تسجيل الدخول


أبو الهيثم بن التيهان بن مالك بن عتيك بن عمرو بن عبدالأعلم بن عامر بن...

مَالِكُ بنُ التَّيَّهانَ بن مالك الأَنصاري الأَوسي، ويقال: ذو السّيفين، وقيل: إِنه بَلَوِيّ، من بَلِيّ بن عمرو بن الحافِ، وحلفه في بني عبد الأَشهل.
أَخرجه أَبو نُعَيم، وأَبو عمر، وأَبو موسى. وهو مشهور بكنيته أَبُي الهَيْثَم، وأمّه ليلى بنت عتيك بن عمرو، وأخوه عتيك بن التيِّهان شهد بدرًا، وأخوهُ عبيد قُتِل بصِفّين سنة سبع وثلاثين‏، وكان أبو الهيثم وأخوه آخر ولدا عمرو بن جشم قد انقرضوا فلم يبق منهم أحد.
يقال: كان الّذي ورثه وورث ابنته أميمة ــ ولم يكن له غيرها ــ الضحّاك بن خليفة الأشهلي، ورثهما بالقُعدُد على بني عبد الأشهل.
كان أبو الهيثم يكره الأصنام في الجاهليّة، ويُؤفِّف بها، ويقول بالتوحيد هو وأسعد بن زرارة، وكانا من أوّل من أسلم من الأنصار بمكّة، ويُجعل في الثمانية النفر الذين آمنوا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بمكّة من الأنصار، فأسلموا قبل قومهم، ويجعل أبو الهيثم أيضًا في الستّة النفر الذين يُروى أنّهم أوّل من لقي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من الأنصار بمكّة فأسلموا قبل قومهم وقدموا المدينة بذلك وأفشوا بها الإسلام. قال محمّد بن عمر: وأمر الستّة أثبت الأقاويل عندنا إنّهم أوّل من لقي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من الأنصار، فدعاهم إلى الإسلام، فأسلموا.
شهد بدرًا، وأُحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقيل: شهد العقبة الأُولى والثانية، وهو أَوّل من بايعه ليلة العقبة، في قول بني عبد الأَشهل. وقال بنو النجار: أَوّل من بايع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَسعد بن زُرَارة. وقال بنو سَلِمة: أَوّل من بايعه كعب بن مالك. وقيل: أَوّل من بايعه ليلة العقبة البراء بن معرور.
كان مالك نقيب بني عبد الأَشهل هو وأُسَيد بن حَضِير، وكان أبو الهيثم يقول: لو انفلقت عني رَوْثَة لانتسبتُ إليها، محياي ومماتي لبني عبد الأشهل، وآخى النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن مظعون، وبعثه رسول الله إلى خيبر خارصًا فخرص عليهم التمرة، وذلك بعدما قُتل عبد الله بن رواحة بمُؤتة، وروى عبد الكريم بن أبي المخارق عن محمّد بن يحيَى بن حَبّان قال: كان أبو الهيثم بن التّيّهان يخرص على عهد رسول الله، فلمّا توفّي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بعثه أبو بكر ــ رحمه الله ــ فأبَى فقال: قد خرصت لرسول الله، فقال: إني كنت إذا خرصت لرسول الله فرجعت دعا الله لي، فتركه. وروى أَبو سلمة، عن أَبي هريرة قال: خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في ساعة لم يخرج فيها ولا يلقاه فيها أَحد، فأَتاه أَبو بكر فقال: "مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْر؟" قال: خرجت للقاءِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والنظر في وجهه، والسلام عليه، فلم يلبث أَن جاءَ عمر فقال: "مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَرُ؟" قال: الجوع يا رسول الله! قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذَلِكَ"، فانطلقوا إِلى منزل أَبي الهيثم بن التيهان الأَنصاري، وكان رجلًا كثير النخل والشاءِ، ولم يكن له خادم، فلم يجدوه، فقالوا لامراته: أَين صاحبك؟ فقالت: انطلق ليستعذب الماءَ، فلم يلبثوا أَن جاءَ أَبو الهيثم بقربة يَزْعَبها، فوضعها، ثم جاءَ يلتزم النبي صَلَّى الله عليه وسلم ويفديه بأَبيه وأُمه، ثم انطلق بهم إِلى حديقة، فبسط لهم بساطًا، ثم انطلق إِلى نخلة فجاءَ بقِنْو فوضَعه، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَفَلَا تَنَقَّيْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ؟" فقال: يا رسول الله، إِني أَردت أَن تختاروا ــ أَو تَخَيَّروا ــ من رُطبه وبسره، فأَكلوا وشربوا من ذلك الماءِ، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ النَّعِيْمُ الَّذِي تَسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ظِلٌّ بَارِدٌ، وَرْطَبٌ طَيِّبٌ، وَمَاءٌ بَارِدٌ"الترمذي في الشمائل (69) وفي السنن (2369) والحاكم 4/ 131. والطبراني في الكبير 19/ 254 وانظر المجمع 10/ 319 والدر المنثور 6/ 390.... وذكر الحديث(*).
قال ابْنُ السَّكَنِ: روى أبو هريرة قصة أبي الهيثم بن التيهان حين رآه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وكذلك روى عن عكرمة عن ابن عباس هذه القصة مطولة، وقد اختصر بعضُهم منها حديث: "الْمُسْتَشَار مُؤْتَمَنٌ"(*) أخرجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أبو داود 5/345 (5128) والترمذي 4/583 (2369) وقال: حديث حسن صحيح غريب وابن ماجه 2/1233 (3745).. وروى ابْنُ السَّكَنِ عن مالك بن التيهان حديثًا آخر؛ قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمَنْ قَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ كُتِبَ لَهْ عِشْرُونَ حَسَنةً، وَمَنْ قَالَ السَّلَامُ: عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ كُتِبَ لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً"(*) أخرجه الطبراني في الكبير 6/ 92، وابن السني في عمل اليوم والليل 227 وأورده الهيثمي في الزوائد 8/34 عن مالك بن التيهان بلفظه ــ وقال الطبراني وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف.. وقال ابْنُ السَّكَنِ: الروايات عن أبي الهيثم كلّها فيها نظر، وليست تأتي مِنْ وجه يثبت؛ وذلك لتقدم موته؛ فقيل: مات سنة عشرين. وقيل: إنه توفي سنة إحدى وعشرين. ويقال: قُتل بصِفّين سنة سبع وثلاثين. وقال أبو نعيم: أصيب أبو الهيثم مع علي بصفِّين. وقال الوَاقِدِيُّ: لم أر مَنْ يعرف ذلك ولا يثبته ــ يعني: أنه قتل بصِفّين. ونقل أَبُو عُمَرَ عن الأصْمَعِيِّ؛ قال: سألت قوم أبي الهيثم، فقالوا: مات في حياةِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وقال أَبُو عُمَرَ: وهذا لم يتابع عليه قائله. وقال أبو أحمد الحاكم: قيل: مات على عَهْدِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم. قال ابن حجر العسقلاني: وكأن الأصوب قَوْل مَنْ قال: سنة عشرين، أو إحدى وعشرين، والقول بأنه مات سنة عشرين نقله ابن أبي خيثمة عن الزهري، وأنشده أبو الربيع بن سالم الكلاعي لأبي الهيثم في النبي صَلَّى الله عليه وسلم بمرثية يقول فيها:
لَقَدْ جُدِعَتْ آذَانُنَا وأُنُوفُنَا غَداةَ فجعْنَا بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ