أسامة الحب ابن زيد بن حارثة
ولد في الإسلام، أمره النبي صلى الله عليه وسلم على جيش عظيم وهو حديث السن، كان عمر يجله، اعتزل الفتن بعد قتل عثمان، توفي بالمدينة.
الحبّ ابن الحب، خاطبه النبي صَلَّى الله عليه وسلم بأُسيم، ويكنى أبا محمد، وقيل: أبو زيد، أبوه زيد بن حارثة أوّلَ الناس إسلامًا ولم يفارق رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ووُلدَ له أسامة بمكّة ونشأ حتى أدرك ولم يعرف إلا الإسلام لله تعالى.
هو مولى رسول الله من أبويه، وكان رسول الله يُحِبّه حُبًّا شديدًا، وكان عنده كبعض أهله، قالت عائشة: عثر أسامة على عَتَبَة الباب، أو أسْكُفّةِ الباب فشجّ جَبْهَتهُ فقال: "يا عائشة أميطي عنه الدم"، فتقذّرتْه، قالت فجعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يَمُصّ شَجّتَه ويُمجّه ويقول: "لو كان أُسامة جاريةً لكسوتُه وحَلّيْتُه حتى أُنْفِقَهُ"، وفي رواية أخرى بينما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، جالس هو وعائشة وأُسامة عندهم إذ نظر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في وجه أُسامة فضحك ثمّ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لو أنّ أسامة جارية لحَلّيْتُها وزيّنتُها حتى أُنْفِقَها"، قال أسامة بن زيد: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يأخذني والحَسن يقول: "اللهمّ إني أحبّهما فأحبّهما"، وقال أسامة بن زيد: كان نبيّ الله صَلَّى الله عليه وسلم، يأخذني فيُقعدني على فخذه ويُقْعِدُ الـحسن بن عليّ على فخذه الأخرى ثمّ يضمَنا ثمّ يقول: "اللهّم ارحمهما فإني أرْحَمُهما".
أمّره النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم عَلَى جَيْشٍ وَأَمَّرَهُ أَنْ يَسِيَر إِلَى الشَّام أَيْضَا، وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وكان الناس طعنوا فيه، أي في صِغَره، فبلغ رسول صَلَّى الله عليه وسلم، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: "إنّ الناس قد طعنوا في إمارة أُسامة بن زيد وقد كانوا طعنوا في إمارة أبيه من قبله، وإنهما لخليقان لها، أو كانا خَليقَين لذلك، فإنّه لَمِن أحب الناس إليّ وكان أبوه من أحبّ الناس إليّ إلا فاطمةَ، فأوصيكم بأسامة خيرًا"، قال حَنَش: سمعتُ أبي يقول: استعمل النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، أُسامة بن زيد وهو ابن ثماني عشرة سنة، فَلَمَّا اشْتَدَّ المَرَضُ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى الله عليه وسلم أَوْصَى أَنْ يَسِيرَ جَيْشُ أُسَامَةَ فَسَارُوا بَعْدَ مَوْتِهِ صَلَّى الله عليه وسلم.
وروي أنّ حَكيم بن حزام أهدى إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حُلّةً كانت لذي يَزَن، وهو يومئذٍ مشرك، اشتراها بخمسين دينارًا فقال رسول الله: "إنّا لا نقبل من مشرك ولكن إذ بعثتَ بها فنحن نأخذها بالثمن، بكَمْ أخَذْتَها؟" قال: بخمسين دينارًا، قال فقبضها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثمّ لبسها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وجلس على المنبر للجمعة، ثم نزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكسا الحُلّة أسامة بن زيد.
مناقبه:
لما دخل النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، مكّة يوم الفتح، كان رديفه أُسامة بن زيد، وعن عائشة قالت: أنّ قريشًا أهمّهم شأنُ المرأة التي سرقت فقالوا: مَن يكلّم فيها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حبّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فكلّمه أُسامة فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لِم تشفع في حدّ من حدود الله؟" ثمّ قام النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فاختطب فقال: "إنمّا أهلك الذين من قبلكم أنّهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ، وايمّ الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعتُ يدها!".
قال محمد بن سيرين: بلغتِ النخلةُ على عهد عثمان بن عفّان ألف درهم، قال: فعمد أُسامة إلى نخلة فنقرها وأخرج جُمّارَها فأطعمها أُمّه، فقالوا له: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال: إنّ أُمّي سألَتْنيه ولا تسألني شيئًا أقدر عليه إلا أعطيتُها.
وفاته:
مات رضي الله عنه في أواخر خلافة معاوية، وكان قد سكن المِزة من عمل دمشق، ثم رجع فسكن وادي القرى، ثم نزل إلى المدينة فمات بها بالجَرْف، بعد قتل عثمان، وحُمل إلي المدينة.