تسجيل الدخول


أبو عمرو جرير بن عبد الله

((جرير بن عبد الله بن جابر، وهو الشَّلِيل بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جُشَم بن عويف بنُ خزيمة بن حرب بن علي بن مالك بن سعد بن نَذير بن قسر، وهو مالك بن عَبْقر بن أنمار)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نضر بن ثعلبة بن جُشَم بن عَوْف بن حزيمة بن حرب بن علي البجليّ الصّحابي الشهير)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((جَرِير بن عَبْد الله بن جَابِر، وهو الشَّلِيل، بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جُشَم بن عوف بن حزيمة بن حرب بن علي بن مالك بن سعد بن نَذِير بن قسر بن عبقر بن أنمار بن إراش، أبو عمرو، وقيل: أبو عبد الله البجلي، وقد اختلف النسابون في بجيلة؛ فمنهم من جعلهم من اليمن. وقال: إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت، وعمرو هذا هو أخو الأزد، وهو قول الكلبي وأكثر أهل النسب، ومنهم من قال: هم من نزار، وقال: هو أنمار بن نزار بن معد بن عدنان، وهو قول ابن إسحاق ومصعب، والله أعلم. نسبوا إلى أمهم: بجيلة بنت صعب بن علي بن سعد العشيرة. أسلم جرير قبل وفاة النبي صَلَّى الله عليه وسلم بأربعين يومًا، وكان حسن الصورة؛ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: جرير يوسف هذه الأمة، وهو سيد قومه، وقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم لما دخل عليه جرير فأكرمه وقال: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ"(*) أخرجه ابن ماجة في السنن 2/ 1223 كتاب الأدب (33) باب إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (19) حديث رقم 3712، والحاكم في المستدرك 4/ 292 والطبراني في الكبير 2/ 370، وأبو نعيم في الحلية 6/ 205، وذكره الهيثمي في الزوائد 4/ 237.. وكان له في الحروب بالعراق: القادسية وغيرها، أثر عظيم، وكانت بَجِيلة متفرقة، فجمعهم عمر بن الخطاب، وجعل عليهم جريرًا. أخبرنا الأستاذ أبو منصور بن مكارم بن أحمد بن مكارم المؤدب، أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن صفوان، أخبرنا أبو البركات سعد بن محمد بن إدريس، والخطيب أبو الفضل الحسن بن هبة الله، قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن إدريس بن محمد بن إدريس، أخبرنا أبو المنصور المظفر بن محمد الطوسي، أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس بن القاسم الأزدي الموصلي، قال: أخبرت عن محمد بن حميد الرازي، عن سلمة، عن محمد بن إسحاق قال: لما انتهت إلى عمر مصيبة أهل الجِسْر، وقدم عليه فَلُّهم، قدم عليه جرير بن عبد الله من اليمن في ركب من بجيلة، وعَرْفجة بن هَرْثمة، وكان عرفجة يومئذ سيد بجيلة، وكان حليفًا لهم من الأزد، فكلمهم وقال: قد علمتم ما كان من المصيبة في إخوانكم بالعراق، فسيروا إليهم، وأنا أخرج إليكم من كان منكم في قبائل العرب وأجمعهم إليكم، قالوا: نفعل يا أمير المؤمنين، فأخرج إليهم قيس كُبَّة، وسَحْمة، وعُرَيْنة، من بني عامر بن صعصعة، وهذه بطون من بجيلة، وأمَّر عليهم عرفجة بن هرثمة، فغضب من ذلك جرير بن عبد الله، فقال لبجيلة: كلموا أمير المؤمنين؛ فقالوا: استعملت علينا رجلًا ليس منا، فأرسل إلى عرفجة فقال: ما يقول هؤلاء؟ قال: صدقوا يا أمير المؤمنين، لست منهم؛ لكني من الأزد؛ كنا أصبنا في الجاهلية دمًا في قومنا فلحقنا ببجيلة، فبلغنا فيهم من السؤدد ما بلغك، فقال عمر: فاثبت على منزلتك؛ فدافعهم كما يدافعونك. فقال: لست فاعلًا ولا سائرًا معهم، فسار عرفجة إلى البصرة بعد أن نُزِلتَ، وأمَّر عمر جريرًا على بجيلة فسار بهم مكانه إلى العراق، وأقام جرير بالكوفة، ولما أتى عليّ الكوفة وسكنها، سار جرير عنها إلى قَرْقيِسْياء فمات بها، وقيل: مات بالسراة. وروى عنه بنوه: عبيد الله، والمنذر، وإبراهيم، وروى عنه قيس بن أبي حازم، والشعبي وهمام بن الحارث، وأبو وائل، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، وغيرهم. أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله وغير واحد بإسنادهم إلى محمد بن عيسى بن سورة السلمي، أخبرنا أحمد بن منيع، أخبرنا معاوية بن عمرو الأزدي، عن زائدة، عن بيان، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله، قال: ما حجبني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك.(*) ورواه زائدة أيضًا، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، مثله. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأرسله رسول الله إلى ذي الخَلَصَة، وهي بيت فيه صنم لخثعم ليهدمها فقال: إني لا أثبت على الخيل فصك رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في صدره وقال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا" أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1925، كتاب فضائل الصحابة (44) باب فضائل جرير بن عبد اللّه رضي الله عنه (29) حديث رقم (135/ 2475)، وأحمد في المسند 4/ 216، 365، والطبراني في الكبير 2/ 399.، فخرج في مائة وخمسين راكبًا من قومه، فأحرقها، فدعا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لخيل أحمس ورجالها.(*) أخبرنا أبو الفضل الخطيب، أخبرنا أبو الخطاب بن البطر، إجازة إن لم يكن سماعًا، أخبرنا عبد الله بن عبيد الله المعلم، أخبرنا الحسين المحاملي، أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعد، أخبرنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن بيان البجلي، عن قيس بن أبي حازم: أخبرنا جرير بن عبد الله، قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ليلة البدر، فقال: "إِنّكَمْ تَرَونَ رَبَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ كَمَا تَرَونَ هَذَا، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ"(*) أخرجه أحمد في المسند 2/ 293، 534، والدارمي في السنن 2/ 326.. وتوفي جرير سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين، وكان يخضب بالصفرة. أخرجه الثلاثة [[يعني: ابن عبد البر، وابن منده، وأبا نعيم]]. الشَّلِيلُ: بفتح الشين المعجمة، وبلامين بينهما ياء تحتها نقطتان، وحَزيمَةُ: بفتح الحاء المهملة وكسر الزاي، ونذير بفتح النون، وكسر الذال المعجمة.)) أسد الغابة.
((قال: أخبرنا عفان بن مسلم وهشام أبو الوليد الطيالسي قالا: حدّثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير قال: حدّثني إبراهيم بن جرير: أن عمر بن الخطاب قال: إن جريرًا يوسُفُ هذه الأمة، يعني حُسْنَه. زاد هشام أبو الوليد قال: وكان يمر وعليه ثوبان مُوَرَّدَان ومُمَشَّقان، وكان يخضب لحيته بالزعفران من الليل فيخرج مثل لون التبن. قال: أخبرنا هشام أبو الوليد قال: حدّثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير: ذكر أنه رأى جرير بن عبد الله أصفَر اللحية عليه ثوبان ممصَّران، فسألتُ عن خضاب لحيته فذكروا أنه يخضبها بِوَرْس وزَعْفَران ثم يغسلها بعد فتكون على مثل لون التبن. قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: حدّثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير قال: رأيتُ جريرًا يخضب لحيته بالصُّفْرة. قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدّثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: أُعْطِيَ يوسفُ وأُمُّه ثلثَ الحُسْنِ.)) الطبقات الكبير. ((روى البغويّ من طريق قيس عن جرير، قال: رآني عمر متجرّدًا فقال: ما أرى أحدًا من الناس صوّر صورة هذا إلا ما ذكرِ من يوسف. ومن طريق إِبْرَاهِيمَ بن إسماعيل الكهيلي؛ قال: كان طول جرير ستة أذرع.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال أبو عمر رحمه الله: كان إسلامُه في العام الذي توفّي فيه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((اختلف في وَقْتِ إسلامه؛ ففي الطَّبَرَانِيِّ الَأوْسَطِ من طريق حصين بن عمر الأحمسي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، قال: لما بُعث النبي صَلَّى الله عليه وسلم أتيته فقال: "مَا جَاءَ بِكَ؟". قلت: جئت لأسلم، فألقى إليّ كساءه، وقال: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ." (*)أخرجه ابن ماجة في السنن 2/1223 في كتاب الأدب باب 19 حديث رقم 3712، والحاكم في المستدرك 4/292، والطبراني في الكبير 2/370، والطبراني في الأوسط 2/12 والبيهقي في السنن الكبرى 87/168 وأبو نعيم في الحلية 6/205، والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 25484، 25487، والبيهقي في دلائل النبوة 5/347 حُصين فيه ضعف؛ ولو صحّ لحمل على المجاز؛ أي لما بلغنا خبر بَعْث النبي صَلَّى الله عليه وسلم، أو على الحَذْف؛ أي لمّا بُعث النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم ثم دعا إلى الله، ثم قدم المدينة، ثم حارب قريشًا وغيرهم، ثم فتح مكة، ثم وفدت عليه الوفود. وجزم ابْنُ عَبْدِ البَرِّ عنه بأنه أسلم قبل وفاة النبي صَلَّى الله عليه وسلم بأربعين يومًا وهو غلط؛ ففي الصّحيحين عنه أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال له: "اسْتَنْصت النَّاسَ" فيِ حَجَّةِ الوَدَاعِ(*) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 41، 5/224، 9/3 ومسلم 1/82 كتاب الإيمان باب 29 حديث رقم 118 ـ 65 والنسائي 7/128 كتاب تحريم الدم باب 29 حديث رقم 4132 وابن ماجة 2/1300 كتاب الفقه باب 5 حديث رقم 3942، أحمد في المسند 4/363، 366 والطبراني في الكبير 2/348، وابن أبي شيبة في المصنف 15/30، 31. وجزم الَواقِدِيُّ بأنه وفد على النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم في شهر رمضان سنة عشر، وأنَّ بعثه إلى ذي الخَلصة كان بعد ذلك، وأنه وافى مع النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم حجةَ الوداع من عامه. وفيه عندي نظر؛ لأن شريكًا حدَّث عن الشّيباني عن الشعبي عن جرير، قال: قال لنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَ قَدْ مَاتَ..." (*)الحديث. أخرجه الطَّبَرَانِيُّ؛ فهذا يدل على أن إسلام جرير كان قبل سنة عشر؛ لأن النجاشي مات قبل ذلك.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال: لما قدم جرير إلى المدينة وأسلم، مكثَ أيامًا يغدو ويروح في أصحابه على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فيسلمون ثم يقومون، حتى يشير إليهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن اجلسوا ثم قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يومًا لجرير: "ما فعل ذو الخَلَصَة؟" قال: هو على حاله، قال: "قد بقي، والله مريح منه إن شاء الله". ثم بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، جريرًا إلى هدم ذي الخلصة، وعقد له لواءً، فخرج في قومه وهم زهاء مائتين، فما أطال الغيبة حتى رجع، فقال: "هدمته؟" فقال: نعم والذي بعثك بالحق، وأخذتُ ما عليه، وأحرقته بالنار، فتركته كما يسوء من يهوى هَوَاه، وما صَدَّنا عنه أحد: وذلك أنا لما أشرفنا عليه أصلتنا السيوف فما ذَبَّنَا أحدٌ ولا حَالَ دونه.(*) قال محمد بن عمر: قال عبد الحميد بن جعفر: فذكرتُ ذلك لرجل من ولد جرير بن عبد الله فقال: كنتُ أسمع من أبي وغيره أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال يومًا لجرير: "يا جرير، ألا تريحني من ذي الخلصة؟" قلت: بَلَى! والله يا رسول الله، فهو مما كنت أحب وأتمنى أن لا يهدمه غيري. قال: "فاخرج إليه في قومك حتى تهدمه إن شاء الله". قال جرير: فذكرتُ بُعْدَ البلد، وإن خرجتُ على الإبل أبطأتُ، قلت ليس يشبه جرائد الخيل، وكنت لا فروسة لي، قد خبرت نفسي: ما ركبتُ فرسًا إلا صَرَعني فأكون منه ضمنًا، فتركتُ ركوب الخيل حتى كان الحي يمازحوني بذلك ويقولون: اركب الحمار والبعير، فذكرتُ ذلك لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فضربَ في صدري حتى رأيتُ أثر أصابعه في صدري، ثم قال: "اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا". قال جرير: فقمتُ من عنده، والذي بَعثه بالحق ولكأني غير الذي كنت أعرف من نفسي، عمدتُ إلى فرس لرجل من أصحابي شَموس فركبته، ثم انطلقت عليه أشوره، فذل تحتي حتى كأنه شاة، فحمدتُ الله، ونفرتُ في خمسين ومائة رجل من أحمس، وكانوا أصحاب خَيل في الجاهلية، إنما يغيرون عليها ويُغار عليهم، فَقَلَّ ما أُصيب لهم نَهب إلا تخلصوه لنَجَابة خيلهم وفرسيتهم، وقَلَّ ما أصابوا نهبًا فأُدْرِكوا حتى يدخلوا مَأْمَنهُم. قال جرير: فانتهيتُ إلى ذي الخلصة فإذا قومٌ ممسكون بالشرك يقولون: أنتم تقدرون عليها؟ قال: فقلتُ: سَتَرَوْنَ إن شاء الله. فأتناول قَبسًا من نار، وصِحْتُ بأصحابي يحملون الحشيش اليابس وهو حولنا ركام، ثم أضرمته عليه حتى صار الصنم مجردًا من كل ما كان عليه مثل الجَمَل الجَرب قد هُنِئ بالقَطِرَان. قال: وبَعَثْتُ بشيرًا إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، يقال له أبو أَرْطَاة واسمه حسين ابن ربيعة فقلت له: أجِدَّ السَّيْرَ حتى تقدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فتخبره بهدمها، قال: فركب فأغذّ السّير حتى قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فجعل يخبره والنبي صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "أفهدمتموها؟" فجعل يقول: نعم والذي بعثك بالحق، ما جئتك حتى تركتها كأنها جَمَلٌ أجْرَب.(*) قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني مَروان بن معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قَيْس بن أبي حازم: أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، برّك يومئذ على خَيْل أحمس ورجالها، يعني حيث قدم من هدم ذي الخلصة، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بعثه.(*) قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني يحيى بن سعيد بن دينار عن أبي وَجْزَة السعدي قال: خرَج جرير في جريدة خيل، فَسَلَكَ بطن قناة، ثم سلك على صفينة وحاذة، ثم أخذَ على الفلق حتى انتهى إلى ذي الخلصة فهدمها، ثم بعثَ البشير إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وأطاعَ له من هناك وأسلموا وأقروا بالإسلام، ثم أقبل حتى إذا كان ببطن مسحل هجم على صِرْم من بني عامر فأغار عليهم، وَجَد الرجال خلوفًا فأخذ ما ظهر له وما خفّ، ثم رجع وهو على جرائد الخيل حتى قدم على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة.(*) قال: أخبرنا وكيع بن الجراح ويزيد بن هارون وعبد الله بن نمير ويَعْلَى بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله: أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، قال له: "ألا تريحني من ذي الخلصة؟" ـــ بيت لخثعم كان يُعْبَد في الجاهلية يسمى كَعبة اليمانية.(*) قال وكيع وعبد الله بن نمير في حديثهما: فخرجتُ إليه في خمسين ومائة راكب، وقال يزيد بن هارون: فنفرت في تسعين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل. وقالوا جميعًا في الحديث: فَحَرَّقْنَاه حتى تركناه كالجَمَل الأجْرَب، قال: ثم بعث جرير إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، رجلًا يقال له أبو أَرْطَاة فبشَّره بذلك، فلما جاءه قال: والذي بعثك بالحق يا رسول الله، ما أتيتك حتى صار كالجَمَل الأجْرَب، قال: فَبَرَّكَ عَلَى أحمس على خيلها ورجالها خمس مرات. قال: قلت: يا رسول الله إني رجلٌ لا أثبتُ على الخيل. قال: فوضعَ يده على صدري حتى وجدتُ بَرْدَها، وقال: "اللهم ثَبِّتْهُ واجعله هادِيًا مَهْديًا". قال يزيد: مهتديًا. قال: أخبرنا شهاب بن عباد قال: حدّثنا إبراهيم بن حميد عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيْس بن أبي حازم قال: بعثَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، جريرًا إلى اليمن وفيها رجل يَضربُ بالأزْلاَم، قال: فقيل له: هذا رسولُ رسولِ الله إليك، لئن أخذكَ ليقتلنك، قال: فبينا جرير يسير إذا وقف على رأسه فقال: والله لتكسرنهن وتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله أو لأقتلنك. قال: فكسرهن وشهد.(*))) الطبقات الكبير. ((أخبرنا عبد الله بن محمد، حدّثنا حمزة، حدّثنا أحمد بن شعيب، حدّثنا محمد بن منصور، حدّثنا سفيان عن إسماعيل عن قيس عن جرير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم‏: "أَلَا تَكْفِيني ذَا الخَلَصَة؟‏"‏ فقلت: يا رسولُ اللّهِ، إني رجل لا أثبُتُ على الخيل، فصكَّ في صَدْري، فقال‏: "اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مُهْدِيًا"، أخرجه البخاري في الصحيح 4 / 76، 79، 92، 5 / 208، 209،، 8 / 29، ومسلم في الصحيح 4/ 1925، كتاب فضائل الصحابة (44)، باب من فضائل جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه (29)، حديث رقم(135 / 2475)، (137 / 2476)، وابن ماجه في السنن 1 / 56، في المقدمة، باب فضائل أصحاب النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فضل جرير بن عبد الله البجلي، حديث رقم 159، والبيهقي في السنن 9/ 17، والطبراني في الكبير2/ 338.، فخرجت في خمسين من قومي فأتيناها فأحرقناها.(*))) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا شيبان عن جابر عن عامر عن البَرَاء بن عازب قال: كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد وهو باليمامة يأمره أن يسير إلى العراق، فكتب إليه خالد إن معي قومًا قد رقوا، وكان في أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ما أعلمتك من القتل والجراح فأمدني بجند، فقال عمر: يا خليفة رسول الله، هذا جرير بن عبد الله البجلي فأمده به في قومه. فأمدَّه أبو بكر وخرج في أربعمائة من قومه، حتى إذا كانوا قريبًا من اليمامة لقيهم مسير خالد من اليمامة إلى الحيرة، فعارضه جرير، فأدركه حين نزل على الماء، فنزل معه. قال: فلم يزل جرير مع خالد مقامه بأرض العراق حتى خرج خالد إلى الشام، وبعث خالد جرير بن عبد الله وهو مقيم بالحيرة إلى قرية بالسواد يقال لها بانقيا، فلما اقتحم الفرات للعبور ناداه دهقانها صلوبا: لا تعبر أنا أعبر إليك. فعبر إليه فأعطاه الجزية، صالَحه على ألف درهم وطَيْلَسان، ثم شهد جرير يوم جسر أبي عُبيد، فلما قُتل أبو عُبيد وأهل الجسر نجا المثنى بن حارثة وجرير بن عبد الله بمن بقي من الناس. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني ربيعة بن عثمان ومعمر مولى ابن قسيط عن سعيد بن أبي صالح قال: لما انتهى إلى عمر مصاب أهل الجسر وقدم عليه جرير بن عبد الله من أُلَّيْس في ركب من بجيلة، فكلّمهم عمر فقال: إنكم قد علمتم ما كان من المصيبة فاخرجوا إليهم. فقال جرير: يا أمير المؤمنين، قومي لهم عدد كثر وهم متفرقون في العرب. فقال: فاخرجوا وأنا أخرج معكم، مَنْ كان منكم في قبائل العرب فأخرجوا من القبائل. وقال له جرير: اجعل لي من السواد جعلًا إن ظفرت به. فجعل له ربع السواد بعد الخمس، فانتدب معه أربعة آلاف من بجيلة والنخع وغير ذلك من أفناء العرب وذلك في سنة أربع عشرة. وأقبل جرير حتى بلغ الكوفة، فلما دنا من المثنى بن حارثة الشيباني كتب إليه: أن أَقْبِلْ إِلَيّ، فإنما أنت مَدَدٌ لي، فكتب إليه جرير: إني لستُ بفاعل إلا أن يأمرني أمير المؤمنين، فأنت أمير وأنا أمير. فسار جرير، وقد بعث ملكُ الزَّارَة قائدَه مِهْران في جَمْعٍ من فارس لقتال المسلمين، فأقبل حتى قطع الفرات إلى جرير، فالتقوا بالنُّخَيْلَة فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فَبَارَزَ مِهْران جَريرًا، فقتله جرير، وأخذ سَلَبه وقلنسوة كانت عليه. وانهزمت الفُرس حتى جاءوا المدائن، وفتح جرير بعض السواد، وسار جرير حتى لقي الحاجب بقس الناطف فقاتله فهزمه، واجتمعت الأعاجم، وبعثوا إلى الكور فاجتمعوا إلى المدائن فاستُعْمِل عليهم رستم، فلما بلغ ذلك جريرًا وأنه لا يدان له بهم، كتب إلى عمر يخبره بجمعهم فكتب إليه عمر: جاءك ما لا يدان لك به، فالحق بالمثنى بن حارثة، وكتب عمر إلى المثنى بن حارثة أن انضم إلى جرير، وأقبل أنس بن مدرك الخثعمي في خمسمائة من حَيّة فنزلوا مع جرير النُّخَيلة. وأقبل رستم وكان منجمًا، وكان يرى أن العرب قاتلوه ومَنْ معه إن قاتلهم، وكان يريد أن ينفيهم ولا يقاتلهم، فلما دنا من جرير شخص إلى القادسية، وخندق جرير عليه وجعل يطاوله، حتى بعث عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص فقدم فيمن معه من أهل المدينة والشام فشخص إليه جرير فلقيه. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا قيس بن الربيع عن مجالد عن الشعبي قال: بعث عمر سعدًا في أربعة آلاف، وأمره في عهده أن لا يدنوا من العدو حتى يأتيه أمره، وكتب عمر إلى جرير بن عبد الله والمثنى بن حارثة أن يجتمعا إلى سعد. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني ربيعة بن عثمان عن أبان بن صالح قال: بعث عمر مع سعد ستة آلاف، وكتب إلى المثنى وجرير: إني لم أكن لأستعمل أحدًا منكما على رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من أهل بدر، فاجتمعا إلى سعد بن أبي وقاص فهو عاملي عليكما وعلى جندكما، فسار المثنى وجرير حتى قدما عليه بشراف. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني معمر مولى ابن قسيط عن سعيد بن أبي صالح المكي قال: كتب عمر إلى سعد: أن سبّع القبائل عندك أسباعًا، واجعل على كل سُبع رجلًا، فكان أول سبع بجيلة وَحْدَها، عليهم جرير بن عبد الله. أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني ابن أبي سبرة عن موسى عن ميسرة عن طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز قال: سمعت عدة من قومي يقولون: كان سعد يبعث الطلائع في الوجه الذي يريد، فيأتونه بالخبر وذلك على عهد عمر إليه، فبعث ليلة من العُذَيب طليعة عليهم جرير بن عبد الله وهم خمسمائة قبل السَّيْلَحِين، فوجد بها جماعة من الناس معهم الشمع والصُّنُوج والطُّبول والمزامير والخمور، فإذا بنت الآزاذيه تهدى إلى ملك الصين، فحَمَلوا عليها فأخذوها وما معها، وأسَروا منهم أسارى، فأتوا بذلك إلى سعد العذيب، فكانت أول غنيمة أصيبت من الفرس. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني منصور بن أبي الأسود عن مجالد عن الشعبي قال: استعمل سعد بن أبي وقاص على الناس يوم القادسية خالد بن عُرْفُطَة، وعلى ميمنته جرير بن عبد الله البجلي، وعلى ميسرته قيس بن مكشوح. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد وعبد الله بن جعفر قالا: لما فتح الله على المسلمين يوم القادسية قال جرير بن عبد الله:

أَنَا جَرِيرٌ كُنيتي أبو عَمِرْو قد فَتَح الله وَسْعدٌ في القَصِرْ
هكذا كنيته، في رواية محمد بن عمر وغيره من أهل العلم. قال: أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ومسلم بن إبراهيم عن الأسود بن شيبان عن زياد بن سلم بن زياد عن إبراهيم بن جرير بن عبد الله في حديث رواه عن أبيه أنه كان يكنى أبا عبد الله. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا عبد الحميد بن جعفر عن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله عن أبيه عن جده جرير أن عمر بن الخطاب قال له، والناس يَتَحَامَون العراقَ وقتالَ الأعاجم: سِرْ بقومك، فما غَلَبْتَ غدًا عليه فلك رُبْعُه. فلما جُمِعَت الغنائُم ـــ غنائم جَلُولاء ـــ ادعى جرير أن له ربع ذلك، فكتب سعد إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليه عمر: صدق جرير قد قلت ذلك له، فإن شاء أن يكون قاتل هو وقومه على جُعْلٍ فأعطوه جُعْلَه، وإن يكن إنما قاتل لله ولرسوله ولدينه وحسبه فهو رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم. وكتب عمر بذلك إلى سعد، فلما قدم الكتاب على سعد دعا جريرًا فأخبره ما كتب به إليه عمر، فقال جرير: صدق أمير المؤمنين، لا حاجة لي به، بل أنا رجل من المسلمين، لي ما لهم وعليَّ ما عليهم. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني قيس بن الربيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: كان عمر قد جعل لبجيلة رُبع السواد ثلاث سنين، فدخل جرير على عمر فقال: يا جرير لولا أني قاسم مسئول لكنت على ما جعلته لك. فرده جرير وأجازه عمر بثمانين دينارًا.)) ((قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال: حدّثنا سفيان قال: حدّثنا إسماعيل قال: سمعتُ قيسًا يقول: سمعتُ جرير بن عبد الله يقول يوم القادسية: أي قوم، إليّ، إليّ، أنا جرير. قال قيْس وكنا يوم القادسية رُبع الناس، وساق المشركون ثمانية عشر فيلًا فوجهوا إلينا منها ستة عشر وإلى الناس فيلين.))
((قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال: قدم جرير بن عبد الله البجلي المدينة في شهر رمضان سنة عشر، فنزل على فروة بن عمرو البياضي، ثم جاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فسلّم عليه ومعه قومه، فساءله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عما وراءه، فقال: يا رسول الله، قد أظهرَ الله الإسلام، وهدمت القبائل أصنامها التي كانت تعبد، وأظهرت الأذان في مساجدهم وساحاتهم.(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين ويحيى بن عباد قالا: حدّثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدّثنا المُغِيرَة بن شُبَيل بن عوف عن جرير بن عبد الله قال: لما دنوتُ من المدينة أنختُ راحلتي، ثم حَلَلْتُ عَيْبَتي ولبست حُلتي، فدخلتُ على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وعلى المسلمين، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يخطب، فسلّمتُ عليه فرماني الناس بالحدق، فقلت لجليسي: هل ذكر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من أمري شيئًا؟ قال: نعم، ذكَرك فأحَسن الذكر: بينا هو صَلَّى الله عليه وسلم، يخطب آنفًا إذ عرض له في خطبته فقال: "إنه سيدخل عليكم من هذا الفَجّ ـــ أو من هذا الباب ـــ الآن من خير ذيِ يَمَن، ألا وأن على وجهه مِسْحَة مَلَك". قال جرير: فحمدتُ الله تعالى على ما أبلاني.(*) قال: أخبرنا محمد بن عبيد قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يطلع عليكم من هذا الفج من خَيْر ذِي يَمَن، عليه مِسْحَةُ مَلَك"، فإذا جرير قد طلع.(*) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو شهاب قال: أخبرني إسماعيل ابن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يطلع من هذا الوادي أو الفج مِنْ خَيْر ذِي يَمَن بين عينيه مِسْحَة مَلَك"، فطلع جرير.(*) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو شهاب عن الأعمش عن أبي وائل عن جرير قال: قلت: يا رسول الله، بايعني واشترط عليّ فأنت أعلم، فَبَسَطَ يده فبايعته فقال: "لا تُشْرِك بالله شيئًا وتُقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتنصح المسلم وتفارق المشرك".(*) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا زهير قال: حدّثنا عبد الملك بن عمير عن جرير بن عبد الله قال: بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على الإسلام، واشترط عليَّ النصح للمسلمين، فأنا لهم ناصح أجمعين.(*) قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدّثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا عاصم بن بَهْدَلة عن أبي وائل عن جرير بن عبد الله البجلي قال: قلت: يا رسول الله، اشترط عليَّ، قال: "تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتصلي المكتوبة، وتؤتي الزكاة، وتنصح المسلم، وتبرأ من الكافر".(*) قال: أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل الأسدي عن يونس يعني أبا عبيد عن عمرو بن سعيد عن أبي زُرعة بن عَمرو بن جرير قال جرير: بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على السمع والطاعة وأن أنصح لكل مسلم فكان إذا اشترى الشيء فكان أعجب إليه من ثمنه قال لصاحبه: تعلمن والله أن ما أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناك. كأنه يريد الوفاء بذلك.(*) قال: أخبرنا عبد الله بن نمير قال: حدّثنا إسماعيل عن قيس عن جرير بن عبد الله قال: بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم.(*) قال: أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال: حدّثنا زائدة بن قدامة عن زياد بن علاقة عن جرير بن عبد الله قال: قلتُ: يا رسول الله، أُبايعك على الإسلام، قال: "والنُّصح لكل مسلم".(*) قال: أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال: أخبرنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة عن جرير بن عبد الله قال: بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على النُّصح لكل مسلم، فوالله إني لَنَاصح لكم أجمعين.(*) قال: أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ومسلم بن إبراهيم قالا: حدّثنا الأسود بن شيبان قال: حدّثنا زياد بن سلم بن زياد بن أبي سفيان قال: حدّثني إبراهيم بن جرير عن أبيه قال: بايعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على النصح لكل مسلم.(*) قال: أخبرنا حماد بن مَسْعَدَة عن ابن عجلان عن عون عن عبد الله قال: كان جرير إذا أقام سلعة، بَصَّر عُيُوبَها، ثم خَيَّرَه ثم قال: إن شئت فخذ وإن شئتَ فاترك. فقيل له: يرحمك الله، إنك إذا فعلتَ هذا لم ينفذ لك بيع. قال: إنا بايعنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على النصيحة لأهل الإسلام.(*) قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: حدّثنا إسرائيل بن يونس عن زياد بن علاقة عن جرير قال: بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فاشترط عليّ النصح لكل مسلم.(*))) الطبقات الكبير. ((بعثه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى ذي كُلاع وذي رُعَين باليمن‏. وفيه فيما رُوي فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم‏: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فأَكْرِمُوهُ‏"(*) أخرجه ابن ماجه في السنن 2 / 1223، كتاب الأدب (33)، باب إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه(19)، حديث رقم 3712، قال البوصيري في الزوائد: في إسناده سعيد بن مسلمة وهو ضعيف، والبيهقي في السنن 8 / 168، والحاكم في المستدرك 4 / 292، والطبراني في الكبير 2 / 370، والطبراني في الصغير 2 / 12، وأبو نعيم في الحلية 6 / 205، وأورده المتقي الهندي في كنز العمال، حديث رقم 25484، 25487. . وروي أنه قال ذلك في صفوان بن أمية الجُمحَي. وفي جرير قال الشّاعر:‏

لَوْلَا جَرِيرٌ هَلََكَتْ بَجِيلَةْ نعمَ الفَتَى وَبِئْسَتِ القَبِيلَةْ
فقال عمر بن الخطّاب: ما مُدِح من هُجِي قوْمُه)) ((قال ابنُ إسحاق: جرير بن عبد الله البجليّ سيِّدُ قبيلتهم، يعني بجيلة.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا يحيى بن عباد قال: حدّثنا المسعودي عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة قال: ضُرِبَ بَعْث على أهل الكوفة، فكتب معاوية إلى جرير بن عبد الله: إني قد وضعت الجُعْلَ عنك وعن وَلَدك، فكتب إليه جرير: إني بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على الإسلام فأخذ بيدي يشترط عليّ النصح لكل مسلم، فإن تنشط لهذا البعث تخرج فيه، وإلا أعطينا من أموالنا ما يتقوى به المُنْطَلِق.(*) قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرني طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيّب عن أبيه قال: كان سعيد بن المسيّب لا يرى الصحابة إلا من أقام مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سنة أو سنتين، أو غزا معه غزوة أو غزوتين. قال محمد بن عمر: ورأيت أهل العلم يقولون غير ذلك، ويذكرون جرير بن عبد الله وإسلامه قبل وفاة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بخمسة أشهر أو نحوها، وبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سَرية إلى ذي الخَلَصة فَهَدَمها، وأوفى معه حجة الوادع، وروى عنه أحاديث، وصحبه إلى أن قبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. وقالوا: كل مَنْ رأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقد أدركَ الحلم فأسْلَم وعقَل أمر الدين وَرَضِيَه فهو عندنا ممن صَحِبَ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ولو ساعةً من نهار، ولكن أصحابه على مَنَازلهم وطَبَقَاتهم وتَقَدّمهم في الإسلام، فيوصف كل رجل منهم بما أدرك من أمر النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وبما سمعه منه، فيرجع ذلك إلى صُحبته على قَدْر منازلهم من ذلك.)) ((قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: أخبرنا شُعبة عن مغيرة عن الشعبي: أن عمر كان في بيتٍ ومعه جرير بن عبد الله، فوجدَ عمر ريحًا فقال: عزمتُ على صاحب هذه الريح لما قام فتوضأ، فقال جرير: يا أمير المؤمنين أو يَتَوَضّأ القوم جميعًا؟ فقال عمر: رحمك الله، نعم السيد كنتَ في الجاهلية، ونِعم السيد أنت في الإسلام. قال: أخبرنا الفَضْل بن دُكَين قال: حدّثنا أبان بن عبد الله قال: حدّثني إبراهيم بن جرير عن أبيه قال: بعث إليّ عليٌّ ابن عباس والأشعثَ بن قيس، قال فأتياني وأنا بقرقيسيا فقالا: إن أمير المؤمنين يقرئك السلام ويخبرك أنه نعم ما أراك الله من مفارقتك معاوية، وإني أنزلك منزلة نبي الله صَلَّى الله عليه وسلم، الذي أنزلكها، فقال لهما جرير: إن نبي الله صَلَّى الله عليه وسلم، بعثني إلى اليمن أُقاتلهم وأدعوهم إلى الإسلام فإذا قالوا: لا إله إلا الله حرمت أموالهم ودماؤهم، ولا أُقاتِل رجلًا يقول لا إله إلا الله أبدًا، فرجعا على ذلك.(*) قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير قال: حدّثنا إسماعيل عن قيس قال: قال جرير فيما يعظ قومه: والله لَوَدِدْتُ أني لم أكُن بنيتُ فيها شيئًا قط.)) ((قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي وعلي بن عبد الله بن جعفر قالا: حدّثنا سفيان قال: حدّثنا إسماعيل قال: أخبرنا قيس قال: شهدتُ الأشعثَ وجريرًا حضرا جنازة، فقدَّم الأشعثُ جريرًا، ثم التفت إلى الناس فقال: إني ارتددتُ وإنه لم يرتد.)) الطبقات الكبير. ((روى الطَّبَرَانِيُّ من حديث علي ــ مرفوعًا: "جَرِير مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ".(*) أخرجه الطبراني في الكبير 2/328، وأورده الهيثمي في الزوائد 9/376. وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 33184 وروى عنه من الصَّحَابَةِ أنس بن مالك، قال: كان جرير يخدمني، وهو أكبر مني؛ أخرجه الشّيخان.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((بعث رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جرير بن عبد الله إلى ذي الكُلَاع وذي ظُليم باليمن، وقدم جرير بن عبد الله على عُمَر بن الخطّاب من عند سعد بن أبي وقّاص فقال له: كيف تركْتَ سعدًا في ولايته؟ فقال: تركتُه أكرم النّاسِ مقدرة، وأحسنهم معذرة، هو لهم كالأم البَرَّة، يجمعُ لهم كما تجمع الذَّرة، مع أنه ميمونُ الأثَرِ، مرزوق الظَّفر، أشدّ النّاس عند البأس، وأحب قريش إلى النّاس. قال: فأخبرني عن حالِ النّاس. قال: هم كسهام الجَعْبة، منها القائم الرائش، ومنها العضِل الطائش، وابنُ أبي وقّاص ثقَافُها يغمز عَضِلها، ويُقيم ميَلها، والله أعلم بالسّرائر يا عمر. قال: أخبرني عن إسلامهم. قال: يقيمون الصّلاةَ لأوْقاتها، ويُؤْتون الطّاعة لوُلاتها. فقال عمر: الحمدُ لله إذا كانت الصّلاةُ أوتيت الزّكاة، وإذا كانت الطاعةُ كانت الجماعة. وجرير القائل: الخرس خير من الخلابة والْبَكم خيرٌ من البذَاء.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن ابن أبي عون قال: أرسل عليّ بن أبي طالب جرير بن عبد الله إلى معاوية يعلمه حاله وما يريد ويكلمه، فخرج حتى قدم الشام فنزل على معاوية، ثم قام فحمد الله وأثْنَى عليه وصلَّى على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ثم قال: أما بعد، يا معاوية، فإنه قد اجتمع لابن عمك الحَرَمان، والناس لهما تبع، مع أن معه أهل البصرة وأهل الكوفة وأهل مصر وأهل اليمن قد بايعوا، فبايع ابن عمك ولا تخالف ولا تعند عن الحق وما أنت فيمن أنت فيه، فَلاَ تُلَفِّف على أصحابك واصدقهم، وأجلِ لهم الأمر وناصحهم في الحق والدين، وهو معطيك الشام ومصر تكون عليهما ما دمت حيًا على أن تعمل بكتاب الله وسُنة نبيه صلوات الله عليه وسلامه. وكان عند معاوية يومئذ وجوه أهل الشام ذو الكلاع، وشرحبيل بن السمط، وأبو مسلم الخولاني، ومَسْروق العكي، فتكلّموا بكلام شديد، وردوا أشد الرد، وتهدّدوا معاوية أشد التهدّد إن هو أجاب إلى هذا القول وترك الطلب بدم عثمان. فقال جرير: الله الله في حقن دماء المسلمين، ولمّ شَعثهم وجَمْع أمر الأمة: فإن الأمر قد تقارَب وصلح: قالوا: لا نريد هذا الصلح حتى نقاتل قَتَلَة عثمان، فنحن وُلاته والقائمون بدمه. فقال معاوية: على رِسْلكم أنا معكم على ما تريدون وتقولون ما بقيت أرواحنا. فَجَزَاه القوم خيرًا وكَفّوا عنه. وخرج جرير حتى قدم على عليّ بن أبي طالب فقال: ما وراءك؟ قال: الشر. أما معاوية فهو يرضى بما يعطى، ولكنه مع قوم لا أمر له معهم، كلهم يقوم بدم عثمان وهم مائة ألف، والقوم مقاتلوك. فقال الأشتر: يا أخا بجيلة إن عثمان اشترى دينك ودين قومك بهمذان، فقال جرير: أما والله لقد ناصحتك يا أمير المؤمنين وجئتك بالصدق. فلم يزل الأشتر يحمل على جرير عند علي حتى خافه، فهرب جرير وكاتب معاوية، فسار عليّ إلى دار جرير فشعث منها، حتى كلمه أبو مسعود الأنصاري.)) الطبقات الكبير. ((كان جريرٌ رسولَ عليّ رضي الله عنه إلى معاوية رضي الله عنه، فحبسه مدة طويلة، ثم ردَّه بَرقّ مطبوع غير مكتوب)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني عبد الحميد بن جعفر عن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي عن أبيه قال: لم يكن علي بصاحب حرب ولا قتال ولا سياسة، بعث جريرًا إلى معاوية يعطيه مصر والشام على أن يعمل بكتاب الله وسنة نبيه عليه صلوات الله وسلامه ويبايع لعلي، ففعل، فأبى أصحابه ذلك، وقالوا: لا نفعل أبدًا، فرجع جرير إلى علي يخبره. قال: يقول الأشتر: يا أمير المؤمنين، غشك، مالأ عدوك وكذب، فخاف على نفسه فخرج هاربًا، حتى سار عليٌّ إلى دارنا يهدمها، حتى خرجنا إليه فناشدناه الله، وقلنا دار مشترك لأيتام، فتركها. قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدّثنا أَبَان بن عبد الله البجلي قال: حدّثني إبراهيم بن جرير عن أبيه قال: بعث إليّ. قال محمد بن عمر: فلم يزل جرير معتزلًا لعلي ومعاوية بالجزيرة ونواحيها حتى توفي بالشراة في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة، وكانت ولايته سنتين ونصف بعد زياد بن أبي سفيان.)) الطبقات الكبير.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال