عمر بن الخطاب
إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لمّا تُوفي واستُخلف أبو بكر الصّدّيق كان يقال له خليفةُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلمّا توفي أبو بكر، رحمه الله، واستُخلف عمر بن الخطّاب قيل لعمر خليفة خليفة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال المسلمون: فمن جاء بعد عمر قيل له خليفة خليفة خليفة رسول الله، عليه السلام، فيطول هذا، ولكن أجْمِعُوا على اسمٍ تدعون به الخليفة يُدْعَ به مَنْ بعده من الخلفاء، فقال بعض أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: نحن المؤمنون وعمر أميرنا، فدُعي عمر أمير المؤمنين فهو أوّل من سُمّي بذلك، وهو أوّل من كتب التاريخ في شهر ربيع الأوّل سنة ستّ عشرة فكتبه من هجرة النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، من مكّة إلى المدينة، وهو أوّل من جمع القرآن في الصّحُف، وهو أوّل من سنّ قيام شهر رمضان وجَمَعَ النّاس على ذلك وكتب به إلى البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة، وجعل للنّاس بالمدينة قارِئَين، قارئًا يُصلّي بالرّجال وقارِئًا يصلي بالنساء. وهو أوّل من ضرب في الخمر ثمانين واشتدّ على أهل الرّيَب والتّهَم وأحرق بيت رُويشد الثقفي وكان حانوتًا وغَرّبَ ربيعة بن أُميّة بن خلف إلى خيبر وكان صاحب شراب، فدخل أرضَ الرّوم فارتدّ، وهو أوّل من عَسّ في عمله بالمدينة وحمل الدِّرّة وأدّبَ بها، ولقد قيل بعده لَدِرّةُ عمر أهْيَبُ من سيفكم. وهو أوّل من فتح الفتوح وهي الأرَضون والكُوَر التي فيها الخراج والفَيءُ، فتح العراق كلّه، السواد والجبال، وأذربيجان وكور البصرة وأرضها وكور الأهواز وفارس وكور الشأم ما خلا أجنادين فإنّها فتحت في خلافة أبي بكر الصديق، رحمه الله. وفتح عمر كور الجزيرة والموصل ومصر والإسكندريّة، وقُتِل، رحمه الله، وخَيْلُه على الريّ وقد فتحوا عامّتها، وهو أوّل من مسح السواد وأرض الجبل ووضع الخراج على الأرضين والجزية على جماجم أهل الذمّة فيما فتح من البلدان، فوضع على الغني ثمانيةً وأربعين درهمًا وعلى الوسط أربعةً وعشرين درهمًا وعلى الفقير اثني عشر درهمًا، وقال: لا يُعْوِزُ رجلًا منهم درهمٌ في شهر، فبلغ خراج السواد والجبل على عهد عمر، رحمه الله، مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف وافٍ، والواف درهم ودانقان ونصف، وهو أوّل من مصَّر الأمصار: الكوفة والبصرة والجزيرة والشأم ومصر والموصل، وأنزلها العرب، وخطّ الكوفة والبصرة خِططًا للقبائل، وهو أول من استقضى القضاة في الأمصار، وهو أوّل من دوّن الديوان وكتب النّاس على قبائلهم وفرض لهم الأعْطِيَةَ من الفيء وقَسَمَ القسوم في النّاس، وفرض لأهل بدر وفَضّلَهم على غيرهم، وفرض للمسلمين على أقدارهم وتقَدُّمهم في الإسلام، وهو أوّل من حمل الطعام في السّفُن من مصر في البحرِ حتّى ورد البحر ثم حمل من الجار إلى المدينة.
روى عبد الله بن إبراهيم قال: أوّل من ألقى الحصى في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عمر بن الخطّاب، وكان النّاس إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نفضوا أيْديَهم فأمر عمر بالحصى فجيء به من العقيق فبُسِطَ في مسجد النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم.