1 من 2
عبد الله بن قيس الأشعري:
عبد الله بن قيس بن سليم بن حَضَّار بن حرب بن عامر الأشعريّ، أبو موسى، قد نسبناه في الْكُنى.
هو من ولد الأشعر بن أدد بن زيد بن كهلان، وقيل: هو من ولد الأشعر بن سبأ أخي حمير بن سبأ، وأمه ظبية بنت وهب بن عكّ. ذكر الواقديّ أن أبا موسى قدم مكّة، فحالف سعيد بن العاص بن أمية أبا أَحَيْحَةَ، وكان قدومه مع إخوته في جماعةٍ من الأشعريين، ثم أسلم وهاجر إلى أرض الحبشة. وقال ابنُ إسحاق: هو حليف آل عتبة بن ربيعة، وذكره فيمن هاجر من حلفاء بني عبد شمس إلى أرض الحبشة. وقالت طائفة من أهل العلم بالنَّسب. والسِّيَرِ: إنّ أبا موسى لما قد مكّة، وحالف سعيد بن العاص انصرف إلى بلادِ قومه، ولم يهاجر إلى أَرْض الحبشة، ثم قدم مع إخوته، فصادف قدومه قدوم السَّفينتين من أرض الحبشة.
قال أبو عمر: والصَّحيحُ أيّ أبا موسى رجع بعد قدومِه مكّة ومحالفة مَنْ حالف من بني عبد شمس إلى بلاد قومه، فأقام بها حتى قدم مع الأشعريين نحوُ خمسين رجلًا في سفينة، فألقَتْهم الريحُ إلى النّجاشي بأرض الحبشة، فوافقوا خروج جعفر وأصحابه منها، فأتوا معهم، وقدمت السَّفينتان معًا: سفينة الأشعريين وسفينة جعفر وأصحابه ـ على النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم في حين فَتْح خيبر.
وقد قيل: إن الأشعريين إذ رمَتْهم الريحُ إلى النّجاشي أقامُوا بها مدة، ثم خرجوا في حين خروج جعفر، فلهذا ذكره ابن إسحاق فيمن هاجر إلى أرض الحبشة. والله أعلم.
ولّاه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم مخاليفَ اليمن: زَبيد وذوانها إلى السَّاحل، وولّاه عمر البصرة في حين عزل المغيرة عنها إلى صَدْرِ من خلافة عثمان، فعزله عثمان عنها، وولّاها عبد الله بن عامر بن كُريز، فنزل أبو موسى حينئذ بالكوفة وسكنها، فلما دفع أهلُ الكوفة سعيد بن العاص ولَّوا أبا موسى، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يوليه، فأقره عثمان على الكوفة إلى أن مات، وعزله عليّ رضي الله عنه عنها، فلم يزل واجِدًا منها على عليّ، حتى جاء منه ما قال حذيفة؛ فقد روى فيه لحذيفة كلام كرِهْتُ ذكره، واللَّهُ يغفرُ له. ثم كان من أَمْرِه يوم الحكَمين ما كان.
ومات بالكوفة في داره بها. وقيل: إنه مات بمكّة سنة أربع وأربعين.وقيل سنة خمسين. وقيل سنة اثنتين وخمسين وهو ابنُ ثلاثٍ وستين، كان من أحسنِ النّاس صوتًا بالقرآن. قال فيه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لقد أوتي أبو موسى مِزْمَارًا من مزامير آلِ داود".(*) سُئل علي رضي الله عنه عن موضع أبي موسى من العلم، فقال: صبغ في العلم صبغة.
(< جـ3/ص 103>)
2 من 2
أبو موسى الأشعري:
أبو موسى الأشعري، عبد الله بن قيس بن سليم بن حَضَّار بن حرب بن عامر بن عنز ابن بكر بن عامر بن عذر بن وائل بن ناجية بن الجُمَاهر بن الأشعر، وهو نبت بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وفي نسبه هذا بعضُ الاختلاف، وقد ذكرناه في باب اسمه، وذكرنا هناك عيونًا من أخباره. وأمه امرأة من عَكّ، كانت قد أسلمت وماتت بالمدينة. وذكرت طائفة ـــ منهم الواقديّ ـــ أنّ أبا موسى قدم مكّة فحالف سعيد بن العاص بن أميّة أبا أحيحة، ثم أسلم بمكّة وهاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم مع أهل السّفينتين ورسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بخَيْبَر. قال الواقديّ: وأخبرنا خالد بن إلياس، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم، وكان علامة نسّابة، قال: ليس أبو موسى من مهاجرة الحبشة، وليس له حلف في قريش، ولكنه أسلم قديمًا بمكّة، ثم رجع إلى بلاد قومه، فلم يزل بها حتى قدم هو وناس من الأشعريين على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فوافق قدومهم قدوم أهل السّفينتين: جعفر وأصحابه من أرض الحبشة، ووافوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بخيبر، فقالوا: قدم أبو موسى مع أهل السّفينتين، وإنما الأمر على ما ذكرنا أنه وافق قدومه قدومهم.
قال أبو عمر: إنما ذكره ابن إسحاق فيمن هاجر إلى أرض الحبشة لأنه نزل أرضَ الحبشة في حين إقباله مع سائر قومه؛ رمَتِ الريحُ سفينتهم إلى أرض الحبشة، فبقوا بها ثم خرجوا مع جعفر وأصحابه؛ هؤلاء في سفينة وهؤلاء في سفينة؛ فكان قدومهم معًا من أرض الحبشة فوافوا النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم حين افتتح خَيْبَر، فقيل: إنه قسم لجعفر وأصحابه وقسم للأشعريين؛ لأنه قيل: إنه قسم لأهل السفينتين، وقد رُوي أنه لم يقسم لهم. ثم وَلّى عمر بن الخطّاب أبا موسى البصرة إذ عزل عنها المغيرة في وقْتِ الشّهادة عليه، وذلك سنة عشرين؛ فافتتح أبو موسى الأهواز، ولم يزل على البصرة إلى صَدْرٍ من خلافة عثمان، ثم لما دفع أهل الكوفة سعيد بن العاص وَلْوا أبا موسى وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولّيه فأقرهُ، فلم يزل على الكوفة حتى قُتل عثمان، ثم كان منه بصِفّين وفي التحكيم ما كان. وكان منحرفًا عن عليّ لأنه عزله ولم يستعمله؛ وغلبه أهلُ اليمن في إرساله في التّحكيم فلم يجزه. وكان لحذيفة قبل ذلك فيه كلام، ثم انفتل أبو موسى إلى مكّة ومات بها وقيل: إنه مات بالكوفة في داره بجانب المسجد. وقيل سنة اثنتين وأربعين. وقيل: سنة أربع وأربعين. قيل: سنة خمسين وقيل: سنة اثنتين وخمسين. ذكره محمد بن سعد، عن الواقديّ، عن خالد بن إلياس، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجَهْم، قال: مات أبو موسى سنة اثنتين وخمسين. قال محمد بن سعد: وسمعْتُ بعضَ أهل العلم يقول: إنه مات قبل ذلك بعشر سنين سنة اثنتين وأربعين.
(< جـ4/ص 326>)