عمر بن الخطاب
روى سعيد بن المسيب قال: كان عمر بن الخطاب يحبُّ الصلاة في كبد الليل ــ يعني: وسط الليل.
وروى أبو سعيد ــ مولى أبي أسيد ــ قال: كان عمر بن الخطاب يَعُسّ المسجد بعد العشاء فلا يرى فيه أحدًا إلا أخرجه إلا رجلًا قائمًا يصلي، فمر بنفرٍ من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيهم أبيُّ بن كعب، فقال: من هؤلاء؟ قال أبيُّ: نفر من أهلك يا أمير المؤمنين، قال: ما خلّفكم بعد الصلاة؟ قال: جلسنا نذكر الله، قال: فجلس معهم، ثمّ قال لأدناهم إليه: خذ، قال: فدعا فاستقرأهم رجلًا رجلًا يدعون حتى انتهى إليَّ وأنا إلى جنبه، فقال: هات فحُصرت، وأخذني من الرعدة أَفْكَلُ، حتى جعل يجد مسّ ذلك مني، فقال: ولو أن تقول: "اللهم اغفر لنا، اللهم ارحمنا"، قال: ثمّ أخذ عمر فما كان في القوم أكثر دمعةً، ولا أشد بكاءً منه، ثمّ قال: إيهًا الآن فتفرقوا.
وروى عبد الله بن نيار الأسلمي، عن أبيه قال: لما أجمع عمر على أن يستسقي، ويخرج بالناس، كتب إلى عمّاله أن يخرجوا يومَ كذا وكذا، وأن يتضّرعوا إلى ربهم، ويطلبوا إليه أن يرفع هذا المحل عنهم، قال: وخرج لذلك اليوم عليه بُرْدُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى المصلّى، فخطب الناس، وتضرع، وجعل الناس يُلِحّون، فما كان أكثر دعائه إلا الاستغفار، حتى إذا قرب أن ينصرف رفع يديه مدًّا، وحول رداءه، وجعل اليمين على اليسار، ثمّ اليسار على اليمين، ثمّ مد يديه، وجعل يلح في الدعاء، وبكى عمر بكاءً طويلًا حتى أخْضَلَ.
وروى السائب بن يزيد، عن أبيه قال: رأيت عمر بن الخطاب يصلي في جوف الليل في مسجد رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم زمان الرمادة، وهو يقول: "اللهم لا تهلكنا بالسّنين، وارفع عنا البلاءَ"؛ يردد هذه الكلمة.
وروى عمرو بن ميمون، عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول في دعائه الذي يدعو به: "اللهم توفني مع الأبرار، ولا تخلفني في الأشرار، وقني عذاب النار، وألحقني بالأخيار".
وروى زيد بن أسلم، عن أبيه، عن حفصة زوج النبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم أنها سمعت أباها يقول: "اللهم ارزقني قتلًا في سبيلك، ووفاةً في بلد نبيك"، قال: قلت: وأنّى ذلك؟ قال: إن الله يأتي بأمره أنى شاء.
وروى يحيى بن أبي جعدة قال: قال عمر بن الخطاب لولا أن أسير في سبيل الله، أو أضع جبيني لله في التراب، أو أجالس قومًا يلتقطون طيب القول كما يُلتقط طيب الثمّر، لأحببت أن أكون قد لحقت بالله.
وروى المسور بن مخرمة: أن عمر لما طُعن جعل يُغمَى عليه فقيل: إنكم لن تفزعوه بشيءٍ مثل الصلاة إن كانت به حياة؛ فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين، الصلاة قد صُليت فانتبه، فقال: الصلاة هاء الله إذًا ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، قال: فصلّى وإنَّ جرحه ليثعب دمًا.
روى سفيان عن أبي نَهيك عن زياد بن حُدَيْر قال: رأيتُ عمر أكثر النّاس صيامًا وأكثرهم سواكًا.
روى عبد الله بن يونس قال: أخبرنا زهير بن معاوية قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: قال عمر بن الخطّاب: لو كنتُ أُطيقُ مع الخِلّيفَى لأذّنْتُ.