تسجيل الدخول

إبرام الصلح ورد أبي جندل

بعد الاتفاق على شروط الصلح دعا الرسول صَلَّى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب ليكتب الكتاب، فأملى عليه: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فقال سهيل: أما الرحمن فوالله لا ندري ما هو؟ ولكن اكتب باسمك اللهم، فأمر النبي صَلَّى الله عليه وسلم عليًّا بذلك. ثم أملى: "هذا ما صالح عليه محمد رسول الله"، فقال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك. ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال: "إني رسول الله وإن كذبتموني"، وأمر عليًّا أن يكتبَ محمد بن عبد الله، ويمحو لفظ رسول الله فأبى عليٌّ أن يمحو هذا اللفظ، فمحاه صَلَّى الله عليه وسلم بيده، ثم تمت كتابة الصحيفة.
ولما تم الصلح دخلت خزاعةُ في عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ـــ وكانوا حلفاءَ بني هاشمٍ منذ عهد عبد المطلب، فكان دخولهم في هذا العهد تأكيدا لذلك الحلف القديم ـــ ودخلت بنو بكر في عهد قريش.
وبينما الكتاب يُكتب إذ جاء أبو جندل بن سهيل يَرْسُف (أي يسير ببطء) في قيوده، قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين ظهور المسلمين، فقال سهيل: هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده. فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "إنا لم نقض الكتاب بعد". فقال: فوالله إذًا لا أقاضيك على شيءٍ أبدًا. فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "فأجزه لي". قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: "بلي فافعل"، قال: ما أنا بفاعل. وقد ضرب سهيل أبا جندل في وجهه، وأخذ بتلابيبه (أي جمع عليه ثوبه عند صدره) وجَرَّه؛ ليرده إلى المشركين، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أَأُرَدُّ إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يا أبا جندل اصبر، واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا، وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهدَ الله فلا نَغْدِرُ بهم".
فوثب عمر بن الخطاب ـــ رضي الله عنه ـــ مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب، ويدني قائم السيف منه، يقول عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، فضن الرجل بأبيه، ونفذت القضية.
فلما فرغ من الكتاب أَشْهَدَ على الصلح رجالًا من المسلمين ورجالًا من المشركين: أبو بكر الصديق، وعمرُ بن الخطاب، وعبدُ الرحمن بن عوف، وعبدٌالله بن سهيل بن عمرو، وسعدُ بن أبي وقاص، ومحمودُ بن مسلمة، ومكرزُ بن حفص ـــ وهو يومئذ كافر مشرك ـــ وعليُّ بن أبي طالب ـــ و كان هو كاتب الصحيفة.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال