تسجيل الدخول


عائشة بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد...

1 من 1
عائشة بنت أبي بكر الصديق:

عائشة بنت أبي بكر الصّديق، زوج النّبي صَلَّى الله عليه وسلم، تقدّم ذِكْرُ أبيها في بابه، وأُمها أم رُومان بنت عامر بن عُوَيمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سُبيع بن دهمان بن الحارث بن غَنْم بن مالك بن كنانة. تزوَّجها رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بمكّة قبل الهجرة بسنتين. هذا قولُ أبي عبيدة. وقال غيره: بثلاث سنين، وهي بنتُ ستّ سنين، وقيل: بنت سبع. وابْتَنَى بها بالمدينة، وهي ابنة تسع؛ لا أعلمهم اختلفوا في ذلك. وكانت تُذْكَر لجبير بن مطعم وتُسَمَّى له، وكان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم قد أُري عائشةَ في المنام في سَرَقةٍ من حرير، فتُوفيت خديجةُ، فقال: "إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ".(*) فتزوّجها بعد موت خديجةَ بثلاث سنين فيما ذكر الزّبير،. وكان موتُ خديجةَ قبل مخرجه إلى المدينةِ مهاجرًا بثلاث سنين. هذا أولى ما قيل في ذلك وأصحّه إن شاء الله تعالى. وقد قيل في موت خديجةَ: إن كان قبل الهجرة بخمس سنين. وقيل: بأربع، على ما ذكرناه في بابها.

وذكر الزّبير بن بكّار، عن محمد بن محمد بن الحسن، عن أُسامةَ بن حفص، عن يونس، عن ابن شهاب ـــ أنّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم تزوَّج عائشةَ بنت أبي بكر الصّدّيق في شوّال سنةَ عشر من النّبوة قَبْلَ الهجرة بثلاث سنين، وأعرس بها في المدينةِ في شوّال على رأس ثمانيةَ عشر شهرًا من مُهَاجره إلى المدينة‏ِ‏.(*)

حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا قاسم بن أصبغ، حدّثنا أحمد بن زهير، حدّثنا موسى ابن إسماعيل، حدّثنا حماد بن سلمةَ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشةَ، قالت: تزوَّجني رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بعد متَوَفّى خديجةَ وقَبْل مخرجه إلى المدينة بسنتين أو ثلاث، وأنا بنت ستٍ أو سبع.(*) قال أحمد بن زهير: هذا يقضي لقول أبي عبيدة بالصّواب: إن خديجةَ تُوفِّيت قبل الهجرة بخمس سنين. قال: ويقال بأربع قبل تزويج عائشةَ‏‏، قال أبو عمر: كان نكاحُه صَلَّى الله عليه وسلم عائشةَ في شوّال، وابتناؤهُ بها في شوّال، وكانت تحبُّ أن تدخل النساء من أهلها وأحبَّتِها في شوّال على أزواجهن، وتقول: هل كان في نسائه عنده أحظى مني، وقد نكحني وابْتَنَى بي في شوال، وتُوفِّي عنها صَلَّى الله عليه وسلم وهي بنْتُ ثمان عشرة سنةً، وكان مُكْثُها معه صَلَّى الله عليه وسلم تسع سنين.

روى أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشةَ، قالت: تزوّجني رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا بنْتُ سبع سنين، وبَنَى بي وأنا بنت تسع سنين، وقُبِض عني وأنا ابنةُ ثمان عشرة سنة.(*)

حدّثنا عبد الرّحمن بن يحيى، حدّثنا أحمد بن سعيد، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، حدّثنا محمد بن علي، حدّثنا يحيى بن سفيان، حدّثنا أبو معاوية... فذكره‏.

قال أبو عمر: لم ينكح رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بكرًا غيرها، واستأذنت رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم في الكنيةِ فقال لها: ‏"‏اكْتَنِي بِابْنِكِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزّبَيْرِ‏ـــ"‏‏(*) أخرجه أبو داود في السنن حديث رقم 4970، وأحمد في المسند 6/186، وعبد الرازق حديث 19859، والبخاري في الأدب المفرد 851، والبيهقي في السنن 9/311، والحاكم في المستدرك 4/278، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 45233. يعني ابن أختها. وكان مسروق إذا حدّث عن عائشةَ يقول: حدثتني الصَّادقةُ ابنةُ الصّديق البرية المبرأة بكذا وكذا، ذكره الشّعبي، عن مسروق. وقال أبو الضّحى، عن مسروق: رأيت مشيخةً من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها، عن الفرائض. وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشةُ أفْقَه النّاس، وأعلم النّاس، وأحسن النّاس رأيًا في العامّةِ، وقال هشام بن عروة، عن أَبيه: ما رأَيتُ أَحدًا أَعلم بِفِقْهٍ ولا بطب ولا بشعر من عائشةَ.

وذكر الزّبير قال: حدّثني عبد الرّحمن بن المغيرة الحزامي، عن عبد الرّحمن بن أَبي الزّناد، عن أَبيه قال: ما رأيْتُ أَحدًا أَرْوَى لشعْرٍ من عُروة. فقيل له: ما أَرواك يا أَبا عبد الله؟ قال: وما روايتي من رواية عائشةَ! ما كان ينزل بها شيء إلّا أَنشدت فيه شعرًا. قال الزّهري: لو جُمع علم عائشةَ إلى علم جميع أَزواج النّبي صَلَّى الله عليه وسلم وعِلْم جميع النّساء لكان عِلْمُ عائشةَ أفضل‏.

وروى أَهل البصرة، عن أَبي عثمان النّهدي، عن عمرو بن العاص سمعه يقول: قلت لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: أيّ النّاس أحبّ إليك؟ قال: ‏"‏عَائِشَةُ"‏. قلت: فمن الرجال؟ قال: "أَبُوها‏".(*)

ومن حديث أَبي موسى الأشعريّ وحديث أَنَس عن النّبي صَلَّى الله عليه وسلم، قال: ‏"‏فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَام‏".(*) أخرجه البخاري في الصحيح 4/200، 5/36، 7/97، 98، ومسلم في الصحيح كتاب فضائل الصحابة حديث رقم 89، والترمذي في السنن حديث رقم 3887، والنسائي في السنن 7/68، وابن ماجه في السنن حديث رقم 3281، وأحمد في المسند 3/264، 6/159، والدارمي في السنن2/106، والحاكم 3/587، والطبراني في الكبير 19/28، وأبو نعيم في الحلية 9/25، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 34386.. وفيها يقول حسان بن ثابت: [الطويل]

حَصَانٌ رَزَانٌ
مَا
تُزَنُّ
بِريبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ

عَقِيلَةُ أَصْلٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ
غَالِبٍ كِرَامِ المَساعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ

مُهَذَّبَةٌ
قَدْ
طَهَّرَ
اللَّهُ خِيْمَهَا وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ بَغْيٍ
وَبَاطِلِ

فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ قِيلَ عَنِّي قُلْتُهُ فَلَا رَفَعَتْ صَوْتِي إِلَيَّ أَنَامِلي

وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلَائِطٍ بِهَا الدَّهْرَ بَلْ قَوْلُ امْرئٍ مُتَمَاحِلِ

فَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي لِآلِ رَسُولِ
اللَّهِ زَيْنِ
المَحَافِلِ

رَأَيتُكِ وَلْيَغْفِرْ
لَكِ
اللَّهُ
حُرَّةً مِنَ المُحْصَنَاتِ غَيْرَ ذَاتِ الغَوَائِلِ

قال أبو عمر: أمر النبي صَلَّى الله عليه وسلم بالذين رَمَوْا عائشة بالإفك حين نزل القرآن ببراءتها فجُلِدوا الحدَّ ثمانين(*) فيما ذكر جماعة من أهل السِّيَر والعلم بالخبر. وقال قوم: إنَّ حسّانَ بن ثابت لم يُجْلَد معهم، ولا يصحّ عنه أنه خاض في الإفك والقذف، ويزعمون أنه القائل: [الطويل]

لَقَدْ ذَاقَ عَبْدُ اللَّهِ مَا كَانَ أَهْلَهُ وَحَمْنَةَ إِذْ قَالُوا هَجيرًا وَمِسْطَح

وعبد الله هو عبد الله بن أبيّ أنه ابن سلول.

وآخرون يصحّحون جَلْدَ حسّان بن ثابت، ويجعلونه من جملة أهلِ الإفك في عائشة. وأنشد ابن إسحاق هذا البيت على خلاف ما مضى من أبياتٍ ذكرها فقال قائل من المسلمين:

لَقَدْ ذَاقَ حَسَّانُ الَّذِي كَانَ أَهْلَهُ وَحَمْنَةَ إِذْ قَالُوا هَجِيرًا وَمِسْطَحُ

وهذا عندي أصحّ، لأن عبد الله بن أُبيّ بن سلول لم يكن ممن يستر جَلْدُه عن الجميع لو جُلد.

وقد روي أنّ حسّان بن ثابت استأذن على عائشة بعدما كُفّ بصره، فأذنت له، فدخل عليها فأكْرَمَتْه، فلما خرج من عندها قيل لها: أهذا من القوم قالت: أليس يقول: [الوافر]

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وعِرْضِي لِعرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

هذا البيت يَغْفِرُ له كل ذنب‏.

وتُوفيت عائشةُ سنة سبع وخمسين، ذكره المدايني، عن سُفيان بن عيينة، عن هشام ابن عروة عن أبيه.

وقال خليفة بن خياط، وقد قيل: إنها تُوفيت سنة ثمانٍ وخمسين، ليلة الثّلاثاء لسبع عشرة ليلة خلَتْ من رمضان، أَمَرت أنْ تدفَن ليلًا، فدفنت بعد الوتر بالبَقيع، وصلّى عليها أبو هريرة، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر. فالله أعلم. ذكر ذلك صالح بن الوجيه، والزّبير، وجماعة من أهل السِّيْر والخبر‏.

حدّثنا سعيد بن نصر، قال: حدّثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدّثنا محمد بن وضاح، قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا وكيع عن عصام بن قُدَامة، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏أَيَّتْكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الأَدْبَبِ، يُقْتَلُ حَوْلَها قَتْلَى كَثِيرٌ، وَتَنْجُو بَعْدَمَا كَادَتْ‏"‏‏(*) ذكر الألباني في الأحاديث الصحيحة، رقم 474.. وهذا الحديث من أعلام نبوته صَلَّى الله عليه وسلم؛ وعصام ابن قُدامة ثقة وسائر الإسناد أشهر من أن يحتاج لذكره.
(< جـ4/ص 435>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال