تسجيل الدخول

أزمة الفارين من قريش

لما رجع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة، واطمأن بها، هرب رجل من المسلمين ممن كانوا يعذبون في مكة، وهو أبو بصير، رجل من ثقيف حليف لقريش، فأرسلوا في طلبه رجلين، وقالوا للنبي صَلَّى الله عليه وسلم: العهد الذي جعلت لنا. فدفعه النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلى الرجلين.
فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت. فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى قتله.
وفرَّ الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين رآه: "لقد رأى هذا ذعرًا"، فلما انتهى إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: قُتل صاحبي، وإني لمقتول. فجاء أبو بصير وقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم، قال رسول الله: "ويل أمه، مسعر" (أي: مشعل) "حرب لو كان له أحد"، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى مكانًا يسمى: سيف البحر.
وانفلت منهم أيضًا أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فكان لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، تناشده الله والرحم، أن يقبل أبا بصير ومن معه، فأرسل النبي صَلَّى الله عليه وسلم إليهم، فقدموا عليه المدينة.
وفي أوائل سنة سبعٍ من الهجرة، بعد هذه الهدنة، أسلم: عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة، ولما حضروا عند النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: "إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها".
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال