1 من 2
صخر بن حَرْب: بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو سفيان القرشيّ الأمويّ.
مشهور باسمه وكنيته، وكان يُكْنَى أيضًا أبا حنظلة، وأمه صفيّة بنت حزن الهلالية، عمة ميمونة زَوْج النّبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكان أسنَّ من النّبي صَلَّى الله عليه وسلم بعشر سنين. وقيل غير ذلك بحسب الاختلاف في سنَةِ موته. وهو والِد معاوية.
أسلم عام الفتح، وشهد حُنينًا والطّائف، كان من المُؤَلفة، وكان قبل ذلك رَأس المشركين يوم أحد ويوم الأحزاب، ويقال: إن النّبي صَلَّى الله عليه وسلم استعمله على نَجْرَان؛ ولا يثبت.
قال الوَاقِدِيُّ: أصحابنا ينكِرُون ذلك، ويقولون: كان أبو سفيان بمكّة وقْتَ وفاةِ النّبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكان عاملها حينئذ عمرو بن حزم.
وذكر ابْنُ إِسْحَاقَ أنَّ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم وجَّهه إلى مناة فهدمها، وتزوَّج النّبي صَلَّى الله عليه وسلم ابنته أم حبيبة قَبْلَ أن يسلم، وكانت أسلمت قَدِيمًا، وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة، فمات هناك.
وقد رَوَى أَبُو سُفْيَانَ عن النّبي صَلَّى الله عليه وسلم. روى عنه ابن عبّاس، وقيس بن حازم، وابنه معاوية. قال جعفر بن سليمان الضّبعيّ، عن ثابت البُنَاني: إنما قال النّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ"(*) أخرجه مسلم في الصحيح 3/1405 كتاب الجهاد (32) باب فتح مكة (31) حديث رقم (84/1780)، أبو داود في السنن 2/177 باب ما جاء في خبر مكة حديث رقم 3021 3022. أحمد في المسند 2/292، 538، البيهقي في السنن الكبرى 6/34، 9/117. الطبراني في الكبير 8/9، ابن أبي شيبة في المصنف 14/475؛ لأنّ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم كان إذا آوَى بمكّة دخل دارَ أبي سفيان، رواه ابن سَعْد.
وروى ابْنُ سَعْد أيضًا بإسنادٍ صحيح عن عكرمة أنّ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم أَهْدَى إلى أبي سفيان بن حَرب تمر عجوة، وكتب إليه يستهديه أدما مع عمرو بن أميّة، فنزل عَمْرو على إحدى امرأتي أبي سفيان، فقامت دونه، وقَبل أبو سفيان الهديّة، وأهدى إليه أدما. (*)
وروى ابْنُ سَعْدٍ من طريق أبي السَّفَر، قال: لما رأى أبو سفيان الناسَ يطئون عَقِب رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم حسده، فقال في نفسه: لو عاودْتُ الجمع لهذا الرجل. فضرب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في صَدْره، ثم قال: "إِذًا يُخْزِيكَ اللهُ". فقال: أستغفر الله وأتوب إليه، والله ما تفوَّهْتُ به، ما هو إلا شيء حدّثتُ به نفسي.(*)
ومن طريق أبي إسحاق السَّبِيعي نحوه. وقال: ما أيقنت أنكَ رسول الله حتى السّاعة.
ومن طريق عبد الله بن أبي بكر بن حَزْم، قال: قال أبو سفيان في نفسه: ما أدري بِمَ يغلبنا محمد! فضرب في ظَهْرِه وقال: "بِاللهِ يَغْلِبُكَ". فقال: أشهد أنكَ رسولُ الله. (*)
وروى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، من طريق إسحاق بن يحيى، عن أبي الهيثم، عمن أخبره أنه سمع أبا سفيان بن حرب يمازحُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم في بيت بنته أم حبيبة، ويقول: والله إن هو إلا أَنْ تركتك فتركتكَ العرب، إن انتطحت فيك جَمّاء ولا ذات قَرْن. ورسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم يضحك. ويقول: "أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا حَنْظَلَةَ"!.(*)
وروى الزُّبير من طريق سعيد بن عبيد الثّقفيّ، قال: رميتُ أبا سفيان يوم الطّائف فأصبْتُ عينه، فأتى النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: هذه عيني أُصيبت في سبيل الله. قال: "إنْ شِئْتَ دَعَوْتُ فَرُدَّتْ عَلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ فَاْلجَنَّةُ" أخرجه أحمد في المسند 4/ 138 وابن عساكر في تاريخه 6/ 408. قَالَ: الجنّة.(*)
وروى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ و ابْنُ سَعْدٍ بإسنادٍ صحيحٍ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبيه، قال: فقدت الأصوات يَوْمَ اليرموك إلا صوت رجل يقول: يا نصر الله اقترب. قال: فنظرت فإذا هو أبو سفيان تحتَ راية ابنه يزيد. ويقال: فقُئت عينه يومئذ.
وروى يَعْقُوبُ أيضًَا من طريق ابن إسحاق، عن وَهْب بن كيسان، عن ابن الزّبير، قال: كنْتُ مع أبي عامَ اليَرْمُوك، فلما تعبَّى المسلمون للقتال لبس الزّبير لأمَته، ثم جلس على فرسه، وتركني؛ فنظرتُ إلى ناس وقوف على تَلّ يقاتلون مع الناس، فأخذت تُرْسًا، ثم ذهبت فكنت معهم، فإذا أبو سفيان في مشيخةٍ مِنْ قريش، فجعلوا إذا مال المسلمون يقولون: أَيَّده ببني الأصفر، وإذا مالت الروم قالوا: يا ويح بني الأصفر.
وهذا يبعده ما قبله، والذي قبله أصَحُّ.
وروى البَغَوِيُّ بإسنادٍ صحيحٍ عن أنَس أنَّ أبا سفيان دخل على عثمان بعد ما عمي وغلامُه يقوده.
وروى الأزْرَقِيُّ من طريق علقمة بن نضلة أن أبا سفْيَان بن حَرْب قام على ردم المرأتين، ثم ضرب برجله، فقال: سنام الأرض؛ إن له سنامًا يزعم ابن فَرْقَد أني لا أعرف حَقّي من حقّه، لي بياض المروة، وله سوادها. فبلغ عُمر، فقال: إن أبا سفيان لقديم الظّلم، ليس لأحد حقّ إلا ما أحاطت عليه جُدرانه.
قال عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: مات لستٍّ خَلَوْن من خلافة عثمان. وقال الهيثم: لتسع خلون. وقال الزّبير: في آخر خلافة عثمان. وقال المدائنيّ: مات سنة أربع وثلاثين. وقيل: مات أبو سفيان سنة إحدى، وقيل اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان. وقيل: مات سنة أربع وثلاثين. وقيل عاش ثلاثًا وتسعين سنة.
وقال الوَاقِدِيُّ: وهو ابنُ ثمان وثمانين. وقيل غير ذلك.
(< جـ3/ص 332>)
2 من 2
أبو سفيان صخر بن حَرْب بن أمية بن عبد شمس، مشهور باسمه وكنيته، ويكنى أبا حنظلة. تقدم في الأسماء.
(< جـ7/ص 154>)