن الكلابيّة وعمر بن التغلَبيّة. قال محمّد بن سعد: لم يصحّ لنا من ولد عليّ، رضي الله عنه، غيرُ هؤلاء‏‏.)) الطبقات الكبير.
((ذِكر صفة عليّ بن أَبي طالب، عليه السلام: قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشّعبي قال: رأيتُ عليًّا وكان عريض اللحية وقد أخذت ما بين منكبيه، أصلع على رأسه زُغَيْبَات. أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه أبي إسحاق قال: رأيت عليًّا فقال لي أبي قم يا عمرو فانْظُرْ إلى أمير المؤمنين، فقُمتُ إليه فلم أرَه يَخْضِبُ لحيته، ضَخْم اللّحية. قال: أخبرنا مؤمَّل بن إسماعيل وقبيصة بن عقبة قالا: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق قال: رأيت عليًّا أبيض الرأس واللّحية. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا شريك عن أبي إسحاق قال: رأيت عليًّا أصلع أبيض اللّحية، رَفَعَني أبي. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا شريك عن جابر عن عامر قال: كان عليّ يَطْرُدُنا من الرّحْبَة ونحن صبيان، أبيض الرأس واللّحية. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا زهير عن أبي إسحاق أنّه صلّى مع عليّ الجمعة حين مالت الشمس، قال فرأيته أبيض اللّحية أجْلَحَ. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا الثوريّ وإسرائيل وشيبان وقيس عن أبي إسحاق قال: رأيت عليًّا أبيض اللّحية والرأس. أخبرنا شهاب بن عبّاد العبديّ قال: أخبرنا إبراهيم بن حميد عن إسماعيل عن عامر قال: ما رأيتُ رجلًا قطّ أعرضَ لحيةً من عليّ، قد ملأت ما بين منكبيه، بيضاء. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين وعفّان بن مُسلم وسليمان بن حرب قالوا: أخبرنا أبو هلال قال: حدّثني سَوادة بن حنظلة القُشيريّ قال: رأيت عليًّا أصفر اللّحية. قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير وأسباط بن محمّد عن إسماعيل بن سلمان الأزرق عن أبي عمر البزّاز عن محمّد بن الحنفيّة قال: خضب عليّ بالحنّاء مرّة ثمّ تركه. قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال: أخبرنا أبي قال: سمعت أبا رجاء قال: رأيت عليًّا أصلع، كثير الشعر، كأنّما اجتاب إهاب شاة. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا أبو عَوانة عن مغيرة عن قُدامة بن عتّاب قال: كان عليّ ضخم البطن، ضخم مُشاشة المنكب، ضخم عضلة الذّراع، دقيقَ مُسْتَدَقّها، ضخم عضلة الساق، دقيقَ مستدَقّها، قال رأيته يخطب في يوم من أيّام الشتاء، عليه قميصٌ قِهْز وإزاران قِطْرِيّان، معتمًّا بسِبّ كتّان ممّا يُنْسَجُ في سوادكم. قالَ: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا رِزام بن سعد الضبّي قال: سمعتُ أبي يَنْعَتُ عليًّا قال كان رجلًا فوق الرّبْعَة، ضَخْم المنكبين، طويل اللّحية، وإن شئت قلت إذا نظرت إليه هو آدَمُ، وإن تبيّنه من قريب قلت أن يكونَ أسْمَرَ أدْنى من أن يكون آدم. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي فروة قال: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ قلت: ما كانت صفة عليّ؟ قال: رجل آدَمُ شديدُ الأدمة، ثقيلُ العينين، عظيمُهما، ذو بطن، أصلع، إلى القِصَر أقرب. قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: أخبرنا همّام بن يحيَى عن محمّد بن جُحادة قال: حدّثني أبو سعيد بيّاع الكرابيس: أنّ عليًّا كان يأتي السوق في الأيّام فيسلّم عليهم، فإذا رأوه قالوا بوذا شكنب أمذ، قيل له إنّهم يقولون إنّك ضخم البطن، فقال: إنّ أعلاهُ عِلمٌ وأسفله طعامٌ. قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن جابر عن عامر قال: رأيت عليًّا ورأسه ولحيته بيضاء كأنهما قطن. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا سلمة بن رَجاءٍ التّيمي عن مُدْرِك أبي الحجّاج قال: رأيت في عيني عليّ أثر الكحل. قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسّان قال: أخبرنا أبو الوَضِيء القيسيّ قال: ربّما رأيت عليًّا يخطبنا وعليه إزارٌ ورداءٌ مرتديًا به، غير ملتحف، وعمامة، فينظر إلى شَعْر صدره وبطنه.)) ((ذِكر لباس عليّ، عليه السلام قال: أخبرنا وكيع عن أبي مكين عن خالد أبي أُميّة قال: رأيت عليًّا وقد لحق إزاره بركبتيه. قال: أخبرنا يعلى بن عُبيد وعبد الله بن نُمير عن الأجلح عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: رأيت عليًّا عليه قميص رازيّ إذا مدّ كُمّه بلغ الظُّفْر فإذا أرخاه، قال يعلى، بلغ نصف ساعده، وقال عبد الله بن نُمير: بلغ نصفَ الذراع. قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن عليّ بن صالح عن عطاء أبي محمّد قال: رأيت على عليّ قميصًا من هذه الكرابيس غيرَ غسيل. قال: أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمْرة الليثيّ قال: حدّثني محمّد بن أبي يحيَى عن أبي العلاء مولى الأسلميّين قال: رأيت عليًّا يأتزر فوق السُّرّة. قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن سفيان عن عمرو بن قيس أنّ عليًّا رُئي عليه إزارٌ مرقوعٌ فقيل له فقال يُخَشّعُ القلبَ ويَقتدي به المؤمن. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا الحرّ بن جرموز عن أبيه قال: رأيتُ عليًّا وهو يخرج من القصر وعليه قِطْرِيّتان إزارٌ إلى نصف الساق ورداءٌ مُشَمَّرٌ قريب منه ومعه دِرّةٌ له يمشي بها في الأسواق ويأمرهم بتقوى الله وحسن البيع ويقول أوْفوا الكَيْلَ والميزان، ويقول لا تَنْفُخوا اللّحم. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا سعيد بن عُبيد عن عليّ بن ربيعة أنه رأى على عليّ بُرْدَيْن قِطْريّين. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا حميد بن عبد الله الأصمّ قال: سمعتُ فرّوخَ مولى لبني الأشتر قال رأيت عليًّا في بني ديوار وأنا غلام فقال: أتعرفني؟ فقلت: نعم أنت أمير المؤمنين، ثمّ أتي آخر فقال: أتعرفني؟ فقال: لا، فاشترى منه قميصًا زابيًّا فلبسه فمدّ كُمّ القميص فإذا هو مع أصابعه فقال له: كُفّه، فلمّا كفّه قال: الحمد لله الّذي كسا عليّ بن أبي طالب. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا أيوب بن دينار أبو سليمان المُكْتِب قال: حدّثني والدي أنّه رأى عليًّا يمشي في السوق وعليه إزارٌ إلى نصف ساقيه وبردة على ظهره، قال: ورأيت عليه بردين نجرانيّين. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا عبد الجبّار بن المغيرة الأزديّ حدّثتني أمّ كثيرة: أنها رأتْ عليًّا ومعه مِخْفَقَةٌ وعليه رداءٌ سُنْبُلاني وقميصٌ كرابيسُ وإزار كرابيس إلى نصف ساقيه الإزار والقميصُ. قال: أخبرنا خالد بن مَخْلَد قال: أخبرنا سليمان بن بلال قال: حدّثني جعفر بن محمّد عن أبيه قال: كان عليّ بن أبي طالب يطوف في السّوق بيده درّة فأتي بقميص له سُنْبُلانيّ فلبسه فخرج كمّاه على يديه فأمر بهما فقُطعا حتّى استويا بيده ثمّ أخذ درته فذهب يطوف. قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: ابتاع عليّ قميصًا سنبلانيًّا بأربعة دراهم فجاء الخيّاط فمدّ كُمّ القميص فأمره أن يقطعه ممّا خلف أصابعه. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا زهير بن معاوية عن جابر عن هرمز قال: رأيت عليًّا متعصّبًا بعصابة سوداء ما أدري أيّ طَرَفَيْها أطول الّذي قدّامه أو الذي خلفه، يعني عِمامة. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا شريك عن جابر عن مولى لجُعْفيّ يقال له هرمز قال: رأيت عليًّا عليه عمامة سوداء قد أرخاها من بين يديه ومن خلفه. قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن أبي العنبس عمرو بن مروان عن أبيه قال: رأيتُ على عليّ عمامة سوداءَ قد أرخاها من خلفه. أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن الأعمش عن ثابت بن عُبيد عن أبي جعفر الأنصاريّ قال: رأيت على عليّ عمامة سوداء يومَ قتل عثمان، قال ورأيته جالسًا في ظُلّة النساء وسمعتُه يومئذ يقول: تَبًّا لكم سائر الدّهْر! قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا عليّ بن صالح عن عطاء أبي محمّد قال: رأيت عليًّا خرج من الباب الصغير فصلّى ركعتين حين ارتفعت الشمس وعليه قميصٌ كرابيس كسكريّ فوق الكعبين وكمّاه إلى الأصابع وأصل الأصابع غير مغسول.)) ((ذِكر قلنسوة عليّ بن أبي طالب، عليه السلام، وخاتمه وتختّمه له وما كان نقشه قال: أخبرنا عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة قال: حدّثنا عبد السّلام بن حرب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن ابن عبّاس عن عليّ قال: قال لي رسول الله، صلّى الله عليه وسلم: "إذا كان إزارك واسعًا فَتَوَشّحْ به، وإذا كان ضيّقًا فأتَزِرْ به". (*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا حسن بن صالح عن أبي حيّان قال: كانت قلنسوةُ عليّ لطيفة. قال: أخبرنا محمّد بن ربيعة الكلابي عن كسيان بن أبي عمر عن يزيد بن الحارث بن بلال الفزاريّ قال: رأيت على عليّ قلنسوة بيضاءَ مُضَرَّبَة. قال: أخبرنا مَعن بن عيسى قال: أخبرنا أبان بن قَطَن عن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن أبيه عبد الرّحمن بن أبي ليلى: أنّ عليّ بن أبي طالب تختّم في يَساره. قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أُويس عن سليمان بن بلال عن جعفر بن محمّد بن عليّ عن أبيه: أنّ عليًّا تختّم في اليسار. قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي قال: أخبرنا معتمر عن أبيه عن أبي إسحاق الشيباني قال: قرأتُ نقش خاتم عليّ بن أبي طالب في صُلح أهل الشأم: محمّد رسول الله. قال: أخبرنا الحسن بن موسى الأشْيب وعمرو بن خالد المصريّ قالا: أخبرنا زهير عن جابر الجُعْفيّ عن محمّد بن عليّ قال: كان نقش خاتم عليّ: الله الملك. قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن جابر عن محمّد بن عليّ قال: كان نقش خاتم عليّ: الله الملك. أخبرنا مالك بن إسماعيل النهديّ قال: أخبرنا جعفر بن زياد عن الأعمش عن أبي ظَبْيَان قال: خرج علينا عليّ في إزارٍِ أصفر وخميصةٍ سوداء. الخميصة شبه البَرْنَكان.)) الطبقات الكبير. ((أحسن ما رأيت في صفة عليّ رضي الله عنه أنه كان رَبْعة من الرّجال إلى القصر ما هو، أدعج العينين، حسن الوجه، كأنه القمر ليلة البدر حُسْنًا، ضخْم البطن، عريض المنكبين، شثن الكفَّين عَتَدًا أغيد، كأن عنقه إبريق فضةٍ، أصلع ليس في رأسه شعر إلا من خلفه، كبير اللّحية، لمنكبه مُشاش كمشاش السّبع الضاري، لا يتبيّن عضده من ساعده، قد أدمجت إدماجًا؛ إذا مشى تكفّأ، وإذا أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه فلم يستطع أن يتنفّس، وهو إلى السّمن ما هو، شديد السَّاعد واليد، وإذا مشى للحرب هَرْوَل، ثبت الجنان، قويّ شجاع، منصور على من لاقاه.)) ((حدّثنا وكيع، عن سُفيان، عن الأجلح، عن ابن أبي الهُذيل، قال‏:‏ رأيت علَى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قميصًا رازيًا إِذا أرخى كمَّه بلغ أطراف أصابعه، وإذا أطلقه صار إِلى الرّسغ‏.)) ((سئل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن صفة عليّ رضي الله عنه فقال‏: كان رَجْلًا آدم شديدَ الأدمة، مقبل العينين عظيمهما، ذا بَطنِ، أصْلع، ربعة إلى القصر، لا يخضب‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال محمد بن سعد: حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا أَبو عوانة، عن مغيرة، عن قدامة ابن عَتّاب قال: كان علي ضخم البطن، ضخم مُشَاش المنكب، ضخم عَضَلة الذراع، دقيق مستدقها، ضخم عضلة الساق، دقيق مستدقها ـــ قال: ورأَيته يخطب في يوم من الشتاءِ، عليه قميص وإِزار قطْرِيَّان مُعَتّم بشيءٍ مما ينسج في سوادكم. وقال ابن أَبي الدنيا: حدثني أَبو هُرَيرة، حدثنا عبد اللّه بن داود، حدثنا مدرك أَبو الحجاج قال: رأَيت عليًا يخطب، وكان من أَحسن الناس وجهًا. وقيل: كان كأَنما كسر ثم جُبِرَ، لا يغير شيبه، خفيف المشْيِ، ضحوك السِّن.)) أسد الغابة.
((إِسْلَامُهُ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ: أَنبأَنا أَبو جعفر عبيد اللّه بن أَحمد بن علي بإِسناده إِلى يونس بن بُكير عن ابن إِسحاق قال: ثم إِن علي بن أَبي طالب جاءَ بعد ذلك بيوم ـــ يعني بعد إِسلام خديجة وصلاتها معه ـــ قال: فوجدهما يصليان، فقال علي: يا محمد، ما هذا؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "دين الله الذي اصطفى لنفسه، وبَعَث به رسله، فأَدعوك إِلى الله وإِلى عبادته وكُفْر باللات والعزى". فقال له علي: هذا أَمر لم أَسمع به قبل اليوم، فلست بقاضٍ أَمرًا حتى أُحدّث أَبا طالب. فكره رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَن يفشي عليه سره قبل أَن يَسْتَعِلنْ أَمرَه، فقال له: "يَا عَلِيُّ، إِنْ لَمْ تُسْلِمْ فَاكْتُمْ". فَمَكَثَ عَلِيٌّ تِلْكَ الْلَّيْلَةَ، ثُمَّ إِنَّ الله أَوْقَعَ فِي قَلْبِ عَليِّ الْإِسْلَامَ، فَأصْبَحَ غَادِيًا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم حَتَّى جَاءَهُ فَقَالَ: مَاذَا عَرَضْتَ عَلَيَّ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "تَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَتَكْفُرُ بِالْلَّاتِ وَالْعُزَّى، وَتَبْرَأْ مِنَ الْأَنْدَادِ". فَفَعَلَ عَلِيُّ وَأَسْلَمَ، وَمَكَثَ عَلِيُّ يَأْتِيهِ سِرًّا خَوْفًا مِنْ أَبِي طَالِبٍ، وَكَتَمَ عَلِيُّ إِسْلَامَهُ. وَكَانَ مِمَّا أَنْعَمَ الله بِهِ عَلَى عَلِيِّ أَنَّهُ رُبِّي فِي حِجْرِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم قَبْلَ الْإِسْلَامِ(*) أخرجه ابن حبان في صحيحه حديث رقم 2110 والدارمي في السنن 1/10، والطبراني في الكبير 2/93 وأورده الهيثمي في الزوائد 8/295، 9/65 والبيهقي في دلائل النبوة 2/161 والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 36865.. قال يونس عن ابن إِسحاق قال: حدثني عبد اللّه بن أَبي نجيح قال: رواه عن مجاهد قال: أَسلم علي وهو ابن عشر سنين. أَنبأَنا إِبراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغير واحد بإِسنادهم إِلى أَبي عيسى محمد ابن عيسى الترمذي عن محمد بن حميد عن إِبراهيم بن المختار، عن شعبة عن أَبي بَلْج عن عَمْرو بن ميمون عن ابن عباس، قال: "أَوّل من أَسلم علي ومثله روى مقسم عن ابن عباس واسم أَبي بلج: يحيى بن أَبي سليم. قال: وحدثنا أَبو عيسى، حدثنا إِسماعيل بن موسى، حدثنا علي بن عابس، عن سليم المُلائَي، عن أَنس بن مالك قال: "بعث النبي صَلَّى الله عليه وسلم يوم الاثنين. وأَسلم عَلِيّ يوم الثلاثاءِ" أخرجه الترمذي في السنن 5/598 كتاب المناقب (50) باب (21) حديث رقم 3728.. قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن بشار وابن مثنى قالا: حدثنا محمد ابن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مُرَّة، عن أَبي حَمْزة رجل من الأَنصار، عن زيد ابن أَرقم قال: "أَوّل من أَسلم علي" أخرجه الترمذي في السنن 5/600 كتاب المناقب (50) باب مناقب علي رضي اللّه عنه (21) حديث رقم 3735. ـــ قال عمرو بن مرة: فذكرت ذلك لإِبراهيم النخعي، فأَنكره وقال: "أَوّل من أَسلم أَبو بكر". وأَبو حمزة اسمه: طلحة بن يزيد. أَنبأَنا أَبو الفضل بن أَبي الحسن بن أَبي عبد الله المخزومي بإِسناده عن أَحمد بن علي: حدثنا أَو هشام الرفاعي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الأَجلح، عن سلمة بن كُهَيل، عن حَبَّة بن جُوَين، عن علي قال: لم أَعلم أَحدًا من هذه الأُمة عَبَدَ الله قبلي، لقد عبدته قبل أَن يعبده أَحد منهم خمس سنين، أَو سبع سنين أخرجه أحمد في المسند 1/99 عن أبي سعيد مولى بني هاشم وأورده الهيثمي في الزوائد 9/105 وقال رواه أحمد وأبو يعلى باختصار والبزار والطبراني في الأوسط وإسناده حسن.. رواه إِسماعيل بن إِبراهيم بن بسام، عن شُعَيب بن صفوان، عن الأَجلح، نحوه. أَنبأَنا عبد اللّه بن أَحمد الطوسي الخطيب بإِسناده عن أَبي داود الطيالسي: حدثنا شعبة، حدثنا سلمة بن كُهَيل بن حَبَّة العُرَني قال: سمعت عليًا يقول: أَنا أَول من صلى مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم. وأَنبأَنا أَبو الطيب محمد بن أَبي بكر بن أَحمد المعروف بكلي الأَصبهاني كتابة، وحدثني به عثمان بن أَبي بكر بن جَلْْْْدَك الموصلي، عنه، أَخبرنا أَبو علي الحداد، أَنبأَنا أَحمد بن عبد اللّه بن إِسحاق، أَنبأَنا سليمان بن أَحمد بن أَيوب، حدثنا ابن عبد الأَعلى الصنعاني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا الثوري، عن سلمة بن كُهَيل، عن أَبي صادق، عن عُلَيم الكندي، عن سلمان الفارسي قال: أَوّل هذه الأُمة ورودًا على نبيها أَوّلها إِسلامًا، علي بن أَبي طالب أورده الهيثمي في الزوائد 9/105 عن سلمان... وقال الهيثمي رواه الطبراني وفيه عثمان الجزري ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح.. رواه الدَبَرِي عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن قيس بن مسلم. أَنبأَنا ذاكر بن كامل الخَفَّاف، أَنبأَنا الحسن بن محمد بن إِسحاق بن إِبراهيم الباقَرْجِي أَنبأَنا أَبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف المقري العلاف، أَنبأَنا أَبو علي مخلد بن جعفر بن مخلد الباقَرْجِي، حدثنا محمد بن جرير الطبري، حدثنا عبد الأَعلى بن واصل، حدثنا إِسحاق بن إِبراهيم عن عبد الرحمن بن الأَسود، عن محمد بن عبيد اللّه بن عبد الرحمن بن مسلم، عن أَبيه، عن أَبي أَيوب الأَنصاري قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَقَدْ صَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيَّ وَعَلَى عَلِيِّ سَبْعَ سِنِيْنَ، وَذَاكَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ مَعِي رَجُلٌ غَيْرُهُ"(*) أورده السيوطي في اللالئ المصنوعة 1/166 وابن الجوزي في الموضوعات 1/340..)) أسد الغابة. ((رُوي ــ عن سلمان، وأبي ذرّ، والمقداد، وخباب، وجابر، وأبي سعيد الخدريّ، وزيد بن الأرقم ــ أنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أول من أسلم، وفضله هؤلاء على غيره‏. وقال ابن إسحاق‏:‏ أول من آمنَ بالله وبرسوله محمّدٍ صَلَّى الله عليه وسلم من الرّجال عليّ بن أبي طالب. وهو قولُ ابن شهاب، إِلَّا أنه قال: من الرجال بعد خديجة، وهو قول الجميع في خديجة. حدّثنا أحمد بن محمد، قال‏: حدّثنا أحمد بن الفضل، قال: حدّثنا محمد بن جرير، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الدّقاق، قال حدّثنا مفضل بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: لعليٍّ أربعُ خصال ليست لأحدٍ غيره: هو أول عربي وعجميّ صلّى مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو الذي كان لواؤه معه في كل زَحْف، وهو الذي صبر معه يوم فَرَّ عنه غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره‏. وقد مضى في باب أبي بكر الصّديق رضي الله عنه ذكْرُ من قال: إنّ أبا بكر أول من أسلم‏. وروي عن سلمان الفارسيّ أنه قال: أول هذه الأمة وُرُودًا على نبيها عليه الصّلاة والسّلام الحوض، أولها إسلامًا‏: عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه‏.‏ وقد روي هذا الحديث مرفوعًا، عن سلمان، عن النّبي صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال: "‏أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ وُرُودًا عَلَى الْحَوْضِ أَوَّلُهَا إِسْلَامًا: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ"(*) ذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة 1/169، والهيثمي في الزوائد 9/ 105.‏‏. ورفعه أَوْلى؛ لأن مثله لا يدرك بالرأي‏. حدّثنا أحمد بن قاسم، حدّثنا قاسم بن أصبغ، حدّثنا الحارث بن أبي أسامة، حدّثنا يحيى بن هشام، حدّثنا سفيان الثوري، عن سلمة بن كُهيل، عن أبي صادق، عن حنش بن المُعتمر، عن عُلَيم الكنديّ، عن سلمان الفارسيّ، قال قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:‏ ‏"‏أَوَّلُكُمْ وُرُودًا عَلَى الْحَوْضِ أَوَّلَكُمْ [[إِسْلَامًا]]: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏"(*) أخرجه الحاكم في المستدرك 3/136، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة 1/169، والهندي في كنز العمال حديث رقم 32991، وابن حجر في المطالب حديث رقم 3952.. وروى أبو داود الطيّالسي، قال حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بَلْج، عن عمرو بن مَيمون. عن ابن عبّاس، أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لعليّ بن أبي طالب:‏ "أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤمنٍ بَعْدِي".(*) وبه عن ابن عبّاس قال: أول مَنْ صلّى مع النّبي صَلَّى الله عليه وسلم بعد خديجة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما. حدّثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدّثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدّثنا أحمد بن زهير بن حرب، قال: حدّثنا الحسن بن حماد، حدّثنا أبو عَوانة، عن أبي بلج، عن عَمْرو ابن ميمون، عن ابن عبّاس، قال‏: كان علي بن أبي طالب أول من آمن من النّاس بعد خديجة رضي الله عنهما‏. هذا إسناد لا مطعن فيه لأحدٍ لصحته وثقة نقلَتِه، وهو يعارض ما ذكرناه عن ابن عبّاس في باب أبي بكر. والصّحيحُ في أمر أَبي بكر أَنه أَول من أَظهر إسلامه؛ كذلك قال مجاهد وغيره؛ قالوا: ومنعه قومُه. وقال ابن شهاب، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وقتادة وأَبو إسحاق: أَول من أَسلم من الرِّجال علي. واتفقوا على أن خديجة أَول من آمن بالله ورسوله وصدّقه فيما جاء به ثم عليٌّ بعدها. ورُوي في ذلك عن أَبي رافع مثل ذلك، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا قاسم، حدّثنا أحمد بن زهير، قال:‏ حدّثنا عبد السّلام بن صالح، قال:‏ حدّثنا عبد العزيز بن محمد الدرّاوردي، قال حدّثنا عمرو مولى عفرة، قال:‏ سُئل محمد بن كعب القرظي عن أَول من أَسلم: أعلي أَو أَبو بكر رضي الله عنهما؟ قال:‏ سبحان الله! عليّ أَولهما إسلامًا، وإنما شُبِّه على النّاس لأن عليًا أَخفى إسلامه من أَبي طالب، وأَسلم أَبو بكر فأظهر إسلامه، ولا شك أَنّ عليًا عندنا أَولهما إسلامًا. وذكر الحسن بن علي الحلوانيّ في كتاب المعرفة له، قال:‏ حدّثنا عبد الله بن صالح، قال:‏ حدّثنا الليث بن سَعد، عن أَبي الأسود محمد بن عبد الرّحمن ــ أنه بلغه أن عليّ بن أبي طالب والزّبير رضي الله عنهما أسلما، وهما ابنا ثماني سنين. هكذا يقول أبو الأسود يتيم عُرْوَة‏. وذكره أيضًا ابن أبي خيثمة، عن قتيبة بن سعد، عن اللّيث بن سَعْد، عن أبي الأسود. وذكره عُمر بن شبَّة، عن الخزاعيّ، عن ابن وهب، عن اللّيث‏. عن أبي الأسود، قال اللّيث‏: وهاجرا وهما ابنا ثمان عشرة سنة، ولا أعلم أحدًا قال بقول أبي الأسود هذا‏. قال الحسن الحلواني:‏ وحدّثنا عبد الرّزّاق، قال:‏ حدّثنا معمر، عن قتادة، عن الحسن؛ قال:‏ أسلم عليّ رضي الله عنه وهو ابن خمس عشرة سنة‏. وأخبرنا خلف بن قاسم بن سهل، قال:‏ حدّثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطّوسي، قال:‏ حدّثنا أبو العبّاس محمد بن إسحاق بن إبراهيم السّراج، قال: حدّثنا محمد بن مسعود، قال:‏ حدّثنا عبد الرزّاق، حدّثنا معمر، عن قتادة، عن الحسن، قال: أسلم علي ــ وهو أولُ من أسلم ــ وهو ابن خمس أو ست عشرة سنة.‏ قال ابن وضاح: ما رأيت أحدًا قط أعلم بالحديث من محمد بن مسعود. ولا أعلم بالرّأْي من سحنون. وقال ابن إسحاق:‏ أول ذَكَرٍ آمن بالله ورسوله عليّ بن أبي طالب وهو يومئذ ابن عشر سنين‏. قال أبو عمر‏: قيل: أسلم علي وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل:‏ ابن اثنتي عشرة سنة. وقيل:‏ ابن خمس عشرة.‏ وقيل:‏ ابن ستّ عشرة، وقيل ابن عشر.‏ وقيل ابن ثمان. ذكر عمر بن شبة، عن المدايني، عن ابن جُعْدُبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أسلم علي وهو ابن ثلاث عشرة سنة.)) ((قال: وأخبرنا الحزامي، قال ابن وهب‏: أخبرني اللّيث بن سعد، عن أبي الأسود، قال: أسلم علي والزّبير وهما ابنا ثمان عشرة سنة. وذكر عبد الرّزّاق، عن معمر في جامعه، عن قتادة، عن الحسن وغيره قالوا: أول من أسلم بعد خديجة علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ وهو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة.‏ وحدّثنا معمر، عن عثمان الخوزي، عن مقسم، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال: أول من أسلم عليّ رضي الله عنه. وذكر أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدّثنا شُريح بن النّعمان، قال: حدّثنا الفرات بن السّائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أسلم علي بن أبي طالب وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وتُوفِّي وهو ابن ثلاث وستّين سنة. قال أبو عمر رحمه الله: هذا أصح ما قيل في ذلك. وقد روي عن ابن عمر مِنْ وَجْهين جيّدين. ورُوي عن ابن فُضيل، عن الأجلح، عن سلمة بن كُهَيل، عن حبَّة بن الجوين العُرَني، قال: سمعت عليًا رضي الله عنه يقول: لقد عَبدتُ الله قبل أن يعبده أحدٌ من هذه الأمّة خمس سنين. وروى شُعبة عن سلمة بن كُهَيل، عن حَبَّة العُرَني قال: سمعت عليًّا يقول: أنا أول من صلّى مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. وقال سالم بن أبي الجعد: قلت لابن الحنفيّة: أبو بكر كان أولهم إسلامًا؟ قال: لا. وروى مُسلم الْمُلَائي، عن أنس بن مالك، قال: [[استُنْبئ]] النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلّى عليّ يوم الثّلاثاء.(*) وقال زيد بن أرقم: أوّل من آمن بالله بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طَالب. ورُوي حديث زيد بن أرقم من وُجوهٍ ذكرها النّسائيّ، وأسد بن موسى، وغيرهما، منها ما حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا قاسم، حدّثنا أحمد بن زهير، حدّثنا علي ابن الجعد، حدّثنا شعبة، قال: أخبرني عَمْرو بن مرة، قال: سمعت أبا حمزة الأنصاريّ قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: أول من صلّى مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه. وحدّثنا عبد الوارث، حدّثنا قاسم، حدّثنا أحمد بن زهير بن حرب، حدّثنا أبي، قال: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدّثنا يحيى ابن أبي الأشعث، عن إسماعيل بن إياس، عن عفيف الكنديّ، عن أبيه، عن جدّه، قال لي: كنْتُ امرءًا تاجرًا، فقدمتُ الحجَّ، فأتيت العبّاس بن عبد المطلّب [[لأبتاع]] منه بعضَ التِّجارة، وكان امرءًا تاجرًا، فوالله إني لعنده بمنًى إذ خرج رجلٌ من خَبْءٍ قريب منه، فنظر إلى الشمس، فلما رآها قد مالت قام يصلي. قال: ثم خرجت امرأة من ذلك الَخْبء الذي خرج منه ذلك الرجل، فقامت خَلْفه تصلّي، ثم خرج غلام قد راهق الحلم من ذلك الخَبْء، فقام معهما يصلّي، فقلت للعبّاس:‏ مَنْ هذا يا عبّاس؟ قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي. قلت: مَنْ هذه المرأة؟ قال: هذه امرأته خديجة بنت خويلد‏. قلت: مَنْ هذا الفتى؟ قال: عليّ بن أبي طالب ابن عمّه. قلت: ما هذا الذي يصنع؟ قال: يصلّي، وهو يزعم أنه نبيّ ولم يتبعه فيما ادَّعى إلا امرأَته وابن عمه هذا الغلام، وهو يزعم أنه سيفتح عليه كنوزُ كسرى وقَيْصر‏. وكان عفيفٌ يقول: قد أسلم بعد ذلك، وحَسُن إسلامه، لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ فأكون ثانيًا مع عليّ‏. وقد ذكرنا هذا الحديث من طُرق في باب عفيف الكنديّ من هذا الكتاب، والحمد لله. وقال عليّ رضي الله عنه. صلّيْتُ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كذا وكذا لا يُصَلِّي معه غيري إلا خديجة)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال عفّان بن مسلم: أوّل من صلّى. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا إبراهيم بن نافع وإسحاق بن حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: أوّل من صلّى عليّ وهو ابن عشر سنين. قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عمرو بن عبد الله بن عنبسة عن عُمارة بن غَزِيّة عن محمّد بن عبد الرّحمن بن زُرارة قال: أسلم عليّ وهو ابن تسع سنين. قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أُويس، حدّثني أبي عن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب أن عليّ بن أبي طالب حين دعاه النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، إلى الإسلام كان ابن تسع سنين، قال الحسن بن زيد: ويقال دون التسع سنين، ولم يعبد الأوثان قطّ لِصِغَرِه. قال: أخبرنا يزيد بن هارون وسليمان أبو داود الطيالسيّ قالا: قال أخبرنا شُعبة عن سَلَمَة بن كُهيل عن حبّة العُرَني قال: سمعتُ عليًّا يقول: أنا أوّل من صلّى، قال يزيد: أو أسلم. قال: أخبرنا يحيَى بن حمّاد البصريّ قال: قال أخبرنا أبو عُوانَة عن أبي بَلْج عن عمرو ابن ميمون عن ابن عبّاس قال: أوّل من أسلم من النّاس بعد خديجة عليّ. قال محمّد بن عمر: وأصحابنا مجمعون أنّ أوّل أهل القبلة الذي استجاب لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خديجة بنت خويلد ثمّ اختُلف عندنا في ثلاثة نفر أيـّهم أسلم أوّلًا، في أبي بكر وعليّ وزيد بن حارثة، وما نجد إسلام عليّ صحيحًا إلا وهو ابن إحدى عشرة سنة.)) الطبقات الكبير.
((هِجْرَتُهُ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ: أَنبأَنا عبيد اللّه بن أَحمد بإِسناده، عن يونس بن بكير، عن ابن إِسحاق قال: وأَقام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ـــ يعني بعد أَن هاجر أَصحابه إِلى المدينة ـــ ينتظر مجيءَ جبريل عليه السلام وأَمره له أَن يخرج من مكة بإِذن الله له في الهجرة إِلى المدينة، حتى إِذا اجتمعت قريش فمكرت بالنبي، وأَرادوا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما أَرادوا، أَتاه جبريل عليه السلام وأَمره أَن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيْه، فدعا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم علي بن أَبي طالب فأَمره أَن يبيت على فراشه، ويَتَسجَّى ببُرد له أَخضر، ففعل، ثم خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على القوم وهم على بابه. قال ابن إِسحاق: وتتابع الناس في الهجرة، وكان آخر من قدم المدينة من الناس ولم يفتن في دينه علي بن أَبي طالب وذلك أَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَخره بمكة، وأَمره أَن ينامَ على فراشه وأَجله ثلاثًا، وأَمره أَن يؤدي إِلى كل ذي حق حقه ففعل. ثم لحق برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. أَنبأَنا أَبو محمد بن أَبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي إِجازة: أَنبأَنا أُبيَّ أَنبأَنا أَبو الأَغر قَرَاتِكِين بن الأَسعد، حدثنا أَبو محمد الجوهري، حدثنا أَبو حفص بن شاهين، حدثنا أَحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، حدثنا أَحمد بن يوسف، حدثنا أَحمد بن يزيد النخعي، حدثنا عبيد اللّه بن الحسن، حدثني معاوية بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن أَبي رافع، عن أَبيه، عن جدّه عن أَبي رافع (ح) قال عبيد اللّه بن الحسن: وحدثني محمد بن عبيد اللّه بن علي بن أَبي رافع، عن أَبيه، عن جدّه، عن أَبي رافع في هجرة النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: وخلفه النبي صَلَّى الله عليه وسلم ـــ يعني خَلَف عليًا ـــ يخرج إِليه بأَهله، وأَمره أَن يؤدي عنه أَمانته ووصايا من كان يوصي إِليه، وما كان يؤتَمَن عليه من مال، فأَدّى عليٌّ أَمانته كلها، وأَمره أَن يضطَّجع على فراشه ليلة خرج، وقال: "إِنَّ قُرَيْشًا لَمْ يَفْقِدُونِي مَا رَأَوْكَ". فاضطجع على فراشه، وكانت قريش تنظر إِلى فراشِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم فيرون عليه عليًا، فيظنونه النبي صَلَّى الله عليه وسلم، حتى أَذا أَصبحوا رأَوا عليه عليًا، فقالوا: لو خرج محمد لخرج بعليٍّ معه، فحبسهم الله بذلك عن طلب النبي حين رأَوا عليًا، وأَمر النبي صَلَّى الله عليه وسلم عليًا أَن يلحقه بالمدينة، فخرج علي في طلبه بعدما أَخرج إِليه أَهله يمشي الليل ويكمُن النهار، حتى قدم المدينة. فلما بلغ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم قدومُه قال: "ادعوا لي عليًا". قيل: يا رسول الله، لا يقدر أَن يمشي. فأَتاه النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآه اعتنَقَهُ وَبَكى، رَحْمَةً لِمَا بِقَدَمَيْهِ مِنَ الْوَرَمِ، وَكَانَتَا تَقْطِرَانِ دَمًا، فَتَفَلَ الْنَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم فِي يَدَيْهِ، وَمَسَحَ بِهِمَا رِجْلَيْهِ، وَدَعَا لَهُ بِالْعَافِيَةِ فَلَمْ يَشْتَكِهِمَا حَتَّى اسْتَشْهَدَ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ.(*))) ((آخاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مرتين، فإِن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين، ثم آخى بين المهاجرين والأَنصار بعد الهجرة، وقال لعلي في كل واحدة منهما: "أَنت أَخي في الدنيا والآخرة"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/595 كتاب المناقب (50)باب 21 حديث رقم 3720 والحاكم في المستدرك 3/ 14 وأورده ابن حجر في الفتح 7/71 والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 32879..)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، حدّثني عبد الله بن محمّد عن أبيه عن عُبيد الله بن أبي رافع عن عليّ قال: لما خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى المدينة في الهجرة أمرني أن أقيم بعده حتى أُؤدّيَ ودائع كانت عنده للنّاس، ولذا كان يسمّى الأمين، فأقمتُ ثلاثًا فكنتُ أظْهَرُ، ما تغيّبْتُ يومًا واحدًا، ثمّ خرجْتُ فجعلتُ أتبع طريق رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى قدمْت بني عمرو بن عوف ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مقيم فنزلت على كلثوم بن الهِدْم وهنالك منزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عاصم بن سُويد من بني عمرو بن عوف عن محمّد بن عمارة بن خُزيمة بن ثابت قال: قدم عليّ للنصف من شهر ربيع الأوّل ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بقُباءَ لم يَرمْ بعد. قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ عن أبيه قال: لما قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، آخى بين المهاجرين بعضهم لبعض، وآخى بين المهاجرين والأنصار، فلم تكن مؤاخاةٌ إلا قبل بدر، آخى بينهم على الحقّ والمؤاساة، فآخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بينه وبين علي بن أبي طالب.(*) قال: أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن أبي فُديك عن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ عن أبيه أن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، حين آخى بين أصحابه وضع يده على منكب عليّ ثمّ قال: "أنت أخي تَرِثُني وأرِثُكَ": فلمّا نزلت آية الميراث قَطعت ذاك.(*) قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن محمّد بن إبراهيم عن أبيه، قال محمّد بن عمر: وأخبرنا عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون وسعد بن إبراهيم، قال محمّد ابن عمر: وأخبرنا محمّد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قالوا: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين علي بن أبي طالب وسهل بن حُنيف.(*))) الطبقات الكبير. ((أَنبأَنا أَبو العباس أَحمد بن عثمان بن أَبي علي الزرزاري إِسناده إِلى الأُستاذ أَبي إِسحاق أَحمد بن محمد بن إِبراهيم الثعلبي المفسر قال: رأَيت في بعض الكتب أَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لما أَراد الهجرة، خلف علي بن أَبي طالب بمكة لقضاءِ ديونه ورَدّ الودائع التي كانت عنده، وأَمره ليلة خرج إِلى الغار وقد أَحاط المشركون بالدار، أَن ينام على فراشه، وقال له: " اتَّشِحْ بِبُرْدي الحَضْرَمِيِّ الْأَخْضَرِ، فَإِنَّهُ لاَ يَخْلُصُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مَكْرُوهٌ، إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى". فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَأَوْحَى الله إِلَى جِبْرِيْلَ وَمِيْكَائِيلَ عَلَيْهِمَا الْسَّلَامُ أَنِّي آخَيْتُ بَيْنَكُمَا، وَجَعَلْتُ عُمْرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمْرِ الآخَرِ، فَأَيُّكُمَا يُؤْثِرُ صَاحِبَهُ بِالْحَيَاةِ؟ فَاخْتَارَا كِلَاهُمَا الْحَيَاةَ، فَأَوْحَى الله عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمَا: أَفَلَا كُنْتُمَا مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟! آخَيْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَبِييِّ مُحَمَّدٍ، فَبَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، يَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ، وَيُؤْثِرُهُ بِالْحَيَاةِ، اهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ. فَنَزَلاَ، فَكَانَ جِبْرِيْلُ عِنْدَ رَأْسِ عَلِيٍّ، وَمِيكَائِيْلُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَجِبْرِيْلُ يُنَادِي: بَخٍ بَخٍ! مِنْ مِثْلُكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يُبَاهِي الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الْمَلَائِكَةُ!!؟ فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْمَدِيْنَةِ فِي شَأْنِ عَلِيٍّ: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة / 207].))
((شُهُودُهُ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ بَدْرًا وَغَيْرَهَا: أَنبأَنا أَبو جعفر بن السمين بإِسناده إِلى يونس بن بُكَير عن أَبي إِسحاق، في تسمية من شهد بدرًا من قريش، ثم من بني هاشم قال. "وعلي بن أَبي طالب، وهو أَول من آمن به". وأَجمع أَهل التاريخ والسند على أَنه شهد بدرًا وغيرها من المشاهد، وأَنه لم يشهد غزوة تبوك لا غير، لأَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خَلَفه على أَهله. أَنبأَنا أَبو عبد اللّه محمد بن محمد بن سرايا الفقيه وغير واحد بإِسنادهم إِلى محمد بن إِسماعيل: حدثنا أَحمد بن سعيد أَبو عبد اللّه حدَّثنا إِسحاق بن منصور السَّلُولي، حدثنا إِبراهيم بن يوسف، عن أَبيه، عن أَبي إِسحاق قال: سأَل رجل البراءَ وأَنا أَسمع: أَشهد عليُّ بدرًا؟ قال: بارز وظاهر صحيح البخاري 5/96 كتاب المغازي.. أَخبرنا يحيى بن محمود، أَنبأَنا عم جدي أَبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي، أَنبأَنا أَبو طاهر عم والدي وأَبو الفتح، قالا: أَنبأَنا أَبو بكر بن زاذان، حدَّثنا أَبو عروبة، حدثنا أَبو رفاعة، حدَّثنا محمد بن الحسن ـــ يعرف بالهُجَيْميَ حدثنا أَبو عوانة، عن الأَعمش، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن سعد قال: لقد رأَيته ــ يعني عليًا ـــ يخطِر بالسيف هام المشركين يقول:

سَنَحْنَحُ الْلَّيْلِ كأَنّي جِنِّي.
أَنبأَنا أَبو أَحمد عبد الوهاب بن علي الأَمين أَنبأَنا أَبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أَحمد بن سليمان، أَنبأَنا أَبو الفضل أَحمد بن الحسن بن صرون، وأَبو طاهر أَحمد بن الحسن بن أَحمد الباقلاني كلاهما إِجازة قالا: أَنبأَنا أَبو الحسن بن أَحمد بن شاذان، قال: قُرِىءَ على أَبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أَبي طالب، قال جدي أَبو الحسين يحيى بن الحسن ابن جعفر قال: كتب إِليَّ محمد بن علي ومحمد بن يحيى يخبراني، عن محمد بن الجنيد، حدثنا حصن بن جنادة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: لقد أَصابت عليًا يوم أَحُد ستَّ عشرة ضربة كل ضربة تلزمه الأَرض، فما كان يرفعه إِلا جبريل عليه السلام. قال: وحدثنا جدي حدثنا بكر بن عبد الوهاب، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا إِسماعيل بن عياش الحمصي، عن يحيى بن سعيد، عن ثعلبة بن أَبي مالك قال: كان سعد بن عبادة صاحب راية رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في المواطن كلها فإِذا كان وقت القتال أَخذها علي بن أَبي طالب. أَنبأَنا أَبو محمد القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ. أَنبأَنا أَبي، أَنبأَنا أَبو الحسين بن الفراءِ وأَبو غالب وأَبو عبد اللّه، أَنبأَنا البناءُ قالوا: حدثنا أَبو جعفر بن المسلمة، أَنبأَنا أَبو طاهر المخلص، حدثنا أَحمد بن سليمان، حدثنا الزبير بن بكار قال: وله يعني لعلي بن أَبي طالب ــ يقول أَسِيد بن أَبي أناس بن زُنَيم، وهو يحرض مشركي قريش على قتله ويعيّرهم: [الكامل]

في كُلّ مَجْمَع ِ غَايَةٍ أَخْزَاكُـمُ جَذَعٌ أَبَرُّ عَلَى الْمذَاكِي الْـقُـرَّحِ

لله
دَرُّكُمُ أَلَمَّا
تُنْكِرُوا قَدْ يُنْكِرُ الْحَيُّ الْكَرِيـْمُ وَيَسْتَحِـي

هَذا ابْنُ فَاطِمَةَ الَّذِي أَفْنَاكُـمُ ذَبْحًا، وَقِتْلَةَ قِعْصَـةٍ لَـمْ تُـذْبَـح

أَعْطَوْهُ خُرْجًا وَاتَّقُوا بِضَرِيْبَةٍ فِعْلَ الْذَّلِيلِ
وَبَيْعَـة َ لَـم ْ تَـرْبَـحِ

أَيْنَ الْكُهُولُ؟ وَأَيْنَ كُلُّ دَعَامَـةٍ فِي الْمُعْضِلاَتِ؟وَأَيْنَ زَينُ الأَبْطُحِ

أَفْنَاهُمُ قَعْصًا وَضَرْبًا يفـري بِالْسَّيْفِ يُعْمِلُ حَـدَّهُ لَـمْ يُصْفَـحِ
أَنبأَنا أَبو الفضل المنصور بن أَبي الحسن المديني بإِسناده عن أَحمد بن علي بن المثنى: حدثنا أَبو موسى، حدثنا محمد بن مروان العقيلي، عن عُمَارة بن أَبي حفصة، عن عكرمة قال: قال علي: لما تخلى الناس عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يوم أُحد نظرت في القتلى فلم أَر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقلت: والله ما كان ليفرّ وما أَراه في القتلى، ولكن الله غَضِب علينا بما صنعنا فَرَفَعَ نبيه، فما فيّ خير من أَن أَقاتل حتى أُقتل، فكسرت جَفن سيفي، ثم حملت على القوم فأَفرجوا لي، فإِذا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بينهم. أَنبأَنا أَبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله الدمشقي، أَنبأَنا أَبو العشائر محمد بن الخليل القيسي، أَنبأَنا أَبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أَبي العلاء المَصيصي، أَنبأَنا أَبو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم، أَنبأَنا أَبو إِسحاق إِبراهيم بن محمد بن أَبي ثابت، حدثنا يحيى بن أَبي طالب، أَنبأَنا زيد بن الحباب، حدثنا الحسين بن وافد عن عبد اللّه بن بُرَيدة، عن أَبيه قال: لما كان يوم خيبر أَخذ أَبو بكر اللواءَ، فلما كان من الغد أَخذه عمر ـــ وقيل: محمد بن مسلمة ـــ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَأَدْفَعَنَّ لِوَائِي إِلَى رَجُلٍ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يَفْتَحَ الله عَلَيْهِ"، فَصَلَّى رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم صَلَاةَ الغَدَاةِ، ثُمَّ دَعَا بِالْلِّوَاءِ، فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَمَسَحَهُمَا ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ الْلِّوَاءَ فَفَتَحَ ـــ قَالَ: فَسَمِعْتُ عَبْدَ الْلَّهِ بْنَ بُرَيْدَةَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مَرْحَبٍ ـــ يَعْنِي عَلِيًّا(*) أخرجه البخاري في الصحيح 4/65، 73 كتاب المغازي (38)باب غزوة خيبر، ومسلم في الصحيح 4/1871 كتاب فضائل الصحابة (44) باب فضائل علي بن أبي طالب (4) حديث رقم (33/2405) والترمذي في السنن 5/596 كتاب المناقب (50) باب (21) حديث رقم 3724 وأحمد في المسند 4/52، والبيهقي في السنن الكبرى 9/131.. وأَخباره في حروبه كثيرة لا نطوّل بذكرها.)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن محمّد بن إبراهيم عن أبيه قال: كان عليّ بن أبي طالب يوم بدر مُعْلِمًا بصوفة بيضاء.)) ((قال: قال محمّد بن عمر: وكان عليّ ممّن ثَبَتَ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يوم أُحُدٍ حين انهزم النّاس، وبايعه على الموت، وبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سريّة إلى بني سعد بفَدَك في مائة رجل، وكان معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث يومَ فتْح مكّة، وبعثه سريّة إلى الفُلُس إلى طَيِّئ، وبعثه إلى اليمن ولم يتخلّف عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في غزوة غزاها إلا غزوة تبوك خَلّفه في أهله. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا فُضَيْل بن مرزوق عن عطيّة، حدّثني أبو سعيد قال: غزا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، غزوة تبوك وخلَّف عليًّا في أهله، فقال بعضُ النّاس: ما منعه أن يخرج به إلا أنّه كَرِهَ صُحْبَتَه، فبلغ ذلك عليًّا فذكره للنّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "أيا ابن أبي طالب أما ترضى أن تنزل منّي بمنزلة هارون من موسى؟"(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا فِطْر بن خليفة عن عبد الله بن شريك قال: سمعتُ عبد الله بن رُقيم الكنانيّ قال: قدمنا المدينة فلقينا سعد بن مالك فقال: خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى تبوك وخلّف عليًّا، فقال له: يا رسول الله خرجتَ وخلّفْتَني؟ فقال: "أمَا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي؟" (*) قال: أخبرنا عفّان بن مسلم عن حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن زيد عن سعيد ابن المسيّب قال: قلت لسعد بن مالك إني أريد أن أسألك عن حديث وأنا أهابُك أن أسألك عنه، قال: لا تفعل يا ابن أخي، إذا علمتَ أنّ عندي علمًا فسَلْني عنْه ولا تَهَبْني، فقلت قول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لعليّ حين خلّفه بالمدينة في غزوة تبوك، قال قال: أتخلّفني في الخالفة في النساء والصبيان؟ فقال: "أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟" فأدْبَرَ عليّ مسرعًا كأني أنْظُرُ إلى غُبار قدمَيْه يَسْطَعُ، وقد قال حمّاد: فرجع عليّ مسرعًا.(*) قال: وأخبرنا رَوْح بن عُبادة قال: أخبرنا عون عن ميمون عن البراء بن عازب وزيد ابن أرقم قالا: لما كان عند غزوة جَيْش العُسْرة وهي تبوك قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لعليّ بن أبي طالب: "إنّه لا بدّ من أن أقيم أو تقيم"، فخلّفه، فلمّا فصل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، غازيًا قال ناس: ما خلّف عليًّا إلا لشيءٍ كرهَهُ منه. فبلغ ذلك علِيًّا فاتّبع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى انتهى إليه، فقال له: "ما جاء بك يا عليّ؟" قال: لا يا رسول الله إلا أني سمعتُ ناسًا يزعمون أنّك إنّما خَلّفتَني لشيء كرِهتَهُ منّي، فتضاحك رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقال: "يا عليّ أما ترضى أن تكون منّي كهارون من موسى غيرَ أنّك لستَ بنبيّ؟" قال: بلى يا رسول الله. قال: "فإنّه كذلك".(*) أخبرنا روح بن عُبادة قال: أخبرنا بسطام بن مسلم عن مالك بن دينار قال: قلتُ لسعيد بن جُبير: مَنْ كان صاحب راية رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: إنّك لرِخْوُ اللَّبَب. فقال لي معبد الجُهَني: أنا أُخبرك، كان يحملها في المسير ابن ميسرة العبسيّ فإذا كان القتال أخذها عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه.)) الطبقات الكبير. ((شهد بَدْرًا والحديبية، وسائرَ المشاهد، وأنه أَبلى ببدر وبأُحد وبالخندق وبخيبر بلاءً عظيمًا، وأنه أغنى في تلك المشاهد، وقام فيها المقام الكريم. وكان لواء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بيده في مواطن كثيرة، وكان يوم بدر بيده على اختلافٍ في ذلك. ولما قُتل مصعب ابن عُمير يوم أُحد، وكان اللّواءُ بيده دفعه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى علي رضيّ الله عنه. وقال محمد بن إسحاق: شهد عليّ بن أبي طالب بَدْرًا، وهو ابن خمس وعشرين سنة. وروى ابن الحجاج بن أَرطاة، عن الحكم، عن مِقسم، عن ابن عبّاس، قال: دفع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الرّاية يوم بدرٍ إلى علي وهو ابنُ عشرين سنة.(*) ذكره السّراج في "تاريخه".)) ((حدّثنا عبد الرّحمن بن يحيى، قال:‏ حدّثنا أحمد بن سعيد، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن النّعمان، قال:‏‏ حدّثنا محمد بن علي بن مروان، قال‏ حدّثنا أبو نعيم، قال:‏ حدّثنا معن بن عون، عن أبي صالح الحنفيّ، عن عليّ، قال:‏ قيل لأبي بكر وعلي يوم بَدْر‏: ‏مع أحدكما جبرئيل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل، ملك يشهد القتال ويقف في الصّف، وقد روي أن جبرئيل، وميكائيل عليهما السّلام مع عليّ ــ رضي الله عنه ‏ــ‏. والأول أصحّ إن شاء الله تعالى. روى قاسم وابن الأعرابيّ جميعًا، قالا:‏ حدّثنا أحمد بن محمد البِرْتي القاضي، حدّثنا عاصم بن علي، حدّثنا أبو معشر، عن إبراهيم بن عُبيد بن رفاعة بن رافع الأنصاري، عن أبيه، عن جدّه، قال:‏ أقبلنا من بَدْر ففقَدْنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فنادت الرفاق بعضها بعضًا:‏ أفيكم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فوقفوا حتى جاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ومعه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فقالوا:‏ يا رسول الله، فقَدْناك! فقال‏: ‏"‏إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ وَجَدَ مَغْصًا فِي بَطْنِهِ فَتَخَلَّفْت عَلَيْهِ‏"‏‏(*) ذكره الهيثمي في الزوائد 6/72..)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، أخبرنا أبو بكر بن عيّاش عن نُصير عن سليمان الأحْمسيّ عن أبيه قال: قال عليّ: والله ما نزلتْ آيَةٌ إلا ّوقد علِمتُ فيما نزَلَتْ وأين نزَلَتْ وعلى من نَزَلَتْ! إنّ ربّي وهب لي قلبًا عَقُولًا ولسانًا طَلقًا. أخبرنا عبد الله بن جعفر الرَّقّيّ، أخبرنا عُبَيْد الله بن عمرو عن معمر عن وهب بن أبي دُبَيّ عن أبي الطّفَيْل قال: قال عليّ: سَلُوني عن كتاب الله فإنّه ليس من آية إلاّ وقد عَرَفْتُ بلَيْلٍ نزلَتْ أمْ بنهارٍ، في سهل أم في جبل. أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيّّوب وابن عَوْن عن محمّد قال: نُبّئتُ أنّ عليًّا أبطأ عن بَيْعَةِ أبي بكرٍ فلقيه أبو بكر فقال: أكَرِهتَ إمارتي؟ فقال: لا، ولكنّي آليتُ بيمينٍ أن لا أرتدي بردائي إلاّ إلى الصّلاة حتى أجمعَ القرآنَ! قال: فزعموا أنّه كتبه على تنزيله. قال محمّد: فلو أصيب ذلك الكتابُ كان فيه علم: قال ابن عوْن: فسألتُ عكرمَةَ عن ذلك الكتاب فلم يعرفه. أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن أبي فُديك المدنيّ عن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب عن أبيه: أنه قيل لعليّ: ما لك أكثرَ أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حديثًا؟ فقال: إنّي كنتُ إذا سألتُه أنبأني وإذا سكتَ ابتدأني. أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسيّ قال: أخبرنا شعبة عن سِماك بن حرب قال: سمعتُ عكرمةَ يحدّثُ عن ابن عبّاس قال: إذا حدّثَنا ثِقَةٌ عن عليّ بِفُتْيَا لا نَعْدُوها. أخبرنا وهب بن جرير بن حازم وعمرو بن الهَيْثم أبو قَطَن قالا: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق عن عبد الرّحمن بن يزيد عن علقمة، عن عبد الله قال: كنّا نتحدّث أنّ مِن أقْضَى أهلِ المدينة ابن أبي طالب. أخبرنا عبد الله بن نُمَير الهمدانيّ، أخبرنا إسماعيل عن أبي إسحاق أنّ عبد الله كان يقول: أقضى أهلِ المدينةِ ابن أبي طالب. أخبرنا خالد بن مَخْلَد البَجَليّ، حدّثني يزيد بن عبد الملك بن المّغيرة النّوْفليّ عن عليّ ابن محمّد بن ربيعة عن عبد الرّحمن بن هُرْمُز الأعرج عن أبي هُريرة قال: قال عمر بن الخطّاب: عليّ أقضَانَا. أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا سَيف بن سليمان عن قيس مولى ابن علقمة عن داود بن أبي عاصم الثّقفيّ عن سعيد بن المسيّب قال: خرج عمر بن الخطّاب على أصحابه يومًا فقال: أفتوني في شيء صنعتُه اليومَ! فقالوا: ما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: مَرّتْ بي جاريةٌ لي فأعجبتني فوقعتُ عليها وأنا صائم! قال: فعظّم عليه القوم وعليّ ساكتٌ، فقال: ما تقول يا ابن أبي طالب؟ فقال: جئتَ حَلالًا ويومًا مكان يومٍ! فقال: أنت خيرُهم فَتْوَى. أخبرنا عُبيْد الله بن عمر القواريريّ، أخبرنا مؤمّل بن إسماعيل، أخبرنا سفيان بن عُيَيْنَة، أخبرنا يحيَى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب قال: كان عمر يتعوّذ بالِله من معضِلةٍ ليس فيها أبو حسن! أخبرنا يَعْلى بن عُبَيْد وعبد الله بن نُمير قالا: أخبرنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جُبَيْر عن ابن عبّاس قال: خطبَنَا عمرُ فقال: عليّ أقضانا وأُبَيّ أقرَؤنا وإنّا لَنَترُْكُ أشياءَ مِمّا يقول أُبَيّ، إن أُبيًا يقول: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ولا أدعُ قول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقد نزل بعد أُبَيّ كتابٌ. أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال أخبرنا شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مُليكة عن ابن عبّاس قال: قال عمر: أقضانا عليّ، وأقرؤنا أُبَيّ. أخبرنا الفضل بن دُكين أبو نُعَيم، أخبرنا إسرائيل عن سِماك عن عكرمة عن ابن عبّاس قال: قال عمر عليّ أقضانا وأُبَيّ أقرؤنا وإنّا لنرغب عن كثير من لَحْن أُبَيّ. أخبرنا عبد الله بن نمير، أخبرنا إسماعيل عن سعيدبن جُبير قال: قال عمر عليّ أقضانا وأُبَيّ أقرؤنا. أخبرنا محمد بن عُبَيْد الطنافسيّ، أخبرنا عبد الملك، عن عطاء قال: كان عمر يقول عليّ أقضانا للقضاء وأُبَيّ أقرؤنا للقرآن.)) ((نزل الكوفة في الرحبة التي يُقال لها رحبة عليّ في أخصاص كانت فيها ولم ينزل القصر الذي كانت تنزله الولاة قبله)) الطبقات الكبير. ((قال الفضل بن عبّاس بن عُتبة بن أبي لهب‏: [البسيط] ‏

مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الأَمْر مُنْصرَفٌ عَنْ هَاشِمٍ ثُمَّ مِنْها عَنْ أَبِي الحَسَن

أَلَيْـسَ أَوَّلَ مَنْ
صَلَّـى
لِقْبلَتِكُـمْ وَأَعْلَمَ
النـَّاسِ بِالقُـرْآنِ وَالسُّنَـن

وزاد أبو الفتح: [البسيط]‏ ‏

وَآخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِالنَّبـيِّ وَمَنْ جِبْرِيلُ عَوْنٌ لَهُ فِي الغُسْلِ وَالكَفَنِ

مَنْ فِيهِ مَا فِيهِم لَا تَمْتَـرُونَ بِـهِ وَلَيْسَ فِي القَوْمِِ مَا فِيهِ مِنْ الحَسَنِ

ومن أبيات لخزيمة بن ثابت بصفّين: [الخفيف]

كُـلُّ خَيْرٍ يزينُهُـمْ فَهُوَ فِيهِ وَلَـهُ دُونَهُمْ خِصَـالٌ تَزِينُهْ

وقال إسماعيل بن محمد الحميري من شعر له: [البسيط]

سِائِلْ قُرَيشًا بِهِ إِنْ كُنْتَ ذَا عَمَـهٍ مَنْ كَانَ أَثْبَتَهَا فِي الدِّينِ أَوْتَـادَا

مَنْ كَانَ أَقْدَمَ
إِسْلَاَمًـا وَأَكْثَـرَهَا عِلْمًا وأَطْهَرَهَـا
أَهْـلًا وَأَوْلَادَا

مَنْ وَحّـدَ اللَّهَ إِذْ كَانَـْت مُكَذِّبَـةً تَدْعُو مَـعَ اللَّهِ
أَوْثَانَـا وَأَنْـدَادَا

مَنْ كَانَ يُقْدِمُ فِي الهَيْجَاءِ إِنْ نَكَلُوا عَنْهَا وَإِنْ يَبْخَلُوا فِي أَزْمَةٍ جَـادَا

مَنْ كَانَ أَعْدَلَهَا حُكْمًا وَأَبْسَطَهـا عِلْمًا وَأَصْدَقَهَـا وَعْـدًا وَإِيعَـادَا

إِنْ يَصْدُقُوكَ فَلَنْ يَعْدُوا أَبَا حَسَـنٍ إِنْ أَنْتَ لَمْ تَلْقَ لِلأَبْـرَارِ حُسَّـادَا

إِنْ أَنْتَ لَمْ تَلْقَ أَقْوَامًا ذَوِي صَلَفٍ وَذَا عِنَـادٍ لَحِـقِّ اللَّهِ جَحَّـادَا)) ((أخبرنا خلف بن قاسم، إِجازةً، قال:‏ حدّثنا علي بن محمد بن إِسماعيل، حدّثنا محمد بن إسحاق السرّاج، حدّثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف، قال:‏ حدّثنا حُصين بن عمر، عن مخارق، عن طارق، قال:‏ جاء ناس إِلى ابن عبّاس، فقالوا:‏ جئناك نسألك.‏ فقال:‏ سَلُوا عَما شئتم‏.‏ فقالوا:‏ أي رجل كان أبو بكر؟ فقال:‏ كان خيرًا كلّه ـــ أو قال:‏ كان كالخير كلّه على حِدَّةٍ كانت فيه.‏ قالوا:‏ فأَي رجل كان عمر؟ قال:‏ كان كالطّائر الْحَذِر الذي يظنُّ أنّ له في كل طريق شَرَكًا.‏ قالوا:‏ فأَي رجل كان عثمان؟ قال:‏ رجل ألهته نَوْمته عن يقظته‏.‏ قالوا:‏ فأَيُّ رجل كان عليّ؟ قال:‏ كان قد ملئ جَوْفُه حكمًا وعلمًا وبأسًا ونَجْدة مع قَرابته من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان يظن ألّا يمدّ يده إِلى شيء إِلا ناله، فما مدّ يدَهُ إِلى شيء فناله. قال‏: ‏وأخبرنا محمد بن الصبّاح، حدّثنا عبد العزيز الدّراوَرْدِي، عن عُمر مولى عفرة، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن عمر، قال‏:‏ قال عمر لأهل الشُّورى: ‏لله دَرُّهُم إن وَلَّوها الأصَيْلع! كيف يحملهم على الحقّ، ولو كان السيّف على عنقه‏.‏ فقلت‏:‏ أتعلم ذلك ولا توليه؟ قال:‏ إن لم أستخلف فأتركهم فقد تركهم مَنْ هو خيرٌ منّي‏. وروى ربيعة بن عُثمان، عن محمد بن كعب القرظيّ، قال:‏ كان ممن جَمع القرآن على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو حيّ عثمان بن عفان، وعليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود من المهاجرين، وسالم مولى أبي حُذيفة بن عتبة بن ربيعة مولى لهم ليس من المهاجرين. وروى أبو أحمد الزّبيري وغيره، عن مالك بن مِغول، عن أكيل، عن الشّعبي، قال:‏ قال لي علقمة‏:‏ تَدْرِي ما مثل عليّ في هذه الأمّة؟ قلت‏:‏ ما مثله؟ قال‏:‏ مثل عيسى بن مريم؛ أحبّه قوم حتى هلكوا في حُبِّه، وأبغضه قوم حتى هلكوا في بغضه. قال أبو عمر:‏ أكيل هذا هو أكيل أبو حكيم، كوفيّ، مؤذّن مسجد إبراهيم النخعي‏ّ. روى عن سُويد بن غفلة والشّعبي، والنّجعي، وإبراهيم التيميّ، وجَواب التيمي‏ِّ. روى عنه إسماعيل بن خالد وجماعة من الجلة.)) ((رُوي عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال:‏ ‏"‏أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُها، فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِه مِنْ بَابِهِ"(*) أخرجه الحاكم في المستدرك 3/126، والطبراني في الكبير 11/66، وابن عدي في الكامل 1/193، 195، 3/1247، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات 1/350، 351، 352، 353، والهيثمي في الزوائد 9/117، والهندي في كنز العمال حديث رقم 32978، 32979، 32980، 36463.. وقال صَلَّى الله عليه وسلم في أصحابه:‏ ‏"‏أَقْضَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ".(*) وقال عمر بن الخطّاب: عليّ أقضانا، وأُبي أقرؤنا، وإِنّا لنترك أشياء مِنْ قراءة أبيّ. حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا أبو الميمون عبد الرّحمن بن عمر بن راشد، حدّثنا أبو زُرعة عبد الرّحمن بن عمرو بن صفوان الدّمشقي، حدّثنا عمر بن حفص بن غياث، حدّثني أبيّ عن إسماعيل بن أبي خالد، قال:‏ قلت للشّعبي‏:‏ إن المغيرة حلف بالله ما أخطأ عليٌّ في قضاءٍ قضى به قطّ.‏ فقال الشّعبي:‏ لقد أفرط. حدّثنا عبد الوارث بن سفيان، حدّثنا قاسم بن أصبغ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن زهير، قال‏‏ حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا أبو سلمة التَّبُوذَكيّ، حدّثنا عبد الواحد بن زياد، حدّثنا أبو فروة، قال:‏ سمعْتُ عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال‏‏ قال عُمر رضي الله عنه‏: عليّ أقضانا. وقال أحمد بن زهير، حدّثنا أبيّ، قال:‏ حدّثنا ابن عُيينة، عن ابن جريح، عن ابن أبي ملكية، عن ابن عَبّاس، قال قال عمر:‏ عليّ أقضانا، قال أحمد بن زهير: حدّثنا عبيد الله ابن عمر القوَاريري، حدّثنا مؤمل بن إسماعيل، حدّثنا سفيان الثوري، عن يحيى بن سَعيد، عن سعيد بن المسيّب، قال:‏ كان عمر يتعوَّذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن. وقال في المجنونة التي أمر برَجْمها وفي التي وضعت لستّة أشهر، فأراد عمر رَجْمها ــ فقال له علي‏ّ: إِنّ الله تعالى يقول:‏ ‏{‏وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا...}‏‏ [‏الأحقاف 15‏‏] الحديث‏. وقال له:‏ إن الله رفع القلم عن المجنون... الحديث، فكان عمر يقول:‏ لولا عَليّ لهلك عُمَر. وقد رُوي مثل هذه القصة لعثمان مع ابن عبّاس، وعن علي أخذها ابن عبّاس، والله أعلم. وروى عبد الرّحمن بن أذنية الغنويّ، عن أبيه أذينة بن مسلمة، قال:‏ أتيت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فسألته:‏ من أين أعتمر؟ فقال:‏ إيت عليًّا فسله، فذكر الحديث‏... وفيه قال عمر:‏ ما أجد لك إلا ما قال عليّ. وسأل شريح بن هانئ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن المسح على الخفيّن، فقالت‏:‏ إيت عليًّا فسَلْه. وحدّثنا عبد الوارث، قال:‏ حدّثنا قاسم، حدّثنا أحمد بن زهير، حدّثنا مسلم بن إبراهيم.‏ حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرّحمن بن يزيد، عن علقمة، عن عبد الله، قال:‏ كنّا نتحدّث أن أَقْضَى أَهْل المدينة عليّ بن أبي طالب. قال أحمد بن زهير‏:‏ وأخبرنا إبراهيم بن بشار، قال:‏ حدّثنا سفيان بن عيينة، حدّثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، قال:‏ ما كان أَحدٌ من النّاس يقول‏: سَلُوني غير عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله تعالى عنه. قال:‏ ‏ وأخبرنا يحيى بن مَعين، قال:‏‏ حدّثنا عَبْدَة بن سليمان، عن عبد الملك بن أبي سُليمان، قال قلت لعطاء:‏ أكان في أصحاب محمّد صَلَّى الله عليه وسلم أَحَد أعلم من عليّ، قال‏: لا والله ما أَعلمه. قال أحمد بن زهير‏: وحدّثنا محمد بن سعيد الأصفهانيّ، قال:‏ حدّثنا معاوية بن هشام، عن سُفيان عن قُليب، عن جبير، قال:‏ قالت عائشة‏: مَن أفتاكم بصوم عاشوراء؟ قالوا:‏ عليّ.‏ قالت‏:‏ أما إنه لأعلم النّاس بالسنّة. قال:‏ وحدّثنا فُضيل عن عبد الوهاب، قال:‏ حدّثنا شريك، عن ميسرة، عن المنهال، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عبّاس.‏ قال:‏ كنا إذا أتانا الثبت عن عليّ لم نعدل به. حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا عبد الله بن عُمر الجوهريّ، قال:‏ حدّثنا أحمد بن محمد بن الحجّاج، قال:‏ حدّثنا محمد بن أبي السري إملاءً بمصر سنة أربع وعشرين ومائتين، قال:‏ حدّثنا عمرو بن هاشم الجَنْبِيّ، قال:‏ حدّثنا جوَيبر، عن الضحّاك بن مُزاحم، عن عبد الله بن عبّاس، قال:‏ والله لقد أُعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر. وقال الحسن الحُلْوَاني:‏‏ حدّثنا وهب بن جَرير، عن شعبة، عن حبيب بن الشّهيد، عن بن أبي مُليكة، عن ابن عبّاس، عن عُمر أنه قال:‏ أقضانا عليّ، وأقرؤنا أبيّ.‏ وحدّثنا يحيى بن آدم، قال:‏ حدّثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، قال:‏ قال ابن مسعود:‏ إِنّ أقْضى أهل المدينة عليّ بن أَبي طالب. قال:‏ وحدّثنا يحيى بن آدم، وأبو زبيد، عن مطرِّف عن أبي إسحاق، عن سَعيد بن وهب، قال:‏ قال‏ عبد الله: أعلم أهل المدينة بالفرائض عليّ بن أبي طالب. وقال: حدَّثني يحيى بن آدم قال:‏ حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن مُغيرة، قال‏: ليس أَحَدٌ منهم أقوى قولًا في الفرائض من عليّ.‏ قال:‏ وكان المغيرة صاحب الفرائض. وفيما أخبرنا شيخنا أبو الأصبغ عيسى بن سعد بن سعيد المُقْرىء أَحَد معلّمي في القرآن رحمه الله قال:‏ أنبأنا الحسن بن أحمد بن محمد بن قاسم المقرىء، قراءةً عليه في منزله ببغداد، حدّثنا أبو بكر بن يحيى بن موسى بن العبّاس بن مُجاهد المُقْرِىء في مسجده، قال:‏ حدّثنا العباس بن محمد الدُّوريّ، قال:‏ حدّثنا يحيى بن مَعين، قال:‏ حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زِر بن حبيش، قال‏:‏ جلس رجلان يتغدّيان، مع أحدهما خمسة أرغفة، ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فلما وضعا الغداء بين أيديهما مرَّ بهما رجلٌ فسلّم، فقالا:‏ اجلس للغداء، فجلس، وأكل معهما، واستوفوا في أكلهم الأرغفة الثمانية، فقام‏‏ الرّجل وطرح إليهما ثمانية دراهم، وقال:‏ خذا هذا عوضًا ممّا أكلت لكما، ونِلْتُه من طعامكما، فتنازعا، وقال صاحب الخمسة الأرغفة:‏ لي خمسة دراهم، ولك ثلاث، فقال صاحب الثّلاثة الأرغفة‏: لا أَرْضَى إِلا أن تكون الدّراهم بيننا نصفين‏. وارتفعا إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فقصَّا عليه قصَّتهما، فقال لصاحب الثّلاثة الأرغفة‏:‏ قد عرض عليك صاحبُك ما عرض، وخبزُه أكثر من [[خُبْزِك]]، فارْضَ بثلاثة.‏ فقال:‏ لا والله، لا رضيت منه إلا بمرِّ الحقّ.‏ فقال عليّ رضي الله عنه:‏ ليسَ لك في مُر الحق إلا درهم واحد وله سبعة.‏ فقال الرّجل:‏ سبحان الله يا أمير المؤمنين! وهو يعرض عليَّ ثلاثة فلم أرض، وأشرْتَ عليَّ بأخذها فلم أرْضَ، وتقول لي الآن:‏ إنه لا يجب في مُرّ الحقّ إلا درهم واحد. فقال له عليّ:‏ عرض عليك صاحبُك أن تأخذ الثلاثة صُلْحًا فقلتَ‏: لم أرض إلا بمُرّ الحقّ، ولا يجب لك بمرّ الحقّ إلا واحد. فقال له الرّجل:‏ فعرّفني بالوجه في مُرّ الحقّ حتى أقبله، فقال علي رضي الله عنه:‏ أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثًا أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس، ولا يعلم الأكثر منكم أكلًا، ولا الأقل، فتُحمِلون في أكلكم على السّواء! قال:‏ بلى‏. قال:‏ فأكلت أَنْتَ ثمانية أثلاث، وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاثٍ، وله خمسة عشر ثلثًا، أكل منها ثمانية ويبقى له سبعة، وأكل لك واحدًا من تسعة، فلك واحد بواحدك، وله سبعة بسبعته.‏ فقال له الرّجل:‏ رضيت الآن‏. روى عبد الرّحمن بن أذنية العبديّ، عن أبيه أذنية بن سلمة العبديّ، قال‏: أتيّت عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه، فسألته:‏ من أين أَعْتَمر؟ فقال:‏ إيت عليًّا فاسأله... وذكر الحديث‏. وفيه وقال عمر:‏ ما أجد لك إلّا ما قال عليّ‏.‏ وسأل شريح بن هانئ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن المَسْح على الخُفْين، فقالت‏: إِيت عليًا فاسأله‏... وذكر الحديث‏. وروى معمر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطُّفيل، قال‏: ‏شهدْتُ عليًّا يخطب، وهو يقول: ‏سَلَوني، فوالله لا تسألوني عن شيء إِلّا أخبرتكم، وسَلُوني عن كتاب الله، فوالله ما مِنْ آية إلا وأنا أعلم أبليْلٍ نزلت أم بنهار، أم في سَهْل أم في جبل. وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص‏:‏ قلت لعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة:‏ يا عمّ، لو كان صغو الناس إلى عليّ! فقال:‏ يا ابْنَ أخي، إِنّ عليًّا عليه السلام كان له ما شئت من ضرس قاطع في العِلْمِ، وكان له البسطة في العشيرة، والقدمَ في الإسلام، والصّهر لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، والفقه في المسألة، والنجدة في الحرب، والجُود في الماعون. حدّثنا عبد الله بن محمد بن يوسف، قال:‏ حدّثنا يحيى بن مالك بن عابد، قال: حدّثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن سلمة البغدادي بمصر، قال:‏ حدّثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دُريد، قال:‏ أخبرنا العُكلي، عن الحرمازي، عن رجل من همدان، قال:‏ قال معاوية لضرار الصُّدائي‏: يا ضرار، صِفْ لي عليًّا.‏‏ قال:‏‏ أعفني يا أمير المؤمنين.‏ قال: لتصفنَّه‏. قال:‏ أما إذْ لا بد من وصفه فكان والله بعيد المَدى، شديد القُوى، يقول فَصْلًا، ويحكم عدلًا، يتفجَّر العلم من جوانبه، وتنطِقُ الحِكْمَةُ من نواحيه‏. ويستوحش من الدّنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وكان غَزير العَبْرة. طويل الفِكْرَة، يُعجِبُه من اللبّاس ما قصُر، ومن الطّعام ما خَشُن‏.‏ وكان فينا كأحَدِنا، يُجيبنا إذا سألناه، ويُنْبئنا إذا استنبأناه.‏ ونحن والله ــ مع تقريبه إيانا وقُرْبه مِنّا ــ لا نكاد نكلَمه هَيْبَةً له.‏ يعظِّمُ أهل الدّين، ويُقرِّبُ المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، ولا ييئس الضعيفُ من عَدْله.‏ وأشهد أنه لقد رأيتُه في بعض مواقفه، وقد أرخى اللّيل سُدُولَه، وغارت نجومه، قابضًا على لحيته، يتململُ تَمَلْمُل السّليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول:‏ يا دُنيا غُرِّي غيري، ألِي تعرّضْت أمْ إليّ تشوَّفتِ! هيهات هيهات! قد باينْتُك ثلاثًا لا رجْعَةَ فيها، فعُمْرُك قصير، وخطَرك قليل.‏ آهٍ من قلَّةِ الزَّاد، وبُعد السفر، ووَحْشَةِ الطّريق.‏ فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك، فكيف حزْنُك عليه يا ضِرَار؟ قال:‏ حُزْن من ذُبح ولدها وهو في حِجْرها. وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسألَ له عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذلك، فلما بلغه قَتْله قال:‏ ذهب الفقه والعلم بموْت ابن أبي طالب‏.‏ فقال له أخوه عُتبة:‏ لا يَسْمَعُ هذا منك أهل الشّام.‏ فقال له:‏ دعني عنك‏. وروى أبو سعيد الخدريّ وغيره، عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال: ‏"‏تَمْرُقُ مَارِقةٌ فِي حِينِ اخْتِلَافٍ مِنَ المُسْلمِينَ يَقْتُلُها أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ‏"(*) ‏‏أخرجه مسلم في الصحيح كتاب الزكاة حديث (150)، وأبوداود في السنن حديث رقم 4667، وأحمد في المسند 3/32، 97، والبيهقي في الدلائل 5/189، وابن عدي في الكامل 3/971، وذكره ابن حجر في فتح الباري 12/295، والهندي في كنز العمال حديث رقم 30948. وقال طاوس‏: قيل لابن عبّاس‏: أخبرنا عن أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أخبرنا عن أبي بكر.‏ قال:‏ كان والله خيرًا كلّه مع حدّة كانت فيه.‏ قلنا:‏ فعمر؟ قال:‏ كان والله كيِّسًا حَذِرًا، كالطيّر الحذر الذي قد نصِب له الشّرَك، فهو يراه، ويخشى أن يقع فيه، مع العنف وشدة السّير.‏ قلنا:‏ فعثمان؟ قال:‏ كان والله صوّامًا قوّامًا من رجُل غلبته رقدته.‏ قلنا:‏ فعليّ؟ قال:‏ كان والله قد ملىء علمًا وحلمًا من رجُل غرته سابقته وقرابته، فقلّما أشرف [[على]] شيءٍ من الدّنيا إلا فاته.‏ فقيل: إنهم يقولون:‏ كان محدودًا. فقال: أنتم تقولون ذلك. وروى الحكم بن عتيبة، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، قال:‏ ما رأيت أحدًا أقرأ من عليّ؛ صلَّيْنا خلفه، فقرأ بَرْزخًا، فأسقط حرفًا، ثم رجع فقرأه، ثم عاد إلى مكانه. فسَّرَ أهل اللّغة البرزخ هذا بأنه كان بين الموضع الذي كان يقرأ فيه وبين الموضع الذي كان أسقط منه الحرف، ورجع إليه ــ قرآن كثير‏. قالوا والبرزخ‏: ما بين الشيئين، وجمعه برازخ‏.‏ والبرزخ:‏ ما بين الدّنيا والآخرة‏. وسئل ابن مسعود عن الوَسْوَسة فقال:‏ هي برزخ بين الشّك واليقين.‏ وقد ذكرنا في باب أبي بكر الصّديق رضي الله تعالى عنه أنه إِنما كان تأخّر عليّ عنه تلك الأيّام، لجَمْعِه القرآن‏. وروى معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن المطّلب بن عبد الله بن حنطب قال:‏ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لوَفد ثقيفِ حين جاءه‏: ‏"‏لَتُسْلِمَنّ أَوْ لأَبعَثنَّ رَجُلًا مِنِّي"‏ ــ أَوْ قَالَ‏: ‏"‏مِثْل نَفْسِي ــ فَلَيَضِرِبَنَّ أَعْنَاقَكُمْ، وَلَيسْبِيَنَّ ذَرَارِيكُمْ، وَلَيْأُخُذَّنَ أَمَوَالَكُمْ‏"‏‏ ‏أخرجه عبد الرزاق في مصنفه حديث رقم (20389).. قال عمر:‏ فوالله ما تمنَّيْتُ الإمارة إلا يومئذ، وجعلت أنصب صدري له رجاءَ أن يقول‏: هو هذا‏. قال:‏ فالتفت إلى عليّ رضي الله عنه فأخذ بيده ثم قال:‏ ‏"‏هُوَ هَذَا".(*)‏ وروى عمار الدُّهْني.‏ عن أبي الزّبير، عن جابر، قال:‏ ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغض عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. وسئل الحسن بن أبي الحسن البصريّ عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال‏: ‏كان عليّ والله سهمًا صائبًا من مَرامي الله على عدوّه، وربَّانيّ هذه الأمّة، وذا فضلها، وذا سابقتها، وذا قرابتها من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لم يكن بالنّومة عن أمر الله، ولا بالملومة في دين الله، ولا بالسروقة لمال الله، أَعْطَى القرآن عزائِمَه ففاز منه برياضٍ مُونِقة، ذلك عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يا لُكَع.)) ((قال: حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، قال: حدّثنا محمد بن طلحة، قال: حدّثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة، قال: كان علي بن أبي طالب، والزّبير بن العوّام، وطلحة بنُ عبيد الله، وسعد بن أبي وقّاص رضي الله عنهم عدادًا واحدًا. وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال: حدّثنا إسماعيل بن علي الْخُطَبِي، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثنا هجين أبو عمر، قال: حدّثنا حبّان، عن معروف، عن أبي جعفر، قال: كان علي وطلحة والزّبير في سنّ واحدة.)) ((حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا قاسم، قال: حدّثنا أحمد بن زهير، قال حدّثنا أبي، قال حدّثنا نمير، عن حجّاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عبّاس، قال:‏ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لعلي:‏ ‏"‏أَنْتَ أَخِي وَصَاحِبِي"(*)‏‏ أخرجه أحمد في المسند 1/230، وابن أبي شيبة 9/120، 12/86.. وحدّثنا عبد الوارث، حدّثنا قاسم، حدّثنا أحمد بن زهير، قال:‏ حدّثنا عمرو بن حَمَّاد القنَّاد، قال:‏ حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الأزديّ، عن معروف بن خَرَّبُوذ، عن زياد ابن المنذر، عن سعيد بن محمد الأزدي، عن أبي الطّفيل، قال:‏ لما احتضر عمر جعلها شَورى بين عليّ، وعثمان، وطلحة، والزّبير، وعبد الرّحمن بن عوف، وسَعْد، فقال لهم عليّ‏: أنشدكم الله؛ هل فيكم أحد آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبينه ــ إذ آخى بين المسلمين ــ غيري! قالوا:‏ اللّهمَّ لا.(*) قال:‏ وروينا من وُجوه عن عليّ رضي الله عنه أنه كان يقول:‏ أنا عبد الله، وأخو رسولُ الله، لا يقولها أَحَدٌ إلا كذّاب. قال أبو عمر:‏ آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بين المهاجرين بمكّة، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، وقال في كل واحدة منهما لعلي‏ّ:‏ ‏"‏أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ‏"أخرجه الترمذي في السنن حديث رقم 3720، والحاكم في المستدرك 3/14، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 32879.، وآخى بينه وبين نفسه(*) فلذلك كان هذا القول وما أشبه من علي رضي الله عنه، وكان معه على حِرَاء حين تحرّك، فقال له:‏ ‏"‏اثْبُتْ حِرَاء فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ"‏‏(*)أخرجه الترمذي في السنن حديث رقم 3699، والحاكم في المستدرك 3/451، وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2918، وابن ماجة في السنن حديث رقم 134، والبيهقي في الدلائل 6/351.. وكان عليه يومئذ العشرة المشهود لهم بالجنّة، وزوَّجه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في سنة اثنتين من الهجرة ابنتَه فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة ما خلا مريم بنت عمران‏. وقال لها:‏ ‏"‏زَوْجُكِ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،‏ وإنه أول أصحابي إسلامًا، وأكثرهم علمًا، وأعظمهم حلمًا" ذكره القيسراني في تذكرة الموضوعات 112.‏. قالت أَسماء بنت عميس‏:‏ فرمقت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين اجتمعا جعل يدعو لهما، ولا يشرك في دعائهما أحدًا غيرهما، وجعل يدعو له كما دعا لها‏.(*) وروى بُريدة، وأبو هريرة، وجابر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، كل واحد منهم عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال ــ يوم غدير خُمّ:‏ ‏"‏مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمّ واَلِ مَنْ وَالَاهُ، وَعادِ مَنْ عَادَاهُ‏".(*) وبعضهم لا يزيد على ‏"‏مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ‏"(*) ‏‏أخرجه الترمذي في السنن حديث رقم 3713..)) ((لما نزلت‏: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [‏الأحزاب 33‏] دعا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فاطمة، وعليًّا، وحسنًا، وحُسينًا رضي الله عنهم في بيت أم سلمة وقال:‏ ‏"‏اللَّهُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ أَهْل بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهم تَطْهِيرًا‏"(*) ‏‏أخرجه البيهقي في السنن 2/150،والطبراني في الكبير 3/50، والعقيلي 3/304، والبخاري في التاريخ الكبير 2/110.. وروى طائفة من الصَّحابة أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لعليّ رضي الله عنه‏: "لَا يُحِبُّكَ إِلّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَبْغَضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ‏"(*) أخرجه الترمذي في السنن حديث رقم 3736، والنسائي في السنن 8/116، وذكره الهيثمي في الزوائد 9/136، والهندي في كنز العمال حديث رقم 32878، 33028.. وكان عليّ رضي الله عنه يقول:‏ ‏"‏وَاللَّه إِنَّه. لَعَهد النّبيّ الأُميّ إِليَّ أَنَّهُ لَا يُحِبُّني إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَبْغَضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ‏".(*) وقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم‏: ‏"‏يَا عَلِيُّ، أَلَّا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ غَفَرَ اللَّه لَكَ، مَع أَنَّك مَغْفُورٌ لَكَ‏"؟‏ قال:‏ قلت:‏ بلى.‏ قال:‏ ‏"‏لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْعَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الَعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لَا إِله إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ العُرْشِ الْكَرِيمِ‏"‏‏(*) أخرجه الترمذي في السنن حديث رقم 3504، وأحمد في المسند 1/153، 158، وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2206، وذكره الهيثمي في الزوائد 9/136، والهندي في كنز العمال حديث رقم 2084، 3959، 3473، 4979، 4994، 5059..‏ وقال صَلَّى الله عليه وسلم‏: ‏"‏يَهْلَكُ فِيكَ رَجُلَانِ:‏ مُحّبٌ مُفْرِطٌ، وَكَذَّابٌ مُفْتَرٍ".(*)‏‏‏ وقال له:‏ ‏"‏تَفْتَرِقُ فِيكَ أُمَّتِي كَمَا افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائيلَ فِي عِيسَى"(*)‏‏ ‏أخرجه أحمد في المسند 1/160.. وقال صَلَّى الله عليه وسلم:‏ ‏"‏مَنْ أَحَبَّ عَليًّا فَقَدْ أَحبَّني، وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ آذَى عَلِيَّا فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقْد آذى اللَّهَ‏"(*) أخرجه الحاكم في المستدرك 3/130، وذكره الهيثمي في الزوائد 9/135، والهندي في كنز العمال حديث رقم 32902، 33024..)) ((فضائلَه لا يحيط بها كتاب، وقد أكثر النّاس من جمعها، فرأيت الاختصارَ منها على النّكت التي تحسن المذاكرة بها، وتدلّ على ما سواها من أخلاقه وأحواله وسيرته رضي الله عنه. حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا عبد الله بن عُمر، حدّثنا أحمد بن محمد بن الحجّاج، حدّثنا يحيى بن سليمان الجُعفيّ، حدّثنا حفص بن غياث، حدّثنا الثّوري، عن أبي قيس الأوْدِيّ، قال:‏‏ أدركت النّاس وهم ثلاث طبقات‏:‏ أهل دين يحبون عليًا، وأهل دنيا يحبون معاوية، وخوارج‏. وقال أحمد بن حنبل وإسماعيل بن إسحاق القاضي‏:‏ لم يرْو في فضائل أحدٍ من الصّحابة بالأسانيد الحِسان ما رُوي في فضائل عليّ بن أبي طالب‏.‏ وكذلك قال أحمد بن شعيب بن علي النّسائي رحمه الله‏.‏ وأخبرنا أحمد بن زكريَّا، ويحيى بن عبد الرّحيم، وعبد الرّحمن بن يحيى، قالوا:‏ أخبرنا أحمد بن سعيد بن حَزْم، حدّثنا أحمد بن خالد، حدّثنا مروان بن عبد الملك، قال:‏ سمعت هارون بن إسحاق يقول:‏ سمعْتُ يحيى بن مَعين يقول:‏ مَنْ قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وعرَفَ لعليّ سابقته وفَضْلَه فهو صاحبُ سنّة، ومَنْ قال أبو بكر وعمر وعلي وعثمان وعرف لعثمان سابقتَه وفَضْلَه فهو صاحبُ سنّة، فذكرْتُ له هؤلاء الذين يقولون:‏ أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ويسكتون، فتكلّم فيهم بكلامٍ غليظ. روى الأصم، عن عبّاس الدّوري، عن يحيى بن معين أنه قال‏:‏ خير هذه الأمة بعد نبينا أبو بكر وعمر؛ ثم عثمان، ثم عليّ، هذا مذهبنا وقول أئمتنا.‏ وكان يحيى بن معين يقول‏: أبو بكر، وعمر، وعليّ، وعثمان. قال أبو عمر‏: من قال بحديث ابن عمر‏:‏ كنا نقول على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان ثم نسكت ـــ يعني فلا نُفاضِلُ ـــ وهو الذي أنكر ابن مَعين، وتكلّم فيه بكلام غليظ؛ لأن القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه أهلُ السّنّة من السّلف والخلَف من أهل الفقه والأثر: أنّ عليًا أفضلُ النّاس بعد عثمان رضي الله عنه، وهذا مما لم يختلفوا فيه، وإنما اختلفوا في تفضيل عليّ وعثمان. واختلف السّلف أيضًا في تفضيل عليّ وأبو بكر، وفي إجماع الجميع الذي وصَفْنا دليل على أنّ حديث ابن عمر وَهْمٌ وغلط، وأنه لا يصحُّ معناه، وإن كان إسناده صحيحًا، ويلزم من قال به أن يقول بحديث جابر وحديث أبي سعيد:‏ كنا نبيع أمّهات الأولاد على عَهْدِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهم لا يقولون بذلك، فقد ناقضوا، وبالله التوفيق. ويروى من وُجُوه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عُمر أنه قال:‏ ما آسَى على شيء إِلّا أني لم أقاتل مع عليّ الفئة الباغية. وقال الشّعبي‏:‏ ما مات مسروق حتى تاب إلى الله من تخلّفه عن القتال مع عليّ‏. ولهذه الأخبار طرق صحاح قد ذكرناها في موضعها.‏ وروي من حديث عليّ، ومن حديث ابن مسعود، ومن حديث أبي أيّوب الأنصاري أنه أمر بقتال النّاكثين والقاسطين والمارقين.‏ ورُوي عنه أنه قال:‏ ما وجدْتُ إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله؛ يعني ـــ والله أعلم ــــ قوله تعالى:‏ ‏{‏وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}‏ [الحج 78‏] وما كان مثله‏. وذكر أبو الحسن علي بن عُمر الدّارقَطْني في المؤتلف والمختلف، قال:‏ حدّثنا محمد بن القاسم بن زكريّا، حدّثنا عباد بن يعقوب، حدّثنا عفان بن سِيَّار، حدّثنا أبو حنيفة، عن عطاء، قال:‏ قال ابن عمر:‏ ما آسَى على شيء إلا على أَلّا أكون قاتلْتُ الفئة الباغية على صوم الهواجر. قال أبو عمر:‏ وقف جماعةٌ من أئمة أهل السنّة والسّلف في عليّ وعثمان رضي الله عنهما فلم يفضّلوا أحدًا منهما على صاحبه، منهم مالك بن أنس، ويحيى بن سعيد القطّان، وأما اختلافُ السّلف في تفضيل عليّ فقد ذكر ابن أبي خيثمة في كتابه من ذلك ما فيه كفايةٌ، وأهل السّنة اليوم على ما ذكرْتُ لك من تقديم أبي بكر في الفَضْل على عُمر، وتقديم عمر على عثمان، وتقديم عثمان على عليّ رضي الله عنهم، وعلى هذا عامَّةُ أَهْلِ الحديث من زمن أحمد بن حنبل إِلّا خَواصّ من جلّة الفقهاء وأئمة العلماء، فإنهم على ما ذكرنا عن مالك ويحيى القطّان، وابن مَعين؛ فهذا ما بين أهل الفقه والحديث في هذه المسألة، وهم أهلُ السّنة‏. وأما اختلافُ سائر المسلمين في ذلك فيطولُ ذكره، وقد جمعه قومٌ، وقد كان بنو أمية ينالون منه، وينقصونه، فما زاده الله بذلك إلا سموًّا وعلوًّا ومحبةً عند العلماء.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((مناقِبُه كثيرة حتى قال الإمَامُ أَحْمَدُ: لم ينقل لأحدٍ من الصحابة ما نقل لعلي. وقال غيره: وكان سبب ذلك بُغْض بني أمية له، فكان كلُّ مَنْ كان عنده علم من شيء من مَنَاقبه من الصحابة يثبته، وكلما أَرادُوا إخماده وهدَّدُوا مَنْ حدث بمناقبه لا يزداد إلا انتشارًا. وقد وَلد له الرافضة مناقبَ موضوعة هو غنيّ عنها، وتَتَبَّع النسائي ما خُص به من دون الصحابة، فجمع من ذلك شيئًا كثيرًا بأسانيد أكثرها جِيَاد.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((روى يزيد بن هارون، عن فِطْر، عن أَبي الطفيل قال: قال بعض أَصحاب النبي صَلَّى الله عليه وسلم: لقد كان لعلي من السوابق ما لو أَن سابقة منها بين الخلائق لوسعتهم خيرًا. وله في هذا أَخبار كثيرة نقتصر على هذا منها، ولو ذكرنا ما سأَله الصحابة ـــ مثل عمر وغيره رضي الله عنهم ـــ لأَطلنا. زُهْدُهُ وَعَدْلُهُ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ: أَنبأَنا أَبو أَحمد عبد الوهاب بن علي الأَمين، أَنبأَنا أَبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد، أَنبأَنا أَبو طالب بن غيلان، أَنبأَنا أَبو إِسحاق إِبراهيم بن محمد المزكي، حدّثنا محمد بن المسيب قال: سمعت عبد اللّه بن حنيف يقول: قال يوسف بن أَسباط: الدنيا دار نعيم الظالمين ـــ قال: وقال علي بن أَبي طالب: الدنيا جيفة، فمن أَراد منها شيئًا، فليصبر على مخالطة الكلاب. أَخبرنا أَبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله، أَنبأَنا أَبو غالب بن البناء، أَنبأَنا محمد بن أَحمد بن محمد بن حَسْنُون النَّرْسِي، حدّثنا محمد بن إِسماعيل بن العباس إِملاءً، حدّثنا أَحمد بن علي الرقي، أَخبرنا القاسم بن علي بن أَبان، حدثنا سهل بن صُقير، حدثنا يحيى بن هاشم الغساني، عن علي بن جزء قال: سمعت أَبا مريم السلولي يقول: سمعت عمار بن ياسر يقول: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول لعلي بن أَبي طالب" "يَا عَلِيُّ، إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ زيّنَكَ بِزِيْنَةٍ لَمْ يَتَزَيَّنِ العِبَادُ بِزِيْنَةِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا: الْزَّهْدُ فِي الْدُّنْيَا، فَجَعَلَكَ لاَ تَنَالُ مِنَ الْدُّنْيَا شَيْئًا، وَلاَ تَنَالُ الْدُّنْيَا مِنْكَ شَيْئًا. وَوَهَبَ لَكَ حُبَّ الْمَسَاكِيْنِ، وَرَضُوا بِكَ إِمَامًا، وَرَضَيتَ بِهِمْ أَتْبَاعًا، فَطُوبَي لِمَنْ أَحَبَّكَ وَصَدَقَ فِيْكَ، وَوَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ وَكَذَبَ عَلَيْكَ، فَأَمَّا الَّذِيْنَ أَحَبُّوكَ وَصَدَقُوا فِيْكَ، فَهُمْ جِيْرَانُكَ فِي دَارِكَ، وَرُفَقَاؤُكَ فِي قَصْرِكَ، وَأَمَّا الَّذِينَ أَبْغَضُوكَ وَكَذَبُوا عَلَيْكَ، فَحَقٌّ عَلَى الله أَنْ يُوقِفَهُمْ مَوْقِفَ الْكَذَّابِيْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".(*) أَنبأَنا عمر بن محمد بن المعمر بن طبرزد، أَنبأَنا أَبو غالب بن البناءِ، أَنبأَنا أَبو محمد الجوهري، أَنبأَنا أَبو الفضل عُبَيد اللّه بن عبد الرحمن الزَّهري، حدثنا حمزة بن القاسم الإِمام حدثنا الحسين بن عبيد اللّه، حدثني إِبراهيم ـــ يعني الجوهري ـــ حدثنا المأْمون ـــ هو أَمير المؤمنين ـــ حدثنا الرشيد، حدثنا شريك بن عبد اللّه، عن عاصم بن كُلَيب، عن محمد بن كعب القُرَظِي قال: سمعت علي بن أَبي طالب يقول: لقد رأَيتني وإِني لأَربط الحجر على بطني من الجوع، وإِن صدقتي لتبلغ اليوم أَربعة آلاف دينار. ورواه حجاج الأَصبهاني وأَسود عن شريك، فقالا: أَربعين أَلف دينار. ورواه حجاج، عن شريك فقال: أَربعين أَلفًا. لم يرد بقوله: "أَربعين أَلفًا" زكاة ماله، وإِنما أَراد الوقوف التي جعلها صدقة كان الحاصل من دخلها صدقة هذا العدد. فإِن أَمير المؤمنين عليًا رضي الله عنه لم يَدَّخر مالًا، ودليله ما نذكره من كلام ابنه الحسن رضي الله عنهما في مقتله أَنه لم يترك إِلا ستمائة درهم، اشترى بها خادمًا. أَخبرني أَبو محمد بن أَبي القاسم الدمشقي، أَنبأَنا أَبي، أَنبأَنا أَبو محمد هبة الله بن سهل الفقية، أَنبأَنا جدّي أَبو المعالي عمر بن محمد بن الحسين ــ قال: وأَنبأَنا أَبي، وأَنبأَنا زاهر، أَنبأَنا أَبو بكر أَحمد بن الحسين ــ قالا: حدّثنا أَبو عبد اللّه الحافظ، حدّثنا أَبو قتيبة سالم بن الفضل الآدمي بمكة، حدّثنا محمد بن عثمان بن أَبي شيبة، عن أَبيه قال: سمعت أَبا نعَيم قال: سمعت سفيان يقول: ما بنى عليٌّ لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، وإِن كان ليؤتي بجبوته من المدينة في جراب. أَنبأَنا السيد أَبو الفتوح حيدر بن محمد بن زيد العلوي الحسيني، أَنبأَنا أَبو محمد عبد اللّه بن جعفر الدُّورَسي بالموصل، أَنبأَنا النقيب الطاهر أَبو عبد اللّه أَحمد بن علي بن المعمر الحسيني، أَنبأَنا أَبو الحسين بن عبد الجبار، أَنبأَنا أَبو طاهر محمد بن علي بن محمد ابن يوسف أَنبأَنا أَبو بكر بن مالك، أَنبأَنا عبد اللّه بن أَحمد بن حنبل، حدّثني أَبي، حدّثنا وكيع، حدّثنا مسعر، عن أَبي بحر، عن شيخ لهم قال: رأَيت على عَلِيٍّ، عليه السلام إِزارًا غليظًا، قال: اشتريته بخمسة دراهم، فمن أَربحني فيه درهمًا بعته. قال: ورأَيت معه دراهم مصرورة، فقال: هذه بقية نفقتنا من ينبع. قال: وحدّثنا عبد اللّه بن أَحمد، حدّثنا محمد بن يحيى الأَزدي، حدثنا الوليد بن القاسم حدثنا مطير بن ثعلبة التميمي، حدثنا أَبو النوار بيَّاع الكرابيس قال: أَتاني علي ابن أَبي طالب ومعه غلام له، فاشترى مني قميصَيْ كرابيس، فقال لغلامه: اختر أَيَّهما شئت، فأَخذ أَحدهما، وأَخذ عليٌّ الآخر، فلبسه، ثم مد يده فقال: اقطع الذي يفضل من قدر يدي. فقطعه وكفه، ولبسه وذهب.)) أسد الغابة. ((حدّثنا عبد الوارث بن سفيان قراءة منّي عليه من كتابي، وهو ينظر في كتابه، قال:‏ حدّثنا أبو محمد قاسم بن أصبغ، حدّثنا أبو عبيد بن عبد الواحد البزار، حدّثنا محمد ابن أحمد بن أيّوب، قال قاسم‏:‏ حدّثنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصّائغ، حدّثنا سليمان ابن داود، قالا‏:‏ حدّثنا إبراهيم بن سعد، حدّثنا محمد بن إسحاق، عن الزّهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عبّاس، قال:‏‏ بينا أنا أمشي مع عمر يومًا إذ تنفس نفَسًا ظننت أنه قد قُضبت أضلاعه، فقلت‏:‏ سبحان الله! والله ما أَخْرَج منك هذا يا أمير المؤمنين إلا أمرٌ عظيم.‏ فقال‏:‏ ويحك يابن عبّاس! ما أدري ما أصنع بأمِّة محمّدٍ صَلَّى الله عليه وسلم‏. قلت‏: ولِمَ وأنت بحمد الله قادر أن تضع ذلك مكان الثقة؟ قال‏: ‏ إني أراك تقول:‏ إن صاحبك أولى النّاس بها ـــ يعني عليًّا رضي الله عنه.‏‏ قلت‏:‏ أجل، والله إني لأقول ذلك في سابقته وعِلْمِه وقرابته وصهره.‏ قال‏:‏ إنه كما ذكرت، ولكنه كثير الدّعابة.‏ فقلت‏: ‏فعثمان؟ قال‏: ‏فوالله لو فعلت لجعل بني أبي مُعَيْط على رِقَاب النّاس، يعملون فيهم بمعصية الله، والله لو فعلت لفعل، ولو فعل لفعلوه؛ فوثب النّاس عليه فقتلوه.‏ ‏ فقلت: طلحة بن عبيد الله؟ قال‏:‏ الأكيسع! هو أزهى من ذلك، ما كان الله ليراني أولّيه أَمْرَ أمةِ محمّد صَلَّى الله عليه وسلم، وهو على ما هو عليه من الزَّهْو.‏ قلت‏:‏ الزّبير بن العوّام؟ قال:‏ إذًا يلاطم النّاس في الصاع والمُدّ.‏ قلت‏:‏ سعد بن أبي وقاص؟ قال‏: ‏ليس بصاحب ذلك، ذاك صاحبُ مِقْنَب يقاتل به.‏ قلت‏:‏ عبد الرّحمن بن عوف؟ قال:‏ نعم‏‏ الرّجل ذكَرْتَ، ولكنه ضعيف عن ذلك، والله، يابن عبّاس، ما يصلح لهذا الأمر إلا القويّ في غير عُنْف، اللّين في غير ضعف، الجواد في غير سَرف. الممسك في غير بخل.‏‏ قال ابن عبّاس:‏ كان عمر والله كذلك‏. وفي حديث آخر، عن ابن عبّاس ـــ أن عمر ذكر له أمّرَ الخلافة واهتمامه بها، فقال له ابن عبّاس‏:‏ أَيْنَ أنت عن عليّ؟ قال‏:‏ فيه دعابة.‏ قال‏:‏ فأين أنت والزّبير؟ قال‏:‏ كثير الغضَب يسير الرّضا.‏ فقال‏‏ طلحة؟ قال‏:‏ فيه نخوة ـــ يعني كبرًا قال‏:‏ سعد؟ قال صاحب مِقْنب خيل‏.‏ قال‏:‏ فعثمان؟ قال‏:‏ كَلِفٌ بأقاربه.‏ قال‏:‏ عبد الرّحمن بن عوف؟ قال‏:‏ ذلك رجل لين ـــ أو قال ضعيف‏.‏ وفي رواية أخرى قال في عبد الرّحمن:‏ ذلك الرّجل لو وليته جعل خاتمه في إصبع امرأته‏. وروى سفيان، وشعبة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن زيد بن صوحان، قال قال عمر:‏ ما يمنعكم إذا رأيتُم الرّجل يخزن أعراض النّاس أن تعرفوني به؟ قالوا‏:‏ نخاف سفهَه وشرّه.‏ قال‏:‏ ذلك أدنى ألا تكونوا شهداء‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((أَنبأَنا أَبو محمد عبد اللّه بن علي بن سُوَيدة التكريتي، أَنبأَنا أَبو الفضل أَحمد بن أَبي الخير الميهني قراءَة عليه قال: أَنبأَنا أَبو الحسن علي بن أَحمد بن متويه ـــ قال أَبو محمد: وأَنبأَنا أَبو القاسم بن أَبي الخير الميهني والحسين بن الفرحان السمناني قالا: أَنبأَنا علي بن أَحمد، أَنبأَنا أَبو بكر التميمي، أَنبأَنا أَبو محمد بن حبان، حدّثنا محمد بن يحيى بن مالك الضبي، حدثنا محمد بن سهل الجرجاني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد، عن أَبيه، عن ابن عباس في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} قال: نزلت في علي بن أَبي طالب، كان عنده أَربعة دراهم، فأَنفق بالليل واحدًا، وبالنهار واحدًا، وفي السر واحدًا وفي العلانية واحدًا. ورواه عفان بن مسلم، عن وهيب، عن أَيوب، عن مجاهد، عن ابن عباس، مثله.)) ((قال: وحدثنا محمد بن عيسى حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا أَبي، عن شَرِيك، عن منصور، عن ربعي بن حِرَاش حدثنا علي بن أَبي طالب بالرحَبَةِ، قالَ: "لما كان يوم الحديبية خَرَج إِليه ناس من المشركين، فيهم: سُهَيل بن عمرو، وأُناس من رؤساءَ المشركين، فقالوا: خرج إِليك ناس من أَبنائنا وأخواننا وأَرقَّائنا، وليس بهم فقه في الدين، وإِنما خرجوا فرارًا من أَموالنا وَضِياعنا، فارددهم إِلينا. فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَتَنْتَهُنّ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ الله عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكَمْ بِالْسَّيْفِ عَلَى الْدِّيْنِ" أخرجه مسلم في الصحيح 4/1871 كتاب فضائل الصحابة (44) باب فضائل علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه (4) حديث رقم (32/2404) والترمذي في السنن 5/328 كتاب تفسير القرآن (48) باب ومن سورة الأحزاب حديث رقم 3205 وأحمد في المسند 1/185، 4/107، 6/292، وابن حبان في صحيح حديث رقم 2245 والبيهقي في السنن 2/152.، "قَدْ امْتَحَنَ قَلْبَهُ عَلَى الْإِيْمَانِ". قَالُوا: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ الله؟ وَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "خَاصِفُ الْنَّعْلِ"، وَكَانَ قَدْ أَعْطَى عَلِيًّا نَعْلًا يَخْصِفُهَا ـــ قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا عَلِيٌّ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ الْنَّارِ"(*) أخرجه البخاري في الصحيح كتاب الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل، والترمذي في السنن 5 / 39 كتاب العلم (42) باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل (13) حديث رقم2669.. قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا عيسى بن عثمان بن أَخي يحيى بن عيسى الرملي أَخبرنا يحيى بن عيسى الرَّمْلي حدثنا الأَعمش، عن عدي بن ثابت، عن زرِّ بن حُبَيش، عن علي قال: لَقَدْ عَهَدَ إِلَيَّ الْنَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم ـــ الْنَّبِيُّ الأُمِّيُّ ـــ "أَن لا يُحِبُّكَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضُكَ إِلاَّ مُنَافِقٌ" أخرجه مسلم في الصحيح 1/85 كتاب الإيمان باب الدليل على أنه حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الإيمان...(33) حديث رقم (128/74) والترمذي في السنن 5/601 كتاب المناقب (50) باب (21) حديث رقم 3736 والهيثمي في الزوائد 9/136، والحميدي في المسند 58 والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 32878.. قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن بشارَ ويعقوب بن إِبراهيم وغير واحد قالوا: حدثنا أَبو عاصم، عن أَبي الجَرَّاح قال: حدثني جابر بن صبح قال: حدثتني أُم شراحيل، عن أُم عطية قالت: بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم جيشًا فيهم علي، قالت: فسمعتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "الْلَّهُمَّ، لاَ تُمِتْنِي حَتَّى تًرَيْنِي عَلِيًّا"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/601 كتاب المناقب (50) باب (21) حديث رقم 3737 والبخاري في التاريخ الكبير 9/20.. أَنبأَنا أَبو منصور مسلم بن علي بن محمد بن السِّيحي، أَنبأَنا أَبو البركات بن خميس، أَنبأَنا أَبو نصر بن طَوْق أَنبأَنا أَبو القاسم بن المرْجِي، أَنبأَنا أَبو يعلى الموصلي، حدثنا سعيد ابن مطرف الباهلي، حدثنا يوسف بن يعقوب الماجشون، عن أَبي المنذر، عن سعيد بن المسيب، عن عامر بن سعد، عن سعد أَنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوْسَى؛ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي".(*) قَالَ سَعِيْدٌ: فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَ ـــ بِذَلِكَ سَعْدًا، فَلَقِيتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا ذَكَرَ لِي عَامِرٌ، فَقُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي أَذُنَيْهِ وَقَالَ: نَعَمْ وَإِلاَّ فَاسْتَكَتَا أخرجه البخاري في الصحيح 5/24 كتاب فضائل أصحاب النبي صَلَّى الله عليه وسلم باب مناقب علي رضي الله عنه ومسلم في الصحيح 4/1870 كتاب فضائل الصحابة (44) باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه (4) حديث رقم (30/ 2404) والترمذي في السنن 5/598 كتاب المناقب باب (50) باب (21) حديث رقم 3730 وابن ماجة في السنن 1/45 المقدمة. باب فضل علي بن أبي طالب (11) حديث رقم 121، وأحمد في المسند 1/179/32، 6/369 والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 14242، 32881، 36470.. أَنبأَنا أَبو بكر مسمار بن عُمَر بن العُوَيس البَغْدَادي، أَنبأَنا أَبو العباس أَحمد بن أَبي غالب بن الطَّلاَّية، أَنبأَنا أَبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أَحمد بن الحسين الأَنماطي، أَنبأَنا أَبو طاهر المخلِّص، حدثنا محمد بن هارون الحضرمي أَبو حامد، حدثنا أَبو هشام محمد ابن يزيد بن رفاعة، حدثنا محمد بن فضل، حدثنا الأَعمش، عن أَبي الزبير، عن جابر قال: لما كان يوم الطائف دعا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عَلِيًّا فَنَاجَاهُ طَوِيْلًا، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَقَدْ أَطَالَ نَجْوَى ابْنِ عَمِّهِ قَالَ ـــ يَعْنِي رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، "مَا أَنَا انْتَجَيْتُهُ، وَلَكِنَّ الله انْتَجَاهُ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/597 كتاب المناقب (50) باب 21 حديث رقم 3726. أَنبأَنا إِبراهيم بن محمد وغير واحد بإِسنادهم إِلى أَبي عيسى الترمذي: حدّثنا قتيبة ابن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان الضُّبَعِي، عن يزيد الرِّشْك، عن مُطَرِّف بن عبد اللّه، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم جيشًا، واستعمل عليهم عَلِيّ بن أَبي طالب، فمضى في السرية، فأَصاب جارية، فأَنكروا عليه. فتعاقد أَربعة من أَصحاب النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقالوا: إِذا لقينا رسول الله أَخبرناه بما صنع علي. وكان المسلمون إِذا رجعوا من سفر بدأوا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فسلموا عليه، ثم انصرفوا إِلى رحالهم. فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقام أَحدُ الْأَرْبَعَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَلَمْ تَرَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ الله. ثُمَّ قَامَ الْثَّانِي فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُول الله صَلَّى الله عليه وسلم. ثُمَّ قَامَ الْثَّالِثُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ. ثُمَّ قَامَ الْرَّابعُ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالُوا. فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم وَالْغَضَبُ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: "مَا تُرِيْدُونَ مِنْ عَلِيٍّ؟ مَا تُرِيْدُونَ مِنْ عَلِيٍّ؟ مَا تُريِْدُونَ مِنْ عَلِيٍّ؟ إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنا مِنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِي"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/591 كتاب المناقب (50) باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه (20) حديث رقم 3712. والحاكم في المستدرك 3/100 وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2203، وابن أبي شيبة في المصنف س12/79.. أَنبأَنا أَبو جعفر عُبَيد اللّه بن أَحمد بإِسناده عن يونس بن بُكَير عن ابن إِسحاق قال: حدّثني يحيى بن عبد اللّه بن أَبي عَمْرة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة قال: إِنما وَجِد جيش عليّ الذين كانوا معه باليمن عليه، لأَنهم حين أَقبلوا خلف عليهم رجلًا، وتعجَّل إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يخبره الخبر. فعمد الرجل فكسا كلَّ رجل منهم حُلَّة، فلما دنوا خرج علي يستقبلهم، فإِذا عليهم الحُلَل، فقال علي: ما هذا؟ قالوا: كسانا فلان. قال: فما دعاك إِلى هذا قبل أَن تَقْدُم على رسول الله فيصنع ما شاءَ؟ فنزع الحلل منهم. فلما قدموا على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم شكوه لذلك. وكان أَهل اليمن قد صالحوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وإِنما بعث عليًا على جزية موضوعة. أَنبأَنا أَبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أَبي العز الواسطي، وأَبو عبد اللّه الحسين بن أَبي صالح بن فَنَّاخِسْرو الديلي التكريتي وغيرهما بإِسنادهم إِلى محمد بن إِسماعيل: حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أَبي حازم قال: أَخبرني سهل بن سعد أَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: "لَأُعْطِيَنَّ الْرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ الله عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ" ـــ قَالَ: فَبَاتَ الْنَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا؟ فَلَمَّا أَصْبَحَ الْنَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا. فَقَالَ "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أََِبي طَالِبٍ؟" قَالُوا: يَا رَسُولِ الله، يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ. قَالَ: "فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ". فَأُتِي فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الْرَّايَةَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ الله، أُقَاتِلُهُم حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ: "لِتَغْدُ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحِتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ الله، فَوَالله لِأَنْ يَهْدِي الله بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ الْنَّعَمِ"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 5/171 كتاب المغازي باب غزوة خيبر.. أَنبأَنا أَبو الفضل بن أَبي عبد اللّه الفقيه بإِسناده إِلى أَبي يعلى أَحمد بن علي: أَنبأَنا القواريري حدثنا يونس بن أَرقم، حدثنا زيد بن أَبي زياد، عن عبد الرحمن بن أَبي ليلى قال: شهدت عليًا في الرحَبَة يناشد الناس: أَنشُد الله من سمع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خمّ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيُّ مَوْلاَهُ" لَمَا قَامَ. قَالَ عبد الرحمن: فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ بَدْرِيًّا كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَحَدِهمْ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَا سَمِعْنَا رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خَمٍّ: "أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجِي أُمَّهَاتِهِمْ؟" قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ الله. فَقَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيُّ مَوْلاَهُ، الْلَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/591 كتاب المناقب (50) باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه حديث رقم 3713، وابن حبان في صحيح حديث رقم 2202 وأحمد في المسند 1/84، 118، 119، 152 والطبراني في الكبير 3/199، 4/207.. وقد رُوِي مثل هذا عن البراءَ بن عازب، وزاد: فقال عمر بن الخطاب: يا ابن أَبي طالب، أَصبحت اليومَ وَليّ كل مؤمن. أَنبأَنا الحسن بن محمد بن هبة الله، أَنبأَنا أَبو العشائر محمد بن الخليل القيسي، أَنبأَنا أَبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أَبي العلاء المصيصي، أَنبأَنا أَبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أَبي نصر، حدثنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة أَبو الحسن الأَطْرَابلسي، حدثنا محمد بن الحسين الحُنَيني، حدثنا أَبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن ابن ظالم قال: جاءَ رجل إِلى سعيد بن زيد ــ يعني ابن عمرو بن نُفَيل ــ فقال: إِني أَحببت عليًا حبًا لم أحبه أَبدًا. قال: أَحببتَ رجلًا من أَهل الجنة. ثم أَنه حدثنا قال: كنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على حِرَاءَ، فذكر عشرة في الْجَنَّةِ: "أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالْزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الْرَّحْمَنِ ابْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ مَسْعُودٍ". قال: وحدثنا خيثمة، حدثنا أَبو عبيدة السري بن يحيى، حدثنا قَبِيصة حدثنا سفيان، عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد اللّه قال: كنا مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم في سور بالمدينة، فقال: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ". فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَهَنَّيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ": فَجَاءَ عُمَرُ فَهَنَّيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ". قَالَ: وَرَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يُصْغِي رَأْسَهُ مِنْ تَحْتِ السَّعَفِ وَيَقُولُ: "الْلَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيًّا". فَجَاءَ عَلِيٌّ فَهَنَّيْنَاهُ"(*) أخرجه أحمد في المسند 3/356، 380.. أَنبأَنا أَبو إِسحاق إِبراهيم بن محمد وغيره قالوا بإِسنادهم إِلى أَبي عيسى الترمذي: حدثنا يوسف بن موسى القطان البغدادي، حدثنا علي بن قادم، حدثنا علي بن صالح ابن حَيّ، عن حَكِيم بن جُبَيْر عن جَمِيع بن عمير التيمِيّ، عن ابن عمر قال: آخى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، آخَيْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَلَمْ تُؤَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ. فَقَالَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَنْتَ أَخِي فِي الْدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/595 كتاب المناقب باب (21) حديث رقم 3720. أَنبأَنا أَبو الفضل الفقيه المخزومي بإِسناده إِلى أَحمد بن علي، أَنبأَنا أَبو خيثمة حدثنا محمد بن عبد اللّه الأَسدي، حدثنا سفيان، عن زبيد، عن شهر بن حوشب، عن أُم سلمة: أَن النبي صَلَّى الله عليه وسلم جَلَّلَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كِسَاءً ثُمَّ قَالَ: "الْلَّهُمَّ هَؤْلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي" أخرجه أحمد في المسند 6/292، 304.، "الْلَّهُمَّ، أَذْهِبْ عَنْهُمُ الْرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيْرًا". قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أَنَا مِنْهُمْ. قَالَ: "إِنَّكَ إِلَى خَيْرٍ".(*) وأَنبأَنا غير واحد بإِسنادهم إِلى محمد بن عيسى حدّثنا خلاد بن أَسلم البغدادي، حدثنا النضر بن شُمَيل، حدثنا عوف، عن عبد اللّه بن عمرو بن هند الجَمَلي قال: قال علي: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم أَعْطَانِي، وَإِذَا سَكَتُّ ابْتَدَأَنِي أخرجه الترمذي في السنن 5/595 كتاب المناقب (50) باب (21) حديث رقم 3722.. قال: وحدثنا محمد بن عيسى: حدثنا نصر بن علي الجهضَمي، حدثنا علي بن جعفر ابن محمد، أَخبرني أَخي موسى بن جعفر، عن أَبيه جعفر بن محمد، عن أَبيه محمد بن علي، عن أَبيه علي بن الحسين، عن أَبيه، عن جده علي بن أَبي طالب: أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَينٍ وَقَالَ: "مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا، كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/599 كتاب المناقب (50) باب (21) حديث رقم 3733 وأحمد في المسند 1/76، 77، والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 34161، 37613.. قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا قتيبة، حدثنا جعفر بن سليمان، عن أَبي هارون العَبْدِيّ، عن أَبي سعيد الخُدري قال: كنا نعرف المنافقين ــ نحن معاشر الأَنصار ببغضهم علي بن أَبي طالب. أَنبأَنا المنصور بن أَبي الحسن الفقيه بإِسناده إِلى أَبي يعلى: حدثنا الحسن بن حماد، حدثنا مسهر بن عبد الملك، ثقة، حدثنا عيسى بن عمر، عن السدي، عن أَنس بن مالك: أَن النبي صَلَّى الله عليه وسلم كان عنده طائر، فقال: "الْلَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعَي مِنْ هَذَا الْطَّائِرِ". فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَرَدَّهُ ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَرَدَّهُ، فَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَذِنَ لَهُ(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/595 كتاب المناقب (50) باب (21) حديث رقم 3721 والطبراني في الكبير 1/226، 7/96، 10/343، والهيثمي فيئ الزوائد 9/129 والحاكم في المستدرك 3/130، والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 3964، 36505 والذهبي في ميزان الاعتدال حديث رقم 2280، وذكر ابن الجوزي في العلل المتناهية 1/225، والعقيلي في الضعفاء 1/46، 4/83، 189.. ذكر أَبي بكر وعثمان في هذا الحديث غريب جدًا. وقد رُوي من غير وجه عن أَنس، ورواه غير أَنس من الصحابة. أَنبأَنا أَبو الفرج الثقفي حدثنا الحسن بن أَحمد، وأَنا حاضر أَسمع، أَنبأَنا أَحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا محمد بن إِسحاق بن إِبراهيم الأَهوازيّ، حدثنا الحسن بن عيسى حدثنا الحسن بن السميدع، حدثنا موسى بن أَيوب، عن شعيب بن إِسحاق، عن أَبي حنيفة، عن حماد، عن إِبراهيم، عن أَنس قال: أُهدي إِلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم طير، فقال: "الْلَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ". فَجَاءَ عَلَيٌّ، فَأَكَلَ مَعَهُ"(*) انظر تخريج الحديث السابق.. تفرد به شعيب، عن أَبي حنيفة. أَنبأَنا محمد بن أَبي الفتح بن الحسن النقاش الواسطي، حدّثنا أَبو رَوْح عبد المُعِزَّ بن محمد بن أَبي الفضل البَزَّاز محمد بن، أَنبأَنا زاهر بن طاهر الشحامي، أَنبأَنا أَبو سعيد الكَنْجَرُودي، أَنبأَنا الحاكم أَبو أَحمد، أَنبأَنا أَبو عبد اللّه محمد بن عَمْرو بن الحُسَين الأَشعري بِحِمْصِ، حدَّثنا محمد بن مصفى، حدثنا حفص بن عمر العدني، حدثنا موسى ابن سعيد البصري قال: سمعت الحسن يقول: سمعت أَنس بن مالك يقول: أُهدِي لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم طَيْرٌ، فَقَالَ: "الْلَّهُمَّ ائْتِنِي بِرَجُلٍ يُحِبُّهُ الله وَيُحِبُّهُ رَسُولُه". قَالَ أَنَسٌ: فَأَتَى عَلِيٌّ فَقَرَعَ الْبَابَ، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم مَشْغُولٌ، وَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى الْثَّالِثَةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يَا أَنَسُ، أَدْخِلْهُ فَقَدْ عَنَيْتُهُ". فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ: "الْلَّهُمَّ وَالِ، الْلَّهُمَّ وَالِ"(*) انظر تخريج الحديث السابق.. وقد رواه عن أَنس غير من ذكرنا حميد الطويل وأَبو الهندي، ويغنم بن سالم. يغنم: بالياءِ تحتها نقطتان، والغين المعجمة والنون، وآخره ميم. وهو اسم مفرد.))
((روى علي عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم فأَكثر، وروى عنه بنوه الحسن والحسين ومحمد وعمر، وعبد اللّه بن مسعود، وابن عمر، وعبد اللّه بن جعفر، وعبد اللّه بن الزبير، وأَبو موسى الأَشعري، وأَبو سعيد الخدري، وأَبو رافع، وصهيب، وزيد بن أَرقم، وجابر بن عبد اللّه، وأَبو أُمامة، وأَبو سَرِيحة حذيفة بن أَسِيد وأَبو هريرة، وسَفينة، وأَبو حُجَيفة السُّوائي، وجابر بن سَمُرة، وعمرو بن حُرَيث وأَبو ليلى والبراءُ بن عازب، وعُمَارة بن رُوَيبة، وبشْر بن سُحيم، وأَبو الطفيل، وعبد اللّه بن ثعلبة بن صُعَير، وجرير ابن عبد اللّه، وعبد الرحمن بن أُشَيم، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه من التابعين: سعيد بن المسيب، ومسعود بن الحكم الزرقي، وقيس بن أَبي حازم، وعَبيدة السلماني، وعلقمة بن قيس، والأَسود بن يزيد، وعبد الرحمن بن أَبي ليلى، والأَحنف بن قيس، وأَبو عبد الرحمن السلمي، وأَبو الأَسود الدِّيلي، وزِرّ بن حُبِيش، وشريح بن هانئ، والشعبي وشَقِيق، وخلق كثير غيرهم. أَنبأَنا يحيى بن محمود، أَنبأَنا زاهر بن طاهر، أَنبأَنا محمد بن عبد الرحمن، أَنبأَنا أَبو سعيد محمد بن عبد الرحمن، أَنبأَنا أَبو سعد محمد بن بشر بن العباس، أَنبأَنا أَبو الوليد محمد بن إِدريس الشامي، حدثنا سويد بن سعيد، أَنبأَنا علي بن مسهر عن الأَعمش، عن عمرو بن مُرَّ، عن أَبي البَخْتري، عن علي قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَن، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، تَبْعَثُنِي إِلَى الْيَمَنِ، وَيَسْأَلُونِي عَنْ الْقَضَاءِ وَلاَ عِلْمَ لِي بِهِ! قَالَ: "ادْنُ". فدنوْتُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: "الْلَّهُمَّ ثَبِّتْ لِسَانَهُ، وَاهْدِ قَلْبَهُ" أخرجه أحمد في المسند 1/111 والحاكم في المستدرك 3/135 وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي.. فلا والذي فلق الحبة وَبَرأَ النسمة ما شككتُ في قضاء بين اثنين بعد.)) أسد الغابة. ((روى عنه من الصحابة ولداه: الحَسَنُ والحُسَيْنُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو رَافِعٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَصُهَيْبُ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَجُرِيرُ، وَأَبُو أُمَامَة، وَأَبُو جُحَيْفَة، وَالبَرَاءُ بْنُ عازِبٍ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ، وآخرون. ومن التابعين من المخضرمين، أو مَنْ له رؤية: عبد الله بن شداد بن الهاد، وطارق بن شهاب، و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، ومسعود بن الحكم، ومروان بن الحكم، وآخرون. ومن بقية التابعين عدد كثير من أجلِّهم أولاده: محمد، وعمر، والعباس.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((روى عليّ، رضي الله عنه، عن أبي بكر الصدّيق، رحمه الله.)) الطبقات الكبير.
((أَنبأَنا أَبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أَبي جرادة الحبلي. قال: حدثني عمي أَبو المجد عبد اللّه بن محمد بن أَبي جرادة. أَنبأَنا أَبو الحسن علي بن أَبي عبد اللّه بن محمد ابن أَبي جرادة، حدثنا أَبو الفتح عبد اللّه بن إِسماعيل بن أَحمد بن إِسماعيل بن سعيد بحلب، حدثنا الأَستاذ أَبو النمر الحارث بن عبد السلام بن رَغْبَان الحمصي، حدثنا أَبو عبد اللّه الحسين بن خالويه، أَنبأَنا أَبو بكر عبد اللّه بن محمد بن أَبي سعيد البزاز، حدثنا محمد بن الحسن بن موسى الكوفي، حدثنا أَبو نعيم، حدثنا عبد اللّه بن حبيب، أَخبرني أَبي قال: قال ابن عمر حين حضره الموت: ما أَجد في نفسي من الدنيا إِلا أَني لم أَقاتل الفئة الباغية. وقال أَبو عمر: روي من وجوه عن حبيب بن أَبي ثابت، عن ابن عمر أَنه قال: ما آسي على شيء إِلا أَني لم أَقاتل مع علي بن أَبي طالب الفئة الباغية. وقال الشعبي: ما مات مسروق حتى تاب إِلى الله تعالى من تخلفه عن القتال مع علي. ولعلي رضي الله عنه في قتال الخوارج وغيرها آيات مذكورة في التواريخ، فقد أَتينا على ذكرها في الكامل في التاريخ.)) أسد الغابة. ((أخبرنا الفضل بن دُكين أبو نُعيم، أخبرنا فِطر بن خليفة قال: حدّثني أبو الطّفيل قال: دعا عليّ النّاسَ إلى البيعة، فجاءَ عبد الرّحمن بن ملجم المرادي فردّه مرّتين، ثمّ أتاه فقال: ما يَحْبِسُ أشقاها، لَتُخْضَبَنّ أو لَتُصَبغنَّ هذه من هذا، يعني لحيته من رأسه، ثمّ تمثّل بهذين البيتين‏: ‏

اُشْدُدْ حَيازيمَكَ للمَوتِ فَإنّ الـمَوتَ لاقِيكا

ولا تَـجْزَعْ
من القَتْـلِ إذا حلّ
بوادِيـكا
قال محمّد بن سعد: وزادني غير أبي نعيم في هذا الحديث بهذا الإسناد عن عليّ بن أبي طالب والله إنّه لَعَهْدُ النّبيّ الأمّيّ صَلَّى الله عليه وسلم، إلَيّ. أخبرنا أبو أُسامة حمّاد بن أُسامة عن يزيد بن إبراهيم عن محمّد بن سيرين، قال عليّ ابن أبي طالب للمُراديّ:‏ ‏

أريدُ حباءهُ ويُريـدُ قَتْـلي عَذيرَكَ من خليلك من مُرادِ)) الطبقات الكبير. ((كان سبب قَتْل ابن ملجم له أنه خطب امرأةً من بني عِجْل بن لجيم يقال لها قطام، كانت ترى رَأْي الخوارج، وكان عليّ رضي الله عنه قد قتل أباها وإخوتها بالنهروان، فلما تعاقد الخوارج على قتل علي وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان، وخرج منهم ثلاثة نفر لذلك كان عبد الرّحمن بن مُلْجم هو الذي اشترط قَتْلَ عليّ رضي الله عنه، فدخل الكوفة عازمًا على ذلك، واشترى لذلك سيفًا بألْفٍ، وسقاه السّمّ فيما زعموا حتى لفَظَه، وكان في خلال ذلك يأتي عليًا رضي الله عنه يسأله ويستحمله، فيحمله، إلى أن وقعت عينُه على قطام، وكانت امرأةً رائعةً جميلة، فأعجبته ووقعت بنفسه فخطبها، فقالت‏:‏ آليت ألّا أتزوّج إلا على مَهْرٍ لا أريدُ سواه‏.‏ فقال:‏ وما هو؟ فقالت‏:‏ ثلاثة آلاف، وقُتْل عليّ بن أبي طالب.‏ فقال:‏ والله لقد قصدت لقَتْلِ عليّ بن أبي طالب والفَتْك، به وما أقدمني هذا المصر غير ذلك، ولكني لما رأيتك آثرْت تزويجك‏.‏ فقالت‏:‏ ليس إلا الذي قلت لك.‏ فقال لها‏: وما يغنيك أو ما يغنيني منك قَتْل عليَّ وأنا أعلم إني إن قتلته لم أفلت؟ فقالت‏:‏ إن قتلْتَه ونجوت فهو الذي أردت، تبلغ شفاء نفسي ويهنئك العيش معي، وإن قُتِلت فما عند الله خَيْرُ من الدّنيا وما فيها.‏ فقال لها:‏ لك ما اشترطت‏.‏ فقالت له‏: ‏ إني سألتمس مَنْ يشدُّ ظهرك‏.‏ فبعثت إلى ابن عم لها يقال له وَرْدَان بن مجالد، فأجابها، ولقي ابن مُلجم شبيب بن بَجَرَة الأشجعيّ، فقال:‏ يا شبيب، هل لك في شرفِ الدّنيا والآخرة؟ قال‏:‏ وما هو؟ قال:‏ تساعدني على قتْل عليّ بن أبي طالب، قال له:‏ ثكلتك أمّك! لقد جئت شيئًا إدًّا! كيف نقدرعلى ذلك؟ قال:‏ إنه رجل لا حَرَسَ له، يخرج إلى المسجد منفردًا ليس له من يحرسه فنكمن له في المسجد، فإذا خرج إلى الصَّلاة قتلناه، فإن نجونا نجونا، وإن قتلنا سعدنا بالذّكر في الدّنيا وبالجنة في الآخرة. فقال‏:‏ ويلك! إن عليًا ذو سابقة في الإسلامِ مع النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، والله ما تنشرح نفسي لقَتْله‏. فقال‏:‏ ويحك، إنه حكَّم الرّجال في دين الله عز وجل، وقتل إخواننا الصَّالحين، فنقتله ببعض من قتل، فلا تشكَّنَّ في دينك‏.‏ فأجابه، وأقبلا حتى دخلا على قطام وهي معتكفةٌ في المسجد الأعظم في قُبَّة ضربَتْها لنفسها، فدعَتْ لهم، وأخذوا سيوفهم، وجلسوا قبالة السُّدَّة التي يخرج منها عليّ رضي الله عنه، فخرج عليٌّ لصلاة الصّبح فبدره شبيبٌ فضربه فأخطأه، وضربه عبد الرّحمن بن ملجم على رأسه، وقال:‏ الحكم لله يا عليّ لا لك ولا لأصحابك، فقال عليّ رضي الله عنه:‏ فزْتُ وربّ الكعبة، لا يفوتنَّكم الكلب.‏ فشدَّ النّاسُ عليه من كل جانب، فأخذوه، وهرب شبيب خارجًا من باب كندة. وقد اختلف في صفة أخذ ابن ملجم، فلما أخِذ قال عليّ رضي الله عنه:‏ اجلسوه، فإن مت فاقتلوه ولا تمثّلوا به، وإن لم أمت فالأمر إِليَّ في العفو أو القصاص‏. واختلفوا أيضًا هل ضربه في الصّلاة أو قبل الدخول فيها؟ وهل استخلف مَنْ أتمَّ بهم الصّلاةَ أو هو أتمها؟ والأكثر أنه استخلف جعدة بن هبيرة، فصلّي بهم تلك الصّلاة، والله أعلم. وروى ابن الهادي، عن عثمان بن صهيب، عن أبيه أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لعلي:‏ ‏"‏مَنْ أَشْقَى الأَوَّلِين‏"‏؟ قال:‏ الذي عقر النّاقة ـــ يعني ناقة صالح.‏ قال‏:‏ ‏"‏صَدَقْتَ، فَمَنْ أَشْقَى الآَخِرِينَ‏"؟‏ قال:‏ لا أدري.‏ قال:‏ ‏"‏الَّذِي يُضْرِبُكَ عَلَى هَذَا‏"‏ ـــ يعني يافوخه‏:‏‏ "وَيَخْضِبُ هَذِهِ"أخرجه الطبراني في الكبير 8/45، والخطيب 1/135، وذكره الهيثمي في الزوائد 9/139، والهندي في كنز العمال حديث رقم 36429، 36563، 36577، 36578، 36587. ـــ يعني لحيته.(*) روى الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة الحِمَّاني أنه سمع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول:‏ والذي فلق الحبَّة، وبرأ النسمة لتخضبنَّ هذه ـــ يعني لحيته، من دم هذا ـــ يعني رأسه‏. وذكر النّسائيّ، من حديث عمار بن ياسر، عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال لعليّ رضي الله عنه:‏ ‏"‏أشقى النّاس الذي عقر النّاقة، والذي يضربك على هذا‏"‏ ـــ ووضع يده على رأسه "حتى يخضب هذه"‏ ـــ يعني لحيته(*)أخرجه أبو نعيم في الحلية 4/307.. وذكره الطّبري وغيره أَيضًا، وذكره ابن إسحاق في السِّيَرِ وهو معروف من رواية محمد ابن كعب القرظيّ، عن يزيد بن جُشم، عن عمار بن ياسر وذكره ابن أبي خيثمة من طُرق، وكان قتادة يقول:‏ قُتل عليّ رضي الله عنه على غير مالٍ احتجبه، ولا دنيا أصابها. حدّثنا خلف بن سعيد الشّيخ الصّالح رحمه الله، حدّثنا عبد الله بن محمد بن عليّ، حدّثنا أحمد بن خالد، حدّثنا إِسحاق بن إِبراهيم، حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمر عن أيّوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: كان عليّ رضي الله عنه إذا رأى ابن مُلْجم قال: [الوافر]

أُرِيـدُ حَيَاتـَهُ وَيُرِيـدُ قَتْلِي عَذِِيـرَكَ مِنْ خَليـلِكَ مِنْ مُـرَادِ
وكان علي رضي الله عنه كثيرًا ما يقول:‏ ما يمنع أشقاها؛ أو ما ينتظر أشقاها أن يخضب هذه من دمِ هذا، يقول:‏ والله ليخضبن هذه من دم هذا ـــ ويشيرُ إِلى لحيته ورأسه ـــ خضاب دم لا خضاب عِطْر ولا عَبير. وذكر عمر بن شَبَّة، عن أبي عاصم النّبيل وموسى بن إسماعيل، عن سكين بن عبد العزيز العبديّ أنه سمع أباه يقول:‏ جاء عبد الرّحمن بن ملجم يستحمل عليًا فحمله، ثم قال‏:[‏الوافر]

أُرِيـدُ حَيَاتـَهُ وَيُرِيـدُ قَتْلِي عَذِيـرِي مِنْ خَلِيـليِ مِنْ مُـرَادِ
أما إن هذا قاتلي.‏ قيل‏:‏ فما يمنعك منه؟ قال:‏ إنه لم يقتلني بعد.‏ وأُتي عليّ رضي الله عنه فقيل له:‏ إِن ابن مُلجم يسمّ سيفه‏. ويقول‏:‏ إنه سَيْفتكُ بك فتْكةً يتحدَّث بها العرب. فبعث إليه، فقال له:‏ لم تسمُّ سيفك؟ قال: لعدوّي وعدوّك.‏ فخلّى عنه، وقال‏: ما قتلني بعد‏.))
((وروى سعد بن أبي وقّاص، وسهل بن سعد، وأبو هريرة، وبُريدة الأسلميّ، وأبو سعيد الخدريّ، وعبد الله بن عمر، وعمران بن الحصين، وسلمة بن الأكوع، كلُّهم بمعنى واحد، عن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال يوم خَيْبر:‏ ‏"‏لأَعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرسولَهُ، وَيُحبُّه اللَّهُ وَرَسُولُه، لَيْسَ بِفَرَّارٍ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ"‏‏ أخرجه البخاري في الصحيح 4/65، 73، ومسلم في الصحيح كتاب الجهاد باب 45، حديث رقم 12، وفضائل الصحابة باب 4 رقم32، 33، 34، 35، والترمذي في حديث رقم 3724، وابن ماجة في السنن حديث رقم 121، وأحمد في المسند 1/99، 4/52، والبيهقي في السنن 6/362، 9/131..‏ ثم دعا بعليّ وهو أرمد، فتفل في عَيْنَيْه وأَعطاه الرّاية؛ ففتح الله عليه.(*) وهذه كلها آثار ثابتة.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن عليّ بن أبي طالب كان صاحب لواء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يوم بدر وفي كلّ مَشْهَد.)) ((أخبرنا يَعْلى بن عُبيد، أخبرنا الأعمش، عن عمرو بن مُرّة عن أبي البَخْتَريّ عن عليّ قال: بعثني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى اليَمَن فقلتُ يا رسول الله بعثتني وأنا شابّ أقضي بينهم ولا أدرى ما القضاءُ! فضرب صدري بيده ثمّ قال: ‏"‏اللّهمّ اهدِ قلبه وثبّت لسانه!" فوالّذي فلق الحبّةَ ما شككتُ في قضاء بين اثنين.(*) أخبرنا الفضل بن عَنْبَسَة الخَزّاز الواسطيّ قال: أخبرنَا شَريك، عن سِماك، عن حَنش بن المعتمر، عن عليّ قال: بعثني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى اليمن قاضيًا فَقُلتُ: يا رسول الله إنّك تُرسِلُني إلى قوم يسألونَني ولا عِلْمَ لي بالقضاء! فوضع يدَه على صَدري وقال: "إنّ الله سَيَهْدي قَلْبَكَ ويثبّت لسانك فإذا قعد الخصْمان بين يَدَيْك فلا تَقِض حتى تسمع من الآخر كما سمعتَ من الأوّل، فإنّه أحرى أن يتبيّن لك القضاءُ": فما زلتُ قاضيًا أوْ ما شككتُ في قضاء بعدُ.(*) أخبرنا عُبَيْدُ الله بن موسى العَبسيّ، أخبرنا شيبان عن أبي إسحاق عن عمرو بن حُبْشيّ عن حارثة عن عليّ وأخبرنا عُبَيْد الله بن موسى وحدّثني إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة عن عليّ قال: بعثني النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، إلى اليمن فقلتُ يا رسول الله إنّكَ تبعثني إلى قوم شُيوخ ذوي أسنان وإنّي أخاف أن لا أصيب! فقال: "إنّ الله سيُثَبّت لسانك ويهدي قلبك".(*))) الطبقات الكبير. ((أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد بن سعيد، حدّثنا أبو بكر أحمد بن الفضل بن العبّاس الدينوريّ، حدّثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطّبري، حدّثنا أبو كريب محمّد بن العلاء ومحمد بن هَيَّاج، قالا‏:‏ حدّثنا محمد بن عبد الرّحمن الأزديّ، حدّثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، قال:‏ بعث رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام، فكنْتُ فيمن سار معه، فأَقام عليهم ستّة أشهر، لا يجيبونه إلى شيء، فبعث النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب، وأمره أن يَقْفُل خالد ومن اتبعه إلا من أراد البقاء مع علي رضي الله عنه فيتركه، قال البراء:‏ فكنت فيمن قعد مع عليّ، فلما انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القومَ الخبرُ، فجمعوا له، فصلّى بنا عليٌّ الفجر، فلما فرغ صففنا صفًا واحدًا، ثم تقدّم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ عليهم كتابَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلمت همدان كلّها في يوم واحدٍ، وكتب بذلك عليّ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلما قرأ كتابه خرَّ ساجدًا، ثم جلس، فقال:‏ "السّلام على همدان، وتتابع أهلُ اليمن على الإسلام".(*) بُويع لعليّ رضي الله عنه بالخلافة يوم قُتل عثمان رضي الله عنه، واجتمع على بَيْعَته المهاجرون والأنصار، وتخلَّف عن بيعته منهم نَفَر، فلم يَهجْهُم، ولم يكرههم وسئل عنهم فقال:‏ أولئك قوم قعدوا عن الحقّ، ولم يقوموا مع البَاطل. وفي رواية أخرى:‏ أولئك قوم خَذَلوا الحقَّ، ولم ينصروا الباطل.‏ وتخلّف أيضًا عن بَيْعته معاوية، ومن معه في جماعةِ أهل الشّامِ، فكان منهم في صِفّين بعد الجمل ما كان؛ تغمد الله جميعهم بالغفران)) ((كان عليّ رضي الله عنه يسير في الفيء مسيرة أبي بكر الصّدّيق في القسم، إذا ورد عليه مال لم يُبْقِ منه شيئًا إلا قسمه، ولا يترك في بيت المال منه إلا ما يعجز عن قسْمَته في يَوْمه ذلك. ويقول:‏ يا دنيا غُرِّي غيري.‏ ولم يكن يستأثر من الفيّ ء بشيء، ولا يخصُّ به حميمًا، ولا قريبًا، ولا يخصُّ بالولايات إلا أهل الدّيانات والأمانات، وإذا بلغه عن أحدهم خيانة كتب إليه‏: "قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُم، فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالِميزَانَ بِالْقِسْطِ، وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُم، وَلَا تَعْثَوَا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينِ.‏ بَقِيَّةٌ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُم إِنْ كُنْتُم مُؤْمِنيِنَ‏. وَمَا أَنَا عَلَيّكُم بِحَفِيظٍ"‏ إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يديك من أعمالنا حتى نبعث إليك من يتسلّمه منك، ثم يرفع طَرْفَه إلى السّماء، فيقول: اللّهم إِنك تعلم أني لم آمرهم بظُلْمِ خلقك، ولا بِتَرْك حقك. وخطبُه ومواعظه ووصاياه لعُمَّاله إِذْ كان يخْرِجهم إِلى أعمالِهِ كثيرة مشهورة، لم أر التعرُّض لذكرها، لئّلا يطولَ الكتاب، وهي حِسَانٌ كلها. وقد ثبت عن الحسن بن علي من وجوهٍ أنه قال:‏ لم يترك أبي إِلَّا ثمانمائة درهم أو سبعمائة فضلت من عطائه، كان يعدها لخادم يشتريها لأهله.‏ وأما تقشفه في لباسه ومطعمه فأشهر من هذا كلّه، وبالله التوفيق والعِصْمَة. حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا عبد الله بن عمر الجوهريّ، حدّثنا أحمد بن محمد بن الحجّاج، حدّثنا يحيى بن سليمان‏. قال:‏ حدّثنا عبد الرّحيم بن سليمان، قال:‏ حدّثنا أجلح بن عبد الله الكنديّ، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: رأيت عليًّا خرج وعليه قميص غليظ دارس إذا مدّ كُمَّ قميصه بلغ إلى الظّفر، وإذا أرسله صار إلى نصف السّاعد. قال:‏ وأخبرنا يحيى بن سليمان، قال:‏ حدّثنا خالد بن عبد الله الخراسانيّ أبو الهيثم،قال:‏ حدّثنا أبجر بن جُرموز. عن أبيه، قال‏: رأيت عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه يخرج من الكوفة وعليه قِطْريتان متزرًا بالواحدة مترديًا بالأخرى، وإزاره إلى نصف الساق، وهو يطوف في الأسواق، ومعه دِرّة، يأمرهم بتقوى الله وصِدْق الحديث، وحُسن البيع، والوفاء بالكيل والميزان. وبه عَنْ يحيى بن سليمان، قال:‏ حدّثني يعلى بن عُبيد، ويحيى بن عبد الملك بن أبي غَنِيَّة، قال:‏ حدّثنا أبو حيان التيميّ، عن مجمع التيميّ، أن عليًا قسم ما في بيت المال بين المسلمين، ثم أمر به فكنِس ثم صلّى فيه، رجاء أن يشهد له يوم القيامة. قال: وأخبرني يحيى بن سليمان، وحامد بن يحيى، قالا:‏ حدّثنا سُفيان قال:‏ حدّثني عاصم بن كليب، عن أبيه قال:‏ قدم عَلَى عَلِيّ مالٌ من أصبهان، فقسّمه سبعة أسباع، ووجد فيه رغيفًا، فقسمه سبع كسر، فجعل على كل جزء كِسْرَة، ثم أقرع بينهم أيُّهم يُعطي أولًا.‏ وأخباره في مثل هذا من سيرته لا يحيط بها كتاب. حدّثنا سعيد بن نصر، قال:‏ حدّثنا قاسم بن أصبغ، قال:‏ حدّثنا محمد بن عبد السّلام الخشنيّ، قال:‏ حدّثنا أبو الفضل العبّاس بن فرج الرّياشي، قال:‏ حدّثنا أبو عاصم الضّحاك بن مخلد ومعاذ بن العلاء أخي عمرو بن العلاء عن أبيه، عن جدّه، قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول:‏ ما أصبتُ من فيئكم إلا هذه القارُورة، أهدادها إليَّ الدّهقان، ثم نزل إلى بيت المال، ففرَّق كلَّ ما فيه، ثم جعل يقول: [الرجز]

أَفْلَحَ مَنْ كَانَتْ لَهُ قَوْصَـرَّهْ يَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّه
حدّثنا خلف بن قاسم، قال حدّثنا عبد الله بن عمر، حدّثنا أحمد بن محمد، حدّثنا يحيى بن سليمان.‏ حدّثنا وكيع، حدّثنا أبو سنان، عن عنترة الشيّباني، قال:‏ كان علي يأخذ في الجزية والخراج من أهل كل صناعة من صناعته وعَمل يده حتى يأخذ من أهل الإبر الإبر والمسالّ والخيوط والحبال، ثم يقسّمه بين النّاس، وكان لا يدع في بيت المال مالًا يبيت فيه حتى يقسّمه، إلا أن يغلبه فيه شُغل، فيصبح إليه وكان يقول:‏ يا دنيا لا تغرّيني، غَرِّي غيري، وينشد‏: [الرجز]

هَذَا جَنَايَ وَخِيَارُهُ فِيهِ وَكُلُّ جَانٍ يَدُه إِلَى فِيهِ
وذكر عبد الرّزّاق، عن الثّوري، عن ابن حيان التّيمي، عن أبيه، قال:‏ رأيت عليّ بن أبي طالب على المنبر يقول:‏ من يشتري مِنِّي سيفي هذا؟ فلو كان عندي ثمن إزار ما بِعْتُه، فقام إليه رجل فقال:‏ نسلفك ثمن إزار.‏ قال عبد الرّزّاق‏: وكانت بيده الدّنيا كلّها إلا ما كان من الشّام. وذكر عبد الرّزّاق عن الثّوري، عن أبي إِسحاق، عن زيد بن يُثيع، عن حذيفة، قال:‏ ‏ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم‏: ‏"‏إِن وَلّوا عَلِيًا فَهَادِيًا مهْدِيًا"‏‏.(*) قيل لعبد الرّزّاق‏: سمعْت هذا من الثّوري؟ فقال:‏ حدّثنا النّعمان عن ابن أبي شيبة، ويحيى بن العلاء، عن الثّوري، حدّثنا خلف بن قاسم، قال:‏ حدّثنا عبد الله بن عمر، قال:‏ حدّثنا أحمد بن محمد بن الحجّاج، قال:‏ حدّثنا سفيان بن بشر، قال:‏ حدّثنا عبد الرّحيم بن سليمان، عن يزيد بن زياد، عن إِسحاق بن كعب بن عُجْرة، قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:‏ ‏"‏عليٌّ مُخشَوْشِنٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ‏".(*))) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((أَنبأَنا عبد اللّه بن أَحمد الخطيب، أَنبأَنا أَبو الحسين بن طلحة النعال، إِجازة إِن لم يكن سماعًا، أَنبأَنا أَبو الحسين بن بِشْرَان حدثنا إِسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا جعفر بن زياد الأَحمر، عن عبد الملك بن عمير قال: حدثني رجل من ثقيف قال: استعملني علي بن أَبي طالب على مدرج سابور، فقال: لا تضربن رجلًا سوطًا في جباية درهم. ولا تَتَّبِعَنّ لهم رزقًا ولا كسوة شتاءً ولا صيفًا، ولا دابة يعتملون عليها، ولا تقيمن رجلًا قائمًا في طلب درهم. قلت: يا أَمير المؤمنين، إِذن أَرجع إِليك كما ذهبت من عندك. قال: وإِن رجعت ويحك! إِنما أُمرنا أَن نأْخذ منهم العفو ــ يعني الفضل. وزهده وعدله رضي اللّه عنه لا يمكن استقصاءَ ذكرهما، فلنقتصر على هذا.)) أسد الغابة. ((لما قُتل عثمان بايعه الناس، ثم كان مِن قيام جماعةٍ من الصحابة منهم طلحة والزبير وعائشة في طلب دَمِ عثمان، فكان مِن وقعة الجمل ما اشتهر. ثم قام معاوية في أهل الشام، وكان أميرها لعثمان ولعُمر مِنْ قَبْله، فدعا إلى الطلب بدم عثمان، فكان من وقعة صِفّين ما كان. وكان رَأْي عليٍّ أنهم يدخلون في الطاعة ثم يقوم وَلِيّ دم عثمان فيدّعي به عنده، ثم يعمل معه ما يوجبه حكم الشريعة المطهّرة، وكان مَنْ خالفه يقول له: تَتَبَّعْهم واقتلهم؛ فيرى أنّ القِصَاص بغير دعوى ولا إقامة بينة لا يتَّجِه. وكل من الفريقين مجتهد. وكان من الصحابة فريق لم يدخلوا في شيء من القتال، وظهر بقَتل عمَّار أنَّ الصواب كان مع علي. واتفق على ذلك أهلُ السنة بعد اختلافٍ كان في القديم، ولله الحمد. ومن خصائص عليّ قوله صَلَّى الله عليه وسلم يوم خَيْبر: "لأدْفَعَنَّ الرَّايَةَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَه، ويَحبُّهُ اللهُ ورَسُولُه، يَفْتَحُ الله عَلَى يَدَيهِ". فلما أصبح رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم غَدْوا كلُّهم يرجو أَنْ يُعْطاها، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟" فقالوا: هو يشتكي عينيه، فأتي به فبصق في عينيه، فدعا له فبرأ؛ فأعطاه الرَّايَةَ(*)أخرجه أحمد في المسند 2/384، وعبد الرزاق في المصنف حديث رقم 9637، 20395، والبخاري في التاريخ الكبير 7/263. وابن أبي عاصم في السنة 2/608. وأورده الهيثمي في الزوائد 9/126، . أخرجاه في "الصَّحِيحَيْنِ" من حديث سهل بن سعد، ومن حديث سلَمة بن الأكْوَع نحوه باختصار؛ وفيه: "يفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ". وفي حديث أبي هريرة عند مسلم نحوه، وفيه: فقال عمر: ما أحببْتُ الإمارة إلا ذلك اليوم. وفي حديث بريرة عند أحمد نحو حديث سهل؛ وفيه زيادة في أوله، وفي آخره قصة مَرْحب، وقَتْلِ عليّ له فضربه على هامته ضربةً حتى عضّ السيف منه بَيْضَة رأسه، وسمع أهْلُ العسكر صوتَ ضربته، فما قام آخر الناس حتى فتح اللهُ لهم. وفي المسند لعبد الله بن أحمد بن حنبل، مِنْ حديث جابر ـــ أنّ النبي صَلَّى الله عليه وسلم لما دفع الرايةَ لعلي يوم خَيْبَر أسرع، فجعلوا يقولون له: ارفق، حتى انتهى إلى الحِصْن، فاجتذب بابَه فألقاه على الأرض، ثم اجتمع عليه سبعون رجلًا حتى أعادوه.(*) وفي سنده حرام بن عثمان متروك. وجاءت قصةُ الباب من حديث أبي رافع، لكن ذكر دون هذا العدد. وأخرج أَحْمَدُ، والنَّسَائِيُّ، من طريق عمرو بن ميمون: إني لجالس عند ابن عباس إذ أتاه سبعةُ رهطٍ... فذكر قصةَ فيها: قد جاء ينفض ثَوْبه، فقال: وقعوا في رَجُل له عزّ. وقد قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "لأبْعَثنَّ رَجُلًا لَا يُخْزِيهِ اللهُ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَه". فجاء وهو أَرْمَد فبزق في عينيه، ثم هزّ الراية ثلاثًا فأعطاه، فجاء بصفية بنت حييّ، وبعثه يقرأ براءة على قريش، وقال: "لَا يَذْهَبُ إِلَّا رَجُلٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ"(*)أخرجه ابن ماجه في السنن 1/43، وأورده الهيثمي في الزوائد 9/122..)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((أَنبأَنا عبد الوهاب بن هبة الله بإِسناده إِلى عبد اللّه بن أَحمد: حدّثني أَبي، حدّثنا أَسود بن عامر، حدثني عبد الحميد بن أَبي جعفر ـــ يعني الفراء ـــ عن إِسرائيل، عن أَبي إِسحاق، عن زيد بن يُثَيع، عن علي قال: قيل: يَا رَسُولَ الله، مَنْ يُؤَمَّرُ بَعْدَكَ؟ قَالَ: "إِنْ تُؤَمِّرُوا أَبَا بَكْرِ تَجِدُوهُ أَمِينًا زَاهِدًا فِي الْدُّنْيَا، رَاغِبًا فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ تُؤمِّرُوا عُمَرَ تَجِدُوهُ قَوِيًّا أَمِيْنًا، لاَ يَخَافُ فِي الله لَوْمَةَ لاَئِم. وَإِنْ تُؤَمِّرُوا عَلِيًّا ـــ وَلاَ أَرَاكُمْ فَاعِلِيْنَ ـــ تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْدِيًا، يَأْخُذُ بِكُمْ الْصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" أخرجه أحمد في المسند 1/108، 109.. أَنبأَنا عبد اللّه بن أَحمد بن عبد القاهر، أَنبأَنا أَبو غالب محمد بن الحسن الباقلاَّني، إِجازة أَنبأَنا أَبو علي بن شاذان، أَنبأَنا عبد الباقي بن قانع، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا العباس بن بكار، عن شريك، عن سلمة، عن الصُّنَابحي، عن علي قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْكَعْبَةِ، تُؤْتَى وَلاَ تَأْتِي، فَإِنْ أَتَاكَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ فَسَلَّمُوهَا إِلَيْكَ" ـــ يَعْنِي الْخِلَافَةَ ـــ "فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَأَتُوكَ فَلَا تَأْتِهِمْ حَتَّى يَأْتُوكَ"(*) ذكره ابن عرافة الكناني في تنزيه الشريعة 1/399.. أَنبأَنا يحيى بن محمود، أَنبأَنا الحسن بن أَحمد قراءَة عليه وأَنا حاضر، أَنبأَنا أَبو نعيم، أَنبأَنا أَبو علي محمد بن أَحمد بن الحسن، حدثنا عبد اللّه بن محمد، حدثنا إِبراهيم بن يوسف الصيرفي عن يحيى بن عروة المرادي قال: سمعت عليًا رضي الله عنه يقول: قُبض النبي صَلَّى الله عليه وسلم وأَنا أَرَى أَني أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْر، فَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَبِي بَكْرِ، فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ، ثم إِنَّ أَبَا بَكْرٍ أُصِيبَ، فَظننت أنَّهُ لاَ يَعْدِلُهَا عَنِّي، فَجَعَلَهَا فِي عُمَرَ، فَسَمِعْتُ وأَطَعْتُ ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ أَصِيبَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لاَ يَعْدِلُهَا عَنِّي، فَجَعَلَهَا فِي سِتَّةٍ أَنَا أَحَدُهُمْ، فَوَلَّوْهَا عثمانَ، فَسَمعْتُ وَأَطَعْتُ. ثُمَّ إِنَّ عثمانَ قُتِلَ، فَجَاءُوا فَبَايَعُونِي طَائِعِيْنَ غَيْرَ مُكْرَهِيْنَ، ثُمَّ خَلَعُوا بَيْعَتِي، فَوَالله مَا وجدتُّ إِلاَّ الْسَّيْفَ أَوِ الْكُفْرَ بِمَا أَنْزِلَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلم. أَخبرنا ذاكر بن كامل بن أَبي غالب الخفاف وغيره إِجازة قالوا: أَخبرنا أَبو غالب بن البنا، أَخبرنا أَبو الحسين محمد بن أَحمد بن الأَبنوسي، أَنبأَنا أَبو القاسم عبيد اللّه بن عثمان ابن يحيى بن حنيقًا، أَنبأَنا أَبو محمد إِسماعيل بن علي بن إِسماعيل الخُطَبي قال: استخلِفَ أَميرُ المؤمنين عليٌّ كَرَّم الله وجهه، وبويع له بالمدينة في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان، في ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين. قال: وحدثنا إِسماعيل الخَطُبي: حدثنا إِسحاق بن إِبراهيم بن أَبي حسان الأَنماطي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع القرشي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أَبي ذئب، عن الزهري، عن ابن المسيب قال: لما قتل عثمان جاءَ الناس كلهم إِلى علي يُهْرَعون، أَصحاب محمد وغيرهم، كلهم يقول: "أَمير المؤمنين علي"، حتى دخلوا عليه داره، فقالوا: نبايعك فَمُدَّ يدك، فأَنت أَحق بها. فقال علي: ليس ذاك إِليكم، وإِنما ذاك إِلى أَهل بدر، فمن رضي به أَهل بدر فهو خليفة. فلم يبق أَحد إِلا أَتى عليًا، فقالوا: ما نرى أَحدًا أَحق بها منك، فمد يدك نبايعك. فقال: أَين طلحة والزبير؟ فكان أَوّل من بايعه طلحة بلسانه، وسعد بيده، فلما رأَى عليّ ذلك خرج إِلى المسجد، فصعد المنبر، فكان أَوّل من صعد إِليه، فبايعه طلحة، وتابعه الزبير، وأَصحاب النبي صَلَّى الله عليه وسلم ورضي عنهم أَجمعين. أَنبأَنا أَبو محمد بن أَبي القاسم الدمشقي إِجازة، أَنبأَنا أَبي، أَنبأَنا أَبو القاسم علي بن إِبراهيم، عن رَشَأَ بن نظيف، حدثنا الحسن بن إِسماعيل، حدثنا أَحمد بن مروان، حدثنا محمد بن موسى بن حماد، حدثنا محمد بن الحارث، عن المدائني قال: لما دخل علي بن أَبي طالب الكوفة، دخل عليه رجل من حكماءِ العرب فقال: والله يا أَمير المؤمنين لقد زِنْت الخلافة وما زَانتك، ورفعتها وما رفعتك، وهى كانت أَحوج إِليك منك إِليها. أَنبأَنا أَبو ياسر بن أَبي حَبَّة بإِسناده إِلى عبد اللّه بن أَحمد قال: حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا، قبيصة، عن أَبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن أَبي وائل قال قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليًا؟ فقال: ما ذنبي؟ قد بدأْت بعلي فقلت: أَبايعك على كتاب الله وسنة نبيه وسيرة أَبي بكر وعمر. قال فقال: فيما استطعت. قال: ثم عَرَضتها على عثمان فقبلها. ولما بايعه الناس تخلف عن بيعته جماعة من الصحابة، منهم: ابن عمر، وسعد، وأُسامة، وغيرهم. فلم يلزمهم بالبيعة، وسُئِل عليّ عمن تخلف عن بيعته، فقال: أُولئك قعدوا عن الحق، ولم ينصروا الباطل. وتخلف عنه أَهل الشام مع معاوية فلم يبايعوه، وقاتلوه. أَنبأَنا أَبو القاسم يحيى بن أَسعد بن يحيى بن بوش، كتابة، أَنبأَنا أَبو طالب عبد القادر ابن محمد بن عبد القادر بن يوسف، أَنبأَنا أَبو محمد الجوهري، أَنبأَنا أَبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ، أَنبأَنا محمد بن الحسن بن طازاد الموصلي، حدثنا علي بن الحسين الخواص، عن عفيف بن سالم عن فِطْر بن خليفة، عن أَبي الطفيل، عن أَبي سعيد قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم فَانْقَطَعَ شِسْعُهُ، فَأَخَذَهَا عَلِيٌّ يُصْلِحُهَا، فَمَضَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيْلِ الْقُرْآنِ، كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيْلِهِ". فَاسْتَشْرَفَ لَهَا الْقَوْمُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَكِنَّهُ خَاصِفُ الْنَّعْلِ". فَجَاءَ فَبَشَّرْنَاهُ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَرْفَعْ بِهِ رَأْسًا، كَأَنَّهُ شَيْءٌ قَدْ سَمِعَهُ مِنَ الْنَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم(*) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 12/64 وذكره المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 36351 وعزاه لابن أبي شيبة وأحمد وأبي يعلى وابن حبان والحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية.. أَنبأَنا أَرسلان بن بعان الصوفي، حدثنا أَبو الفضل أَحمد بن طاهر بن سعيد بن أَبي سعيد الميهني، أَنبأَنا أَبو بكر أَحمد بن خلف الشيرازي، أَنبأَنا الحاكم أَبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ، أَنبأَنا أَبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيم الشيباني، حدثنا الحسين بن الحكم الحيري، حدثنا إِسماعيل بن أَبان، حدثنا إِسحاق بن إِبراهيم الأَزدي، عن أَبي هارون العَبْدي، عن أَبي سعيد الخدري قال: أَمَرَنَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بِقِتَالِ الْنَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِيْنَ وَالْمَارِقِينَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم أَمَرْتَنَا بِقِتَالِ هَؤُلاَءِ، فَمَعَ مَنْ؟ فَقَالَ: "مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، مَعَهُ يُقْتَلُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرِ" أخرجه أحمد في المسند 2/361، 3/5، 6/315 والهيثمي في الزوائد 9/272، وأبو نعيم في الحلية 7/198.. قال: وأَخبر الحاكم، أَنبأَنا أَبو الحسن علي بن حمشاد العدل، حدثنا إِبراهيم بن الحسين ابن ديزيل حدثنا عبد العزيز بن الخطاب، حدثنا محمد بن كثير، عن الحارث بن حَصِيرة، عن أَبي صادق، عن مِخْنف بن سليم قال: أَتينا أَبا أَيوب الأَنصاري، فقلنا: قاتلت بسيفك المشركين مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم جئت تقاتل المسلمين؟ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الْنَّاكِثِيْنَ وَالْقَاسِطِيْنَ وَالْمَارِقِيْنَ. وأَنبأَنا أَبو الفضل بن أَبي الحسن بإِسناده عنأَبي يعلى: حدثنا: إِسماعيل بن موسى، حدثنا الربيع بن سهل، عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة قال: سمعت عليًا على منبركم هذا يقول: عهد إِليّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَنْ أَقَاتِلَ الْنَّاكِثِيْنَ وَالْقَاسِطِيْنَ وَالْمَارِقِيْنَ.)) أسد الغابة.
((أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن عُلية عن عُمارة بن أبي حفصة عن أبي مِجْلَز قال: جاء رجل من مراد إلى عليّ وهو يصلّي في المسجد فقال: احْتَرِسْ فإنّ ناسًا من مراد يريدون قتلك، فقال: إنّ مع كلّ رجل مَلَكَين يحفظانه ممّا لم يُقَدّرْ فإذا جاء القَدَر خلّيَا بينه وبينه، وإنّ الأجل جُنّة حصينة. قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسّان عن محمّد عن عُبيدة قال: قال عليّ: ما يَحْبِسُ أشقاكم أنْ يَجيءَ فَيَقْتُلَني؟ اللّهمّ قد سَئِمْتُهُمْ وسَئِمُوني فأرِحْهُمْ مني وأرحني منهم. قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح قال أخبرنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله ابن سبع قال سمعت عليًّا يقول: لَتُخْضََبَنّ هذه من هذه فما يُنْتَظَرُ بالأشْقَى، قالوا: يا أمير المؤمنين فأخبرْنَا به نُبيرُ عِتْرَتَه، فقال: إذًا والِلّه تَقْتُلُون بي غيرَ قاتلي، قالوا: فاسْتَخْلِفْ علينا، فقال: لا ولكنْ أتْرُكُكُمْ إلى ما تركَكُمْ إليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قالوا: ما تقول لربّك إذا أتَيْتَهُ؟ قال: أقول اللّهمّ تَرَكْتُكَ فيهم فإن شِئْتَ أصْلَحْتَهُمْ وإن شِئْتَ أفْسَدْتَهُم. قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن سنان بن حبيب عن نُبَلَ بنت بدر عن زوجها قال: سمعتُ عليًّا يقول لَتُخْضَبَنّ هَذِهِ مِنْ هذا، يعني لحيته من رأسه. قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى، قال أخبرنا موسى بن عُبيدة عن أبي بكر بن عُبيد الله بن أنس أو أيّوب بن خالد أو كليهما، أخبرنا عُبيد الله أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال لعليّ: "يا عليّ من أشْقَى الأّولِين والآخرين؟" قال: الله ورسوله أعلم قال: "أشْقَى الأوّلين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين الذي يطعُنُك يا عليّ"، وأشار إلى حيثُ يُطْعَن.(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا سليمان بن القاسم الثقفيّ قال: حدّثتني أمّي عن أمّ جعفر سُريّّة عليّ قالت: إني لأصُبّ على يديه الماءَ إذ رفع رأسه فأخذ بلحيته فرفعها إلى أنفه فقال: واهًا لَكِ لَتُخْضَبِنّ بدم! قالت فأُصيبَ يوم الجمعة. قال: أخبرنا خالد بن مَخْلَد ومحمّد بن الصلت قالا: أخبرنا الربيع بن المُنذر عن أبيه عن ابن الحنفيّة قال: دَخَلَ علينا ابنُ مُلْجَم الحَمّامَ وأنا وحسن وحسين جلوس في الحمّام، فلمّا دخل كأّنهما اشمأزّا منه وقالا: ما أجْرَأكَ تدخل علينا! فقلت لهما: دَعاه عنكما فَلَعَمْري ما يريد بكما أحْشَمُ من هذا. فلمّا كان يومَ أُتِيَ به أسيرًا قال ابن الحنفيّة: ما أنا اليوم بأعْرَفَ به منّي يومَ دَخَلَ علينا الحمّام، فقال عليّ: إنه أسير فأحْسِنُوا نُزُلَه وأكْرِموا مَثْواه فإنْ بَقيتُ قَتَلْتُ أو عفوتُ وإن متّ فَاقْتُلُوهُ قِتْلَتي ولا تَعْتَدُوا إن الله لاُيحِبّ المعتدين. قال: أخبرنا جَرير عن مغيرة عن قُثَم مَولَى لابن عبّاس قال: كَتَبَ عليّ في وصيته إلى أكبر ولدي غير طاعن عليه في بطن ولا فرج. قالوا: انتدب ثلاثةُ َنفَر من الخوارج: عبد الرّحمن بن مُلْجم المراديّ، وهو من حِمْيَر، وعِداده في مُرِادٍ، وهو حَليفُ بني جَبلة من كِندة، والبُرَك بن عبد الله التميميّ، وعمرو ابن بُكَير التميميّ، فاجتمعوا بمكّة وتَعاهدوا وتَعَاقدوا لَيَقْتُلُنّ هؤلاء الثلاثةَ: عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعَمرو بن العاص ويريحوا العباد منهم، فقال عبد الرّحمن بن مُلجم: أنا لكم بعَليّ بن أبي طالب، وقال البُرَكُ: وأنا لكم بمعاوية، وقال عمرو بن بُكيَر: أنا أكْفِيكُمْ عمرو بن العاص. فتَعاهدوا على ذلك وتَعاقدوا وتَواَثقوا لا َينْكُصُ رجلٌ منهم عن صاحبه الذي سَمَّي ويتوجّه إليه حتى يقتله أو يموت دونه، فاتّعدوا بينهم ليلة سبعَ عشرةَ من شهر رمضان، ثمّ توجّه كلّ رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، فقَدِمَ عبدُ الرّحمن بن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتَمَهُم ما يريد، وكان يزورهم ويزورونه، فزارَ يومًا نفرًا من تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها قَطامِ بنت شِجْنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب ـ وكان عَليّ قَتَلَ أباها وأخاها يومَ نهروان فأعجبته فخطبها، فقالت: لا أتزوّجُك حتّى تُسِْني لي المهرَ، فقال: لا تَسْألينَني شَيْئًا إلاّ أعطيتُكِ، فقالت: ثلاثة آلاف وقتلَ عليّ بن أبي طالب، فقال: والله ما جاءَ بي إلى هذا المصر إلاّ قتلُ عليّ بن أبي طالب وقد آتيتُكِ ما سألْتِ. ولقي عبدُ الرّحمن بن مُلجم شبيبَ بن بَجَرَة الأشجعي فأعلمه ما يريد ودعاه إلى أن يكون معه فأجابه إلى ذلك، وبات عبد الرّحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليًّا في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكنديَّ في مسجده حتى كاد أن يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فضَحَك الصّبحُ فقُمْ، فقام عبد الرّحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما ثمّ جاءا حتى جلسا مقابل السّدّة التي يخرج منها عليّ. قال الحسن بن عليّ: وأتيته سَحَرًا فجلست إليه فقال: إني بِتّ اللّيلةَ أوقظ أهلي فَمَلَكَتني عيناي وأنا جالس فسنَحَ لي رسول الله فقلت: يا رسول الله ما لقيتُ من أُمّتِكَ من الأوَد واللَّدَد، فقال لي: "ادْعُ اللَّه عليهم"، فقلت اللّهمّ أبْدِلْني بهم خيًرا لي منهم وأبدلهم شرًّا لهم مني. ودخل ابن النّبّاح المؤذّنُ على ذلك فقال: الصّلاة، فأخذت بيده فقام يمشي وابن النّبّاح بين يديه وأنا خلفه، فلمّا خرج من الباب نادى: أيّها النّاسُ الصّلاةَ الصّلاةَ، كذلك كان يفعل في كلّ يوم يخرج ومعه درّتُهُ يوقِظُ النّاسَ، فاعترضه الرّجلان، فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف وسمعتُ قائلًا يقول: لله الحُكْمُ يا عليّ لا َلكَ! ثمّ رأيتُ سيفًا ثانيًا فضربا جميعًا فأمّا سيف عبد الرّحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قَرْنه ووصل إلى دماغه، وأمّا سيف شبيب فوقع في الطّاق، وسمعتُ عليًّا يقول: لا يفوتنّكم الرجلُ، وشدّ الناّسُ عليهما من كلّ جانب. فأمّا شبيب فأفلت، وأُخِذَ عبدُ الرّحمن بن ملجم فأُدخل على عليّ، فقال: أطيبوا طعامه وألينوا فراشه فإن أعِشْ فأنا وَلِىُّ دَمِي، عفوٌ أوقصاص وإنْ أمُتْ فألْحِقُوه بي أُخاصمه عند ربّ العالمين. فقالت أمّ كلثوم بنت عليّ: يا عدوّ الله قتلت أمير المؤمنين! قال: ما قتلتُ إلّا أباكِ، قالت: فوالله إنّي لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأسٌ، قال: فلِمَ تَبكينَ إذًا؟ ثمّ قال: والله لقد سممتُه شهرًا، يعني سيفَه، فإنْ أخْلَفَني فأبْعَدَهُ الله وأسحقه. وبعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضُربَ عليّ، عليه السلام، فقال: أيْ بُنيّ انظر كيف أصبح أمير المؤمنين. فذهب فنظر إليه ثمّ رجع فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه، فقال الأشعث: عَيْنَيْ دَميغ وربّ الكعْبة، قال ومكث عليّ يومَ الجمعة وليلة السبت وتُوفي، رحمة الله عليه وبركاته، ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وكفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص. قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن يحيَى بن مسلم أبي الضّحّاك عن عاصم بن كُليب عن أبيه قال: وأخبرنا عبد الله بن ُنمَير عن عبد السّلام رجل من بَني مُسيلمة عن بَيان عن عامر الشعبيّ قال: وأخبرنا عبد الله بن نمير عن سفيان عن أبي رَوْق عن رجلٍ قال: وأخبرنا الفضل بن دُكين قال أخبرنا خالد بن إلياس عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص قال وأخبرنا شبَابة بن سَوّار الفزاري قال: أخبرنا قيس بن الربيع عن بيان عن الشّعبيّ أنّ الحسن بن عليّ صلّى على عليّ بن أبي طالب فكبّر عليه أربع تكبيرات، ودُفن عليّ بالكوفة عند مسجد الجماعة في الرحبة ممّا يلي أبوابَ كِنْدَة قبل أن ينصرفَ النّاسُ من صلاة الفجر، ثمّ انصرف الحسن بن عليّ من دفنه فدعا النّاس إلى بيعته فبايعوه. وكانت خلافة عليّ أربع سنين وتسعة أشهر. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين عن شريك عن أبي إسحاق قال: توفّي عليّ وهو يومئذ ابن ثلاث وستين سنة. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال أخبرنا عليّ بن عمر وأبو بكر بن أبي سَبْرة عن عبد الله بن محمّد بن عقيل قال: سمعت محمّد بن الحنفيّة يقول سنة الجُحاف حين دخلت إحدى وثمانون: هذه لي خمسٌ وستّون سنة وقد جاوزتُ سنّ أبي، قلت: وكم كانت سنّه يومَ قُتِلَ، يرحمه الله؟ قال: ثلاثًا وستّين سنة، قال محمّد بن عمر: وهو الثبتُ عندنا. قال: أخبرنا محمّد بن ربيعة الكلابي عن طَلْق الأعمى عن جدّته قالت: كنت أنوح أنا وأمّ كلثوم بنت عليّ على عليّ، عليه السلام. قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير وعُبيد الله بن موسى قالا أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن هُبيرة بن يَريمَ قال: سمعت الحسن بن عليّ قام يخطُبُ النّاس فقال: يا أيها الناس لقد فارَقَكُمْ أمْس رجلٌ ما سبقه الأوّلون ولا يُدْركه الآخرون، لقد كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يُرَدّ حتّى يَفْتَحَ اللُّه عليه، إنّ جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ما ترك صفراءَ ولا بيضاءَ إلاّ سبعمائة درهم فَضَلَتْ من عَطائه أراد أن يشتري بها خادمًا. قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن الأجلح عن أبي إسحاق عن هُبيرة بن يَريمَ قال: لمّا توفّي عليّ بن أبي طالب قام الحسن بن عليّ فصعد المنبر فقال: أيها النّاس، قد قُبِض الليلةَ رجلٌ لم يَسبِقْه الأوّلون ولا يدركه الآخرون، قد كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يبعثه المبعث فيكتنِفُه جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله فلا ينثني حتّى يفتح الله له، وما ترك إلا سبعمائة درهم أراد أن يشتري بها خادمًا، ولقد قُبض في اللّيلة التي عُرجَ فيها بروح عيسى بن مريم ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان. قال: أخبرنا أبو معاوية الضّرير عن حجّاج عن أبي إسحاق عن عمرو بن الأصمّ قال: قيل للحسن بن عليّ إنّ ناسًا من شيعة أبي الحسن عليّ، عليه السلام، يزعمون أنّه دابّة الأرض وأنّه سَيُبْعَثُ قبل يوم القيامة، فقال: كذبوا ليس أولئك شيعتَه، أولئك أعداؤه، لو علمنا ذلك ما قسمنا ميراثه ولا أنكحنا نساءه. قال ابن سعد: هكذا قال عن عمرو بن الأصمّ. قال: أخبرنا أسْباط بن محمّد عن مُطَرّف عن أبي إسحاق عن عمرو بن الأصمّ قال: دخلتُ على الحسن بن عليّ وهو في دار عمرو بن حُرَيْث فقلتُ له: إنّ ناسًا يزعمون أنّ عليًّا يرجع قبل يوم القيامة، فضحك وقال: سبحان الله! لو علمنا ذلك ما زوّجنا نساؤه ولا ساهمنا ميراثه. قالوا وكان عبد الرّحمن بن ملجم في السجن، فلمّا مات عليّ، رضوان الله عليه ورحمته وبركاته، ودُفِنَ بعث الحسن بن عليّ إلى عبد الرّحمن بن ملجم فأخرجه من السجن ليقتله، فاجتمع النّاس وجاءُوه بالنفط والبواريّ والنّار فقالوا نحرقه، فقال عبد الله بن جعفر وحسين بن عليّ ومحمّد بن الحنفيّة: دَعُونا حتّى نَشْفِيَ أنفسا منه، فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه فلم يَجْزَعْ ولم يتكلّم، فكحَل عينيه بمسمار مُحْمًى فلم يجزع وجعل يقول: إنّكَ لَتَكْحُلُ عَيْنَيْ عَمّكَ بمُلْمُول مَضٍّ، وجعل يقول: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق 1، 2]، حتّى أتى على آخر السورة كلّها وإنّ عينيه لَتَسِيلان، ثمّ أمر به فعولج عن لسانه ليقطعه فجَزَعَ، فقيل له: قَطَعْنَا يديك ورجليك وسَمَلْنا عَينيكَ يا عدوّ الله فلم تَجْزَعْ فلمّا صِرْنا إِلى لسانك جزعت؟ فقال: ما ذاك منّي من جزع إلا أني أكره أن أكون في الدّنيا فُواقًا لا أذكر الله، فقطعوا لسانه ثمّ جعلوه في قَوْصرة وأحرقوه بالنّار، والعبّاس بن عليّ يومئذ صغير فلم يُسْتَأنَ به بلوغه، وكان عبد الرّحمن بن ملجم رجلًا أسمرَ حسنَ الوجه أفلجَ شعره مع شحمة أذنيه، في جبهته أثَرُ السجود. قالوا وذَهَبَ بقتل عليّ، عليه السلام، إلى الحجاز سفيانُ بن أميّة ابن أبي سفيان بن أُميّة بن عبد شمس فبلغ ذلك عائشة فقالت: ‏‏

فألقت عصاها وَاستقرّتْ بها النّوى كما قَرّ عينًا بالإياب المسافرُ)) الطبقات الكبير. ((أَنبأَنا أَبو أَحمد عبد الوهاب بن علي الأَمين وغير واحد، إِجازة قالوا: أَنبأَنا أَبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أَحمد بن سليمان، أَنبأَنا أَبو الفضل بن خيرون وأَبو طاهر أَحمد بن الحسن الباقلاني، كلاهما إِجازة قالا: أَنبأَنا أَبو علي بن شاذان قال: قُرئَ على أَبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسن بن علي بن الحسين ابن علي بن أَبي طالب قال: حدثنا جدي أَبو الحسين يحيى بن الحسن، حدثنا سعيد بن نوح، حدثنا أَبو نُعَيم الفضل بن دُكَين، حدثنا عبد الجبار بن العباس، عن عثمان بن المغيرة قال: لما دخل شهر رمضان جعل علي يتعشى ليلة عند الحسن، وليلة عند الحسين، وليلة عند عبد اللّه بن جعفر، لا يزيد على ثلاث لقم، ويقول: يأْتي أَمر الله وأَنا خمِيص، وأَنما هي ليلة أَو ليلتان. قال: وأَنبأَنا جدي، حدثنا زيد بن علي، عن عبيد اللّه بن مو سى، حدثنا الحسن ابن كثير، عن أَبيه قال: خرج علي لصلاة الفجر، فاستقبله الأَوزّ يصحْنَ في وجهه ـــ قال: فجعلنا نطردهن عنه فقال: دَعُوهنّ فإِنهن نوائح. وخرج فأُصيب. وهذا يدل على أَنه علم السنة والشهر والليلة التي يقتل فيها، والله أَعلم.)) ((أَنبأَنا أَبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كُلَيب أَنبأَنا أَبو الخير المبارك بن الحسين ابن أَحمد الغَسَّال المقرئ الشافعي، حدثنا أَبو محمد الخلال، حدثنا أَبو الطيب محمد بن الحسين النحاس بالكوفة، حدثنا علي بن العباس البجلي، حدثنا عبد العزيز بن منيب المروزي، حدثنا إِسحاق ـــ يعني ابن عبد الملك بن كيسان ـــ حدثني أَبي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال علي ـــ يعني للنبي صَلَّى الله عليه وسلم ـــ: إِنَّكَ قُلْتَ لِي يَوْمَ أُحُدٍ، حِيْنَ أَخَّرْتَ عَنِّي الْشَّهَادَةَ، وَاسْتَشْهَدَ مَنِ اسْتَشْهَدَ: "إِنَّ الْشَّهَادَةَ مِنْ وَرَاءِكَ، فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذَا خُضِبَتْ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ بَدَمٍ وَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ"، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ الله، إِمَّا أَنْ تُثْبِتَ لِي مَا أَثْبَتَّ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مُوَاطِنِ الْصَّبْرِ، وَلَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى وَالْكَرَامَةِ أخرجه الطبراني في الكبير 11/372..)) أسد الغابة. ((أخبرنا أحمد بن عمر، قال:‏ حدّثنا علي بن عمر، قال:‏ حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدّثنا الحسن بن همدان بن ثابت، حدّثنا علي بن إبراهيم بن المعلىّ، حدّثنا زيد ابن عمرو بن البحتريّ، حدّثنا عياث بن إبراهيم.‏ حدّثنا أبو روق، عن عبد الله بن مالك، قال:‏ جُمع الأطباء لعليّ رضي الله عنه يوم جُرِح، وكان أبصرهم بالطّب أُثيْر بن عمرو السَّكُوني، وكان يقال له أثير بن عُمريا، وكان صاحب كسرى يتطبَّب، وهو الذي ينسب إليه صحراء أثير، فأخذ أثير رئة شاة حارة، فتتبَّع عِرْقًا منها، فاستخرجه فأدخله في جراحةِ عليّ، ثم نفخ العرق فاستخرجه، فإذا عليه بياض الدّماغ، وإذا الضّربة قد وصلت إِلى أمّ رأسه، فقال:‏ يا أمير المؤمنين، اعهد عَهْدك فإنك ميّت.‏ وفي ذلك يقول عمران بن حطان الخارجي‏: [‏البسيط]

يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَاد بـِهَا إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانَا

إِنِّي لأَذْكُـرُهُ حِيْنـًا فَأَحْسَبُـهُ أَوْفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ اللَّهِ مِيزَانَـا

وقال بكر بن حماد التاهرتي مُعَارضًا له في ذلك: ‏[البسيط]:

قُلْ لابْنِ مُلْجَـمَ
وَالأَقْـدَارُ
غَالِبَـةٌ هَدَمْـتَ
وَيْلَكَ
للإِسْـلَامِ
أَرْكَانا

قَتَلْتَ أَفْضَلَ مَـنْ
يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ وَأَوَّلَ
النَّـاسِ
إِسْلَامًـا
وَإِيمَانَا

وَأَعْلَمَ
النَّـاسِ
بِالقُرْآنِ
ثُـمَّ
بِمَا سَنَّ الرَّسُولُ
لَـنَا شَرْعـًا
وَتِبْيَانَا

صِهْر
النَّبيِّ وَمَوْلَاهُ
وَنَاصِرَهُ أَضْحَـتْ
مَنَاقِبُـهُ
نُـورًا
وَبُرْهَانَا

وَكَانَ
مِنْهُ
عَلَى
رَغْمِ
الحسُودِ لَهُ مَا كَانَ هَارُونَ مِنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَا

وَكَانَ فِي الْحَربِ سَيْفًا صَارِمًا ذَكرًا لَيثًا
إِذَا
لَقِيَ الأَقْرَانُ
أَقْرَانَا

ذَكَـرْتُ
قَاتِلَهُ
وَالدَّمْعُ
مُنْحَدِرٌ فَقُلْتُ سُبْحَـانَ رَبِّ النَّـاسِ سُبْحَانا

إِنِّي لأَحسَبَهُ
مَا
كَـانَ
مِنْ
بَشَـرٍ يَخْشَى المَعَادَ وَلَكِنْ كَـانَ شَيْطَانَا

أَشْقَى
مُـرَادًا
إِذَا
عُـدَّتْ قَبَائِلُـهَا وَأَخْسَـرَ النَّـاسِ عِنْدَ
اللَّهِ
مِيزَانَا

كَعَاقِرِ النَّاقَةِ الأُولَـى
الَّتِي
جَلَبَـتْ عَلَى ثَمَودَ بِأَرْضِ الْحِجْـرِ خُسْرَانَا

قَد كَانَ يُخْبِرُهُمْ أَنْ سَوْفَ يُخْضِبُهَا قَبْلَ المَنِيَّةِ أَزْمَانًا
فَأَزْمَانَا

فَـلَا
عَفَـا
اللَّهُ عَنْهُ
مَـا
تَحَمَّـلُهُ وَلَا
سَقَى
قَبْرَ عِمْرَانَ بْنَ حِطَّانَا

لِقَوْلِهِ
فِـي شَقِـيٍّ مُجْتَـرِمًا وَنَالَ
مَا
نَالَهُ
ظُلْمًا
وَعُدْوَانَا

يَا ضَرْبَة
مِنْ
تَقِـيٍّ مَـا
أَرَادَ بِهَا إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ
ذِي
العَرْشِ رِضْوَانَا

بَلْ ضَرْبَةً
مِنْ غَوِيٍّ أَوْرَدَتْهُ
لَظـى فَسَوْفَ
يَلْقَىَ
بِهَا الرَّحمـنَ غَضْبَانَا

كَأْنَّهُ
لَمْ
يُرِدْ
قَصْدًا
بِضَرْبَتِهِ إِلَّا لِيَصْلَى
عَذَابَ
الْخُلْدِ نِيرَانَا)) ((قال قاسم بن ثابت صاحب كتاب الدّلائل‏:‏ أنشدني محمد بن عبد السّلام الحسيني في قتْل عليّ عليه السّلام:‏

عَـدَا عَلَى ابْنِ أَبِي طَالـِبٍ فَاغْتَالَهُ بِالسَّيْفِ أَشْقَـىَ مُرَادِ

شُلَّـتْ
يَدَاهُ
وَهَـوَت
أُمُّهُ أَنْ أُمْرِرَتْ لَهُ تَحْـتَ السَّـوَادِ

عَزَّ عَلَى عَيْنَيْكَ لَوِ انْصَرَفَتْ مَا أَخْـرَجَتْ بَعْدُ أَيْدِي العِبَادِ

لَانَتْ قَنَاةُ الدِّينِ وَاسْتَـأْثَرَتْ بِالغَـيِّ أَفَوَاهُ الكِلَابِ العَوادِي

ومما قيل في ابن ملجم وقطام: [الطويل]‏ ‏

فَـلَمْ أَرَ مَهْرًا سَاقَهُ ذُو سَمَاحَةٍ كَمَهْـرِ قِطَامٍ مِنْ فَصِيحٍ وَأَعْجَمِِ

ثـَلَاثَـةُ
آلَافٍ
وَعَبْـدٌ
وَقَيْنَـةٌ وَضَـرْبُ عَلِيٍّ بِالحُسَامِ المُصَمّمِ

فَلا مَهْرَ أَغْلَى مِنْ عَليٍّ وَإنْ عَلَا وَلَا فَتْكَ إلَّا دُونَ فَتْكِ ابْنِ مُلْجَمِ

وقال بكر بن حماد رحمه الله تعالى: [الطويل]

وَهَـزَّ
عَلِيٌّ
بِالعِرَاقَيْنِ
لِحْيَـةً مُصِيبَتُهَا جَـلَّتْ عَلَى كُلِّ مُسْلِمِ

وَقَـالَ سَيَأْتِيهَا مِنَ اللَّهِ حَادِثٌ وَيُخْضِبُهَـا أَشْقَى البَـرِيَّةِ بِالدَّمِ

فَبَـاكَرَهُ بِالسَّيْـفِ
شُلَّتْ يَمِينُهُ لِشؤُمِ قِطَامٍ عِنْدَ ذَاكَ ابْنُ مُـلْجَمِ

فَيا ضَرْبَةً مِنْ خَاسِرٍ ضَلَّ سَعْيُهُ تَبَـوَّأَ
مِنْهَا
مَقْعَدا فِي جَهَنَّمِ

فَفَـازَ
أَمِيـرُ
المُؤْمِنِينَ
بِحَظِّهِ وَإِنْ طَرَقَتْ فِيهَا الخُطُوبُ بِمُعْظَمِ

أَلَا
إِنَّـمَا الدُّْنيَا
بَلَاءٌ
وَفِتْنـَةٌ حَـلَاوتُهَا شِيبَتْ بِصَابٍ وَعَلْقِمِ)) ((خرجت عليه الخوارج وكفّروه، وكل من كان معه؛ إذ رضي بالتحكيم بينه وبين أهل الشّامِ، وقالوا له:‏ حكَّمت الرّجال في دين الله، واللَّهُ تعالى يقول:‏ ‏ ‏ {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام 57‏]. ثم اجتمعوا، وشقُّوا عصا المسلمين، ونصبوا رايةَ الخلاف، وسفكوا الدِّماء، وقطعوا السُّبل؛ فخرج إليهم بمن معه، ورام مراجعتهم، فأبَوْا إلا القتال.‏ فقاتلهم بالنهْرَوان، فقتلهم، واستَأْصَل جمهورهم، ولم ينج إلا اليسير منهم، فانتدب له من بقاياهم عبد الرّحمن بن مُلْجَم؛ قيل التَّجُوبيّ، وقيل السَّكوني، وقيل الحميريَّ. قال الزّبير:‏ تَجُوب رجل من حمير، كان أصاب دَمًا في قومه، فلجأ إِلى مراد فقال لهم:‏ جئت إليكم أجوبُ البلاد، فقيل له:‏ أنت تجوب.‏ فسُمّي به فهو اليوم في مرَاد، وهو رهط عبد الرّحمن بن مُلْجَم المراديّ ثم التجوبيّ، وأصله من حِمْير، ولم يختلفوا أنه حليفٌ لمراد وعِداده فيهم، وكان فاتكًا ملعونًا، فقتله ليلة الجمعة لثلاث عشرة. وقيل لإحدى عشرة ليلة خلت من رمضان. وقيل: بل بقيت من رمضان سنة أربعين.

وقال شاعرهم:[الوافر]‏ ‏

عَـلَاهُ بِالعَمُـودِ أَخُو تَجُـوبٍ فَأَوْهَـى الرَّأْسَ مِنْهُ وَالجَبِينَا

وقال أبو الطفيّل، وزيد بن وهب، والشعبي‏: قُتل عليّ رضي الله عنه لثمان عشرة ليلة مضَتْ من رمضان‏َ.‏ وقيل:‏ في أول ليلة من العشر الأواخر.‏ واختلف في موضع دفنه، فقيل:‏ دُفن في قصر الإمارة بالكوفة‏. وقيل:‏ بل دُفن في رَحبة الكوفة‏.‏ وقيل:‏ دُفن بنَجِفِ الحيرة: موضع بطريق الحيرة‏ وروي‏ عن أبي جعفر أنّ قبر عليّ رضي الله عنه جُهل موضعه. واختلف أيضًا في مبلغ سنّه يوم مات، فقيل:‏ سبع وخمسون‏.‏ وقيل‏:‏ ثمان وخمسون. وقيل:‏ ثلاث وستون‏،‏ قاله أبو نعيم وغيره‏.‏ واختلفت الرّواية في ذلك عن أبي جعفر محمد ابن علي بن الحسين، فرُوي عنه أن عليًا قُتل وهو ابن ثلاث وستين. وروي عنه ابن خمس وستين، وروي عنه ابن ثمان وخمسين. وروى ابن جُريج، قال:‏ أخبرني محمد بن عمر بن علي أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قتل وهو ابنُ ثلاث أو أربع وستين سنة‏.وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وستّة أيام. وقيل:‏ ثلاثة أيام.‏ وقيل‏: أربعة عشر يومًا.‏ وقالت‏ عائشة رضي الله عنها. لما بلغها قتل عليّ‏: لتصنع العرب ما شاءت، فليس أحدٌ ينهاها.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قُتل، رحمه الله، صَبيحة ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين وهو ابن ثلاث وستّين سنة، ودُفن بالكوفة عند مسجد الجماعة في قصر الإمارة)) الطبقات الكبير.((أَنبأَنا أَبو الفضل المخزومي بإِسناده عن أَحمد بن علي قال: حدثنا إِسحاق بن أَبي إِسرائيل، عن سنان، عن عبد الملك بن أَعين، عن أَبي حرب بن أَبي الأَسود، عن أَبيه، عن علي قال: أَتاني عبد اللّه بن سلام ـــ وقد وضعت رجلي في الغَرْز ـــ فقال لي: لا تَقدم العراق، فإِني أَخشى أَن يصيبك فيها ذباب السيف. قال علي: وَايْمُ الله لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهِ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم. فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: فَمَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطٌّ مُحَارِبٌ يُخْبِرُ بِذَا عَنْ نَفْسِهِ أخرجه أحمد في المسند 1/156..)) ((رثاه الناس فأَكثروا؛ فمن ذلك ما قاله أَبو الأَسود الدُّؤَلي، وبعضهم يرويها لأُم الهيثم بنت العريان النَّخَعية: [الوافر]

أَلاَ يَا
عَينُ وَيحكِ
أَسْعِدِينَـا أَلاَ تَبْكِي
أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَا

تُبكِّي أُمُّ
كُلْثُـومٍ
عَـلَيْـهِ بِعَبْرَتِهَا
وَقَدْ رَأَتِ
اليَقِينَـا

أَلاَ قُلْ لِلْخَوَارِجِ
حَيْثُ كَانُوا فَلاَ قَرَّتْ عُيُونُ
الشَّامِتِينَـا

أَفي الشَّهْرِ
الحَرَامِ
فَجَعْتُمُونَا بِخَيرِ
النَّاسِ طُرًّا
أَجْمَعِينَـا

قَتَلْتُمْ خَيرَ مَنْ
رَكِبَ
المَطَايَا فَذَللَّهَا
وَمَنْ رَكِبَ
السَّفِينَـا

وَمَنْ لَبِسَ النِّعَالَ
وَمَنْ
حَذَاهَا وَمَنْ
قَرَأَ المَثَانِيَ
والمُبِينَـا

وَكُلُّ مُنَاقِبِ
الخَيْـرَاتِ
فِيـهِ وَحُبُّ رَسُولِ
رَبِّ العَالَمِينَـا

لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ حَيْثُ
كَانُـوا بِأَنَّكَ
خَيْرُهَا حَسَبًـا
وَدِينَـا

إِذَا اسْتَقْبَلْتَ وَجْهَ أَبِي
حُسَينٍ رَأَيتَ البَدْرَ
رَاقَ
النَّاظِرِينَـا

وَكُنَّا
قَبْلَ
مَقْتَـلِـهِ بِخَيـرٍ نَرَى مَوْلَى رَسُولِ
الْلَّهِ
فِينَـا

يُقِيمُ الْحَقَّ لاَ
يَرْتَـابُ
فِيْـهِ وَيَعْدِلُ فِي
العِدَا
وَالأَقْرَبِينَـا

وَلَيْسَ
بِكَاتِمٍ
عِلْمًـا
لَـدَيْـهِ وَلَم
يُخْلَقْ
مِنَ
المُتَجَبِّرِينَـا

كَأَنَّ النَّاسَ
إِذْ فَقَـدُوا
عَلِيًّا نَعَامٌ
حَـارَ
فِي بَلَد سِنِينَـا

فَلا تَشْمَتْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَـرْبٍ فَإِنْ
بَقِيَّـةَ الخُلَفَـاءِ
فِينَـا

وقال الفضل بن العباس بن عُتبة بن أَبي لَهَب فيه أَيضًا: [البسيط]

مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الأَمْرَ مُنْصَرِفٌ عَنْ هَاشِمٍ ثُمَّ مِنْهَا عَنْ أَبِي حَسَنِ

الِبرُّ
أَوَّلُ
مَـنْ صَلَّى
لِقِبْلَـتِـهِ وَأَعْلَمُ
الْنَّاسِ
بِالْقُـرْآنِ
وِالْسُّنَـنِ

وَآخِرُ
النَّاسِ عَهْدًا
بِالنَّبـيِّ وَمَـنْ جِبْرِيْلُ عَونٌ لَهُ فِي الغُسْلِ وِالكَفَنِ

مَنْ
فِيهِ
مَا فيهِمُ
لاَ تَمْتَـرُونَ بِـهِ وَلَيسَ فِي القَوْمِ مَا فِيهِ مِنَ الحَسَنِ)) ((أَنبأَنا عبد اللّه بن أَحمد بن عبد القاهر الخطيب، أَنبأَنا أَبو سعد المطرّز وأَبو علي الحداد إِجازة قالا: أَنبأَنا أَبو نعيم أَحمد بن عبد اللّه، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن جعفر، حدثنًا محمد بن عبد اللّه بن أَحمد، حدثنا محمد بن بشر ـــ أَخي خطاب ـــ حدثنا عمرو ابن زرارة الحدثي، حدثنا الفياض بن محمد الرقي، حدثنا عمرو بن عبس الأنَصاري، عن أَبي مِخْنَف، عن عبد الرحمن بن حبيب بن عبد اللّه، عن أَبيه قال: لما فرغ علي من وصيته قال: اقرأُ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ثم لم يتكلم إِلا بـ "لا إِله إِلا الله" حتى قبضه الله، رحمة الله ورضوانه عليه. وغسله ابناه، وعبد اللّه بن جعفر. وصلى عليه الحسن ابنه، وكبر عليه أَربعًا. وكفن في ثلاثة أَثواب ليس فيها قميص. ودفن في السَّحَر. قيل: إِن عليًا كان عنده مِسْكٌ فَضَل من حَنُوط رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أَوصى أَن يُحنّط به.)) ((أَنبأَنا عمر بن محمد بن طَبَرْزد، أَنبأَنا أَبو القاسم بن السمرقندي، أَنبأَنا أَبو بكر الطبري، أَنبأَنا أَبو الحسين بن بشران، أَنبأَنا أَبو علي بن صفوان، حدثنا ابن أَبي الدنيا، حدثني هارون بن أَبي يحيى، عن شيخ من قريش أَن عليًا لما ضربه ابن مُلجَم قال: "فزتُ وربّ الكعبة". أَنبأَنا عبد الوهاب بن أَبي منصور بن سُكينة، أَنبأَنا أَبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، أَنبأَنا أَحمد بن الحُسَين بن خَيرون وأَحمد بن الحسن الباقلاني، كلاهما إِجازة قالا: أَنبأَنا أَبو علي بن شاذان قال: قُرِئَ على أَبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، حدثني جدّي، حدّثنا أَحمد بن محمد بن يحيى، حدّثني إِسماعيل بن أَبان الأَزدي، حدّثني فضيل بن الزبير، عن عمر ذي مر قال: لما أُصيب علي بالضربة، دخلتُ عليه وقد عصَب رأْسه، قال قلت: يا أَمير المؤمنين، أرني ضربتك. قال: فحلَّها، فقلت: خَدْشٌ وليس بشيء. قال: إِني مفارقكم. فبكت أُم كلثوم من وراء الحجاب، فقال لها: اسكتي، فلو ترين ما أَرى لما بكيت. قَالَ فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ، مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: هَذِهِ الْمَلَائِكَةُ وُفُودٌ، وَالنَّبِيُّونَ، وَهَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَا عَلِيُّ، أَبْشِرْ، فَمَا تَصِيْرُ إِلَيْهِ خَيْرٌ مِمَّا أَنْتَ فِيْهِ".(*) هذه أُم كلثوم هي ابنة علي زوج عمر بن الخطاب.)) ((أَنبأَنا أَبو ياسر بن أَبي حَبَّة، أَنبأَنا أَبو غالب بن البناء، حدثنا محمد بن أَحمد بن محمد ابن حسْنون، أَنبأَنا أَبو القاسم موسى بن عيسى بن عبد اللّه السراج، حدثنا عبد اللّه بن أَبي داود، حدثنا إِسحاق بن إِسماعيل، حدثنا إِسحاق بن سليمان، عن فِطر بن خليفة، عن أَبي الطفيل: أَن عليًا جمع الناس للبيعة، فجاءَ عبد الرحمن بن ملجم المرادي، فردّه مرتين، ثم قال: علام يحبس أَشقاها؟ فوالله ليخْضِبَنَّ هذه من هذه، ثم تمثل: [الهزج]

اشدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لاَقِيكَا

وَلاَ تَجْزَعْ
مِنَ الْـقَتْلِ إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَـا)) أسد الغابة.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال