تسجيل الدخول


علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه ابن عبد المطلب هاشم بن عبد مناف...

1 من 3
علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أبو الحسن.

أولُ الناس إسلامًا في قول كثيرٍ من أهل العلم. وُلِد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، فربّي في حِجْر النبي صَلَّى الله عليه وسلم ولم يفارقه؛ وشهد معه المشاهدَ إلا غزوة تَبُوك؛ فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة: "أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى".(*)وزوَّجه بنته فاطمة.

وكان اللواء بيده في أكثر المشاهد، ولما آخى النبي صَلَّى الله عليه وسلم بين أصحابه قال له: "أنت أخي".(*)

ومناقِبُه كثيرة حتى قال الإمَامُ أَحْمَدُ: لم ينقل لأحدٍ من الصحابة ما نقل لعلي. وقال غيره: وكان سبب ذلك بُغْض بني أمية له، فكان كلُّ مَنْ كان عنده علم من شيء من مَنَاقبه من الصحابة يثبته، وكلما أَرادُوا إخماده وهدَّدُوا مَنْ حدث بمناقبه لا يزداد إلا انتشارًا.

وقد وَلد له الرافضة مناقبَ موضوعة هو غنيّ عنها، وتَتَبَّع النسائي ما خُص به من دون الصحابة، فجمع من ذلك شيئًا كثيرًا بأسانيد أكثرها جِيَاد.

روى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم كثيًرا.

وروى عنه من الصحابة ولداه: الحَسَنُ والحُسَيْنُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو رَافِعٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَصُهَيْبُ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَجُرِيرُ، وَأَبُو أُمَامَة، وَأَبُو جُحَيْفَة، وَالبَرَاءُ بْنُ عازِبٍ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ، وآخرون.

ومن التابعين من المخضرمين، أو مَنْ له رؤية: عبد الله بن شداد بن الهاد، وطارق بن شهاب، و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، ومسعود بن الحكم، ومروان بن الحكم، وآخرون.

ومن بقية التابعين عدد كثير من أجلِّهم أولاده: محمد، وعمر، والعباس.

وكان قد اشتهر بالفروسية والشجاعة والإقدام حتى قال فيه أَسِيد بن أبي إياس بن زُنَيْم الكناني قبل أَنْ يسلم يحرّض عليه قريشًا ويعيِّرُهم به:

فِي كُلِّ مَجْمَعِ غَايَةٍ
أَخْزَاكُمُ جذع أَبَرَّ عَلَى المَذَاكِي القُرَّحِ

للهِ
دَرُّكُمُ
ألمّا
تـَذكـرُوا قَدْ يَذْكُرُ الحُرُّ الكَرِيمُ وَيَسْتَحِي

هَذَا ابْنُ فَاطِمَةَ الَّذِي أَفْنَاكُمُ ذَبْحًا بقتلة يعضد
لَمْ يُذْبَـح

أَيْنَ الكُهولُ وَأَيْنَ كُلُّ دُعَامَةٍ فِي المُعْضِلَاتِ وَأَيْنَ زَيْنُ الأبْطَح

[الكامل]

وكان أحد الشورى الذين نص عليهم عُمر فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف، وشرط عليه شروطًا امتنع من بعضها، فعدل عنه إلى عثمان فقبلها، فولاه وسلم عليّ وبايع عثمان، ولم يزل بعد النبي صَلَّى الله عليه وسلم متصديًا لنَصْرِ العلم والفُتْيا.

فلما قُتل عثمان بايعه الناس، ثم كان مِن قيام جماعةٍ من الصحابة منهم طلحة والزبير وعائشة في طلب دَمِ عثمان، فكان مِن وقعة الجمل ما اشتهر.

ثم قام معاوية في أهل الشام، وكان أميرها لعثمان ولعُمر مِنْ قَبْله، فدعا إلى الطلب بدم عثمان، فكان من وقعة صِفّين ما كان.

وكان رَأْي عليٍّ أنهم يدخلون في الطاعة ثم يقوم وَلِيّ دم عثمان فيدّعي به عنده، ثم يعمل معه ما يوجبه حكم الشريعة المطهّرة، وكان مَنْ خالفه يقول له: تَتَبَّعْهم واقتلهم؛ فيرى أنّ القِصَاص بغير دعوى ولا إقامة بينة لا يتَّجِه. وكل من الفريقين مجتهد.

وكان من الصحابة فريق لم يدخلوا في شيء من القتال، وظهر بقَتل عمَّار أنَّ الصواب كان مع علي. واتفق على ذلك أهلُ السنة بعد اختلافٍ كان في القديم، ولله الحمد.

ومن خصائص عليّ قوله صَلَّى الله عليه وسلم يوم خَيْبر: "لأدْفَعَنَّ الرَّايَةَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَه، ويَحبُّهُ اللهُ ورَسُولُه، يَفْتَحُ الله عَلَى يَدَيهِ". فلما أصبح رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم غَدْوا كلُّهم يرجو أَنْ يُعْطاها، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟" فقالوا: هو يشتكي عينيه، فأتي به فبصق في عينيه، فدعا له فبرأ؛ فأعطاه الرَّايَةَ(*)أخرجه أحمد في المسند 2/384، وعبد الرزاق في المصنف حديث رقم 9637، 20395، والبخاري في التاريخ الكبير 7/263. وابن أبي عاصم في السنة 2/608. وأورده الهيثمي في الزوائد 9/126، .

أخرجاه في "الصَّحِيحَيْنِ" من حديث سهل بن سعد، ومن حديث سلَمة بن الأكْوَع نحوه باختصار؛ وفيه: "يفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ".

وفي حديث أبي هريرة عند مسلم نحوه، وفيه: فقال عمر: ما أحببْتُ الإمارة إلا ذلك اليوم.

وفي حديث بريرة عند أحمد نحو حديث سهل؛ وفيه زيادة في أوله، وفي آخره قصة مَرْحب، وقَتْلِ عليّ له فضربه على هامته ضربةً حتى عضّ السيف منه بَيْضَة رأسه، وسمع أهْلُ العسكر صوتَ ضربته، فما قام آخر الناس حتى فتح اللهُ لهم.

وفي المسند لعبد الله بن أحمد بن حنبل، مِنْ حديث جابر ـــ أنّ النبي صَلَّى الله عليه وسلم لما دفع الرايةَ لعلي يوم خَيْبَر أسرع، فجعلوا يقولون له: ارفق، حتى انتهى إلى الحِصْن، فاجتذب بابَه فألقاه على الأرض، ثم اجتمع عليه سبعون رجلًا حتى أعادوه.(*)

وفي سنده حرام بن عثمان متروك. وجاءت قصةُ الباب من حديث أبي رافع، لكن ذكر دون هذا العدد.

وأخرج أَحْمَدُ، والنَّسَائِيُّ، من طريق عمرو بن ميمون: إني لجالس عند ابن عباس إذ أتاه سبعةُ رهطٍ... فذكر قصةَ فيها: قد جاء ينفض ثَوْبه، فقال: وقعوا في رَجُل له عزّ. وقد قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "لأبْعَثنَّ رَجُلًا لَا يُخْزِيهِ اللهُ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَه". فجاء وهو أَرْمَد فبزق في عينيه، ثم هزّ الراية ثلاثًا فأعطاه، فجاء بصفية بنت حييّ، وبعثه يقرأ براءة على قريش، وقال: "لَا يَذْهَبُ إِلَّا رَجُلٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ"(*)أخرجه ابن ماجه في السنن 1/43، وأورده الهيثمي في الزوائد
9/122.
.

وقال لبني عمه: "أَيُّكُمُ يُوَاليِنيِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟" فأَبوْا، فقال علي: أنا. فقال: "إِنَّه وَلِّيي في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ". وأخذ رِدَاءَه فوضعه عَلَى عَلِيّ وفاطمة وحسن وحُسين، وقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب: 33].(*)

ولبس ثَوْبه، ونام مكانه، وَكان المشركون قصدوا قَتْلَ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فلما أصبحوا رأوه، فقالوا: أين صاحبك؟

وقال له في غزوة تبوك: "أنْتَ مِنِّي بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ"؛ أي لا ينبغي أن أذهبَ إلّا وأنت خليفتي. وقال له: "أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِي".(*)

وسدَّ الأبوابَ إلا بابَ علي، فيدخل المسجد جنبًا، وهو طريقه، ليس له طريق غيره. وقال: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاه فَعليٌّ مَوْلَاهُ"(*).

وأخبر اللهُ أنه رضي عن أصحاب الشجرة، فهل حدثنا أنه سخط عليهم بعد. وقال صَلَّى الله عليه وسلم: "يَا عُمَرُ، مَا يُدْرِيكَ أَنّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ"(*)أخرجه البخاري في الصحيح 5/99، كتاب المغازي. ومسلم في الصحيح 4/1941 كتاب فضائل الصحابة (44) حديث رقم (161/ 2494). والترمذي في السنن 5/381، وأبو داود في السنن 2/54 كتاب الجهاد حديث رقم 2650، وأحمد في المسند 1/79 ـــ 80. وابن أبي شيبة في المصنف 12/155، والبيهقي في السنن الكبرى 9/146، وأوردة السيوطي في الدر المنثور 6/203، 204. والهيثمي في الزوائد
9/306.
.

وقال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأنْصَارِيُّ، عن سعيد بن المسيب: كان عمر يتعوَّذ من معضلة ليس لها أبو حسن.

وقال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كان ابن عباس يقول: إذا جاءنا الثبت ـــ عن علي ـــ لم نعدل به.

وقال وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ: كان علي يقول: سَلُوني سَلُوني، وسَلُوني عن كتاب الله تعالى، فواللهِ ما مِنْ آيةٍ إلا وأَنَا أعلم أنزلت بليل أو نهار.

وأخرج التِّرْمِذِيُّ بسندٍ قوي، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية سعدًا فقال له: ما يمنعك أن تسبَّ أبا تُرَاب؟ فقال: ما ذكرت ثلاثًا قالهنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لَأنْ تكون لي واحدةٌ منهن أحب إليَّ من أَن يكون لي حُمر النَّعَمِأخرجه أحمد في المسند 1/95.؛ فلن أسبّه: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول، وقد خلّفه في بعض المغازي، فقال له علي: يا رسول الله، تخلفني مع النساء والصبيان. فقال له: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلّا أَنَّه لَا نُبوَّةَ بَعْدي". وسمعته يقول يوم خَيْبَر: "لأعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ الله وَرَسُولَه، ويُحِبُّهُ الله وَرَسُولُه"؛ فتطاولنا لها فقال: "ادْعُوا لي عَلِيًّا "فَأتاه، وبه رَمَد فبصق في عينيه ودفع الرايةَ إليه، ففتح الله عليه.

وأنزلت هذه الآية: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران/61]؛ فدعا رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم عليًّا، وفاطمة، وحسنًا، وحسينًا، فقال: "اللَّهُمَّ هَؤْلَاءِ أَهْلِي".(*)

وأخرج أيضًا ـــ وأصله في مسلم ـــ عن علي، قال: لقد عهد إليّ النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: "أَنْ لَا يُحِبُّكَ إِلّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضكَ إِلَّا مُنَافِقٌ".

وأخرج التِّرْمِذِيُّ بِإسناد قويّ، عن عمران بن حصين في قصةٍ قال فيها: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ! إِنَّ عَلِيًا مِنِّي وَأَنَا مِنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي".(*)

وفي مسند أَحْمَد بسندٍ جيد، عن علي، قال: قيل يا رسول الله: مَنْ تؤمِّرُ بعدك؟ قال: "إِنْ تُؤَمِّرُوا أَبَا بَكْرٍ تَجِدُوهُ أمِينًا زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا في الآخِرَةِ، وَإِنْ تُؤمِّرُوا عُمَرَ تَجِدوهُ قَوِيًّا أَمِينًا لَا يَخَافُ في الله لَوْمَةَ لَائِم، وَإِنْ تُؤمِّروا عَلِيًَّا، وَمَا أَرَاكُم فَاعِلِينَ، تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْديًّا، يَأْخُذْ بِكُمُ الطَّرِيقَ المُسْتَقِيمَ"(*)أخرجه أحمد في المسند 1/109، والذهبي في ميزان الاعتدال حديث رقم 6774، وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 33071..

وكان قَتْل علي في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، ومدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر؛ لأنه بويع بعد قَتْلِ عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين؛ وكانت وَقْعة الجَمَل في جمادى سنة ست وثلاثين، ووَقْعَة صفين في سنة سبع وثلاثين؛ ووقعة النهروان مع الخوارج في سنة ثمان وثلاثين ثم أقام سنتين يحرِّض على قِتَال البُغَاة، فلم يتهيَّأْ ذلك إلى أن مات.
(< جـ4/ص 464>)
2 من 3
3 من 3
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال