1 من 2
البَرَاء بن عَازِب
ابن الحارث بن عَدِيّ بن جُشَم بن مَجْدَعة بن حارثة بن الحارث بن الخَزْرَج، وأمّه حَبِيبَة بنت أَبِي حَبِيبة بن الحُباب بن أَنَس بن زَيْد بن مالك بنِ النجّار بن الخزرج. ويقال بل أمّه أمّ خالد بنت ثابت بن سِنان بن عُبيد بِن الأَبْجر وهو خُدْرَة. فَوَلَدَ البَرَاءُ يزيدَ وعُبَيْدًا ويُونُسَ وعازِبَ ويحيَى وأمَّ عبد الله ولم تُسَمّ لنا أمّهم.
قال: أخبرنا وَكِيع بن الجَرّاح، عن إسرائيل وأبيه عن أبي إسحاق قال: وأخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق أنّ البراء بن عازب كان يُكنى أبا عُمارة.
قالوا: وكان عازب قد أسلم أيضًا، وكانت أمّه من بني سُليم بن منصور، وكان له من الولد البراء وعُبيد وأمّ عبد الله، مُبايِعَةٌ، وأمّهم جميعًا حَبِيبة بنت أَبِي حَبِيبة بن الحُباب.
ويقال بل أمّهم أمّ خالد بنت ثابت. ولم نسمع لعازب بذكر في شيء من المغازي وقد سمعنا بحديثه في الرَّحل الذي اشتراه منه أبو بكر.
قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق عن البَرَاء قال: اشترى أبو بكر من عازب رَحلًا بثلاثة عشر درهمًا فقال أبو بكر لعازب: مُرِ البراء فَلْيَحْمِلْه إلى رَحلي، فقال له عازب: لا، حتى تُحَدّثَنا كيف صنعتَ أنت ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حين خرجتما والمشركون يطلبونكم. قال: أدلجنا من مكّة فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميتُ ببصري هل أرى من ظلّ نَأوي إليه، فإذا أنا بصخرة فانتهيتُ إليها فإذا بقيّة ظلِّ لها، فنظرتُ إلى بقيّة ظِلّها فسوّيتُه ثمّ فرشتُ لرسول صَلَّى الله عليه وسلم، فيه فَرْوَةً ثمّ قلتُ: اضطجع يا رسول الله، فاضطجع ثمّ ذهبتُ أنْفُضُ ما حولي هل أرى من الطّلَبِ أحدًا، فإذا أنا براعٍ يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي نريد، يعني الظلّ، فسألتُه: لمن أنت يا غلام؟ قال: لرجلٍ من قريش، فسمّاه لي، فعرفته فقلتُ: وهل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلتُ: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم. قال: فأمرتُه فاعتقل شاةً من غنمه ثمّ فأمرتُه أن ينفض كفّيه، فقال هكذا، فضرب إحدى يديه بالأخرى فحلب لي كُثْبَةً من لبن وقد رويتُ لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، معي إداوة على فمها خِرْقة فصببتُ على اللبن حتى برد أسفله، فأتيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فوافقتُه قد استيقظ فقلتُ: اشرب يا رسول الله. فشرب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى رضيتُ.
ثمّ قلتُ: قد أَنَى الرّحيل يا رسول الله. فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يُدْرِكْنا أحد منهم غير سُراقة بن مالك بن جُعْشَم على فرس له، فقلتُ: هذا الطّلَبُ قد لحقَنا يا رسول الله، فقال: "لا تَحْزَنْ إنّ الله معنا". فلمّا دنا فكان بينه وبيننا قيد رُمْحَينِ أو ثلاثة قلتُ: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، وبكيتُ فقال: "ما يُبكيك"؟ قلتُ: أما والله ما على نفسي أبْكي، ولكني أبكي عليك. قال فدعا عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "اللهمّ اكْفِناه بما شئتَ". قال فساخت به فرسُه في الأرض إلى بطنها فوثب عنها ثمّ قال: يا محمد قد علمتُ أنّ هذا عَمَلُك فادْعُ الله أن يُنَجيَني ممّا أنا فيه، فوالله لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ ورائي من الطلب وهذه كِنانتي فخُذ سهمًا منها فإنّك ستمرّ على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك. فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لا حاجة لنا في إبلك". ودعا له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فانطلق راجعًا إلى أصحابه.
ومضى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأنا معه حتى قدمنا المدينة ليلًا، فَتَنَازَعَهُ القومُ أيّهم ينزل عليه فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إني أنزل الليلةَ عَلَى بَني النَّجَّار أخوال عبد المطّلب أكْرِمُهم بذلك". وخرج الناس حين دخلنا المدينة في الطريق وعلى البيوت، والغلمان والخَدَم يقولون: جاء محمد، جاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الله أكبر، جاء محمد، جاء رسول الله.
فلمّا أصبح انطلق فنزل حيث أُمِرَ.(*) قال وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [سورة البقرة: 144].
فَوُجّهِ نحو الكعبة. قال: وقال السّفَهاءُ من النّاس: ما وَلاّهُم عن قِبْلَتِهِمُ التي كانوا عَلَيْها فأنزل الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سورة البقرة: 142].
قال: وصلّى مع النبيّ رجل، ثمّ خرج بعدما صلّى فمرّ على قومٍ من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال: هو يشهد أنّه صلّى مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأنّه وُجِّه نحو الكعبة. فَتَحَرَّف القوم حتى وجّهوا نحو الكعبة(*).
قال البراء: وكان أوّل من قدم علينا من المهاجرين مُصْعَب بن عُمَيْر أخو بَنِي عبد الدَّار بن قُصَيّ فقلنا له: ما فعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فقال: هو مكانَه وأصحابه على أثري. ثمّ أتَى بعده عَمْرو بن أمّ مَكْتوم أخو بني فِهْر الأعمى فقلنا له: ما فعل من ورائك رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأصحابهُ؟ قال: هم أُولَاء على أثري. قال: ثمّ أتانا بعده عَمَّار بن ياسر وَسعْد بن أَبِي وَقَّاص وعبد الله بن مسعود وبِلاَل، ثمّ أتانا بعدهم عمر بن الخطّاب في عشرين راكبًا، ثمّ أتانا بعدهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبو بكر معه.
قال البراء: فلم يقدم علينا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى قرأتُ سُورًا من المفصّل ثمّ خرجنا نَتَلَقّى العير فوجدناهم قد حَذروا.
قال: أخبرنا عبد الله بن نُمَير قال: حدّثنا الأعمش، عن أبي إسحاق عن البَرَاء قال: اسْتُصْغِرْتُ أنا وابن عمر يومَ بدر فلم نشهدها.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شَرِيك بن عبد الله، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: استصغرني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أنا وابن عمر فردّنا يوم بدر(*).
قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، عن شُعْبة، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: اسْتُصْغِرْنا يومَ بدر أنا وابن عمر(*).
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا شُعْبة قال: أخبرنا أبو إسحاق قال: سمعتُ البراء يقول: ما قدم علينا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى قرأتُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [سورة الأعلى: 1]، في سُوَرٍ من المفصّل(*).
قال: أخبرنا الحسن بن موسى قال: حدّثنا زُهير، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: صغرتُ أنا وعبد الله بن عمر يوم بدر(*).
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال:سمعتُ البراء يقول: غزوتُ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خمس عشرة غزوة وأنا وعبد الله بن عمر لِدَةٌ(*).
قال: أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدّثنا حُدَيج بن معاوية، عن أبي إسحاق قال: سمعتُ البراء بن عازب يقول: غزوتُ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خمس عشرة غزوة(*).
قال: أخبرنا هشام أبو وليد الطَّيَالِسيّ قال: حدّثنا ليث بن سعد قال: حدّثني صَفْوان ابن سُليم، عن أبي بُسْرة، عن البَرَاء بن عازب قال: صحبتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثمانية عشر سفرًا فلم أرَهُ ترك ركْعتين قبل الظهر(*).
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا عبد الملك بن سليمان، عن صفوان بن سُليم، عن أبي بُسْرة الجُهَني قال: سمعتُ البراء بن عازب يقول: غزوتُ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثماني عشرة غزوة ما رأيتُه ترك ركعتين، حين تَزيغُ الشمسُ، في حَضَر ولا سَفَر(*).
قال محمد بن عمر: أجاز رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، البراء بن عازب يومَ الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة ولم يُجِزْ قبلها(*).
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا يونس بن أبي إسحاق وشُعبة ومالك عن أبي السَّفَر قال: رأيتُ علي البراء بن عازب خاتم ذهب.
قال محمد بن عمر: ونزل البراء الكوفة وتوفّي بها أيّام مُصْعَب بن الزبير وله عَقِبٌ، وروى البَرَاءُ عن أبي بكر.
(< جـ5/ص 282>)
2 من 2
البَراء بن عازب
ابن الحارث الأنصاري من بني حارثة بن الحارث من الأوس ويكنى أبا عُمارة. نزل الكوفة وابتنى بها دارًا.
قال محمد بن عمر: ثم صار إلى المدينة فمات بها.
وقال غيره: تُوفْي في زمن مصعب بن الزّبير، وله عقب بالكوفة. وقد روى عن أبي بكر الصدّيق.
(< جـ8/ص 139>)