تسجيل الدخول


عباس بن مرداس السلمي

العبّاس بن مِرْداس بن أبي عامر السُّلَمِيّ، يُكْنَى أبا الفضل، وقيل: أبا الهيثم، وروي أن سببَ إسلامه رؤيا رآها في صنمه ضمار، وكان يغزو مع النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، ويرجع إلى بلاد قومه؛ وكان ينزل بوادي البصرة، وكان يأتي البصرة كثيرًا، وبقيّة ولده ببادية البصرة وقد نزل قوم منهم البصرة، وشهد العبّاس بن مرداس مع النّبي صَلَّى الله عليه وسلم الفَتْح وحُنَينًا، وقد وافَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في تسعمائة من قومه على الخيول والقنا والدروع الظاهرة لِيَحْضُرُوا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فتح مكّة. وروي عن عبّاسُ بن مِرْدَاس قال: لقيتُه صَلَّى الله عليه وسلم، وهو يسير حين هبط من المُشلَّل ونحن في آلة الحرب، والحديد ظاهر علينا، والخيل تُنازعنا الأَعِنّة، فصففنا لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وإلى جنبه أبو بكر وعمر، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يا عُيَيْنَة هذه بنو سُليم قد حضرت بما ترى من العُدّة والعَدَد"، فقال: يا رسول الله جاءهم داعيك ولم يأتني، أما والله إنّ قومي لمُعِدّونَ مُؤدونَ في الكُراع والسّلاح، وإنّهم لأحلاس الخيل ورجال الحرب ورماة الحَدَق. فقال عبّاس بن مرداس: أقْصِرْ أيّها الرجل! فوالله إنّك لَتَعْلَم أنّا أفرس على متون الخيل وأطعن بالقنا وأضرب بالمَشْرَفيّة منك ومن قومك. فقال عُيينة: كذبتَ وخُنْتَ، لَنحن أولى بما ذكرتَ منك، قد عرفَتْه لنا العرب قاطبةً. فَأَوْمَأ إليهما النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، بيده حتى سكتا. ‏‏‏‏وكان شاعرًا محسنًا مشهورًا بذلك، ورُوي أنّ عبد الملك بن مروان قال يومًا، وقد ذكروا الشّعراء في الشجاعة، فقال:‏ أشجعُ النّاس في الشّعر عبّاس بن مرداس، حيث يقول: أُقاتِلُ فِي الْكَتِيبَةِ لَا أُبالِي أَحَتْفي كَانَ فِيهَا أَمْ سِوَاهَا وكان عبّاس بن مرداس ممن حرَّم الخمر على نفسه في الجاهليَّة، وكان ممن حَرَّم الخمر في الجاهليّة أيضًا أبو بكر الصّديق، وعُثمان بن مظعون، وعثمان بن عفان، وعبد الرّحمن بن عوف، وقيس بن عاصم، وحرَّمها قبل هؤلاء عبد المطّلب بن هاشم، وعبد الله بن جُدْعان، وشَيْبَةَ بن ربيعة، وورقة بن نوفل، والوليد بن المغيرة، وعامر بن الظّرب، ويقال: هو أوَّل من حَرَّمها في الجاهليّة على نفسه‏. قد حدّث عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم؛ وروى عنه كنانة، وعبد الرَّحمن بن أنس السَّلمي، وروى عنه البصريّون، وروى كنانة بن العباس بن مرداس، عن أَبيه العباس: أَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأُمته بالمغفرة والرحمة، وأَكثر الدعاء، فأَجابه الله عز وجل: "أَنى قد فعلت وغفرت لأُمتك إِلا ظلْمَ بعضهم بعضًا". فأَعاد فقال: "يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفَرِ لِلْظَّالِمِ، وَتُثِيْبَ الْمَظْلُوْمَ خَيْرًا مِنْ مَظْلَمَتِهِ". فَلَمْ يَكُنْ تِلْكَ الْعَشَيَّةَ إِلاَّ ذَا. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَعَا غَدَاةَ الْمَزْدَلِفَةِ، فَعَادَ يَدْعُو لِأُمَّتِهِ، فَلَمْ يَلْبَثِ الْنَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم أَنْ تَبَسَّمَ". فقال بعض أَصحابه: بأَبي أَنت وأُمي تبسمتَ في ساعة لم تكن تضحك فيها؛ فما أَضحكك؟ قال: "تبسمت من عَدُوِّ الله إِبليس، حين علم أَن الله تعالى أَجابني في أُمتي وغفر للظالم، أَهْوَى يدعو بالثبور والويل، ويحثو التراب على رأَسه". وقال مرة: "فضحكت من جزعه" .
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال