الرئيسية
الصحابة
فضائل
مواقف إيمانية
كرامات
الأوائل
الأنساب
الغزوات
فوائد
مسابقات
تسجيل الدخول
البريد الالكتروني :
كلمة المرور :
تسجيل
تسجيل مشترك جديد
المصادر
مختصر
موجز ما ذكر عنها في الكتب الأربعة
تفصيل ما ذكر عنها في الكتب الأربعة
ما ذكر عنها في الطبقات الكبير
ما ذكر عنها في الاستيعاب في معرفة الأصحاب
ما ذكر عنها في أسد الغابة
ما ذكر عنها في الإصابة في تميز الصحابة
مواقفها الإيمانية
الزهد
الحياء
كانت رضى الله عنها
أول من غطيَّ نعشها في الإسلام
أول أهل النبي لحوقًا به
فاطمة الزهراء
فاطمة الزّهراء بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
تكْنى أُم أبيها، وتلَقَّب بالزهراء، اختلف في سنة مولدها؛ قال العبّاس: وُلدت فاطمة والكعبةُ تبْنى، والنّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ابْنُ خمس وثلاثين سنة،
(*)
وبهذا جزم المدائنيّ، وقيل: أنها وُلدت سنة إحدى وأربعين مِنْ مولد النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل: كان مولدها قبْلَ البعثة بقليل نحو سنة أو أكثر.
وأمّها خديجة بنت خُوَيْلِد بن أسد، قال ابن عبد البر: الذي تسكُنُ إليه النّفس على ما تواترت به الأخبار في ترتيب بنات رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أنّ زينب الأولى، ثم الثّانيةَ رُقَيّة، ثم الثّالثة أم كلثوم، ثم الرّابعة فاطمة الزّهراء، وما رؤيت الزهراء ضاحكة بعد وفاة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى لحقت بالله عز وجل، وَوَجِدَت عليه وَجدًا عظيمًا، قال أنس: قالت لي فاطمة: يا أنس كيف طابت قلوبكم؟ تحثون التراب على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟!، وكانت أول أهله لحوقًا به، تصديقًا لقوله صَلَّى الله عليه وسلم، وانقطع نسل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلا منها.
وروى المُنْذِر بن ثعلبة عن عِلْبَاء بن أَحْمَر اليَشْكُرِيّ أنّ أبا بكر خَطَبَ فاطمة إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال:
"يا أبا بكر انتظرُ بها القضاء"
. فذكر ذلك أبو بكر لعمر، فقال له عمر: ردّك يا أبا بكر؟ ثمّ إنّ أبا بكر قال لعمر: اخطب فاطمة إلى النبيّ، صلى الله عليه وسلّم، فخطبها فقال له مثل ما قال لأبي بكر:
"انتظر بها القضاء"
. فجاء عمر إلى أبي بكر فأخبره، فقال له: ردّك يا عمر؟ ثمّ إنّ أهل عليّ قالوا لعليّ: اخطب فاطمة إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: بعد أبي بكر وعمر؟ فذكروا له قَرابته من النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فخطبها فزوّجه النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فباع عليّ بعيرًا له وبعض متاعه فبلغ أربعمائة وثمانين، فقال له النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم:
"اجْعل ثُلْثَين في الطيب وثلثًا في المتاع"
(*)
. وفي رواية: خطب عليّ فاطمة فقال لها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
"إنّ عليًّا يذكرك"
فسكتت، فزوّجها
(*)
. وروى عِكرمة أنّ عليًّا خطَب فاطمة فقال له النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم:
"ما تصدقها؟"
. قال: ما عندي ما أصدقها، قال:
"فأين درعك الحُطَمِيّة التي كنت منحتك؟"
قال: عندي، قال:
"أَصْدِقْها إيّاها"
. قال: فأَصْدَقَها وتزوّجها، قال عِكْرِمَة: كان ثمنها أربعة دراهم
(*)
. وفي رواية: قال نفر من الأنصار لعليّ: عندك فاطمة، فأتى رسول الله فسلّم عليه، فقال:
"ما حاجة ابن أبي طالب؟"
قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، قال:
"مرحبًا وأهلًا"
. لم يزده عليهما، فخرج عليّ على أولئك الرهط من الأنصار ينظرونه، قالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنّه قال لي:
"مرحبًا وأهلًا"
، قالوا: يكفيك من رسول الله إحداهما، أعطاك الأهل وأعطاك المرحب، فلمّا كان بعدما زوّجه قال:
"يا عليّ إنّه لا بدّ للعروس من وليمة"
. فقال سعد: عندي كبش، وجمع له رهط من الأنصار آصُعًا من ذُرة، فلمّا كان ليلة البناء قال:
"لا تحدث شيئًا حتى تلقاني
. قال: فدعا رسول الله بإناء فتوضّأ فيه ثمّ أفرغه عَلَى عَلِيّ ثمّ قال:
"اللّهُم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما"
(*)
. وروى جابر عن محمد بن عليّ قال: تزوّج عليّ فاطمة على إهاب شاة وسحق حبرة، وروى مُجَالِد عن عامر قال: قال عليّ: لقد تزوّجت فاطمة وما لي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه النّاضِح بالنهار، وما لي ولها خادم غيرها.
وروى محمد بن الفضل بن يحيَى بن سعيد عن محمّد بن إبراهيم قال: كان صداق بنات رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ونسائه خمسمائة درهم، اثنتي عشر أوقية ونصفًا، وروى عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ عن أبيه قال: تزوّج عليّ بن أبي طالب فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في رجب بعد مقدم النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة بخمسة أشهر وبنى بها مرجعه من بدر، وفاطمة يوم بنى بها عليّ بنت ثماني عشرة سنة. وفي رواية: لما قَدِمَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة نزل عَلَى أَبي أيّوب سنة أو نحوها، فلما تزوّج عليّ فاطمة قال لعليّ: اطلب منزلًا، فطلب عليّ منزلًا فأصابه مستأخرًا عن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قليلًا، فبنى بها فيه فجاء النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، إليها فقال:
"إني أريد أن أحوّلك إليّ"
، فقالت لرسول الله: كلّمْ حارثة بن نعمان أن يتحوّل عني، فقال رسول الله:
"قد تحوّل حارثة عنّا حتى قد استحييت منه"
. فبلغ ذلك حارثة فتحوّل، وجاء إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إنّه بلغني أنّك تحول فاطمة إليك وهذه منازلي وهي أسقب بيوت بني النجّار بك، وإّنما أنا ومالي لله ولرسوله، والله يا رسول الله المال الذي تأخذ مني أحبّ إليّ من الذي تدع، فقال رسول الله:
"صدقت، بارك الله عليك"
. فحوّلها رسول الله إلى بيت حارثة
(*)
.
وروت أمّ جعفر عن جدّتها أسماء بنت عُمَيْس قال: جَهَّزت جدّتك فاطمة إلى جدّك عليّ وما كان حشو فراشهما ووسائدهما إلا الليف، ولقد أولم عليّ فاطمة فما كانت وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته رهن درعه عند يهوديّ بشطر شَعِير. وفي رواية: لما زوّج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عليًّا فاطمة كان فِيما جُهِّزت به سرير مشروط ووسادة من أدم حشوها ليف وتَور من أَدم وقِرْبة، وجاءوا بِبَطْحَاءَ فطرحوها في البيت، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلّم، قال لعليّ:
"إذا أُتيت بها فلا تقربنّها حتى آتيك"
. وكانت اليهود يؤخّرون الرجل عن امرأته، فلمّا أُتي بها قعدا حينًا في ناحية البيت، فجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فاستفتح فخرجت إليه أمّ أيمن فقال:
"أَثَمّ أخي؟"
قالت: وكيف يكون أخوك وقد أنكحته ابنتك؟ قال:
"فإنّه كذلك"
. ثم قال:
"أأسماء بنت عُمَيْس؟"
قالت: نعم، قال:
"جئت تكرمين بنت رسول الله؟"
قالت: نعم، فقال لها خيرًا، ودعا لها، ودعا رسول الله بماء فأُتي به إمّا في تور وإمّا في سواه، قال: فمجّ فيه رسول الله، ومسّك بيده ثمّ دعا عليًّا فنضح من ذلك الماء عَلَى كتفيه وصدره وذراعيه، ثمّ دعا فاطمة فأقبلت تعثر في ثوبها حياءً من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثمّ فعل بها مثل ذلك ثمّ قال لها:
"يا فاطمة أما إني ما أليت أن أنكحتك خير أهلي"
(*)
. وفي رواية: فلم يلبث رسول الله أن تَبعهما فقام على الباب فاستأذن فدخل، فإذا عليّ مُنْتَبِذ منها، فقال له رسول الله:
"إنّي قد علمت أنّك تهاب الله ورسوله"
.
وروى عطاء بن السائب عن أبيه عن عليّ أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لما زوّجه فاطمة بعث معها بخملة ووِسادة أدم حَشْوها ليف ورحائين وسقاء وجرّتين، فقال عليّ لفاطمة ذات يوم: والله لقد سَنَوت حتى قد اشتكيت صدري وقد جاء الله أباك بِسَبْيٍ فاذهبي فاستخدميه، فقالت: وأنا والله قد طحنت حتى مَجلت يداي، فأتت النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال:
"ما جاء بك يا بنيّة؟"
قالت: جئتُ لأسلّم عليك، واستحيتْ أن تسأله وَرَجَعَتْ، فقال علي: ما فعلت؟ قالت: استحييت أن أسأله، فأتياه جميعًا فقال عليّ: والله يا رسول الله لقد سَنَوتُ حتى اشتكيت صدري، وقالت فاطمة: قد طحنت حتى مَجلت يداي، وقد أتى الله بسبي وسعة، فأخدمنا، قال:
"والله لا أعطيكما وأدع أهل الصُّفّة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم"
. فرجعا فأتاهما النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وقد دخلا في قطيفتهما إذا غطّيا رءوسهما تكشّفت أقدامهما وإذا غطّيا أقدامهما تكشّفت رءوسهما فثارا فقال:
"مكانكما، ألا أخبركما بخير ممّا سألتماني؟"
فقالا: بلى. فقال:
" كلمات علّمنيهنّ جبريل تسبّحان في دُبر كلّ صلاة عشرًا، وتحمدان عشرًا، وتكبّران عشرًا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبّحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبّرا أربعًا وثلاثين"
. قال: فوالله ما تركتهنّ منذ علّمنيهنّ رسول الله. فقال له ابن الكواء: ولا ليلة صِفِّين؟فقال: قاتلكم الله يا أهل العراق، ولا ليلة صِفّين
(*)
.
وروى جَرِير بن حَازِم، عن عَمْرو بن سعيد قال: كان في عليّ على فاطمة شدة، فقالت: والله لأشكونّك إلى رسول الله! فانطلقت، وانطلق عليّ بأثرها، فقام حيث يسمع كلامهما، فشكت إلى رسول الله غِلَظ عليّ وشدته عليها، فقال:
"يا بنيّة اسمعي واستمعي واعقلي، إنّه لا إِمْرَة بامرأة لا تأتي هوى زوجها"
وعليٌ ساكت، قال عليّ: فكففتُ عمّا كنت أصنع وقلت: والله لا آتي شيئًا تكرهينه أبدًا
(*)
. وفي رواية: كان بين عليّ وفاطمة كلام، فدخل رسول الله فألقى له مثالًا فاضطجع عليه، فجاءت فاطمة فاضطجعت من جانب، وجاء عليّ فاضطجع من جانب، فأخذ رسول الله بيد عليّ فوضعها على سُرّته وأخذ بيد فاطمة فوضعها على سُرّته ولم يزل حتى أصلح بينهما، ثمّ خرج، فقيل له: دخلت وأنت على حال وخرجت ونحن نرى البِشْرَ في وجهك! فقال:
"وما يمنعني وقد أصلحتُ بين أحبّ اثنين إليّ؟"
(*)
.
وروى يحيَى بن شِبْلِ عن أَبِي جعفر قال: دخل العبّاس عَلَى عَلِيّ بن أبي طالب وفاطمة وهي تقول: أَنا أَسنّ منك، فقال العبّاس: أمّا أنت يا فاطمة فولدت وقريش تبني الكعبة والنبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، ابن خمسٍ وثلاثين سنة، وأمّا أنت يا عليّ فولدت قبل ذلك بسنوات، وقال محمّد بن عمر: وولدت فاطمة لعليّ الحسن والحسين وأمّ كلثوم وزينب بني عليّ. وقال جُميع بن عُمير: دخلْتُ على عائشة، فسألت أيّ النّاس كان أحبَّ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قالت: "فَاطِمَةُ"، قلت: فمن الرّجَالِ؟ قالت:"زَوْجُهَا، إِنْ كَانَ مَا عَلِمْتُهُ صَوَّامًا قَوّامًا".
وروى الحارث، عن علي قال: خطب أبو بكر وعمر يعني فاطمة إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأبى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عليهما، فقال عمر: أنت لها يا علي، فقلت: ما لي من شيء إلا دِرْعي أرهنها، فزوجه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فاطمة، فلما بلغ ذلك فاطمة بكت، قال: فدخل عليها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال:
"مَالَكِ تَبْكِيْنَ يَا فَاطِمَةُ! فَوَالله لَقَدْ أَنْكَحْتُكِ أَكْثَرَهُمْ عِلْمًا، وَأَفْضَلَهُمْ حِلْمًا، وَأَوَّلَهُمْ سِلْمًا"
.
(*)
.
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان يغار لبناته غيرة شديدة، كان لا ينكح بناته على ضرة؛ روى ابن أبي مليكة، عن المِسْور بن مَخْرَمَة قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر:
"إِنَّ بَنِي هِشَام بْنِ الْمُغِيْرَةِ اسْتَأْذَنُونِي فِي أَنْ يُنِكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلَا آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آَذَنُ، إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ عَلَيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي، يَرِبُينِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا"
(*)
. وروى عطاء بن يسار، عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت:
{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}
، قالت: فأرسل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين فقال:
"هَوُلاَءِ أَهْلِي"
. قالت: فقلت: يا رسول الله أفما أنا من أهل البيت؟ قال:
"بَلَى، إِنْ شَاءَ الله عَزَّ وَجَلَّ"
.
(*)
قال أبو صالح: قال الحاكم في المستدرك، عن الأصم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقيل: إن عليًّا تزوّج فاطمة بعد أن ابتنى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بعائشةَ بأربعةِ أشهر ونصف، وبنى بها بعد تزويجه إياها بتسعة أشهر ونصف، وكان سنّها يوم تزويجها خمسَ عشرةَ سنةً وخمسةَ أشهر ونصفًا، وكانت سِنّ عليّ واحدًا وعشرين سنةً وخمسةَ أشهر.
وروى عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: قال علي لأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم: اكْفِي بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الخدمة خارجًا وسقاية الماء الحاج، وتكفيك العمل في البيت: العَجْن والخبز والطّحن، قال أبو عمر: ولم يتزوّج عليّ عليها غيرها حتى ماتت.
وروى مَسْرُوق عن عائشة قالت: كنت جالسة عند رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، فجاءت فاطمة تمشي كأنّ مِشْيَتَها مِشْيَةَ رسول الله، فقال:
"مرحبًا يا بنتي"
. فأجلسها عن يمينه أو عن يساره، فأسرّ إليها شيئًا فبكت، ثمّ أسرّ إليها شيئًا فضحكت، قالت: قلت: ما رأيت ضحكًا أقرب من بكاء، استخصّك رسول الله بحديث ثمّ تبكين؟ قلتُ: أيّ شيء أسرّ إليك رسول الله؟ قالت: ما كنتُ لأَفْشِي سِرَّه، قلت: فلمّا قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سألتُها فقالت: قال:
"إنّ جبريل كان يأتيني كلّ عام فيعارضني بالقرآن مرّة، وإنّه أتاني العام فعارضني مرّتين ولا أظنّ أجلي إلا قد حضر، ونعم السلف أنا لك"
، وقال:
"أنت أسرع أهلي بي لحوقًا"
. قالت: فبكيت لذلك، ثمّ قال:
"أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأمّة أو نساء العالمين؟"
، قالت: فضحكت
(*)
.
وروى محمّد بن عمر عن عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة قال: سمعت عبد الرحمن الأعرج يحدّث في مجلسه بالمدينة يقول أطعم رسول الله فاطمة وعليًّا بخيبر من الشعير والتمر ثلاثمائة وَسْق، الشعير من ذلك خمسة وثمانون وسقًا، لفاطمة من ذلك مائة وسق
(*)
. وروى إسماعيل عن عامر قال: جاء أبو بكر إلى فاطمة حين مرضت فاستأذن فقال عليّ: هذا أبو بكر على الباب فإن شئت أن تأذني له، قالت: وذلك أحبّ إليك؟ قال: نعم، فدخل عليها واعتذر إليها وكلّمها فرضيت عنه.
وروى عمرو بن دينار، عن عائشة قالت: ما رأيْتُ قط أحدًا أفضل من فاطمة غير أبيها. وروى ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن رجل سمع عليّ بن أبي طالب يقول: سألت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقلت: أينا أحب إليك أنا أو فاطمة؟ قال:
"فَاطِمَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْهَا"
.
(*)
. وروى حسين بن علي، عن علي: أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال لفاطمة:
"إِنَّ الله يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرِضَاكِ"
(*)
. وروى عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر قَبِّل ابنته فاطمة، وروى عبد الله بن وهب، عن أم سلمة قالت: جاءت فاطمة إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم فَسَارَّها بشيء فبكت، ثم سارها بشيء فضحكت، فسألتها عنه فقالت: أخبرني أنه مقبوض في هذه السنة فبكيت، فقال:
"مَا يَسُرُّكِ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِلاَّ فُلَانَةً"
، فضحكت.
(*)
.
وروى عبد الرحمن الأزرق، عن علي قال: دخل عليَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا نائم، فاستسقى الحسن أو الحسين، قال: فقام النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلى شاة لنا بَكِئٍ فحلبها، فدرَّت، فجاءه الحسن فنحاه النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقالت فاطمة: يا رسول الله، كأنه أحبهما إليك؟ قال:
"لاَ، وَلَكِنَّهُ اسْتَسْقَى قَبْلَهُ"
. ثم قال:
"إِنَّا وَإيَّاك وَهَذَيْنِ وَهَذَا الَرَّاقِدَ ِفي مَكَانٍ وَاحِدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
(*)
.
وروى صُبيح مولى أم سلمة، عن زيد بن أرقم: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين:
"أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ"
(*)
. وروى أبو جُحيفة، عن علي قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول:
"إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: يَا أَهْلَ الْجَمْعِ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُرَّ"
.
(*)
.
وروى عبد الرّحمن بن أبي نُعْمِ، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال النّبي صَلَّى الله عليه وسلم:
"فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانِ"
(*)
. وروى كثير النّواء، عن عمران بن حُصين: أنّ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم عاد فاطمة وهي مريضة، فقال لها:
"كَيْفَ تَجِدِينَكِ يَا بُنَيَّةُ؟"
قالت: إني لوجعة، وإنه ليزيدني أني ما لي طعام آكله، قال:
"يَا بُنَيَّةُ؛ أَمَا تَرْضِينَ أَنَّكِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ"!
قالت: يا أبت، فأيْن مريم بنت عمران؟ قال:
"تِلْكَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالمك، أَمَا واللَّهِ لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَيِّدًا فِي الدّنْيَا وَالآخِرَةِ"
(*)
.وكان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إذا قدم من غَزْوٍ أو سفَر بدأ بالمسجد فصلّى فيه ركعتين، ثم يأتي فاطمة، ثم يأتي أزواجه ـــ
(*)
.
وروى عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: خَطَّ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط، ثم قال:
"أَتَدْرُونَ مَا هَذَا"؟
قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
"أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بنْتُ مُحَمَّدٍ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِم امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ"
(*)
.
وروت عائشة بنت طلحة، عن عائشة أُم المؤمنين أنها قالت: ما رأيْتُ أُحدًا كان أشبه كلامًا وحديثًا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من فاطمة، وكانت إذا دخلَتْ عليه قام إليها فقبَّلها ورحَّب بها، كما كانت تصنع هي به صَلَّى الله عليه وسلم، وما رأيتُ أحدًا كان أصدقَ لهجةً من فاطمة، إلا أن يكون الذي وَلَدَها صَلَّى الله عليه وسلم.
روَتْ فاطمة عن أبيها، وروى عنها ابناها، وأبوهما، وعائشة، وأم سلمة، وسلمى أم رافع، وأنس، وأرسلت عنها فاطمة بنت الحسين وغيرها. وروى عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عن أمه فاطمة بنت الحسين بن علي، عن جدتها فاطمة الكبرى ــ هي بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ــ قالت: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، ثم قال:
"رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ"
. وإذا خرج صلى على محمد وسلم ثم قال:
"رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ"
(*)
. قال ابن الأثير: هذا الحديث ليس إسناده بمتصل، فإن فاطمة بنت الحسين لم تدرك جدتها فاطمة الكبرى.
ونقل أَبُو عُمَرَ في قصّة وفات فاطمة أنّها أوصت عليًّا أنْ يغسلها هو وأسماء بنت عُميس، واستبعده ابن فتحون، فإن أسماء كانت حينئذ زَوْج أبي بكر الصّديق؛ قال: فكيف تنكشف بحضرة عليّ في غسل فاطمة، وهو محلُّ الاستبعاد، وقد وقع عند أحمد أنها اغتسلت قبل موتها بقليل، وأوصت ألَّا تُكشف، ويُكتفى بذلك في غسلها؛ واستبعد هذا أيضًا.
وأخرج ابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، من حديث أمّ رافع، قال: مَرِضْت فاطمة فلما كان اليوم الذي تُوفيت قالت لي: يا أُمة، اسكبي لي غسلًا، فاغتسلَتْ كأحسن ما كانت تغتسل، ثم لبست ثيابًا لها جُددًا ثم قالت: اجعلي فراشي وسط البيت، فاضطجعت عليه، واستقبلت القبلة، وقالت يا أمة، إني مقبوضةٌ الساعة، وقد اغتسلْت، فلا يكشفنّ لي أحد كنفًا، فماتت، فجاء عليّ فأخبرته فاحتملها ودفنها بغسلها ذلك، وأخرج ابْنُ سَعْدٍ مِنْ طريق محمذ بن موسى: أنّ عليًا غَسَّلَ فاطمة، وصلّى العباس على فاطمة، ونزل هو وعلي والفَضْل بن عبّاس في حفرتها، وقيل: صلّى أبو بكر عليها. وقال الواقديّ: قلت لعبد الرحمن بن أبي الموالي: إن الناس يقولون: إن قبر فاطمة بالبقيع، فقال: ما دفنت إلا في زاوية في دار عقيل، وبين قبرها وبين الطريق سبعة أذرع.
وروى عمار بن المهاجر، عن أم جعفر: أنَّ فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قالت لأسماء بنت عميس: يا أسماء، إني قد استقبحْتُ ما يُصْنَع بالنّساء، إنه يُطْرَح على المرأة الثّوب فيصفها، فقالت أسماء: يا بنت رسول الله، ألا أريك شيئًا رأيته بأرض الحبشة! فدعَتْ بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبًا، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله! تُعْرَفُ به المرأة من الرّجال، فإذا أنا مت فاغسليني أنت وعليُّ، ولا تُدْخِلي عليّ أحدًا، فلما تُوفِّيت جاءت عائشةُ تدخل، فقالت أسماء: لا تدخلي، فشكَتْ إلى أبي بكر، فقالت: إن هذه الخثعمية تحولُ بيننا وبين بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقد جعلَتْ لها مثل هَوْدَج العروس، فجاء أبو بكر، فوقف على الباب، فقال: يا أسماء، ما حملك على أنْ منعْت أزواج النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أنْ يَدْخُلْن على بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وجعلْتِ لها مثل هَوْدج العروس؟ فقالت: أمرتني ألّا يدخل عليها أحد، وأريتُها هذا الذي صنعت، وهي حيَّةٌ، فأمرتني أَنْ أصنع ذلك لها، قال أبو بكر: فاصنعي ما أمرتك، ثم انصرف؛ فغسلها عليّ وأسماء، قال أبو عمر: فاطمة رضي الله عنها أول من غُطِّي نعشها من النِّساء في الإسلام على الصّفة المذكورة في هذا الخبر، ثم بعدها زينب بنت جحش رضي الله عنها، صُنِع ذلك بها أيضًا. ولم يخلف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من بنيه غيرها، وقيل: تُوفيت فاطمة بعده بخمس وسبعين ليلة، وغسلها زَوْجُها عليّ رضي الله عنه، وكانت أَشارَتْ عليه أن يدفنها ليلًا، وقيل: بل ماتت بعد وفاة النّبي صَلَّى الله عليه وسلم بمائة يوم، وقيل: تُوفيت بعد أَبيها بثمانية أشهر، وقال ابن بُريدة: عاشت بعده سبعين يومًا، وقال المدائني: ماتت ليلة الثّلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إِحدى عشرة، وقد ثبت في الصَّحِيحِ عن عائشة أنَّ فاطمة عاشت بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ستة أشهر، وقيل: أنها بقيت بعده ثلاثة أشهر وقال غيره: بعده بأربعة أشهر، وقيل: شهرين، وعند الدّولابي في "الذّرية الطّاهرة": بقيت بعده خمسة وتسعين يومًا، وقيل: بقيت بعده ثمانية أشهر، واختلف في سِنْها وقت وفاتها، فذكر الزّبير بن بكّار أنّ عبد الله بن الحسن بن الحسن دخل على هشام بن عبد الملك وعنده الكلبي، فقال هشام لعبد الله بن الحسن: يا أبا محمد؛ كم بلغَتْ فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من السنّ؟ فقال: ثلاثين سنة، فقال هشام للكلبي: كم بلغَتْ من السنّ؟ فقال: خمسًا وثلاثين سنة، فقال هشام لعبد الله بن الحسن: يا أبا محمد؛ اسمع، الكلبي يقول ما تسمع، وقد عُني بهذا الشّأن، فقال عبد الله بن الحسن: يا أمير المؤمنين سلني عن أُميّ، وسل الكلبي عن أُمه.
الصفحة الأم
|
مساعدة
|
المراجع
|
بحث
|
المسابقات
الاسم :
البريد الالكتروني :
*
عنوان الرسالة :
*
نص الرسالة :
*
ارسال