أبو الهيثم بن التيهان بن مالك بن عتيك بن عمرو بن عبدالأعلم بن عامر بن...
كان أبو الهيثم يكره الأصنام في الجاهليّة، ويُؤفِّف بها، ويقول بالتوحيد هو وأسعد بن زرارة، وكانا من أوّل من أسلم من الأنصار بمكّة، ويُجعل في الثمانية النفر الذين آمنوا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بمكّة من الأنصار، فأسلموا قبل قومهم، ويجعل أبو الهيثم أيضًا في الستّة النفر الذين يُروى أنّهم أوّل من لقي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من الأنصار بمكّة فأسلموا قبل قومهم وقدموا المدينة بذلك وأفشوا بها الإسلام.
شهد بدرًا، وأُحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقيل: شهد العقبة الأُولى والثانية، وهو أَوّل من بايعه ليلة العقبة، كان مالك نقيب بني عبد الأَشهل هو وأُسَيد بن حَضِير، وآخى النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن مظعون، وبعثه رسول الله إلى خيبر خارصًا فخرص عليهم التمرة، وذلك بعدما قُتل عبد الله بن رواحة بمُؤتة.
وروى أَبو سلمة، عن أَبي هريرة قال: خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في ساعة لم يخرج فيها ولا يلقاه فيها أَحد، فأَتاه أَبو بكر فقال: "مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْر؟" قال: خرجت للقاءِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والنظر في وجهه، والسلام عليه، فلم يلبث أَن جاءَ عمر فقال: "مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَرُ؟" قال: الجوع يا رسول الله! قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذَلِكَ"، فانطلقوا إِلى منزل أَبي الهيثم بن التيهان الأَنصاري، وكان رجلًا كثير النخل والشاءِ، ولم يكن له خادم، فلم يجدوه، فقالوا لامراته: أَين صاحبك؟ فقالت: انطلق ليستعذب الماءَ، فلم يلبثوا أَن جاءَ أَبو الهيثم بقربة يَزْعَبها، فوضعها، ثم جاءَ يلتزم النبي صَلَّى الله عليه وسلم ويفديه بأَبيه وأُمه، ثم انطلق بهم إِلى حديقة، فبسط لهم بساطًا، ثم انطلق إِلى نخلة فجاءَ بقِنْو فوضَعه، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَفَلَا تَنَقَّيْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ؟" فقال: يا رسول الله، إِني أَردت أَن تختاروا ــ أَو تَخَيَّروا ــ من رُطبه وبسره، فأَكلوا وشربوا من ذلك الماءِ، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ النَّعِيْمُ الَّذِي تَسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ظِلٌّ بَارِدٌ، وَرْطَبٌ طَيِّبٌ، وَمَاءٌ بَارِدٌ"... وذكر الحديث.
قيل: مات رضي الله عنه سنة عشرين. وقيل: إنه توفي سنة إحدى وعشرين. ويقال: قُتل بصِفّين سنة سبع وثلاثين.