تسجيل الدخول


عبيد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي

((عُبَيْدُ اللّهِ بنُ عُمَر بنِ الخَطَّاب بن نُفَيل القرشي، [[أَبو]] عيسى. تقدم نسبه عند أَخيه "عبد اللّه" [[عَبْدُ اللّهِ بن عُمَر بن الخَطَّاب القُرَشي العَدَوي.]] <<من ترجمة عبد الله بن عمر بن الخطاب "أسد الغابة".>>.)) ((عبيد الله بن عمر بن الخطاب بن نُفَيل بن عبد العُزَّى بن رِيَاح بن عبد الله بن قُرط بن رَزَاح بن عَدِيّ بن كعب.)) الطبقات الكبير.
((روى زيد بن أَسلم، عن أَبيه: أَن عمر ضرب ابنه عبيدَ اللّه بالدِّرّة، وقال: "أَتكتنى بأَبي عيسى؟ وهل كان له من أَب؟!)) أسد الغابة.
((أمه أم كلثوم بنت جَرْوَل الخزاعية؛ وهو أخو حارثة بن وهب الصحابي المشهور لأمه. ولد في عهد النبي صَلَّى الله عليه وسلم؛ فقد ثبت أنه غزا في خلافة أبيه، قَالَ مَالِك في "الموطأ"، عن زيد بن أْسلم، عن أبيه، قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرَّا على أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة؛ فرحب بهما وسهّل، وقال: لو أَقْدِر لكما على أَمْرٍ أنفعكما به لفعلت: ثم قال: بلى. ها هنا مال مِنْ مال الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين وأسلفكما، فتبتاعان به مِن متاعِ العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤدّيان رأْس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون لكما الربح؛ ففعلا. وكتب إلى عمر بن الخطاب أنْ يأخذ منهما المالَ، فلما قدما على عُمر قال: أكلّ الجيش أسلفكما؛ فقالا: لا. فقال عمر: أدّيا المال وربحه. فأما عبد الله فسكت، وأما عُبيد الله فقال: ما ينبغي لكَ يا أمير المؤمنين لو هلك المال أو نقص لضمنّاه. فقال: أدِّيا المال. فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله؛ فقال رجل مِنْ جلساء عمر: يا أمير المؤمنين، لو جعلته قِرَاضًا؛ فقال عمر: قد جعلته قِرَاضًا، فأخذ رأسَ المال ونصْفَ ربحه، وأخذا نِصْفَ ربحه.(*) سَنده صحيح. وَأَخْرَجَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ طريق ربيعة بن عثمان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: جاءت امرأة عبيد الله بن عمر إلى عمر فقالت له: يا أمير المؤمنين، اعذرني مِنْ أبي عيسى. قال: ومَنْ أبو عيسى؟ قالت: ابنك عبيد الله. قال: يا أسلم. اذهب فادْعُه ولا تخبره فذكر القصَّة. وهذا كلّه يدلُّ على أنه كان في زمن أبيه رجلًا، فيكون وُلد في العهد النبوي. وفي صحيح البخاري أن عمر فارق أمُّه لما نزلت: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]. قلت: وكان نزولها في الحديبية في أواخر سنة سبع.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((أمه أم كلثوم بنت جَرول بن مالك بن المسيّب بن ربيعة بن أصرم بن ضُبيس بن حرام بن حُبْشية مِنْ خزاعة.))
((وَلَدَ عبيدُ الله بن عُمر: أبا بكر وعثمانَ ومحمدًا وعُمرَ وأمَّ عثمان وأمُّهم أسماء بنت عطارد بن حاجِب بن زُرَارة بن عُدُس بن زيد بن عبد الله بن دارم من بني تميم. والحُرَّ بن عبيد الله، وأمه أم ولد. وأمَّ عبس بنت عبيد الله، وأمها تَهْلُل بنت يَزيج بن عَمرو بن عُدُس بن معاوية بن عُبادة بن البكّاء. وحفصةَ بنتَ عبيد الله وأمها أسماء بنت زيد بن الخطاب بن نُفَيل أخي عمر بن الخطاب. وأمَّ سَلمة بنت عُبيد الله وأمها تَهْلُل بنت يزيد ويقال بل أمها أسماء بنت عطارد بن حاجِب. وأمَّ حكيم بنتَ عُبيد الله وأمها أم ولد.وابنة لعُبيد الله تزوجها المختار بن أبي عُبيد فَوَلَدَتْ له رَجُلين وأمها أم ولد.)) الطبقات الكبير.
((في البُخَارِي قصة في باب "نَقِيع": التمر ما لم يسكر من كتاب الأشربة: وقال عمر: إني وجدت من عبيد الله رِيحَ شراب، فإني سائلٌ عنه، فإن كان يسكر جَلَدْتُه. وهذا وصله مالك عن الزهري، عن السائب بن يزيد ــــ أن عمر خرج عليهم، فقال... فذكره، لكن لم يقل عبيد الله. وقال فلان. وَأَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عن ابن عيينة، عن الزُّهري؛ فسماه، وزاد: قال ابن عيينة: فأخبرني معمر عن الزهري، عن السائب، قال: فرأيت عُمَر يجلدهم.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((كان من أنجاد قريش وفُرسانهم، وهو القائل‏:‏ [الرجز]

أَنَا عُبَيدُ اللَّهِ سمَّانـِي عُمَـرْ خَيْرُ قُرِيشٍ مَنْ مَضَى وَمَنْ غَبَرْ

حَاشَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالشَّيْخَ الأغَرّ)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((أخبرنا محمد بن عمر فقال: حدثني معمر ومحمد بن عُبيد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيّب أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق حين قُتِل عُمرُ قال مررت على أبي لؤلؤة وجُفَيْنَةَ والهُرْمزان وهم يتناجون بالبقيع، فلما بَغَتُّهم ثاروا فسقط منهم خنجر له رأسان ونصابه وسطه، قال: فنظروا إلى الخنجر الذي قُتِل به عُمر فوجدوه الخنجرَ الذي نَعَتَ عبدُ الرحمن بن أبي بكر. فانطلق عُبيد الله بن عُمر حِينَ سمع ذلك من عبد الرحمن ومعه السيف حتى دعا الهرمزانَ، فقال: انطلقْ معي إلى فَرَسٍ لي مَغِلٍ تنظر إليه، فخرج معه فاستأخر عنه عُبيد الله، حتى إذَا مَضَى بين يديه عَلاَه بالسيف. قال عُبيد الله فلما وَجَدَ حِسَّ السيف قال: أشهد أن لا إله إلا الله. قال عُبيد: ودَعوتُ جُفَيْنَةَ وكان نصرانيا من نصارى الحيرة وكان ظِئْرًا لسعد بن أبي وقاص، وكان يعلّم الكتاب بالمدينة. قال عبيد الله فضربتُه بالسيف فلمّا وجد حسّ السيف صلّب بين عينيه، وانطلق عبيد الله فقتل ابنة أبي لُؤلؤة، وكانت تدّعي الإسلام. وأراد عبيد الله ألّا يترك سَبْيًا بالمدينة يومئذ إلّا قتله. فاجتمع المهاجرون الأوّلون فأعظموا ما صنع عبيد الله من قتل هؤلاء واشتدّوا عليه وزجروه عن السّبْي فقال: والله لأقتلنّهم وغيرهم، يعرّض ببعض المهاجرين، فلم يزل عمرو ابن العاص يرفق به حتى دفع إليه سيفه فأتاه سعد فأخذ كلّ واحدٍ منهما برأس صاحبه يتناصيان حتى حجز بينهما الناسُ، فأقبل عثمان وذلك في الثلاثة الأيّام الشورى قبل أن يبايع له حتى أخذ برأس عبيد الله بن عمر وأخذ عبيد الله برأسه، ثمّ حُجز بينهما. وأظلمت الأرض يومئذ على الناس فعظم ذلك في صدور الناس وأشفقوا أن تكون عقوبة حين قتل عبيد الله جُفينة والهُرْمُزان وابنة أبي لؤلؤة. أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني موسى بن يعقوب، عن أبي وَجْزة، عن أبيه قال: رأيتُ عبيد الله يومئذٍ وإنّه ليناصي عثمان وإن عثمان ليقول: قتلك الله قتلتَ رجلًا يصلّي وصبيّة صغيرة وآخر من ذمّة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ما في الحقّ تَرْكك. قال فعجبتُ لعثمان حين وليَ كيف تركه، ولكن عرفتُ أنّ عمرو بن العاص كان دخل في ذلك فَلَفَتَه عن رأيه. أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عون، عن عمران بن مَنَّاح، قال: جعل سعد بن أبي وقّاص يُنَاصي عبيدَ الله بن عمر حين قَتَلَ الهُرْمُزان وابنةَ أبي لؤلؤة، وجعل سعد يقول وهو يُنَاصِيه:

لا أُسْدَ إلا أنْتَ تَنْهِتُ واحِدًا وغالتْ أسودَ الأرض عنك الغوائـــلُ
والشعر لكلاب بن عِلاط أخي الحجّاج بن عِلاط، فقال عبيد الله‏:

تَعَلّم أنّي لَحْـمُ ما لا تُسـيغُـهُ فكُلْ من خَشاشٍ الأرْضِ ما كنتَ آكلا
فجاء عمرو بن العاص فلم يزل يكلّم عبيد الله ويرفق به حتّى أخذ سيفه منه وحُبس في السجن حتّى أطلقه عثمان حين وَليَ. أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا عُتْبة بن جُبيرة، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، قال: ما كان عبيد الله يومئذ إلّا كهيئة السبع الحَرِب، جَعَل يعترض العجم بالسيف حتى حُبس في السجن، فكنتُ أحسبُ أنَّ عثمان إِنْ وليَ سيقتله لما كنت أراه صنع به، كان هو وسعد أشدّ أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عليه. أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني كثير بن زيد عن المطّلب بن عبد الله بن حَنْطَب قال: قال عليّ لعبيد الله بن عمر: ما ذنبُ بنت أبي لؤلؤة حين قتلتَها؟ قال فكان رَأْيُ عليّ ـ حين استشاره عثمان ـ ورأْيُ الأكابر من أصحاب رسول الله على قتله لكن عَمرو بن العاص كلّمَ عثمان حتَى تركه، فكان عليّ يقول: لو قدرتُ على عبيد الله بن عمر ولي سلطانٌ لاقتصصتُ منه. أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني هشام بن سعد قال: حدّثني من سمع عِكْرِمَة مولى ابن عبّاس قال: كان رأي عليّ أن يقتل عبيد الله بن عمر لو قدر عليه. أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني محمد بن عبد الله، عن الزهريّ قال: لمّا استُخلف عثمان دعا المهاجرين والأنصار فقال: أشيروا عليّ في قتل هذا الذي فتق في الدّين ما فتق، فأجمع رأي المهاجرين والأنصار على كلمة واحدة يشجّعون عثمان على قتله، وقال جُلّ الناس: أبعد الله الهرمزان وجُفينة، يريدون يُتْبِعُون عبيد الله أباه.فكثر ذلك القول فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين إنّ هذا الأمر قد كان قبل أن يكون لك سلطان على الناس فأعْرِضْ عنه. فتفرّق الناسُ عن كلام عمرو بن العاص. أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدّثني ابن جُريج، أنّ عثمان استشار المسلمين فأجمعوا على ديتهما ولا يُقتل بهما عبيد الله بن عمر، وكانا قد أسلما وفرض لهما عمر)) الطبقات الكبير.
((لا أحفظ له روايةً عنه ولا سماعًا منه)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((سمع أَباه، وعثمان بن عفَّان، وأَبا موسى، وغيرهم.)) أسد الغابة.
((حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا عبد الله بن عمر الجوهريّ، حدّثنا أحمد بن محمد بن الحجّاج، حدّثنا حامد بن يحيى، وعبد الرّحمن بن يعقوب، وسعيد بن رستم، قالوا:‏ ‏ حدّثنا سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد بن عليّ، عن أبيه، قال:‏ ‏قيل لعلي‏ّ:‏ هذا عبيد الله بن عمر عليه جُبّة خَزّ؛ وفي يده سِوَاك، وهو يقول:‏ سيعلم غدًا عليّ إذا التقينا! فقال علي‏:‏ دَعُوه فإنما دَمُه دَمُ عصفور‏. وحدّثنا خلف، حدّثنا عبد الله، حدّثنا أحمد، حدّثنا إبراهيم بن سليمان، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا جُويرية بن اسماء، عن نافع، قال‏‏: أُصيب عبيد الله بن عمر يوم صِفِّين، فاشترى معاوية سيفَه، فبعث به إلى عبد الله بن عمر‏.‏ قال جويرية:‏‏ فقلت لنافع‏: ‏ هو سيفُ عمر الذي كان له؟ قال:‏ نعم قلت‏: فما كانت حِلْيَتُه؟ قال:‏ وجَدُوا في نعْله أربعين درهمًا‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((لم يزل عبيدُ اللّه كذلك حَيًّا حتى قُتِلَ عثمانُ وَوَلِيَ عَلِيٌّ الخلافة، وكان رأْيه أَن يقتل عبيد اللّه، فأَراد قتله فهرَبَ منه إِلى معاوية، وشهِد معه صفِّين وكان علَى الخيل، فقتل في بعض أَيام صفين قتلته ربيعة، وكان على ربيعة زيادُ بن خصفـة الربعي، فـأَتت امرأَة عبيدِ اللّه، وهـي بَحْرِيَّة ابنـة هانئ الشيباني تطلب جثته، فقال زياد: خذيها، فأَخذتها ودفنته. وكان طويلًا، قيل: لما حملته زوجته على بغل كان معترضًا عليه، وصلت يداه ورجلاه إِلى الأَرض، ولما قتل اشترى معاوية سيفه، وهو سيف عمر، فبعث به إِلى عبد اللّه بن عمر. وقيل: بل قتله رجل من هَمْدَان، وقيل: قتله عمار بن ياسر، وقيل: قتله رجل من بني حنيفة، وحنيفة من ربيعة. وكانت صِفِّين في ربيع الأَول من سنة سبع وثلاثين.)) أسد الغابة. ((قد مضى لعبيد الله بن عمر هذا ذِكْرٌ في ترجمة عبد الله بن بُدَيل بن وَرْقاء الخزاعي [[ورَوى ابن إسحاق في كتاب الفردوس، مِنْ طريق حصين، عن يسار بن عوف، قال: لما قدم عبيد الله بن عمر الكوفة أتيته أنا وعبد الله بن بُدَيل، فقال له عبد الله بن بديل: اتق الله يا عبيد الله، لا تهرق دمك في هذه الفتنة. قال: وأنتَ فاتّقِ الله. قال: إنما أطلب بدم أخي، قُتِل ظلمًا. فقال: وأنا أطلب بدم الخليفة المظلوم. قال: فلقد رأيتهما قتيلين بصفِّين ما بينهما إلا عرض الصف]] <<من ترجمة عبد الله بن بُدَيل بن وَرْقاء "الإصابة في تمييز الصحابة".>>.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((كان عليّ بن أبي طالب لمّا بويع له أراد قتل عبيد الله بن عمر فهرب منه إلى معاوية بن أبي سفيان فلم يزل معه فقُتل بصِفِّين. أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني محمّد بن عبد الله بن عُبيد بن عُمير قال: سمعتُ رجلًا من أهل الشأم يحدّث في مجلس عمرو بن دينار فسألتُ عنه بعدُ فقيل هو يزيد بن يزيد بن جابر يقول: إنّ معاوية دعا عبيد الله بن عمر فقال: إنّ عليًّا كما ترى في بكر بن وائل قد حامت عليه فهل لك أن تَسيرَ في الشهباء؟ قال: نعم. فرجع عبيد الله إلى خبائه فلبس سلاحه ثمّ إنّه فكّر وخاف أن يُقْتَل مع معاوية على حاله فقال له مولى له: فداك أبي! إنّ معاوية إنمّا يقدِّمك للموت، إن كان لك الظفر فهو يَلِي، وإن قُتلت استراح منك ومِن ذكرك فأطعْني واعتلّ قال: ويحك، قد عرفتُ ما قلتَ. فقالت له امرأته بَحْريّة بنت هانئ: ما لي أراك مشمّرًا؟ قال: أمرني أميري أن أسير في الشهباء، قالت: هو والله مثل التابوت لم يحمله أحد قطّ إلّا قُتل. أنت تُقْتَل وهو الذي يريد معاوية. قال: اسْكُتي والله لأكْثِرَنّ القتل في قومك اليوم. فقالت: لا يُقْتَل هذا، خدعك معاوية وغرّك من نفسك وثقل عليه مكانُك، قد أبرم هذا الأمر هو وعمرو بن العاص قَبْل اليوم فيك، لو كنتَ مع عليّ أو جلستَ في بيتك كان خيرًا لك، قد فعل ذلك أخوك وهو خير منك. قال: اسْكُتي، وهو يتبسّم ضاحكًا. لَتَرَيِنّ الأسارى من قومك حول خبائك هذا. قالت: والله لكأنّي راكبة دابّتي إلى قومي أطلبُ جسدك أواريه، إنّك مخدوع، إنمّا تُمارس قَوْمًا غُلْبَ الرقاب فيهم الحرونُ ينظرونه نظر القوم إلى الهِلَالِ لو أمرهم بترك الطعام والشراب ما ذاقوه قال: أقْصِري من العذل فليس لك عندنا طاعة. فرجع عبيد الله إلى معاوية فضمّ إليه الشهباء، وهم اثنا عشر ألفًا، وضمّ إليه ثمانية آلاف من أهل الشأم فيهم ذو الكلاع في حِمْيَر، فقصدوا يؤمّون عليًّا فلمّا رأتهم ربيعة جثوا على الرّكَب وشرعوا الرّماح حتى إذا غشوهم ثاروا إليهم واقتتلوا أشدّ القتال ليس فيهم إلّا الأسَل والسيوف، قُتِل عبيدُ الله وقُتل ذو الكلاع، والذي قَتل عبيدَ الله، زِيادُ بن خَصَفَةَ التيمي. وقال معاوية لامرأة عبيد الله: لو أتيتِ قومكِ فكلّمتهم في جسد عبيد الله بن عمر فركبتْ إليهم ومعها من يُجيرها فأتتْهم فانتسبت فقالوا: قد عرفناك، مرحبًا بك فما حاجتك؟ قالت: هذا الجسد الذي قتلتموه فأذَنوا لي في حمله. فوثب شباب من بكر بن وائل فوضعوه على بغل وشدّوه وأقبلت امرأته إلى عسكر معاوية فتلقّاها معاوية بسرير فحمله عليه وحفر له وصلّى عليه ودفنه ثم جعل يبكي ويقول: قُتل ابن الفاروق في طاعة خليفتكم حيًّا وميتًّا فَتَرحّموا عليه وإن كان الله قد رحمه ووفقه للخير. قال: تقول بحريّة وهي تبكي عليه وبلغها ما يقول معاوية فقالت: أمّا أنت فقد عجّلْتَ له يُتْمَ ولدِهِ وذهابَ نفسه ثمّ الخوف عليه لما بعد أعظمُ الأمرِ فبلغ معاوية كلامها فقال لعمرو بن العاص: ألا ترى ما تقول هذه المرأة؟ فأخبره فقال: والله لعجبٌ لك، ما تريد أن يقول الناس شيئًا؟ فوالله لقد قالوا في خير منك ومنّا فلا يقولون فيك؟ أيّها الرجل إن لم تُغْض عمّا ترى كنت من نفسك في غمّ. قال معاوية: هذا والله رأيي الذي ورثتُ من أبي. أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا عبد الله بن نافع عن أبيه قال: اختُلف علينا في قتل عبيد الله بن عمر فقائل يقول قتلتْه ربيعة، وقائل يقول قتله رجل من همدان، وقائل يقول قتله عمّار بن ياسر، وقائل يقول قتله رجل من بني حنيفة. أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عمر بن محمّد بن عمر، عن عبد الله بن محمّد بن عَقيل، عن سعد أبي الحسن، مولى الحسن بن عليّ قال: خرجتُ مع الحسن بن عليّ ليلةً بصِفِّين في خمسين رجلًا من همدان يريد أن يأتي عليًّا، وكان يومنا يومًا قد عظم فيه الشرّ بين الفريقين، فمررنا برجل أعور من همدان يدعى مذكورًا قد شَدّ مِقْوَدَ فرسه برِجْل رَجُل مقتول فوقف الحسن بن عليّ على الرجل فسلّم ثمّ قال: مَن أنت؟ فقال: رجل من همدان فقال له الحسن: ما تصنع ها هنا؟ فقال: أضللتُ أصحابي في هذا المكان في أوّل الليل فأنا أنتظر رجعتهم. قال: ما هذا القتيل؟ قال: لا أدري غير أنّه كان شديدًا علينا يكشفنا كشفّا شديدًا وبين ذلك يقول أنا الطيّب بن الطيّب، وإذا ضرب قال: أنا ابن الفاروق، فقتله الله بيدي. فنزل الحسن إليه فإذا عبيد الله بن عمر وإذا سلاحه بين يدي الرجل فأتَى به عليًّا فَنَفَّلهُ عَلِيُّ سَلَبَه وقوّمه أربعة آلاف. أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا الحسن بن عُمارة، عن أبيه، عن أبي رَزين قال: كنت مع مولاي بصِفِّين فرأيت عليًّا بعدما مضى رُبع الليل يطوف على الناس يأمرهم وينهاهم فأصبحوا يوم الجمعة فالتقوا وتقاتلوا أشد القتال، والتقى عمّار بن ياسر وعبيد الله بن عمر فقال عبيد الله أنا الطيّب بن الطيّب، فقال له عمّار بن ياسر: أنت الخبيث بن الطيّب. فقتله عمّار، ويقال قتله رجل من الحضارمة.)) الطبقات الكبير.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال