تسجيل الدخول


عبد الله بن الزبير الأسدي

1 من 1
عبد الله بن الزّبير: [[بن العوَّام]] بن خويلد بن أسد بن عبدالعُزَّى القرشي الأسديّ.

أمُّه أسماء بنت أبي بكر الصديق. وُلد عام الهجرة، وحَفِظ عن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم وهو صغير، وحدّث عنه بجملةٍ من الحديث، وعن أبيه، وعن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وخالته عائشة، وسفيان بن أبي زهير وغيرهم.

وهو أحد العبادلة وأحد الشجعان من الصحابة، وأحَدُ مَنْ ولي الخلافة منهم. يكنى أبا بكر. ثم قيل له أبو خُبيب بولده.

روى عنه أخوه عروة؛ وابناه: عامر، وعباد؛ وابن أخيه محمدٍ بن عروة؛ وأبو ذُبيان خليفة بن كعب، وعبيدة بن عمرو السماني، وعطاء، وطاوس، وعمرو بن دينار، ووهب بن كَيْسان، وابن أبي مُليكة، وسماك بن حرب، وأبو الزبير، وثابت البُنَاني؛ وآخرون.

وبويع بالخلافة سنه أربع وستين عقِبَ موت يزيد بن معاوية، ولم يتخلف عنه إلا بعضُ أهل الشام.

وهو أول مولود وُلد للمهاجرين بعد الهجرة، وحنّكه النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وسماه باسْم جده، وكناه بكنيته.

وَزَعَمَ الْوَاقِدِيّ أنه وُلِد في السنة الثانية. والأصح الأول.

وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حدثني عمي، قال: سمعت أصحَابنا يقولون: وُلد سنة الهجرة؛ وأتاه النبي صَلَّى الله عليه وسلم في اليوم الذي وُلد فيه يَمْشِي، وكانت أسماء مع أبيها بالسُّنْح، فأتى به فحنّكه. قال الزّبير: والثبت عندنا أنه وُلِد بقباء؛ وإنما سكن أبوه السُّنح لما تزوَّج مليكة بنت خارجة بن زيد.

قَالَ الْوَاِقِديّ وَمَنْ تبعه: وُلد في شوال سنة اثنتين؛ ووقع في الصّحيح مِنْ طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء أنها حملَتْ بعبدالله بن الزبير بمكَّة؛ قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيتُ المدينة، ونزلت بقُباء فولدته بقباء، ثم أتيت به رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم فوضعته في حِجْره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل في جوْفه رِيقُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ثم حنّكه بالتمرة، ثم دعا له وبرّك عليه وكان أول مولود وُلد في الإسلام، لفظ أحمد في مسنده.

وقد وقع في صحيح البخاريّ أنَّ الزّبير كان بالشام لما هاجر النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم، وأنه قدم المدينةَ لما قدم النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم، فكساه ثوبًا أبيض، وإذا كان كذلك فمتى حملت أَسماء منه بعد ذلك؟ بل الذي يدلُّ عليه الخبر أنها حملَتْ منه قبل أن يسافرَ إلى الشام، فلما هاجر النبُّي صَلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة وتَبعه أصحابه أرسالًا، خرجَتْ أسماء بنت أبي بكر بعد أَنْ هاجر النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم بأشهر؛ فإن كان قدومها في شوال محفوظًا فتكون سنة إحدى.

وقد وقع في بعض طرق الحديث أن عبد الله بن الزبير جاء إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم ليبايعه، وهو ابنُ سَبْع سنين، أو ثمان، كما أخرجه ابن منده من طريق عبد الله بن محمد بن عُرْوة، حدثني هشام بن عُرْوة، عن أبيه، قال: خرجَتْ أسماء حين هاجرت وهي حامل؛ قالت: فنفست به فأتيته به ليحنّكه، فأخذه فوضعه في حِجْره وأتى بتمرة فمصَّها، ثم مضغها في فيه فحنَّكه؛ فكان أول شيء دخل بطنه رِيقُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ثم مسحه، وسمّاه عبد الله، ثم جاء بَعْدُ وهو ابنُ سبع أو ثمان ليبايعَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أمره بذلك الزبير فتبسَّم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم حين رآه وبايعه؛ وكان أول مولودٍ ولد في الإسلام بالمدينة، وكانت يهود تقول: قد أخذناهم فلا يولد لهم بالمدينة وَلد، فكبَّر الصحابة حين وُلد.

وَقَدْ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حدّثني عمي مُصْعب، سمعت أصحابنا يقولون: وُلد عبد الله بن الزّبير سنةَ الهجرة. وأما ما رواه البغَوي في الجعديات، مَن طريق إسماعيل عن أبي إسحاق عمن حدثه، عن أبي بكر، أنه طاف بعبدالله بن الزبير في خِرْقة، وهو أَوَّل مولود ولد في الإسلام؛ فقد ذكر ابنُ سعد أن الواقديَّ أنكره، وقال: هذا غلط بَيّن، فلا اختلافَ بين المسلمين أنه أول مولود وُلد بعد الهجرة، ومكة يومئذ حَرْب لم يدخلها النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم حينئذ ولا أحدٌ من المسلمين.

قُلْتُ: يحتمل أن يكون المرادُ بقوله: طاف به مِنْ مكان إلى مكان، وإلا فالذي قاله الواقديَّ مُتجِه، ولم يدخل أبو بكر مكةَ من حين هاجر إلا مع النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم في عُمْرة القَضِيّة، ولم يكن ابْنُ الزبير معه.

وفي الرِّسالة للشَّافِعِيِّ أنَّ عبد الله بن الزبير كان له عند موتِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم تسعُ سنين؛ وقد حفظ عنه. وقّالّ الدَّيْنُورِيُّ في "المجالسة": حدثنا إبراهيم بن يزيد، حدثنا أبو غسان، حدثنا محمد بن يحيى، أخبرنا مصعب بن عثمان، قال: قال عبدُالله بن الزبير: هاجرتُ وأنا في بَطْن أمي.

وَأَخْرَجَ الزُّبَيْرُ، مِنْ طريق مسلم بن عبد الله بن عروة بن الزبير، عن أبيه أن النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم كلَّم في غلمة من قريش ترَعْرَعُوا: عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وعمرو بن أبي سلمة؛ فقيل لو بايعتهم فتصيبهم برَكَتك، ويكون لهم ذكر؛ فأتى بهم إليه، فكأنهم تكعكعوا، فاقتحم عبد الله بن الزبير أولهم، فتبسَّم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم وقال: "إِنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ".(*)

ومن طريق عبد الله بن مصعب: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد جمع أبناء المهاجرين والأنصار الذين وُلدوا في الإسلام حتى ترَعْرَعُوا، فوقفوا بين يديه، فبايعهم وجلس لهم، فجمع منهم ابْنَ الزبير.(*)

وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ في ترجمة عبد الله بن معاوية، عن عاصم بن الزبير أنه روي عن هشام بن عُروة، عن أبيه أن الزبير قال لابنه عبد الله: أنت أَشْبه الناسِ بأَبِي بكر.

وَأَخْرَجَ أَبُو يُعْلَى وَالْبَيْهَقَََََِيُّ فِي "الدَّلاَئِلِ"، مِنْ طريق هنيد بن القاسم: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثَه أنه أتى النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: "يَا عَبْدَ اللهِ، اذْهَبْ بِهَذَا الدَّمِ فَأَهْرِقَه حَيْثُ لا يَرَاكَ أَحَدٌ". فَلَمَّا برز عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عمد إلى الدم فشربه، فلمَا رجع قال: "يَا عَبْدَ اللهِ، مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ قال: جعلته في أخفى مكان علمت أنه يَخْفَى عن الناس. قال: "لَعَلَّكَ شَرِبْتَه"! قال: نعم. قال: "ولِمَ شَرِبْتَ الدم؟ وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ! وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ!".(*)

قال أبو موسى: قال أبو عاصم: فكانوا يرون أن القوةَ التي به من ذلك الدم.

وله شاهدٌ من طريق كَيْسَان مولى ابن الزُّبَير، عن سلمان الفارسيّ، رويناه في جزء الغطريف، وزاد في آخره: "لا تمسّك النار إلا تحلَّة القسم".

وّأّخْرَجَ عَن أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي مُعْجَمِ الْبَغَوِي، وفي البخاري عن ابن عباس أنه وصف ابن الزّبير فقال: عفيف الإسلام، قارئ القرآن، أبوه حوَارِيّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأمُّه بنت الصديق، وجَدّته صفية عمة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وعمة أبيه خديجة بنت خويلد.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَة: حدَّثنا أحمد بن يونس، حدثنا الزنجي بن خالد، عن عَمْرو بن دينار، قال: ما رأيت مصلِّيًا أحسن صلاةً من ابْنِ الزّبير.

وأخرج أبو نعيم بسندٍ صحيح، عن مجاهد: كان ابنُ الزبير إذا قام للصلاة كأنه عَمُود.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حدثنا روح، حدثنا حسين الشهيد، عن ابن أبي مليكة: كان ابن الزبير يواصل سبعة أَيام، ثم يصبح اليوم الثامن وهو إلينا.

وَأَخْرَجَ الْبَغَوِيُّ، مِن طريق ميمون بن مهران: رأيت بن الزبير وّاصَل من الجمعة إلى الجمعة.

وأخرج ابن أبي الدُّنْيَا، مِنْ طريق ليث، عن مجاهد، ما كان بابٌ من العبادة إلا تكلفّه ابن الزُّبَيْر.

ولقد جاء سَيْل بالبيت، فرأيت ابْنَ الزبير يطوف سِبَاحَة.

وشهد ابنُ الزُّبَير اليرموك مع أبيه الزبير، وشهد فَتْحَ إفريقية، وكان البَشِير بالفتح إلى عثمان. ذكره الزبير وابن عائذ: واقتصَّ الزبير قصة الفتح. وإن الفتح كان على يده، وشهد الدار؛ وكان يقاتل عن عثمان، ثم شهد الجَمَل مع عائشة، وكان على الرّجالة.

قَالَ الزُّبَيْرُ: حدثني يحيى بن معين، عن هشام بن يوسف، عن معمر: أخبرني هشام بن عروة، قال: أخذ عبد الله بن الزبير مِنْ وسط القَتْلى يوم الجمل، وفيه بضع وأربعون جراحة، فأعطت عائشة البشير الذي بشّرها بأنه لم يمت عشرةَ آلاف، ثم اعتزل ابنُ الزبير حروبَ علي ومعاوية، ثم بايع لمعاوية فلما أراد أنْ يبايع ليزيد امتنع وتحوَّل إلى مكة، وعاد بالحرم؛ فأرسل إليه يزيد سليمان أن يبايع له، فأبى، ولقّب نفسه عائذ الله؛ فلما كانت وقعة الحَرَّة وفَتكَ أهل الشَّام بأهل المدينة ثم تحولوا إلى مكَّة فقاتلوا ابنَ الزبير واحترقت الكعبة أيامَ ذلك الحصار ففجعهم الخبَرُ بموت يزيد بن معاوية، فتوادعوا ورجع أهلُ الشام وبايعَ الناسُ عبد الله بن الزبير بالخلافة، وأرسل إلى أهل الأمصار يُبايعهم إلا بعض أهل الشام، فسار مَرْوَان فغلب على بقية الشام، ثم على مصر، ثم مات، فقام عبد الملك بن مروان فغلب على العِرَاق، وقَتل مُصْعب بن الزبير ثم جهَّزَ الحجاج إلى ابن الزبير، فقاتله إلى أن قتل ابن الزبير في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة. وهذا هو المحفوظ، وهو قولُ الجمهور.

وَعِنْدَ الْبَغَوِيّ عن ابن وهب عن مالك أنه قُتل على رأس اثنتين وستين، وكأنه أراد بعد انْقِضَائها.
(< جـ4/ص 78>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال