تسجيل الدخول


عبد الله بن عبد الأسد المخزومي

أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال القرشيّ المخزوميّ، واسمه عبد اللّه، وقيل: عبد مناف ولعله كان في الجاهلية، وقيل: اسمه عمرو، وهو مشهور بكنيته أكثر من اسمه. ابن عمة النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وأَخو رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأَخو حمزة بن عبد المطلب من الرضاعة، أَرضعتهم ثُوَيْبَة مولاة أَبي لهب أَرضعت حمزةَ رضي الله عنه، ثم رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم أَبا سلمة رضي الله عنه. وروي مِنْ حديث ابن عباس: أول مَن يعطى كتابه بيمينه أبو سلمة بن عبدالأسد، وأول مَنْ يعطى كتابه بشماله أخوه سفيان بن عبد الأسد، وتزوَّج أبو سلمة بأمّ سلمة، ثم صارت بعده إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم. وكان أبو سَلَمةَ من مهاجِرة الحبشة في الهجرتين جميعًا ومعه امرأته أمّ سَلَمَةَ بنتُ أبي أميّة، فأبو سلمة من السّابقين الأوليين إلى الإسلام، أسلم بعد عشرة أنْفس، روي عن ابن إِسحاق قال: عَدَت قريش على من أَسْلَم منهم، فأَوثقوهم وآذوهم، واشتد البلاء عليهم وعظمت الفتنة فيهم وزلزلوا زلزالًا شديدًا، عَدَتْ بنو جُمَح على عثمان بن مظعون، وَفَرَّ أَبو سلمة بن عبد الأَسد إِلى أَبي طالب، ليمنعه ــ وكان خاله ــ فمنعه، فجاءَت بنو مخزوم ليأْخذوه فمنعه، فقالوا: يا أَبا طالب، منعت منا ابن أَخيك، أَتمنع منا ابن أَخينا؟ فقال أَبو طالب: نعم أَمنع ابن أُختي مما أَمنع منه ابن أَخي، فقال أَبو لهب ــ ولم يسمع منه كلامُ خيرٍ قطُّ إلا يومئذ: صدق أَبو طالب، لا يُسْلمه إِليكم، وانطلق أَبو عبيدة بن الحارث، وأَبو سلمة بن عبد الأَسد، والأَرقم بن أَبي الأَرقم، وعثمان بن مظعون حتى أَتوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فعرض عليهم الإِسلام، وقرأَ عليهم القرآن، فأَسلموا وشهدوا أَنه على هُدى ونور. وروي أن أوّل من قدم في الهجرة من مكّة إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد، قدم لعشرٍ خلون من المحرّم وقدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل، فكان بين أوّل مَنْ قدم من المهاجرين، فنزلوا في بني عمرو بن عوف، وبين آخِرِهم شهران. ونزل في أبي سلمة قوله تعالى: }فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ{... [الحاقة/19] الآيات. استخلف رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم أبا سلمة على المدينة حين خرج إلى غزوة العشيرة، وكانت في السّنة الثّانية من الهجرة. شهد بدرًا وأُحُدًا وكان الذي جرحه بأُحُد أبو أُسامة الجُشَميّ رماه بمِعْبَلَة في عَضُده فمكث شهرًا يداويه فبرَأ فيما يُرَى، وقد اندمل الجُرْحُ على بَغْيٍ لا يعرفه، فبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في المحرّم على رأس خمسة وثلاثين شهرًا من الهجرة سريَةً إلى بني أسد بقَطن، فغاب بضع عشرة ليلة ثمّ قدم المدينة فانتفض به الجرح فاشتكى، ثمّ مات لثلاث ليالٍ مضين من جمادى الآخرة، فغُسّلَ من اليُسَيْرَة بئر بني أميّة بن زيد بالعالية وكان ينزل هناك حين تحوّل من قباءَ، غُسّلَ بين قَرني البئر وكان اسمها في الجاهليّة العُسْرَة فسمّاها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. اليُسيرةَ، ثمّ حُملَ من بني أميّة بن زيد فدفن بالمدينة. وروي أنَّ أبا سلمة جاء إلى أم سلمة فقال: سمْعتُ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حديثًا أحبَّ إليّ من كذا وكذا؛ سمعتُه يقول: "لَا يُصِيبُ أحَدًا مُصِيبَةٌ فَيَسْتَرجِعَ عِنْدَ الله، ثُمَّ يَقُولُ: اللهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسبْتُ مُصِيبتِي هَذِهِ، اللهُمَّ اخْلُفْنِي فِيهَا إلَّا أعطاه الله". قَالَتْ أمُّ سَلَمَةَ: فلما أصيب أبو سلمة قلْتُ ــ ولم تطب نفسي أن أقول: اللهم أخلفني منها، ثم قلت: مَنْ خير من أبي سلمة! أليس؟ أليس؟ ثم قلت ذلك، فلما إنقضت عدّتها أرسل رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم فتزوجته. وفي رواية: عن أم سلمة قالت: فلما توفي أبو سلمة ذكرت الذي كان حدثني، فقلت: فلما أردْتُ أن أقول اللهم عضني خيرًا منها، قلت في نفسي: أعاضُ خيرًا من أبي سلمة؟ ثم قلْتُها: فعاضني الله محمدًا صَلَّى الله عليه وسلم. توفي أبو سلمة في سنة أربع من الهجرة بعد مُنصَرفه من أحُد، انتقض به جرح كان أصابه بأحُد، فمات منه، فشهده رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، روى قَبيصة بن ذُؤَيْب، عن أُم سلمة قالت: لما حضر أَبا سلمة الموت حضره رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلما شخص أَغمض رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم عينيه، ورواه أَبو قِلابة عن قَبِيصة، وزاد بعد "فأَغمضه": ثم قال: "إِنَّ الْرُّوْحَ إِذَا قُبِضَ تَبَعَهُ الْبَصَرُ". فَضَج نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ فَقَالَ: "لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ"ثُمَّ قَالَ: "الْلَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عِقِبِهِ فِي الْغَابِرِيْنَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِيْنَ" . ولما حضرت أَبا سلمة الوفاة قال: "اللهم اخلُفْني في أَهلي بخير". فخلفه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على زوجه أُم سلمة، فصارت أَمًّا للمؤمنين، وصار رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَبًا لأَولاده: عُمَر، وسلمة، وزينب، ودُرَّة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال