تسجيل الدخول


عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن...

1 من 1
عَبْدُ الْلَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الخْطَّابِ

(ب د ع) عَبْدُ اللّهِ بن عُمَر بن الخَطَّاب القُرَشي العَدَوي. يرد نسبه عند ذكر أَبيه إِن شاءَ الله تعالى [[عُمَرُ بنُ الخَطَّاب بن نُفَيل بن عبد العُزَّى بن رِياح بن عبد اللّه بن قُرْط بن رَزَاح بن عَدِيّ بن كعب بن لُؤَيّ القرشي العدوي]] <<من ترجمة عُمر بنُ الخَطَّاب "أسد الغابة".>>، أُمه وأُم أُخته حَفْصة: زينبُ بنت مَظْعُون بن حَبِيب الجُمَحِيّة.

أَسلم مع أَبيه وهو صغير لم يبلغ الحلم، وقد قيل: إِن إِسلامه قبل إِسلام أَبيه. ولا يصح وإِنما كانت هجرته قبل هجرة أَبيه، فظن بعضُ الناس أَن إِسلامه قبل إِسلام أَبيه.

أَجمعوا على أَنه لم يشهد بدرًا، استصغره النبي صَلَّى الله عليه وسلم فردَّه، واختلفوا في شهوده أُحدًا؛ فقيل: شهدها. وقيل: رده رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مع غَيْره ممن لم يبلغ الحلمُ.

أَخبرنا عُبَيد اللّه بن أَحمد بن علي، بإِسناده إِلى يونس بن بُكَيْر عن ابن إِسحاق: حدثني نافع عن ابن عمر قال: لما أَسْلَم عُمَر بن الخطاب قال: أَيُّ أَهْل مَكة أَنْقَلُ للحديث؟ قالوا: جَمِيل بن مَعْمَر الجُمَحِي. فخرج عُمَر وخرجتُ وراءَه، وأَنا غُلَيِّم أَعْقِل كلَّ ما رأَيتُ، حتى أَتاه، فقال: "يا جميل، أَشَعَرْت أَنِّي قد أَسلمت؟ فوالله ما راجعه الكلام حتى قام يَجُرُّ رداءَه، وخرج عمر يتبعه، وأَنا معه، حتى إِذا قام على باب المسجد صرخ: يا معشر قريش، إِن عمر قد صَبأَ. قال: كذبتَ. ولكني أَسلمت..." وذكر الحديث.

والصحيح أَن أَول مشاهده الخندق، وشهد غزوة مُؤتة مع جعفر بن أَبي طالب رضي الله عنهم أَجمعين، وشهد اليَرْمُوك، وفتح مصر، وإِفريقية.

وكان كثير الاتِّباع لآثار رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى إِنه ينزل مَنازِلَه، ويصلي في كل مكان صلى فيه، وحتى إِن النبي صَلَّى الله عليه وسلم نزل تحت شجرة. فكان ابن عمر يتعاهدها بالماءَ لئلا تيبس.

أَخبرنا إِسماعيل بن علي، وغيره بإِسنادهم إِلى أَبي عيسى محمد بن عيسى قال: حدثنا أَحمد بن مَنِيع، حدثنا إِسماعيل بن إِبراهيم، عن أَيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: رأَيت في المنام كأَنما بيدي قطعة اسْتَبْرَق، ولا أُشير بها إِلى موضع من الجنة إِلا طارت بي إِليه، فقصصتها على حَفْصَة، فقصتها حَفْصَة على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ ـــ أَوْ: إِنَّ عَبْدَ الْلَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/ 638 كتاب المناقب (50) باب (44) حديث رقم 3825 قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح..

أَخبرنا الحافظ أَبو محمد القاسم بن أَبي القاسم عَلِيّ. إِجازة قال: أَخبرنا أَبي، أَخبرنا زاهر بن طاهر، أَخبرنا أَبو بكر البيهقي، حدثنا أَبو نَصْر بن قتادة، أَخبرنا أَبو أَحمد الحافظ، أَخبرنا أَبو العباس الثقفي، حدثنا قتيبة، حدثنا الخُنَيْسي ـــ يعني محمد بن يزيد ابن خُنَيْس، عن عبد العزيز بن أَبي رَوَّاده، عن نافع قال: خَرَج ابن عُمر في بعض نواحي المدينة، ومعه أَصحاب له؛ ووضعوا السَّفرة له، فمر بهم راعي غنم، فسلم، فقال ابن عمر: هَلُم يا راعي فأَصبْ من هذه السّفْرَة. فقال له: إِني صائم. فقال ابن عمر: أَتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سَمُومُه، وأَنت في هذه الحال ترعى هذه الغنم؟ فقال: والله إِني أُبَادرُ أَيامي هذه الخالية. فقال له ابن عمر ـــ وهو يريد أَن يختبر وَرَعَه ـــ: فهل لك أَن تبيعنا شاة من غنمك هذه فَنُعْطِيَك ثمنها ونعطيك من لحمها ما تفطر عليه؟ قال: إِنها ليست لي بغنم، إِنها غنم سيدي. فقال له ابن عمر: فما يفعل سيدك إِذا فقدها؟ فولّى الراعي عنه، وهو رافعٌ أَصبعه إِلى السماءِ، وهو يقول: فأَين الله؟ قال: فجعل ابن عمر يَردِّد قولَ الراعي، يقول: "قال الراعي فأَين الله؟" قال: فلما قدم المدينة بعث إِلى مولاه، فاشترى منه الغنم والراعي، فأَعتق الراعي ووهب منه الغنم.

قال: وأَخبرنا أَبي، أَخبرنا أَبو المعالي محمد بن إِسماعيل، حدثنا أَبو بكر البَيْهَقِي، أَخبرنا أَبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أَحمد بن سهل الفقيه، حدثنا إِبراهيم بن مَعْقل، حدثنا حَرْمَلَة، حدثنا ابن وَهْب قال: قال مالك: قد أَقام ابن عمر بعد النبي صَلَّى الله عليه وسلم ستين سنة يفْتَي الناس في الموْسم وغير ذلك، قال مالك: وكان ابن عمر من أَئمة المسلمين.

قال: وأَخبرنا أَبي، أَخبرنا أَبو بكر بن عبد الباقي، أَخبرنا أَبو محمد الجوهري، وأَخبرنا أَبو عمر بن حَيُّوية أَخبرنا أَبو بكر بن معروف، حدثنا الحسين بن القَهْم، حدثنا محمد بن سعد قال: "أَخْبرت عن مجالد، عن الشعبي قال: كان ابن عُمر جَيِّد الحديث، ولم يكن جيد الفقه".

وكان ابن عمر شديد الإِحتياط والتَّوقي لدينه في الفتوى، وكل ما تأخذ به نفسه، حتى إِنه ترك المنازعة في الخلافة مع كثرة ميل أَهل الشام إِليه ومحبتهم له، ولم يقاتل في شيءِ من الفتن، ولم يشهد مع علي شيئًا من حروبه، حين أَشكلت عليه، ثم كان بعد ذلك يندم على ترك القتال معه.

أَخبرنا القاضي أَبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أَبي جَرَادة، أَخبرنا عمي أَبو المجد عبد اللّه بن محمد، حدثنا أَبو الحسن علي بن عبد اللّه بن محمد بن أَبي جرادة، أَخبرنا أَبو الفتح عبد اللّه بن إِسماعيل بن أَحمد بن إِسماعيل بن سعيد، حدثنا أَبو النمر الحارث بن عبد السلام بن رَغْبان الحمصي، حدثنا الحسين بن خَالَويه، حدثنا أَبو بكر عبد اللّه بن محمد بن أَبي سعيد البزاز، حدثنا محمد بن الحسين بن يحيى الكوفي، حدثنا أَبو نعيم، حدثنا عبد اللّه بن ابن حَبِيب، أَخبرني أَبي، قال: قال ابن عمر حين حضره الموت: "ما أَجد في نفسي من الدنيا إِلا أَني لم أَقاتل الفئة الباغية".

أَخرجه أَبو عمر، وزاد فيه: "مع علي".

وكان جابر بن عبد اللّه يقول: "ما منا إِلا من مالت به الدنيا ومال بها، ما خلا عمر، وابنه عبد اللّه".

وقال له مَرْوان بن الحَكَم ليبايع له بالخلافة، وقال له: إِن أَهل الشام يريدونك. قال: فكيف أَصنع بأَهل العراق؟ قال: تقاتلهم. قال: والله لو أَطاعني الناس كلهم إِلا أَهل فدك". فإِن قاتلتهم يُقْتَل منهم رجل واحد، لم أَفعل. فتركه.

وكان بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يكثر الحج؛ وكان كثير الصدقة وربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين أَلفًا.

قال نافع: كان ابن عمر إِذا اشتدّ عجبه بشيءٍ من ماله قربه لربه، وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما لزم أَحدُهم المسجد، فإِذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أَعتقه، فيقول له أَصحابه: يا أَبا عبد الرحمن، والله ما بهم إِلا أَن يخدعوك! فيقول ابن عمر: من خدعنا بالله انخدعنا له.

قال نافع: ولقد رأَيتُنا ذات عَشِيَّة، وراح ابن عمر على نَجِيب له قد أَخذه بمال، فلما أَعجبه سيره أَناخه بمكانه، ثم نزل عنه، فقال: يا نافع، انزعوا عنه زمامه ورحْلَه وأَشْعِرُوه وجَلِّلوه وأَدخِلوه في البُدْن.

وقال نافع: دخل ابن عمر الكعبة، فسمعته وهو ساجد يقول: "قد تَعْلم يا ربي ما يمنعني من مزاحمة قريش على الدنيا إِلا خوفك".

وقال نافع: كان ابن عمر إِذا قرأَ هذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد/ 16] بكى حتى يغلبه البكاءُ.

وقال ابن عمر: "البِرّ شيءَ هَيّن: وجه طلق، وكلام لين".

وروى ابنُ عمر عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم فأَكثر. وروى عن أَبي بكر، وعمر، وعثمان، وأَبي ذر، ومعاذ بن جبل، ورافع بن خَدِيج، وأَبي هريرة، وعائشة.

[[وروى]] عنه ابن عباس، وجابر والأَغَر المُزَنِي من الصحابة. وروى عنه من التابعين بنوه: سالم، وعبد اللّه، وحمزة. وأَبو سلمة وحُمَيْد ابنا عبد الرحمن. ومُصْعَب ابن سعد، وسعيد المسيَّب، وأَسلم مولى عُمَر، ونافع مولاه، وخلق كثير.

أَخبرنا عبد اللّه بن أَحمد بن عبد القاهر الطُّوسِي، أَخبرنا أبو بكر بن بدران الحُلْواني، أَخبرنا أَحمد بن محمد بن يعقوب المعروف بابن قَفَرْجَل، حدثني جَدِّي محمد بن عُبَيْد اللّه ابن الفضل، حدثنا أَبو بكر محمد بن هارون بن حميد، حدثنا محمد بن سليمان بن حَبِيب، حدثنا حماد بن زيد، عن أَيوب، عن نافع، عن ابن عمر، رفعه قال: "كُلُّ مَسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الْدُّنْيَا وَمَاتَ وَهُوَ مُدْمِنُهَا، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهَا فِي الْآخِرَةِ"(*) أخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1587 كتاب الأشربة (36) باب (7) حديث رقم (73/ 2003، 77/ 2003، 74/ 2003) وباب (8) حديث رقم (76/ 2003، 77/ 2003، 78/ 2003)..

وأَخبرنا أَبو منصور مسلم بن علي بن محمد السِّيحي، أَخبرنا أَبو البركات محمد بن محمد بن خَمِيس الجُهَنِي المَوْصِلِي، أَخبرنا أَبو نصر أَحمد بن عبد الباقي بن طوق، حدثنا أَبو القاسم نصر بن أَحمد بن الخليل المَرْجِي، حدثنا أَبو يعلى حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا فضيل بن عياض، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد اللّه بن عمر قال: أَخذ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يومًا ببعض جسدي، وقال: "يا عبد اللّه، كن في الدنيا كأَنك غريب أَو كأَنك عابِرُ سبيل وعْدَّ نفسك في أَهل القبور"، ثم قال لي: "يا عبد اللّه بن عمر، فإِنه ليس ثَمَّ دينار ولا درهم، إِنما هي حسنات وسيئات، جزاءٌ بجزاءٍ، وقصاص بقصاص، ولا تتبرأَ من ولدك في الدنيا فيتبرأَ الله منك في الآخرة، فيفضحَك على رؤوس الأَشهاد، ومن جَرَّ ثوبه خُيَلاءَ لم ينظر الله إِليه يوم القيامة". (*)

توفي عبد اللّه بن عمر سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أَشهر، وكان سبب قتله أَن الحجاج أَمر رجلًا فسَمَّ زُجَّ رمح وزحمه في الطريق، ووضع الزَّجَّ في ظهر قدمه، وإِنما فعل الحجاج ذلك لأَنه خطب يومًا وأَخر الصلاة، فقال له ابن عمر: إِن الشمس لا تنتظرك. فقال له الحجاج: لقد هممت أَن أَضرب الذي فيه عيناك! قال: إِن تفعل فإِنك سفيه مُسَلَّط!.

وقيل: إِن الحجاج حَجَّ مع عبد اللّه بن عمر، فأَمره عبد الملك بن مَرْوان أَن يقتدي بابن عمر، فكان ابن عمر يتقدم الحجاج في المواقف بعرفة وغيرها، فكان ذلك يشق على الحجاج، فأَمر رجلًا معه حَرْبة مسمومة، فلَصِق بابن عمر عند دفع الناس، فوضع الحربة على ظهر قدمه، فمرض منه أَيامًا، فأَتاه الحجاج يعوده، فقال له: من فعل بك؟ قال: وما تصنع قال: قتلني الله إِن لم أَقتله! قال: ما أَراك فاعلًا! أَنت أَمرت الذي نخسني بالحربة! فقال: لا تفعل يا أَبا عبد الرحمن. وخرج عنه، ولبث أَيامًا، ومات وصلى عليه الحجاج.

ومات وهو ابن ست وثمانين سنة، وقيل: أَربع وثمانين سنة. وقيل: توفي سنة أَربع وسبعين. ودفن بالمُحَصَّب، وقيل: بذي طُوًى. وقيل: بفج. وقيل: بسَرِف.

قيل: كان مولده قبل المبعث بسنة، وهذا يستقيم على قول من يجعل مُقام النبي صَلَّى الله عليه وسلم بمكة بعد المبعث عشر سنين؛ لأَنه توفي سنة ثلاث وسبعين، وعمره أَربع وثمانون سنة، فيكون له في الهجرة إِحدى عشرة سنة، فيكون مولده قبل المبعث بسنة، وأَما على قول من ذهب إِلى أَن النبي صَلَّى الله عليه وسلم لم يُجِزْه يوم أُحُد، وكان له أَربع عشرة سنة، وكانت أُحُد في السنة الثالثة، فيكون له في الهجرة إِحدى عشرة سنة. وأَما على قول من يقول: إِن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أَقام بعد المبعث بمكة ثلاث عشرة سنة، وأَن عُمْر عبد اللّه أَربع وثمانون سنة، فيكون مولده بعد المبعث بسنتين. وأَما على قول من يجعل عمره ستًا وثمانين سنة، فيكون مولده وقت المبعث، والله أَعلم.
(< جـ3/ص 336>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال