تسجيل الدخول


أبو المساكين

1 من 1
جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ

(ب د ع) جَعْفر بنُ أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصيّ القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأخو علي بن أبي طالب لأبويه، وهو جعفر الطيار، وكان أشبه الناس برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خُلُقًا وخلْقًا، أسلم بعد إسلام أخيه عليّ بقليل.

روي أن أبا طالب رأى النبي صَلَّى الله عليه وسلم وعليًا رضي الله عنه يصليان، وعلي عن يمينه، فقال لجعفر رضي الله عنه: "صلْ جَنَاحَ ابْنِ عَمِّكَ، وَصَلِّ عَنْ يَسَارِهِ"، قيل: أسلم بعد واحد وثلاثين إنسانًا، وكان هو الثاني والثلاثين؛ قاله ابن إسحاق، وله هجرتان: هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى المدينة.

روى عنه ابنه عبد الله، وأبو موسى الأشعري؛ وعمرو بن العاص، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يسميه، أبا المساكين. وكان أسن من علي بعشر سنين، وأخوه عقيل أسن منه بعشر سنين، وأخوهم طالب أسن من عقيل بعشر سنين، ولما هاجر إلى الحبشة أقام بها عند النجاشي إلى أن قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين فتح خيبر، فتلقاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم واعتنقه، وقبّل بين عينيه، وقال: "ما أدري بأيهما أنا أشد فرحًا، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟" وأنزله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى جنب المسجد.(*)

أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله، وغير واحد، قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى، قال: حدثنا محمد بن بشار. أخبرنا عبد الوهاب الثقفي، أخبرنا خالد الحذاء، عن عكرمة، عن أبي هريرة، قال: ما احتذى النعال. ولا ركب المطايا، ولا ركب الكُور بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أفضل من جعفر.(*)

قال: وأخبرنا أبو عيسى، أخبرنا علي بن حجر. أخبرنا عبد الله بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ جَعْفَر يَطِيرُ فِي الجَنَّةِ مَعَ المَلَائِكَةِ"(*) أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 209. والطبراني في الكبير 2/ 106. وابن عدس في الكامل 1/ 240..

أخبرنا يحيى بن محمود بن سعد إجازة بإسناده إلى أبي بكر أحمد بن عمرو بن الضحاك، قال: حدثنا محرز بن سلمة، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله ابن الهاد، ومحمد بن نافع بن عجير، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: "وَأَمَّا أَنْتَ يَا جَعْفَرُ فَأَشْبَهْتَ خَلْقِي وخُلُقِي، وَأَنْتَ مِنْ عِتْرَتِي الَّتِي أَنَا مِنْهَا"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 3/ 242، 5/ 24، 180. والترمذي في السنن 5/ 612، كتاب المناقب (50) باب مناقب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه (30) حديث رقم 3765. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح. وأحمد في المسند 1/ 98، 108، 115، 230. 4/ 342، والبيهقي في السنن 8/ 5، 10/ 226. وعبد الرازق في المصنف حديث رقم 20394. والحاكم في المستدرك 3/ 120، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 33196، 33198، 36760، 36905.. وفي الحديث قصة.

أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، أخبرنا أبو نعيم، هو الفضل بن دكين، أخبرنا فِطْر، عن كثير بن نافع النَّوَّاء قال: سمعت عبد الله بن مُليل، قال: سمعت عليًا يقول: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لم يكن قبلي نبي إلا قد أعطيَ سبعة رفقاء نجباء وزراء، وإني أعطيتُ أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وعلي، وحسن، وحسين، وأبو بكر، وعمر، والمقداد، وحذيفة، وسلمان، وعمار وبلال".(*)

أخبرنا غير واحد بإسنادهم، عن محمد بن إسماعيل، أخبرنا أحمد بن أبي بكر؛ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن دينار أبو عبد الله الجهني، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: "إن كنت لألصق بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية، وهي معي، كي ينقلب بي، فيطعمني، وكان أخير الناس للمسكين جعفرُ بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إنْ كان ليخرج إلينا العُكَّة التي ليس فيها شيء، فنشقها، فنلعق ما فيها".

أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي البغدادي بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من عمرة القضاء المدينة، في ذي الحجة فأقام بالمدينة حتى بعث إلى مؤتة، في جمادى سنة ثمان،(*) قال: وأخبرنا محمد بن جعفر، عن عروة، قال: فاقتتل الناس قتالًا شديدًا حتى قتل زيد بن حارثة، ثم أخذ الراية جعفر، فقاتل بها حتى قتل.

قال: وأخبرنا ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: حدثني أبي الذي أرضعني، وكان أحد بني مرة بن عوف، قال: "والله لكأني أنظر إلى جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة، حين اقتحم عن فرس له شقراء، فعقرها ثم تقدم، فقاتل حتى قتل.(*) قال ابن إسحاق: فهو أول من عقر في الإسلام.

ولما قاتل جعفر قطعت يداه والراية معه، لم يُلْقها؛ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أبدُلَهُ اللَّهُ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الجَنَّةِ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/ 612 بنحوه كتاب المناقب (50) باب مناقب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه (30) حديث رقم 3763 وقال أبو عيسى حديث غريب. ولما قتل وُجِد به بضع وسبعون جراحة ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، كلها فيما أقبل من بدنه وقيل: بضع وخمسون،(*) والأول أصح.

قال ابن إسحاق: فلما أصيب القوم قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيما بلغني: "أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدًا، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدًا"، ثم صمت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى تغيرت وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة ما يكرهون، ثم قال: "أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قَتَلَ شَهِيدًا"، ثُمَّ قَالَ: "لَقَدْ رُفِعُوا فِي الجَنَّةِ عَلَى سُرُرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَأَيْتُ فِي سَرِيرِ عَبْدِ اللَّهِ ازْوِرَارًا عَنْ سَرِيرَي صَاحبيه"، فقلت عَمَّ هذا؟ فقيل لي: مضيا وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضي.(*)

قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أم عيسى، عن أم جعفر بن أبي طالب، عن جدتها أسماء بنت عميس أنها قالت: لما أصيب جعفر وأصحابه دخل عليَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وقد عجنت عجيني، وغسلت بنيَّ ودهنتهم ونظفتهم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ائْتِينِي بِبَنِي جَعْفَر"، فأتيته بهم، فشمهم ودمعت عيناه، فقلت: يا رسول الله بأبي وأمي ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: "نَعَمْ، أُصِيبُوا هَذَا اليَوْمَ"، فقمت أصيح وأجمع النساء، ورجع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى أهله، فقال: "لَا تُغْفِلُوا آلَ جَعْفَرٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ شُغِلُوا".(*)

قال ابن إسحاق: حدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لما أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الحزن.(*)

وروي أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لما أتاه نعي جعفر، دخل على امرأته أسماء بنت عميس، فعزاها فيه ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول: واعماه، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "عَلَى مِثْلِ جَعْفَرٍ فَلْتَبْكِ البَوَاكِي"(*) وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم 33187..

ودخله من ذلك هم شديد حتى أتاه جبريل، فأخبره أن الله جعل لجعفر جناحين مضرجين بالدم يطير بهما مع الملائكة.

وقال عبد الله بن جعفر: كنت إذا سألت عليًا شيئًا فمنعني، وقلت له: بحق جعفر، إلا أعطاني، وقال: كان عمر بن الخطاب إذا رأى عبد الله بن جعفر، قال السلام عليك يا ابن ذي الجناحين.

وكان عُمْر جعفر لما قتل إحدى وأربعين سنة، وقيل غير ذلك.

أخرجه الثلاثة.
(< جـ1/ص 541>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال