تسجيل الدخول


أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

مشهورة بكنيتها وهي هند بنت أبي أمية بن المغيرة، وكانت أم سلمة زوج ابن عمها أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن المغيرة، فمات عنها، وهاجر بها إلى أرض الحبشة في الهجرتين جميعًا. وكانت رضي الله عنها ممن أسلم قديمًا هي وزوجها وهاجرا إلى الحبشة، فولدت له: سلمة، ثم قدما مكَّة وهاجرا إلى المدينة، وتروي قائلة: لما أجْمع أبو سلمة الخروجَ إلى المدينة رحل بعيرًا له وحملني وحمل معي ابني سلمة، ثم خرج يقود بعيره، فلما رآه رجالُ بني المغيرة قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه عَلَامَ نتركك تسير بها في البلاد؟ ونزعوا خِطَام البعير من يده، وأخذوني، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد وأهووا إلى سلمة، وقالوا: والله لا نترك ابننا عندها إذا نزعتموها مِنْ صاحبنا، فتجاذَبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد وَرَهْط أبي سلمة، وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة، ففرّقَ بيني، وبين زوجي، وابني، فكنت أخرج كلَّ غداةٍ، وأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي سبعًا أو قريبها حتى مرَّ بي رجل من بني عمي، فرأى ما في وجهي؛ فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون من هذه المسكينة؟ فَرَّقْتُم بينها، وبين زوجها، وبين ابنها! فقالوا: الحقي بزوجك إن شئت، وردّ عليّ بنو عبد الأسد عند ذلك ابني، فرحّلتُ بعيري، وَوَضَعْتُ ابني في حجري، ثم خرجتُ أريدُ زوجي بالمدينة، وما معي أحد مِنْ خلق الله، فكنت أبلّغ من لقيت، حتى إذا كنت بالتَّنعيم لقيتُ عثمان بن طلحة أخَا بني عبد الدَّار، فقال: أين يا بنت أبي أميَّة؟ قلت: أريد زوجي بالمدينة، فقال: هل معك أحد؟ فقلت: لا والله إلا الله وابني هذا، فقال: والله ما لك مِنْ مترك! فأخذ بخطام البعير، فانطلق معي يقودني؛ فوالله ما صحبتُ رجلًا من العرب أراه كان أكرم منه إذا نزل المنزل أناخ بي ثم تنحَّى إلى شَجَرةٍ فاضطجع تحتها، فَإِذَا دَنَا الرَّوَاح قَامَ إِلَى بَعِيري قدّمَه ورحله، ثم استأخر عني، وقال: اركبي، فإذ ركبتُ واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقادني حتى نزلت، فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بين المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقُبَاء قال: إن زوجك في هذه القرية، وكان أبو سلمة نازلًا بها، وقيل: إنها أوَّل امرأة خرجت مهاجرةً إلى الحبشة، وأول ظعينة دخلت المدينة. ولما مات أبو سلمة تزوّجها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في ليالٍ بقين من شوّال سنة أربعٍ، وروت أمّ سلمة أن أبا سلمة حدّثها: أنّه سمع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد يصاب بمصيبة فيفزع إلى ما أمره الله به من قول: إنّا لله وإّنا إليه راجعون، اللهمّ آجرني في مصيبتي هذه، وعَوّضني منها خيرًا منها إلا آجره في مصيبته، وكان قمنًا أن يعوّضه الله منها خيرًا منها" قالت: فلمّا هلك أبو سلّمة ذكرت الذي حدّثني عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، اللهمّ آجرني في مصيبتي وعُضني منها خيرًا منها، ثم قلت: أنى أُعاض خيرًا من أبي سلمة؟ قالت: فقد عاضني خيرًا من أبي سلّمة وأنا أرجو أن يكون الله قد آجرني في مصيبتي. فلمّا انقضت عدّتها خطبها أبو بكر فردّته، ثمّ خطبها عمر فردّته، فبعث إليها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقالت: مرحبًا برسول الله، وبرسوله، أخْبِرْ رسول الله أني امرأة غَيْرَى، وأني مُصْبِيَة، وأنّه ليس أحد من أوليائي شاهد، فبعث إليها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أمّا قولك: إني مُصْبِيَة، فإنّ الله سيكفيك صبيانك، وأمّا قولك: إني غَيْرَى، فسأدعو الله أن يذهب غيرتك، وأمّا الأولياء، فليس أحد منهم شاهد ولا غائب إلا سيرضاني"قالت: يا عمر، قم فزوّجْ رسول الله. قال رسول الله: "أما إني لا أنقصك ممّا أعطيت أختك فلانة؛ رحيين، وجرّتين، ووسادة من أدم حشوها ليف"، وكان رسول الله يأتيها فإذا جاء أخذت زينب فوضعتها في حجرها لترضعها، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حييًا كريمًا يستحيي فيرجع، فعل ذلك مرارًا، ففطن عمّار بن ياسر لما تصنع، فأقبل ذات يوم، وجاء عمّار ـــ وكان أخاها لأمّها ـــ فدخل عليها فانتشطها من حجرها وقال: دعي هذه المقبوحة المشقوحة التي آذيت بها رسول الله، فذهب بها فاسترضعها بقُباء، فدخل فجعل يقلّب بصره في البيت يقول: "أين زُناب؟ ما فعلت زناب؟" قالت: جاء عمار فذهب بها، فبنى رسول الله بأهله. ولمّا تزوّج رسول الله أمّ سلمة أقام عندها ثلاثًا وقال: "إن شئت سبّعت لك وإن سبّعت لك سَبّعتُ لسائر نسائي" ثمّ قال رسول الله: "ثلاث للثيّب، وسبع للبكر". وبعد الزواج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمَّ سَلَمَة: "إني قد أَهْدَيْتُ إلى النَّجَاشي أوَاقِيَّ من مِسْك وحُلَّة، وإني لا أراه إلا قد مات، ولا أرى الهديّة التي أهديت إليه إلاّ سَتُرَدُّ إليّ، فإذا رُدّت إليّ فهي لك"، فكان كما قال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم؛ مات النجاشي، وردّت إليه هديّته، فأعطى كلّ امرأة من نسائه أوقيّة من مِسك، وأعطى سائره أمّ سَلَمة وأعطاها الحُلَّة. ورُوِي عن أم الحسين: أنها كانت عند أم سلمة رضي الله عنها، فأتى مساكين، فجعلوا يلحُّون، وفيهم نساء، فقلت: اخرجوا ـــ أو: اخرجن ـــ فقالت أم سلمة: ما بهذا أُمِرنا يا جارية، ردّي كلَّ واحدة ولو بتمرة تضعيها في يَدِها، ورُوِي عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت: }إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ{ [الأحزاب/ 33] قالت: فأرسل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى فاطمة، وعلي، والحسن، والحسين، فقال: "هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي" قالت: فقلت: يا رسول الله أنا من أهل البيت؟ قال: "بَلَى، إِنْ شَاءَ الله". وفاتها: وتُوفيت أم سلمة في أول خلافة يزيد بن معاوية سنة ستين، وصلَّى عليها أبو هريرة، ودُفِنت بالبَقِيع رضي الله عنها، وهي من آخر أمهات المؤمنين موتًا؛ قال ابن حجر العسقلاني: بل هي آخرهنّ موتًا.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال