تسجيل الدخول


عباس بن مرداس السلمي

1 من 1
العباس بن مرداس:

العبّاس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة بن عبد بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن حيي بن الحارث بن بُهثة بن سُليم السِّلميّ، يُكْنَى أبا الفضل، وقيل أبا الهيثم. أسلم قبل فتح مكَّة بيسير، وكان مرداسٌ أبوه شريكًا ومصافيًا لحرب بن أميّة، وقتلهما جميعًا الجنّ، وخَبُرهما معروف عند أهل الأخبار.

وذكروا أن ثلاثة نفر ذهبُوا على وجوههم، فهامُوا ولم يُوجِدُوا، ولم يسمع لهم بأثرٍ:‏ ‏ طالب بن أبي طالب، وسنان بن حارثة، ومرداس بن أبي عامر: أبو عبّاس بن مرداس‏.

وكان عبّاس بن مرداس من المؤلّفة قلوبهم، وممن حَسُن إسلامُه منهم، ولما أعطى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم المؤلّفة قلوبهم من سَبْي حُنين الأقرع بن حابس وعُيينة بن حصن مائة مائة من الإبل، ونقص طائفةً من المائة، منهم عبّاس بن مرداس، جعلَ عَبَّاس بن مرداس يقول ــ إذا لم يبلغ به من العطاء ما بلغ بالأقرع بن حابس وعيينة بن حصن‏: [المتقارب]‏

أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ
العُبَيـ ـدِ بَـيْـنَ
عُيَيْنَةَ
وَالأَقْرَعِ

فَمَا كَانَ حِصْـنٌ وَلَا حَابِسٌ يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي
مَجْمَـعِ

وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرئٍ مِنْهُمَا وَمَنْ تَضِـعِ اليَومَ لَا
يُرْفَعِ

وَقَدْ كُنْتُ فِي القَوْمِ ذَا تُدْرَأُ فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ

فِصَالًا
أفاثل
أَعْطَيْتَها عَدِيدَ
قَوَائِمِهَا
الأَرَبعِ

وَكَانَـتْ
نِهَابًا
تَلَافَيْتُهَا بِِكرِّي عَلَى المُهْرِ فِي الأَجْرَعِ

وَأَيقَاظِيَ القَومَ أَنْ يَرْقُدُوا إِذَا هَجَعَ النَّاسُ لَمْ أَهْجَعِ

وفي رواية ابن عُقبة، وابن إسحاق: إلّا أفائل أعطِيتُها. والذي في الأصل هو سُفيان بن عمرو بن سعيد بن مسروق، عن أبيه، عن عَبَاية بن رفاعة، عن رافع بن خديج.‏ ورواية ابن إسحاق أيضًا، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:‏ ‏"‏اذْهَبُوا فَاقْطَعُوا عَنِّي لِسَانَهُ"(*) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 5 / 183.. فأَعْطُوهُ حَتَّى رَضِيَ"، ‏‏‏‏وكان شاعرًا محسنًا مشهورًا بذلك‏.‏

ورُوي أنّ عبد الملك بن مروان قال يومًا، وقد ذكروا الشّعراء في الشجاعة، فقال:‏ ‏ أشجعُ النّاس في الشّعر عبّاس بن مرداس، حيث يقول:‏ [الوافر]

أُقاتِلُ فِي الْكَتِيبَةِ لَا أُبالِي أَحَتْفي كَانَ فِيهَا أَمْ سِوَاهَا

وله في يوم حُنَين أشعار حِسَان، ذكر كثيرًا منها ابنُ إسحاق، ومنها قوله، وهو من جيّد قوله في ذلك:‏ [البسيط]

مَا بَالُ عَيْنِكَ فِيهَا
عَائِر
سَهِرُ مِثْلُ الحَمَاطَةِ أَغْضَىٍ فَوْقَهَا الشَّفْرُ

عَيْنٌ
أُقادُ بِهَا مِنْ شَوْقِهَا أَرَقُ فَالمَاءُ يَغْمُرُهَا
طَوْرًا
وَيَنْحَـدِرُ

كَأَنَّهُ
نَظْمُ
دُرٍّ
عِنْدَ
نَاظِمه تَقَطَّعَ السِّـلْكُ
مِنْهُ فَهْوَ
مُنتَثِرُ

يَا بُعُدَ مَنْزِلِ
مَنْ تَرْجُو
مَوْدَّتَهُ وَمَـنْ
أَتَى دُونَهُ
الصَّمانُ وَالحُفَرُ

دَعْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَهْدِ الشَّبَابِ فَقَدْ وَلَّى الشَّبَابُ وَجَاءَ الشَّيْبُ وَالذُّعْرُ

وَاذْكُرْ بَلَاءَ سُلَيمٍ فِي مَواطِنها وَفِي سُلَيمٍ لأَهْلِ
الفَخْرِ
مُفتَخَرُ

في شعر مطول مذكور في المغازي في حنين.

ومن قوله المستحسن‏: [الطويل]

جَزَى اللَّهُ خَيْرًا خَيْرَنَا لِصَدِيقِهِ وَزَوَّدَهُ
زَادًا كَزَادِ
أَبِي
سَعْد
ِ
وَزَوَّدَهُ صِدْقًا
وَبِرًّا
وَنَائِلًا وَمَا كَانَ فِي تِلْكَ الوِفَادِةِ مِنْ حَمْد

وهو القائل‏ [الكامل]:

يَا خَاتَمَ النَّبَآءِ إِنَّكَ مُرْسَـلُ بِالحَقِّ كُلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُدَاكَا

إِنَّ الإِلَهَ بَنَى عَلَيَكَ مَحَبَّةً فِي خَلْقِهِ
وَمُحَمَّدًا سَمَّاكَا

وكان عبّاس بن مرداس ممن حرَّم الخمر في الجاهليَّة، وكان ممن حَرَّم الخمر في الجاهليّة أيضًا أبو بكر الصّديق، وعُثمان بن مظعون، وعثمان بن عفان، وعبد الرّحمن بن عوف، وقيس بن عاصم، وحرَّمها قبل هؤلاء عبد المطّلب بن هاشم، وعبد الله بن جُدْعان، وشَيْبَةَ بن ربيعة، وورقة بن نوفل، والوليد بن المغيرة، وعامر بن الظّرب، ويقال هو أوَّل من حَرَّمها في الجاهليّة على نفسه‏.‏ ويقال:‏ بل عفيف بن معد يكرب العَبْدي‏.

كان عبّاس بن مرداس ينزل بالبادية بناحية البصرة. روى عنه ابنه كنانة بن عباس‏.
(< جـ2/ص 362>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال