تسجيل الدخول


عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن...

1 من 1
عبد الله بن عمر بن الخطاب:

عبد الله بن عمر بن الخطّاب بن نُفَيل القرشي العدويّ، أبو عبد الرّحمن، قد بلغْنَا في نَسَبِهِ عند ذِكْر أبيه [[عمر بن الخطّاب ـــ أمير المؤمنين رضي الله عنه ـــ ابن نفيل بن عبد العزَّى بن رباح بن عبد الله بن قُرْط بن رزاح بن عديّ بن كعب القرشيّ العدويّ]] <<من ترجمة عمر بن الخطاب "الاستيعاب في معرفة الأصحاب".>>، أمُّه وأم أخته حفصة ـــ زينب بنت مظعون بن حبيب الجمحي، أسلم مع أبيه وهو صغير لم يبلغ الحُلُم.‏‏ وقد قيل:‏ إِنَّ إِسلامه كان قبل إِسلام أبيه، ولا يصح‏. وكان عبد الله بن عمر يُنْكِر ذلك‏. وأصحُّ من ذلك قولهم:‏ إن هجرتَه كانت قبل هجرة أبيه، واجتمعوا أنه لم يشهد بَدْرًا، واختلف في شهوده أُحُدًا، والصّحيح أن أول مشاهدِه الخندق.

وقال الواقديّ: كان عبد الله بن عمر يوم بَدْر ممن لم يحتلم، فاستصغره رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم وردَّه، وأجازه يوم أحد. ويروى عن نافع أَنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم ردَّه يوم أُحُد، لأنه كان ابن أربعَ عشرة سنة، وأجازه يومِ الخندق، وهو ابنُ خمس عشرة.(*)

وقد رُوي حديث نافع على الوجهين جميعًا، وشهد الحديبية، وقال بعض أهل السّير: إنه أولَ مَنْ بايع يومئذ، ولا يصحّ، والصّحيح أَنْ مَنْ بايع رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم بالحديبية تحت الشّجرة بيعة الرّضوان أبو سنان الأسديّ.‏ وروى سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، قال:‏ أدرك ابن عُمر الفتْحَ، وهو ابنُ عشرين سنة ـــ يعني فتْحَ مكّة.

وكان رضي الله عنه من أهل الورَع والعلم، وكان كثير الاتّباع لآثارِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. شديدَ التحرِّي والاحتياط والتوقّي في فَتْواه، وكلّ ما يأخذ به نفسه، وكان لا يتخلَّفُ عن السّرايا على عَهْدِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم كان بعد موته مُولعًا بالحج قبل الفتنة، وفي الفِتْنة، إلى أن مات، ويقولون:‏‏ إنه كان من أعلم الصّحابة بمناسك الحجّ‏.

وقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لزوجه حفصة بنت عمر: ‏"إنَّ أَخَاكِ عَبْدُ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللّيلِ‏" أخرجه البخاري في الصحيح 9/ 47، والترمذي في السنن حديث رقم 3825، وأحمد في المسند 2/ 5، والبيهقي في الدلائل 7/ 14، وذكره ابن حجر في فتح الباري 12/ 403، والتبريزي في مشكاة المصابيح حديث رقم 6187.،‏ فما ترك ابنُ عمر بعدها قيامَ اللّيل‏.(*)‏ وكان رضي الله عنه لورَعِه قد أشكلت عليه حروبُ عليّ رضي الله عنه، وقعد عنه، وندم على ذلك حين حضرته الوفاة، وسنذكر ذلك في آخر الباب إن شاء الله تعالى.

وذكر عمر بن شبة، قال:‏‏ حدّثنا عمر بن قُسَيط، حدّثنا أبو الْمُلَيْح الرَّقي، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر أنه دخل عليه رجلٌ فسأله عن تلك المشاهد، فقال:‏ كفَفْتُ يدي، فلم أقدم، والمقاتلُ على الحق أفضلُ.

وقال جابر بن عبد الله‏:‏ ما منّا أَحَدٌ إلا مالت به الدّنيا، ومال بها، ما خلا عمر وابنه عبد الله‏.

وقال ميمون بن مهران:‏ ما رأيت أورع من ابن عمر، ولا أعلم من ابن عبَّاس. وروى ابن وهب، عن مالك، قال: بلغ عبد الله بن عمر ستًّا وثمانين سنة، وأَفْتَى في الإسلام ستين سنة، ونشر نافع عنه عِلْمًا جمًّا.

أنبأنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا أحمد، حدّثنا الدّيلي، حدّثنا عبد الحميد بن صبيح، حدّثنا يوسف بن الماجشون، عن أبيه وغيره أَنْ مَرْوَان بن الحكم دخل في نفَر على عبد الله بن عمر بعدما قُتِل عثمان، فعرضوا عليه أن يُبَايعوا له، قال: وكيف لي بالنّاس؟ قال: ‏تقاتلهم ونقاتلهم معك. فقال: واللهِ لو اجتمع عليَّ أهلُ الأرض إلَّا أَهلَ فَدَك ما قاتلتهم. قال: فخرجوا من عنده ومروان يقول: [البسيط]
................ وَالمُلْكُ بَعْدَ أَبِِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا

قال أبو عمر: مات عبد الله بن عمر بمكة سنة ثلاث وسبعين، لا يختلفون في ذلك، بعد قَتْلِ ابن الزّبير بثلاثة أشهر أو نحوها. وقيل: لستة أشهر. وكان أوصى أن يدْفنَ في الحلّ، فلم يقدر على ذلك من أجلِ الحجّاج، ودفن بذي طُوىً في مقبرة المهاجرين، وكان الحجّاجَ قد أمر رجلًا فسمَّ زُجَّ رمح، وزحمه في الطّريق ووضَع الزجّ في ظهر قدمِه، وذلك أَنَّ الحجاج خطب يومًا وأَخَّر الصَّلاة؛ فقال ابن عمر: إن الشّمس لا تنتظرك، فقال له الحجّاج: لقد هممتُ أَنْ أضْربَ الذي فيه عيناك. قال: إن تفعل فإنك سفيه مسلَّط. وقيل: إنه أَخْفَى قوله ذلك عن الحجّاج، ولم يسمعه، وكان يتقدّم في المواقف بعرفة وغيرها إلى المواضع التي كان النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وقف بها، فكان ذلك يعزُّ على الحجّاج، فأمر الحجّاجُ رجلًا معه حَرْبة يقال: إنها كانت مسمومة، فلما دفع النّاسُ من عرفة لصق به ذلك الرّجل، فأمَرَّ الحربة على قدمه، وهي في غرز راحِلَتِهِ، فمرض منها أيامًا، فدخل عليه الحجّاج يعوده، فقال له: مَنْ فعل بك يا أَبا الرّحمن؟ فقال: ما تصنع به؟ قال: قتلني الله إن لم أقتله. قال: ما أراك فاعلًا، أنْتَ الذي أمرْتَ الذي بخسني بالحربة. فقال: لا تفعل يا أبا عبد الرّحمن. وخرج عنه. ورُوي أنه قال للحجّاج ـــ إذ قال له: مَنْ فعل بك ـــ قال: أنت الذي أَمَرْت بإدخال السّلاح في الحرم، فلبث أيّامًا، ثم مات، وصلّى عليه الحجّاج.

حدّثنا أبو القاسم خلف بن القاسم الحافظ، قال: حدّثنا عبد الله بن عمر بن إسحاق بن معمر الجوهري، قال: حدّثنا أبو جعفر أَحمد بن محمد بن الحجاج بن رِشْدين، قال: حدّثنا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي، قال: حدّثنا أسباط بن محمد، قال حدّثنا عبد العزيز بن سِيَاه، عن حبيب بن أَبي ثابت، عن عبد الله بن عمر، قال: ما آسى على شيء إلا أني لم أُقاتلْ مع عليّ رضي الله عنه الفِئة الباغِيَة.

وحدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا ابن الورد، حدّثنا يوسف بن يزيد، حدّثنا أسد بن موسى، حدّثنا أسباط بن محمد، عن عبد العزيز بن سِيَاه، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: قال ابن عمر: ما أجِدُني آسَى على شيء فاتني من الدُّنيا إلَّا أني لم أقاتلْ الفئة الباغية مع عليّ‏.

وذكر أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدّثنا أبو القاسم بن دُكَين، وأبو أحمد الزّبيري، قالا: حدّثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، عن ابن عمر أنه قال ـــ حين حضرته الوفاة: ما أجِد في نفسي من أمْرِ الدّنيا شيئًا، إلا أني لم أقاتلْ الفئةَ الباغية مع عليّ بن أَبي طالب.

وقال: حدّثنا أَبو أحمد، حدّثنا عبد الجبار بن العبّاس، عن أبي العنبس، عن أَبي بكر بن أبي الْجهم، قال: سمعت ابن عمر يقول: ما آسىَ على شيء إلا ترْكي قتالَ الفئة الباغية مع عليّ.
(< جـ3/ص 80>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال