تسجيل الدخول


زينب بنت جحش الأسدية أم المؤمنين

1 من 1
زينب بنت جَحْش الأسدية أم المؤمنين، زوج النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم.

تقدم نسبها في ترجمة أخيها عبد الله [[عبد الله بن جَحْش الأسدي بن رِياب، براء وتحتانية وآخره موحدة، بن يعمر الأسدي.]] <<من ترجمة عبد الله بن جحش "الإصابة في تمييز الصحابة".>> وأمها أمية عمة النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، تزوَّجها النبي صَلَّى الله عليه وسلم سنة ثلاث، وقيل سنة خمس، ونزلت بسببها آية الحجاب، وكانت قَبْلَه عند مولاه زَيْد بن حارثة، وفيها نزلت: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37].

وكان زَيْد يدعى ابن محمد، فلما نزلت: {ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5] وتزوَّج النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم امرأته بعده ـــ انتفى ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من أنَّ الذي يتبنّى غيره يصير ابْنَه، بحيث يتوارَثان إلى غير ذلك.

وقد وصفت عائشة زينب بالوَصْف الجميل في قصة الإفكِ، وأن الله عصمها بالوَرَع؛ قالت: وهي التي كانت تُسَامِيني من أزواج النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وكانت تفخر على نساء النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم بأنها بنت عمته، وبأنَّ الله زوجها له، وهن زوَّجَهُنّ أولياؤهن.

وفي خبر تزويجها عند ابْن سَعْدٍ مِنْ طريق الواقدي بسند مرسل: فبينا رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم يتحدث عند عائشة إذ أخذته غَشْية فسُرِّي عنه وهو يتبسم، ويقول: "من يذهب إلى زينب يبشرها؟" وتلا: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: 37] الآية. قالت عائشة: فأخذني ما قَرُب وما بَعُد لما يبلغنا من جمالها، وأُخرى هي أعظم وأشرقُ ما صنع لها: زوّجها الله من السماء؛ وقلت: هي تفخر علينا بهذا.

وبسند ضعيف، عن ابن عباس: لما أخبرت زينب بتزويج رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم لها سجدَتْ.

ومن طريق عبد الواحد بن أبي عون؛ قالت زينب: يا رسولَ الله، إني والله ما أنا كإحْدى نسائك، ليست امرأة من نسائك إلا زوّجها أبوها أو أخوها أو أهلها غَيْرِي، زَوَّجنيك الله من السماء.

ومن حديث أم سلمة بسندٍ موصول فيه الواقدي ـــ أنها ذكرت زينب فترحَّمت عليها، وذكرت ما كان يكون بينها وبين عائشة، فذكرت نحو هذا؛ قالت أم سلمة: وكانت لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مُعْجبة، وكان يستكثر منها، وكانت صالحة صوّامة قوامة صناعًا تصدق بذلك كله على المساكين.

وذكر أَبُو عُمَرَ: كان اسمها برة، فلما دخلت على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سماها زينب. روت عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أحاديث، روَى عنها ابنُ أخيها محمد ابن عبد الله بن جحش، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وزينب بنت أبي سلمة، ولهم صحبة، وكلثوم بنت المصطلق، ومذكور مولاها، وغيرهم.

قال الوَاقِدِيُّ: ماتت سنة عشرين. وأخرج الطبراني من طريق الشعبي أن عبد الرحمن ابن أبْزَى أخبره أنه صلى مع عمر على زينب بنت جحش، وكانت أول نساءِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم ماتت بعده. وفي الصحيحين، واللفظ لمسلم، من طريق عائشة بنت طلحة، عن عائشة؛ قالت: قال رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَسْرَعُكُنَّ لِحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا"(*). قال: فكن يتطاوَلْن أيتهن أطول يدًا. قالت: وكانت أطولنا يدًا زينب، لأنها كانت تعملُ بيدها، وتتصدق.

ومن طريق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن عمرة، عن عائشة نحو المرفوع؛ قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم نمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعلُ ذلك حتى تُوفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة، ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذ أنّ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم إنما أراد طولَ اليد بالصدقة؛ وكانت زينب امرأة صناع اليدين، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله.

وروينا في "القَطْعِيَّاتِ"، من طريق شَهْر بن حَوْشب، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة بنت الحارث؛ قالت؛ كان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم يقسم ما أفاء الله عليه في رهْطٍ من المهاجرين، فتكلَّمت زينب بنت جحش، فانتهرها عمر؛ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "خَلِّ عَنْهَا يَا عُمَرُ؛ فَإِنَّهَا أَوّاهَةٌ"(*)أورده السيوطي بنحوه في الدر المنثور 3/ 186 .

وأخرج ابْنُ سَعْدٍ بسند فيه الوَاقِدِيُّ، عن القاسم بن محمد؛ قال: قالت زينب حين حضرتها الوفاة: إني قد أعددتُ كفني، وإنَّ عمر سيبعث إلي بكفن، فتصدقوا بأحدهما، إن استطعتم أن تتصدقوا بحَقْوي فافعلوا.

ومن وَجْهٍ آخر، عن عمرة؛ قالت: بعث عمر بخمسة أثواب يتخيرها ثوبًا ثوبًا من الحراني، فكفنت منها، وتصدقت عنها أختها حَمْنة بكفنها الذي كانت أعدته.

قالت عُمْرَةُ: فسمعت عائشة تقول: لقد ذهبت حميدة متعبدة مفزع اليتامى والأرامل.

وأخرج بسند فيه الوَاقِدِيُّ عن محمد بن كعب: كان عطاء زَيْنب بنت جَحْش اثني عشر ألفًا لم تأخذه إلا عامًا واحدًا، فجعلت تقول: اللهم لا يدركني هذا المال مِنْ قابل فإنه فتنة، ثم قسمته في أهل رَحِمها وفي أهل الحاجة، فبلغ عمر، فقال: هذه امرأةٌ يراد بها خير، فوقف عليها، وأرسل بالسلام، وقال: بلغني ما فرقت. فأرسل بألف درهم تستبقيها، فسلكت به ذلك المسلك.

وتقدم في ترجمة برة بنت رافع في القسم الرابع من حرف الباء الموحدة نحو هذه القصة مطولًا.

قال الوَاقِدِيُّ: تزوجها النبيُّ ـــ صَلَّى الله عليه وسلم وهي بنت خَمس وثلاثين سنة، وماتت سنة عشرين، وهي بنت خمسين، ونقل عن عمر بن عثمان الحَجَبي أنها عاشت ثلاثًا وخمسين.
(< جـ8/ص 153>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال