1 من 2
جعفر بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصَي، أبو عبد الله ابن عم النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وأحد السّابقين إلى الإسلام، وأخو علي شقيقه.
قال ابْنُ إِسْحَاقَ: أسلم بعد خمسة وعشرين رجلًا؛ وقيل بعد واحد وثلاثين قالوا: وآخى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين معاذ بن جَبَل.(*)
كان أَبُو هُرَيْرَةَ يقول: إنه أفضل الناس بعد النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم.
وفي البُخَارِيِّ عنه قال: كان جعفر خير الناس للمساكين. وقال خالد الحذّاء عن عكرمة: سمعت أبا هريرة يقول: ما احتذى النِّعالَ، ولا ركب المطايا. ولا وطئ التراب بعد رسول الله ـــ صَلَّى الله عليه وسلم ـــ أفضل من جعفر بن أبي طالب(*).
رواه التِّرْمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ؛ وإسناده صحيح.
وروى البَغَوِيُّ من طريق المقبريّ عن أبي هريرة، قال: كان جعفر يحبُّ المساكين، ويجلس إليهم، ويخدمهم ويخدمونه.
فكان رسول الله ـــ صَلَّى الله عليه وسلم ـــ يكنيه أبا المساكين.(*)
وقال له النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "أَشْبَهْتَ خَلْقي وخُلُقِي"(*) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 242، 5/ 24، 180. والترمذي 5/ 612 كتاب المناقب باب 30، حديث رقم 3765، وأحمد في المسند 1/ 98، 108، 115، 230، 4/ 342، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 5، 10/ 226. والحاكم في المستدرك 3/ 120، وعبد الرزاق في المصنف حديث رقم 20394.. رواه البخاريّ ومسلم من طريق حديث البراء.
وفي المسند من حديث عليّ رفعه: "أُعْطِيتُ رُفَقاء نُجَبَاءَ". فذكره منهم.(*)
وهاجر إلى الحَبشة فأسلم النجاشي ومن تبعه على يديه، وأقام جعفر عنده، ثم هاجر منها إلى المدينة فقدم والنبيّ صَلَّى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ؛ وكلّ ذلك مشهور في المغازي بروايات متعددة صحيحة.
وروى البَغَوِيُّ وابْنُ السَّكَنِ من طريق محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن يحيى ابن سعيد، عن القاسم، عن عائشة، قالت: لما قدم جعفر وأصحابه استقبله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقبَّل ما بين عَيْنَيْهِ.(*)
وروى ابْنُ السَّكَن من طريق مجالد عن الشّعبي عن عبد الله بن جعفر قال: ما سألت عليًّا فامتنع، فقلت له: بحق جعفر إلا أعطاني.
استشهد بمُؤتة من أرض الشام مقْبِلًا غير مُدْبر، مجاهدًا للرّوم في حياة النبي صَلَّى الله عليه وسلم، سنة ثمان في جمادى الأولى. وكان أسنّ مِنْ عليّ بعشر سنين فَاسْتَوْفَى أربعين سنة وزاد عليها على الصحيح.
قال ابْنُ إسْحَاقَ: حدّثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزّبير، عن أبيه، حدّثني أبي الذي أرضعني. وكان أحد بني مرة بن عَوْف قال: والله لكأني أنظر إلى جعفر بن أبي طالب يوم مُؤتة اقتحم عن فَرس له شقراء فعقرها ثم تقدم فقاتل حتى قُتل.
أخرجه أَبُو دَاوُدَ من هذا الوَجه، وقال ابن إسحاق: هو أول من عقر في الإسلام.
وروى الطَّبَرَانِيُّ من حديث نافع عن ابن عمر، قال: كنت معهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفرًا فوجدنا فيما أقبل من جسمه بضعًا وتسعين بين طعنة ورمية(*)، قال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "رأيت جعفرًا يطير في الجنّة مع الملائكة"(*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 612 كتاب المناقب باب (30) حديث رقم 3763. والحاكم في المستدرك 3/ 209. والطبراني في الكبير 2/ 106، والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 33189، 33205..
روى ذلك الطَّبَرَانِيُّ من حديث ابن عباس. وفي الطبراني أيضًا من طريق سالم بن أبي الجَعْد قال: أُرِيَ النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم جَعْفرًا مَلَكًا ذَا جَنَاحَيْنِ مَضرَّجَينِ بِالدِّماءِ، (*)وذلك لأنه قاتل حتى قُطعت يداه.
وفي الصَّحِيحِ عن ابن عُمر أنه كان إذا سلم على عبد الله بن جعفر قال: السّلام عليك يا ابنَ ذي الجَنَاحين.
وروى الدَّارَقُطْنِيُّ في "الغَرَائِبِ" لمالك، بإسناد ضعيف، عن مالك عن نافع عن ابن عمر، قال: كنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فرفع رأْسَه إلى السماء فقال: "وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ". فقال الناس: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا، قال: "مَرَّ بِي جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي مَلإٍ مِنَ المَلَائِكَةِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ". (*)
وفي الجزء الرابع من فوائد أبي سهل بن زياد القطان من طريق سعدان بن الوليد عن عطاء، عن ابن عباس: بينما رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عُمَيس قريبة منه إذ قال: "يَا أَسْمَاءُ، هَذَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَدْ مَرَّ مَعَ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ فَرُدّي عَلَيْهِ السَّلَامَ" الحديث.
وفيه: "فَعَوَّضَهُ الله مِنْ يَدَيْهِ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا حَيْثُ شَاءَ"(*).
وقال ابْنُ إِسْحَاقَ في المَغَازِي: حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: لما أتى وفاة جعفر عرفنا في وَجه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الحزن(*).
وقال حسَّان بن ثابت لما بلغه قتل عبد الله بن رَوَاحة يرثي أهل مؤتة من قصيدة:
رَأَيْتُ خِيَارَ المُؤْمِنينَ تَوَارَدُوا شَعُوبَ وَقَدْ خُلِّفْتُ مِمَّنْ يُؤَخَّرُ
فَلَا يُبْعِدَنَّ الله
قَتْلَى تَتَابَعُوا بِمُؤْتَةَ مِنْهُمْ ذُو الجَنَاحَيْنِ جَعْفَرُ
وَزَيْدٌ وَعَبْدُ الله حِينَ تَتَابَعُوا جَمِيعًا
وَأَسْبَابُ
المَنِيَّةِ
تَخْطِرُ
[الطويل]
ويقول فيها:
وَكُنَّا نَرَى في جَعْفَرٍ مِنْ مُحَمَّدٍ وَفَاءً وَأَمْرًا صَارِمًا حَيْثُ يُؤْمَرُ
فَلَا زَالَ في الإِسْلَامِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ دَعَائِمُ
عِزٍّ
لَا تَزُولُ
وَمَفْخَرُ
[الطويل]
(< جـ1/ص 592>)
2 من 2
أبو المساكين: هو جعفر بن أبي طالب. كناه بها النبي صَلَّى الله عليه وسلم؛ لأنه كان يلازمهم.
(< جـ7/ص 309>)