1 من 2
و عن طارق بن شهاب قال: قال عبد الله: لقد شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون أنا صاحبه أحب إلي مما عدل به. أتى النبي صلى الله عليه و سلم و هو يدعو على المشركين فقال: و الله يا رسول الله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون. و لكنا نقاتل عن يمينك و عن يسارك و بين يديك و من خلفك. فرأيت النبي صلى الله عليه و سلم أشرق و جهه و سره ذلك. رواه الإمام أحمد.
و عن أنس قال: بعث النبي صلى الله عليه و سلم المقداد على سرية. فلما قدم قال له: أبا معبد كيف وجدت الإمارة؟ قال كنت أحمل و أوضع حتى رأيت أن لي على القوم فضلًا قال: هو ذاك، فخذ أودع قال: و الذي بعثك بالحق لا أتأمر على اثنين أبدًا.
و عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد يومًا فمر به رجل فقال: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه و سلم، و الله لوددنا أنا رأينا ما رأيت و شهدنا ما شهدت. فاستغضب فجعلت أعجب، ما قال إلا خيرًا، ثم أقبل إليه فقال: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرًا غيبه الله عنه، ما يدري لو شهده كيف كان يكون فيه؟ و الله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه و سلم أقوام كبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه و لم يصدقوه، أو لا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم مصدقين بما جاء به نبيكم. و لقد كفيتم البلاء بغيركم؟ و الله لقد بعث النبي صلى الله عليه و سلم على أشد حال بعث عليها نبي من الأنبياء في فترة و جاهلية، ما يرون أن دينًا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرق به بين الحق و الباطل، و فرق بين الوالد و ولده، إن كان الرجل ليرى والده و ولده و أخاه كافرًا و قد فتح الله قفل قلبه للإيمان يعلم أنه إن هلك دخل النار فلا تقر عينه و هو يعلم أن حبيبه في النار و أنها للتي قال الله عز وجل و الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين.
2 من 2
روى ابن إِسحاق قال: أَتى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لما سار إِلى بدر الخبرُ عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عِيْرَهم، فاستشار رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الناسَ، فقال أَبو بكر فأَحْسَنَ، وقال عمر فأَحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امض لما أُمرتَ به فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إِسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة/ 24]، ولكن: اذهب أَنت وربك فقاتلا إِنا معكما مقاتلون؛ فوالذي بعثك بالحق نبيًا لو سِرْتَ بنا إِلى بِرك الغمَاد لجالدنا معك من دونه، حتى نبلغه، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خيرًا، ودعا له(*).