تسجيل الدخول


فاطمة الزهراء

تكْنى أُم أبيها، وتلَقَّب بالزهراء، قال العبّاس: وُلدت فاطمة والكعبةُ تبْنى، والنّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ابْنُ خمس وثلاثين سنة،وقيل: كان مولدها قبْلَ البعثة بقليل نحو سنة أو أكثر.
أمّها خديجة بنت خُوَيْلِد بن أسد، وهي الرّابعة في الترتيب من بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رؤيت الزهراء ضاحكة بعد وفاة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى لحقت بالله عز وجل، وَوَجِدَت عليه وَجدًا عظيمًا، قال أنس: قالت لي فاطمة: يا أنس كيف طابت قلوبكم؟ تحثون التراب على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟!، وكانت أول أهله لحوقًا به، تصديقًا لقوله صَلَّى الله عليه وسلم، وانقطع نسل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلا منها.
وروي أنّ أبا بكر خَطَبَ فاطمة إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "يا أبا بكر انتظرُ بها القضاء". فذكر ذلك أبو بكر لعمر، فقال له عمر: ردّك يا أبا بكر؟ ثمّ إنّ أبا بكر قال لعمر: اخطب فاطمة إلى النبيّ، صلى الله عليه وسلّم، فخطبها فقال له مثل ما قال لأبي بكر: "انتظر بها القضاء". فجاء عمر إلى أبي بكر فأخبره، فقال له: ردّك يا عمر؟ ثمّ إنّ أهل عليّ قالوا لعليّ: اخطب فاطمة إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: بعد أبي بكر وعمر؟ فذكروا له قَرابته من النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فخطبها فزوّجه النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فباع عليّ بعيرًا له وبعض متاعه فبلغ أربعمائة وثمانين، فقال له النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "اجْعل ثُلْثَين في الطيب وثلثًا في المتاع".
وعندما خطب عليّ فاطمة فقال لها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنّ عليًّا يذكرك" فسكتت، فزوّجها.
وروى عِكرمة أنّ عليًّا خطَب فاطمة فقال له النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "ما تصدقها؟". قال: ما عندي ما أصدقها، قال: "فأين درعك الحُطَمِيّة التي كنت منحتك؟" قال: عندي، قال: "أَصْدِقْها إيّاها". قال: فأَصْدَقَها وتزوّجها، وفي رواية: قال نفر من الأنصار لعليّ: عندك فاطمة، فأتى رسول الله فسلّم عليه، فقال: "ما حاجة ابن أبي طالب؟" قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، قال:"مرحبًا وأهلًا". لم يزده عليهما، فخرج عليّ على أولئك الرهط من الأنصار ينظرونه، قالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنّه قال لي: "مرحبًا وأهلًا"، قالوا: يكفيك من رسول الله إحداهما، أعطاك الأهل وأعطاك المرحب، فلمّا كان بعدما زوّجه قال: "يا عليّ إنّه لا بدّ للعروس من وليمة". فقال سعد: عندي كبش، وجمع له رهط من الأنصار آصُعًا من ذُرة، فلمّا كان ليلة البناء قال: "لا تحدث شيئًا حتى تلقاني. قال: فدعا رسول الله بإناء فتوضّأ فيه ثمّ أفرغه عَلَى عَلِيّ ثمّ قال: "اللّهُم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما".
وتزوّج عليّ بن أبي طالب فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في رجب بعد مقدم النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة بخمسة أشهر وبنى بها مرجعه من بدر، وفاطمة يوم بنى بها عليّ بنت ثماني عشرة سنة.
لما زوّج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عليًّا فاطمة كان فِيما جُهِّزت به سرير مشروط ووسادة من أدم حشوها ليف وتَور من أَدم وقِرْبة، وجاءوا بِبَطْحَاءَ فطرحوها في البيت، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلّم، قال لعليّ:"إذا أُتيت بها فلا تقربنّها حتى آتيك". وكانت اليهود يؤخّرون الرجل عن امرأته، فلمّا أُتي بها قعدا حينًا في ناحية البيت، فجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فاستفتح فخرجت إليه أمّ أيمن فقال: "أَثَمّ أخي؟" قالت: وكيف يكون أخوك وقد أنكحته ابنتك؟ قال:"فإنّه كذلك". ثم قال: "أأسماء بنت عُمَيْس؟" قالت: نعم، قال:"جئت تكرمين بنت رسول الله؟" قالت: نعم، فقال لها خيرًا، ودعا لها، ودعا رسول الله بماء فأُتي به إمّا في تور وإمّا في سواه، قال: فمجّ فيه رسول الله، ومسّك بيده ثمّ دعا عليًّا فنضح من ذلك الماء عَلَى كتفيه وصدره وذراعيه، ثمّ دعا فاطمة فأقبلت تعثر في ثوبها حياءً من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثمّ فعل بها مثل ذلك ثمّ قال لها: "يا فاطمة أما إني ما أليت أن أنكحتك خير أهلي".
وكانت فاطمة رضي الله عنها قد تعبت من أعمال البيت وطلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهب لها خادمة فآتها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت علي وكانا على فراشهما فقال لهما: "مكانكما، ألا أخبركما بخير ممّا سألتماني؟" فقالا: بلى. فقال: " كلمات علّمنيهنّ جبريل تسبّحان في دُبر كلّ صلاة عشرًا، وتحمدان عشرًا، وتكبّران عشرًا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبّحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبّرا أربعًا وثلاثين". قال: فوالله ما تركتهنّ منذ علّمنيهنّ رسول الله.
وروى جَرِير بن حَازِم، عن عَمْرو بن سعيد قال: كان في عليّ على فاطمة شدة، فقالت: والله لأشكونّك إلى رسول الله! فانطلقت، وانطلق عليّ بأثرها، فقام حيث يسمع كلامهما، فشكت إلى رسول الله غِلَظ عليّ وشدته عليها، فقال: "يا بنيّة اسمعي واستمعي واعقلي، إنّه لا إِمْرَة بامرأة لا تأتي هوى زوجها" وعليٌ ساكت، قال عليّ: فكففتُ عمّا كنت أصنع وقلت: والله لا آتي شيئًا تكرهينه أبدًا. وفي رواية: كان بين عليّ وفاطمة كلام، فدخل رسول الله فألقى له مثالًا فاضطجع عليه، فجاءت فاطمة فاضطجعت من جانب، وجاء عليّ فاضطجع من جانب، فأخذ رسول الله بيد عليّ فوضعها على سُرّته وأخذ بيد فاطمة فوضعها على سُرّته ولم يزل حتى أصلح بينهما، ثمّ خرج، فقيل له: دخلت وأنت على حال وخرجت ونحن نرى البِشْرَ في وجهك! فقال: "وما يمنعني وقد أصلحتُ بين أحبّ اثنين إليّ؟".
وولدت فاطمة الزهراء لعليّ الحسن والحسين وأمّ كلثوم وزينب بني عليّ. وقال جُميع بن عُمير: دخلْتُ على عائشة، فسألت أيّ النّاس كان أحبَّ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قالت: "‏فَاطِمَةُ‏"، قلت: فمن الرّجَالِ؟ قالت:"زَوْجُهَا، إِنْ كَانَ مَا عَلِمْتُهُ صَوَّامًا قَوّامًا".
وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يغار لبناته غيرة شديدة، كان لا ينكح بناته على ضرة؛ فروي أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان يقول وهو على المنبر: "إِنَّ بَنِي هِشَام بْنِ الْمُغِيْرَةِ اسْتَأْذَنُونِي فِي أَنْ يُنِكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلَا آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آَذَنُ، إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ عَلَيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي، يَرِبُينِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا".
وروت أم سلمة قالت: في بيتي نزلت: }إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ{، قالت: فأرسل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين فقال: "هَوُلاَءِ أَهْلِي". قالت: فقلت: يا رسول الله أفما أنا من أهل البيت؟ قال: "بَلَى، إِنْ شَاءَ الله عَزَّ وَجَلَّ".
وروى مَسْرُوق عن عائشة قالت: كنت جالسة عند رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، فجاءت فاطمة تمشي كأنّ مِشْيَتَها مِشْيَةَ رسول الله، فقال: "مرحبًا يا بنتي". فأجلسها عن يمينه أو عن يساره، فأسرّ إليها شيئًا فبكت، ثمّ أسرّ إليها شيئًا فضحكت، قالت: قلت: ما رأيت ضحكًا أقرب من بكاء، استخصّك رسول الله بحديث ثمّ تبكين؟ قلتُ: أيّ شيء أسرّ إليك رسول الله؟ قالت: ما كنتُ لأَفْشِي سِرَّه، قلت: فلمّا قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سألتُها فقالت: قال: "إنّ جبريل كان يأتيني كلّ عام فيعارضني بالقرآن مرّة، وإنّه أتاني العام فعارضني مرّتين ولا أظنّ أجلي إلا قد حضر، ونعم السلف أنا لك"، وقال: "أنت أسرع أهلي بي لحوقًا". قالت: فبكيت لذلك، ثمّ قال: "أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأمّة أو نساء العالمين؟"، قالت: فضحكت.
وروي عن رجل سمع عليّ بن أبي طالب يقول: سألت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقلت: أينا أحب إليك أنا أو فاطمة؟ قال: "فَاطِمَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْهَا".. وروى حسين بن علي، عن علي: أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال لفاطمة: "إِنَّ الله يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرِضَاكِ".
وروى عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر قَبِّل ابنته فاطمة، وروي عن علي قال: دخل عليَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا نائم، فاستسقى الحسن أو الحسين، قال: فقام النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلى شاة لنا بَكِئٍ فحلبها، فدرَّت، فجاءه الحسن فنحاه النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقالت فاطمة: يا رسول الله، كأنه أحبهما إليك؟ قال: "لاَ، وَلَكِنَّهُ اسْتَسْقَى قَبْلَهُ". ثم قال: "إِنَّا وَإيَّاك وَهَذَيْنِ وَهَذَا الَرَّاقِدَ ِفي مَكَانٍ وَاحِدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
وروي أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: "أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ". وروى أبو جُحيفة، عن علي قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: يَا أَهْلَ الْجَمْعِ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُرَّ"..
وروي عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال النّبي صَلَّى الله عليه وسلم‏: "فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانِ" ‏‏.
عاد النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فاطمة وهي مريضة، فقال لها: "كَيْفَ تَجِدِينَكِ يَا بُنَيَّةُ؟" قالت: إني لوجعة، وإنه ليزيدني أني ما لي طعام آكله، قال: ‏"‏يَا بُنَيَّةُ؛ أَمَا تَرْضِينَ أَنَّكِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ‏"! قالت: يا أبت، فأيْن مريم بنت عمران؟ قال: "تِلْكَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالمك، أَمَا واللَّهِ لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَيِّدًا فِي الدّنْيَا وَالآخِرَةِ‏" ‏‏.وكان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إذا قدم من غَزْوٍ أو سفَر بدأ بالمسجد فصلّى فيه ركعتين، ثم يأتي فاطمة، ثم يأتي أزواجه ـــ.
وروى عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: خَطَّ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط، ثم قال: ‏"أَتَدْرُونَ مَا هَذَا‏"؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بنْتُ مُحَمَّدٍ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِم امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ" ‏‏.
وروي عن عائشة أُم المؤمنين أنها قالت: ما رأيْتُ أُحدًا كان أشبه كلامًا وحديثًا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من فاطمة، وكانت إذا دخلَتْ عليه قام إليها فقبَّلها ورحَّب بها، كما كانت تصنع هي به صَلَّى الله عليه وسلم‏، وما رأيتُ أحدًا كان أصدقَ لهجةً من فاطمة، إلا أن يكون الذي وَلَدَها صَلَّى الله عليه وسلم.
وتروي أمّ رافع، قالت: مَرِضْت فاطمة فلما كان اليوم الذي تُوفيت قالت لي: يا أُمة، اسكبي لي غسلًا، فاغتسلَتْ كأحسن ما كانت تغتسل، ثم لبست ثيابًا لها جُددًا ثم قالت: اجعلي فراشي وسط البيت، فاضطجعت عليه، واستقبلت القبلة، وقالت يا أمة، إني مقبوضةٌ الساعة، وقد اغتسلْت، فلا يكشفنّ لي أحد كنفًا، فماتت، فجاء عليّ فأخبرته فاحتملها ودفنها بغسلها ذلك.
وروي أنّ عليًا غَسَّلَ فاطمة، وصلّى العباس على فاطمة، ونزل هو وعلي والفَضْل بن عبّاس في حفرتها، وقيل: صلّى أبو بكر عليها.
وروي أن فاطمة رضي الله عنها أول من غُطِّي نعشها من النِّساء في الإسلام، ثم بعدها زينب بنت جحش رضي الله عنها.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال