تسجيل الدخول


زينب بنت جحش الأسدية أم المؤمنين

تكنى أمَّ الحكم، تزوّجها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لِهِلال ذي القعدة سنة خمس من الهجرة وهي يومئذٍ بنت خمس وثلاثين سنة، وسُئلت عائشة متى تزوّج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، زينب بنت جحش؟ قالت: مرجعنا من غزوة المريْسِيع أو بعده بيسير، ونزلت بسببها آية الحجاب، وكانت قَبْلَه عند مولاه زَيْد بن حارثة، وفيها نزلت: }فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا {[الأحزاب: 37]. وكان زَيْد يدعى ابن محمد، فلما نزلت: }ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ {[الأحزاب: 5] قال ابن حجر العسقلاني: وتزوَّج النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم امرأته بعده، وانتفى ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من أنَّ الذي يتبنّى غيره يصير ابْنَه، بحيث يتوارَثان إلى غير ذلك. ولما أُخبرت زينب بتزويج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لها سجدت، وقالت: لما جاءني الرسول بتزويج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إيّاي جعلت لله عليّ صوم شهرين، فلما دخل عليّ رسول الله كنت لا أقدر أن أصومهما في حضر ولا سفر تصيبني فيه القرعة، فلمّا أصابتني القرعة في المقام صمتهما، وقالت زينب بنت جحش يومًا: يا رسول الله إنّي والله ما أنا كأحدٍ من نسائك، ليست امرأة من نسائك إلاّ زوّجها أبوها أو أخوها وأهلها غيري، زوّجنيك الله من السماء. وروي أن رجلًا من بني أسد فاخر رجلًا فقال الأسدي: هل منكم امرأة زوّجها الله من فوق سبع سماوات؟ يعني: زينب بنت جحش. وروى ثابت عن أنس قال: لمّا تزوّج رسول الله زينب بنت جحش أطعمنا عليها الخبز واللحم حتى امتدّ النهار وخرج الناس وبقي رهط يتحدّثون في البيت، وخرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وتبعته فجعل يتتبّع حجر نسائه ليسلّم عليهنّ، وروي عن أنس بن مالك قال: أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب، لمّا أُهديت زينب إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، صنع طعامًا ودعا القوم فجاءُوا ودخلوا، وزينب مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في البيت، فجعلوا يتحدّثون، فجعل رسول الله يخرج ثمّ يرجع وهم قعود، قال: فنزلت: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ {[سورة الأحزاب: 53] فقامَ القوم وضرب الحجاب. وقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يومًا وهو جالس مع نسائه: "أطولكنّ باعًا أسرعكنّ لحوقًا بي". فكنّ يتطاولن إلى الشيء، وإنّما عنى رسول الله بذلك الصَّدَقة، وكانت زينب امرأة صَنعًا فكانت تتصدّق به فكانت أسرع نسائه لحوقًا به. وروى عبد الله بن شداد: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطّاب: ‏"‏إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَوَّاهةٌ"‏. فقال رجل: يا رسول الله؛ ما الأوّاه؟ قال: ‏"‏الْخَاشِعُ المُتَضَرِّعُ، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحلِيمٌ أوَّاهٌ مُنِيبٌ‏" . ، وكانت رضي الله عنها امرأة صالحة صوّامة قوّامة، وروي أنه ما تركت رضي الله عنها درهمًا ولا دينارًا، كانت تَصَّدّق بكل ما قدرت عليه، وكانت مأوى المساكين، وروت عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة. وفاتها: قالت زينب بنت جحش حين حضرتها الوفاة: إني قد أعددت كَفَني ولعلّ عمر سيبعث إِلَيَّ بكفن، فإذا بعث بكفن فتصدّقوا بأحدهما، إن استطعتم إذا دلّيتموني أن تصدّقوا بحَقْوي فافعلوا، وقد أوصت رضي الله عنها أن تُحمل على سرير رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ويجعل عليه نعش، وقبل ذلك حُمل عليه أبو بكر الصّدّيق، وكانت المرأة إذا ماتت حُمِلَتْ عليه، وقيل: هي أول امرأة صُنع لها النعش. وقيل: فلمّا حُملت زينب إلى قبرها قام عمر إلى قبرها فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: إنّي أرسلت إلى النسوة، يعني: أزواج النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، حين مرضت هذه المرأة أَنَّ مَنْ يُمَرّضها ويقوم عليها؟ فأرسلن: نحن، فرأيت أن قد صدقن، ثمّ أرسلتُ إليهنّ حين قُبضت: مَن يغسّلها ويحنّطها ويكفّنها؟ فأرسلن: نحن: فرأيت أن قد صّدَقن، ثمّ أرسلت إليهنّ: من يدخلها قبرها؟ فأرسلن: من كان يحلّ له الولوجُ عليها في حياتها، فرأيت أن قد صدقن، فاعتزلوا أيها الناس! فنحّاهم عن قبرها ثمّ أدخلها رجلان من أهل بيتها. وأمر عمر بفسطاط فضرب بالبَقيع على قبرها لشدّة الحرّ يومئذٍ فكان أوّل فسطاط ضرب على قبرِ بالبقيع. وصلّى عمر بن الخطّاب على زينب بنت جحش سنة عشرين في يوم صائف ورأيت مُدّ ثوبٌ على قبرها وعمر جالس على شفير القبر معه أبو أحمد ذاهب البصر جالس على شفير القبر وعمر بن الخطاب قائم على رجليه والأكابر من أصحاب رسول الله قيام على أرجلهم. وروي عن عائشة أمّ المؤمنين قالت: لما توفّيت زينب بنت جحش جعلت تبكي وتذكر زينب وترحّم عليها، فقيل لعائشة في بعض ذلك فقالت: كانت امرأة صالحة، قلت: يا خالة أيّ نساء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، كانت آثر عنده؟ فقالت: ما كنت أستكثره ولقد كانت زينب بنت جحش وأم سلمة لهما عنده مكان، وكانتا أحبّ نسائه إليه فيما أحسب بعدي، وتوفّيت زينب بنت جحش رضي الله عنها وهي ابنة ثلاث وخمسين سنة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال