تسجيل الدخول


عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن...

1 من 1
عبد الله بن عمر: بن الخطاب بن نُفيل القرشي العدوي، يأتي نَسَبُه في ترجمة أخيه، أبو عبد الرحمن.

أمه زينب بنت مظعون الْجُمَحية. وُلد سنة ثلاث من المبعث النبوي فيما جزم به الزُّبَيْرُ بن بَكَّارٍ، قال: هاجر وهو ابنُ عشر سنين. وكذا قال الواقدي حيث قال: مات سنة أربع وثمانين. وَقَالَ ابْنُ مَنْدَه: كان ابْنَ إحدى عشرة ونصف. ونقل الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ عن مالك أنه مات وله سبع وثمانون سنة؛ فعلى هذا كان له في الهجرة ثلاث عشرة. وقد ثبت عنه أنه كان له يوم بَدْر ثلاث عشرة، وبَدْر كانت في السنة الثانية.

وأسلم مع أبيه وهاجَرَ وعُرض على النبي صَلَّى الله عليه وسلم ببَدْر فاستصغره ثم بأحُد فكذلك ثم بالخَنْدَق فأجازه، وهو يومئذ ابنُ خمس عشرة سنة كما ثبت في الصحيح.

وَأخْرَجَ الْبَغَوِيُّ في ترجمته، من طريق علي بن زيد، عن أنس وسعيد بن المسيب، قالا: شهد ابن عمر بَدْرًا. ومن طريق مطرف، عن ابن إسحاق، عن البراء: عرضت أنا وابن عمر يوم بَدْر فردَّنا، وحفظ وقت إسلام أبيه كما أخرج البخاري مِنْ طريق عبد الله.

وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: أسلم مع أبيه، ولم يكن بلغ يومئذ. وأخرج من طريق أبي إسحاق: رأيت ابن عُمر في السعي بين الصفا والمروة، فإذا رجل ضخم آدَم، وهو من المُكْثِرين عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم.

وروى أيضًا عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأبي ذَرّ، ومعاذ، وعائشة وغيرهم.

وروى عنه من الصحابة: جابر، وابن عباس، وغيرهما؛ وبنوه: سالم، وعبد الله، وحمزة، وبِلاَل، وزيد، وعبد الله؛ وابن أخيه حفص بن عامر؛ ومن كبار التابعين: سعيد ابن المسيب، وأسلم مولى عمر، وعلقمة بن وَقاص، وأبو عبد الرحمن النَّهْدي، ومسروق، وجُبير بن نُفَير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى في آخرين؛ وممَّنْ بعدهم مواليهم: عبد الله بن دينار، ونافع، وزيد، وخالد بن أسلم؛ ومن غيرهم: مصعب بن سَعْد، وموسى بن طلحة، وعروة بن الزبير، وبشر بن سعيد، وعطاء، وطارق، ومجاهد، وابن سيرين، والحسن، وصفوان بن محرز، وآخرون.

وفي الصحيح عن سالم عن ابن عمر: كان مَنْ رأى رُؤيا في حياة النبي صَلَّى الله عليه وسلم قَصّها عليه، فتمنيتُ أن أرَى رؤيا، وكنت غلامًا شابًّا عزبًا أنام في المسجد، فرأيتُ في المنام كأن ملكين أتياني فذهبا بي... الحديث. وفي آخره: فقصصتها على حَفْصة، فقصتها حفصةُ على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "نِعمَ الرَّجُلُ عَبْدُ الله لَوْ كَانَ يُصلِّي من الليل"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 2/ 61، 69، 5/ 31، ومسلم في الصحيح 4/ 1928، كتاب فضائل الصحابة (44) باب (31) حديث رقم (140/ 2479)، وأحمد في المسند 2/ 146، والدارمي في السنن 2/ 127، وعبد الرزاق في المصنف حديث رقم 1645، وأبو نعيم في الحلية 1/ 303، وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 23403، 33515. فكان بَعْدُ لا ينام من الليل إلا القليل.

وفي الصحيح أيضًا عن نافع، عن ابن عُمر: فرأيت في يدي سَرَقة من حَرِير، فما أهْوِي بها إلى مكان من الجنة إلا طارت بي إليه، فقصصتها على حفصة فقصّتها على النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "إنَّ أخَاكِ أوْ إنَّ عَبْدَ الله رَجُلٌُ صَالِح".(*)

وفي "الزُّهْدِ" لأحمد، مِنْ طريق إبراهيم النخعي، قال: قال عبد الله ـــ يعني ابن مسعود: إنَّ أملكَ شباب قريش لنفسه في الدنيا عبد الله بن عمر.

وَأخْرَجَهُ أبُو الطَّاهِرِ، والذهلي في فوائده، من طريق ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله بمعناه، فوصله، ولفظه: لقد رأيتنا ونحن متوافِرون، فما بيننا شابٌّ هو أملك لنفسه من عبد الله بن عمر.

وَأخْرَجَ أبُو سَعِيد بن الأعرابي بسندٍ صحيح ـــ وهو في الغيلانيات والمحامليات، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن جابر: ما منَّا مِنْ أحد أدركَ الدنيا إلا مالَتْ به ومال بها غَيْر عبد الله بن عمر.

وفي تاريخ أبي العباس السراج بسندٍ حسن عن السدى: رأيت نَفَرًا من الصحابة كانوا يرون أنه ليس أحدٌ فيهم على الحالة التي فارق عليها النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم إلا ابْنَ عمر.(*)

وَفِي "الشُّعَبِ" للبيهقي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: مات ابْنُ عمر وهو مثل عُمر في الفضل. ومِن وجه آخر عن أبي سلمة: كان عُمر في زمان له فيه نظراء وكان ابن عمر في زمان ليس له فيه نظير.

وفي معجم البغَوي بسندٍ حسن عن سعيد بن المسيب: لو شهدتُ لأحد من أهل الجنة لشهدتُ لابن عمر. ومن وجهٍ صحيح: كان ابنُ عمر حين مات خَيْرَ من بقي.

وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ أبِي سُفْيَانَ: حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن طاوس: ما رأيتُ رجلًا أوْرَع من ابْنِ عمر.

وأخرج السّراج في "تاريخه"، وأبو نُعَيْم من طريقه بسند صحيح، عن ميمون بن مهران، قال: مَرَّ أصحابُ نجدة الحَرُوري بإبل لابن عمر، فاستاقوها فجاء الراعي، فقال: يا أبا عبد الرحمن، احتسب الإبل، وأخبره الخبر. قال: فكيف تركوك؟ قال: انفلَتّ منهم لأنك أحبّ إليَّ منهم، فاستحلفه، فحلف؛ فقال: إني أحتسبك معها، فأعتقه، فقيل له بعد ذلك: هل لك في ناقتك الفلانية؟ تباع في السوق، فأراد أن يذهبَ إليها، ثم قال: قد كنت احتسبتُ الإبل، فلأيّ معنى أطلب الناقة؟.

ومن طريق عبد الله بن أبي عثمان، قال: أعتق عبد الله بن عمر جاريةً له يقال لها رِمْثَه كان يحبّها، وقال: سمعت الله تعالى يقول: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّّى تُنفِقُوا ِممَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]

وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أنبأنا عمر بن محمد بن زيد أن أباه أخبره أنَّ عبد الله بن عمر كان له مِهْرَاس فيه ماءٌ فيصلى ما قدر له، ثم يصير إلى الفراش فيُغْفى اغفاءَ الطائر، ثم يقوم فيتوضأ، ثم يصلي فيرجع إلى فِرَاشه فيُغْفى إغفاءَ الطائر، ثم يثب فيتوضّأ ثم يصلّي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسًا.

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ، من طريق عاصم بن محمد العمري، عن أبيه، قال: أعطي عبد الله ابن جعفر في نافع لعبد الله بن عمر عشرة آلاف درهم أو ألف دينار، فقيل له: ماذا تنظر؟ قال: فهلاّ ما هو خير من ذلك؟ هو حُرّ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أنبأنا معمر، عن الزّهري، عن سالم، قال: ما لعن ابنُ عمر خادمًا قط إلا واحدًا، فأعتقه.

وبه عن الزُّهري: وأراد ابنُ عمر أن يلعن خادمًا فقال: اللهم الع، فلم يتمّها، وقال: إنها كلمة ما أحِبُّ أن أقولَها.

وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن نافع: إن ابن عمر اشتكى فاشْتري له عنقودٌ بدرهم، فأتاهُ مِسكين، فقال: أعطوه إياه، فخالف إنسان فاشتراه منه بدرهم، ثم جاء به إليه، فجاءه السّائل فقال: أعطوه إياه، فخالف إنسان آخر، فاشتراه بدرهم، ثم أراد أن يرجع فمنع، ولو علم ابْنُ عمر بذلك لما ذاقَه.

وَقَالَ عَبْدُ الرزّاقِ: أنبأنا معمر، عن الزّهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، قال: لو أن طعامًا كثيرًا كان عند ابن عمر لما شبع منه بعد أن يجدَ له آكلًا.

وَقَالَ الخَرَائِطِيُّ: حدّثنا أحمد بن منصور، حدّثنا عليّ بن عبد الله، حدّثنا ابن مهدي، عن العمري، عن زيد بن أسلم، قال: جعل رجل يسبُّ ابْنَ عمر وابنُ عمر ساكت، فلما بلغ بابَ داره التفت إليه، فقال: إني وأخي عاصمًا لا نسبُّ الناسَ.

وَقَالَ يَعقوب بن سفيان: حدّثنا قبيصة، حدّثنا سفيان عن أبي الدارع، قلت لابن عُمر: لا يزال الناسُ بخير ما أبقاك الله لهم؛ فغضب وقال: إني لأحسبك عِرَاقيًا، وما يدريك علام أُغلق بابي؟.

وَأَخْرَجَ البَغَوِيُّ، من طريق ابن القاسم، عن مالك، قال: أقام ابنُ عمر بعد النبي صَلَّى الله عليه وسلم ستين سنة يقدم عليه وفودُ الناس. وأخرجه البَيْهَقِيُّ في المدخل مِنْ طريق إبراهيم بن دِيْزيل، عن عتيق بن يعقوب، عن مالك، عن الزّهري؛ وزاد: فلم يَخْفَ عليه شيء من أَمرِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولا أصحابه.

وأخرجه ابن منده، من طريق الحسن بن جرير، عن عتيق؛ فلم يذكر الزهري.

وأخرج يعقوب بن سفيان من طريق ابن وَهْب عن مالك نحوه؛ وزاد: وكان ابن عمر من أئمةِ الدين.

ومن طريق حُميد بن الأسود، عن مالك: كان إمامَ الناس عندنا بعد عمر زيد بن ثابت، وكان إمام الناس عندنا بعد زيد ـــ ابن عمر.

وَأَخْرَجَ البَيْهَقِي من طريق يحيى بن يحيى، قلت لمالك: أسمعْتَ المشايخ يقولون مَنْ أخذ بقول ابْنِ عُمر لم يَدَعْ من الاستقصاء شيئًا؟ قال: نعم.

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي "الزُّهْدِ" عن حَيْوَة بن شريح، عن عقبة بن مسلم ـــ أن ابْنَ عمر سُئل عن شيء فقال: لا أدري. ثم قال: أتريدون أن تجعلوا ظهورَنا جسورًا في جهنم؟ تقولون: أَفْتَانَا بهذا ابنُ عمر.

وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: وكان ابن عمر يحفَظُ ما سمع من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ويسأل مَنْ حضر إذا غاب عن قوله وفِعْلِهِ، وكان يتبع آثارَه في كل مسجد صلّى فيه، وكان يعترض براحلته في طريق رَأَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عرض ناقته، وكان لا يترك الحجَّ، وكان إذا وقف بعَرَفة يقِفُ في الموقف الذي وقف فيه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم.

وَأَخْرَجَ البَغَوِيُّ، من طريق محمد بن بشر، حدّثنا خالد، حدّثنا سعيد ـــ وهو أخو إسحاق بن سعيد، عن أبيه: ما رأيتُ أحدًا كان أشد إتِّقاءً للحديث عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من ابن عمر.

ومن طريق ابن جريج عن مجاهد: صحبْتُ ابنَ عمر إلى المدينة فما سمعتُه يحدِّثُ عن النّبي صَلَّى الله عليه وسلم حديثًا واحدًا.

وفي "الزُّهْدِ" للبيهقي بسندٍ صحيح عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر: سمعْتُ أبي يقول ما ذكر ابنُ عمر رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلا بكى، ولا مَرّ على ربعهم إلا غمض عينيه.

وَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ هذا الوجه في تاريخ أبي العباس السَّرَّاج بسندٍ جيد عن نافع: كان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] يبكي حتى يغلبه البكاء.

وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ بسند صحيح قيل لنافع: ما كان ابن عمر يصنع في منزله؟ قال: الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما. وعند الطَّبَرَانِيّ ـــ وهو في الحلية بسند جيد عن نافع ـــ أن ابنَ عمر كان يُحيي الليل صلاة، ثم يقول: يا نافع، أَسْحَرنا، فيقول: لا، فيعاود، فإذا قال نعم قعد يستغفر الله حتى يصبح.

ومن طريق أخرى، عن نافع: كان ابنُ عمر إذا فاتته صلاة العشاء في الجماعة أَحْيا بقيةَ ليله وعند البيهقي: إذا فاتته صلاةٌ في جماعة صلَّى إلى الصّلاة الأخرى. وفي "الزُّهْدِ" لابن المبارك: أنبأنا عمر بن محمد بن زيد، أنَّ أباه أخبره أن ابن عمر كان يصلّي ما قدر له، يأوي إلى فراشه، فيُغْفِي إغفاءَ الطائر، ثم يقوم فيتوضّأ ويصلي ثم يرجع؛ فكان يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسًا.

وفي "الزُّهْدِ" لأحمد، عن ابن سيرين: كان ابن عمر كلما استيقظ من الليل صلّى.

وعند ابن سعد بسند جيد عن نافع: أنَّ ابنَ عمر كان لا يصوم في السّفر، ولا يكاد يفطر في الحضر. ومن طريق أخرى عن نافع أيضًا قال: كانت لابن عمر جاريةٌ معجبة، فاشتد عَجَبُه بها، فأعتقها وزوَّجها مولى له، فأتت منه بولد، فكان ابن عمر يأخذ الصبي فيقبّله ثم يقول: واهًا لريح فلانة.

وعند البيهقي من طريق زيد بن أسلم: مَرَّ ابن عمر براعٍ فقال: هل من جَزرة؟ قال: ليس ههنا ربها. قال: تقول له: إن الذئب أكلها. قال: فاتَّقِ الله، فاشترى ابنُ عمر الراعي والغنم وأعتقه ووهبها له.

قَالَ الْبُخَارِيُّ "في التاريخ" حدثني الأوَيسي، حدثني مالك أنَّ ابنَ عمر بلغ سبعًا وثمانين سنة. وقال غير مالك: عاش أربعًا وثمانين؛ والأول أثبت، وقال ضمرة بن ربيعة في تاريخه: مات سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين، وجزم مرة بثلاث؛ وكذا أبو نعيم ويحيى بن بكير والجمهور؛ وزاد بعضهم في ذي الحجة. وقال الفلاس مرة: سنة أربع، وبه جزم خليفة وسعيد بن جُبير وابن زَبْر.
(< جـ4/ص 155>)
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال