1 من 1
قال ابن عباس في رواية عطاء في قوله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ} [الجاثية: 14]: يريد عمرَ بنَ الخطاب خاصة، وأراد بالذين لا يرجون أيام الله عبدَ الله بنَ أُبي؛ وذلك أنهم نزلوا في غزاة بني المصطلق على بئر يقال لها المريسيع، فأرسل عبدُ الله غلامَه ليستقي الماء فأبطأ عليه، فلما أتاه قال: ما حبسك، قال: غلام عمر قعد على قف البئر فما ترك أحدًا يستقي حتى ملأ قرب النبي وقرب أبي بكر وملأ لمولاه، فقال عبد الله: ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل: سمن كلبك يأكلك، فبلغ قولُه عمرَ رضي الله عنه، فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه فأنزل الله تعالى هذه الآية.
روى ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: {مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد:11] قال يهودي بالمدينة يقال له فنحاص: احتاج رب محمد، فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه، وخرج في طلبه، فجاء جبريل عليه السلام إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: إن ربك يقول: {قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ} [الجاثية:14]، واعلم أن عمر قد اشتمل على سيفه، وخرج في طلب اليهودي، فبعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في طلبه، فلما جاء قال: "يا عمر ضع سيفك"، قال: صدقت يا رسول الله، أشهد أنك أرسلت بالحق، قال: "فإن ربك يقول: {قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ}" [الجاثية: 14]، قال: لا جرم والذي بعثك بالحق لا يرى الغضبَ في وجهي.
روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أَسلم مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلًا وامرأَة، ثم إِن عُمَر أَسلم فصاروا أَربعين، فنزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 64].
روى أَبو نهشل، عن أَبي وائل قال: قال عبد اللّه بن مسعود: فضل الناسَ عمرُ بن الخطاب بأَربع؛ وذكر منها: بذكر الأَسرى يوم بدر، أَمر بقتلهم، فأَنزل الله تعالى: {لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68]، وبذكر الحجاب؛ أَمر نِساءَ النبي صَلَّى الله عليه وسلم أَن يَحْتَجِبْنَ، فقالت زينب: إِنك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا، فأَنزل الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَسْئَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53].