تسجيل الدخول


عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس

روى المُغيرة بن حكيم قال: قالت لي فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: يا مغيرة إني قد أُرى أنّه يكون في الناس من هو أكثر صلاةً وصومًا من عمر؛ فأمّا أن أكون رأيتُ رجلًا أشدّ فَرَقًا من ربّه من عمر فإنّي لم أره، كان إذا صلّى العشاء الآخرة ألقى نفسه في مسجده، فيدعو ويبكي حتى تغلبه عينه، ثمّ ينتبه فيدعو ويبكي حتى تغلبه عينه، فهو كذلك حتى يصبح.
وروى عبيد الله بن محمد التيمي قال: سمعتُ أبي وغيره يحدّث أنّ عمر بن عبد العزيز لما وُلي منع قرابته ما كان يُجْرى عليهم، وأخذ منهم القطائع التي كانت في أيديهم، قال: فشكوه إلى عمّته أمّ عمر، قال: فدخلتْ عليه فقالت: إنّ قرابتك يشكونك، ويزعمون ويذكرون أنّك أخذت منهم خير غيرك، قال: ما منعتُهم حقًّا، أو شيئًا كان لهم، ولا أخذت منهم حقًّا، أو شيئًا كان لهم، فقالت: إني رأيتُهم يتكلّمون وإني أخاف أن يهيجوا عليك يومًا عصيبًا، فقال: كلّ يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني اللُّه شرّه، قال: فدعا بدينار، وخَبَث، ومِجْمَرة فألقى ذلك الدينار في النار، وجعل ينفخ على الدينار، حتى إذا احمرّ تناوله بشيء فألقاه على الخبث فَنَشَّ وقتّر فقال: أيْ عمّةِ، أما تأوين لابن أخيك من مثل هذا؟ قال: فقامت فخرجت على قرابته فقالت تزوّجون إلى آل عمر فإذا نزعوا الشِّبْهَ جزعتم؟ اصْبروا له.
وروى عمر بن مجاشع قال: خرج عمر بن عبد العزيز يومًا إلى المسجد، فخطر خطرة بيده ثمّ أمسك وبكى، قالوا: ما أبكاك يا أمير المؤمنين؟ قال: خطرتُ بيدي خطرةً خفتُ أن يَغُلّها الله في الآخرة.
وروى سفيان، عن رجل قال: نال رجل من عمر بن عبد العزيز فقيل له: ما يمنعك منه؟ فقال: إنّ المُتّقي مُلْجَم.
وروى عبد الله بن جعفر قال: قال سفيان: قالوا لعبد الملك بن عمر بن عبد العزيز: أبوك خالَف قومه، وفعل، وصنع، فقال: إنّ أبي يقول: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [سورة الأنعام: 15]، قال ثمّ دخل على أبيه فأخبره فقال: فأيّ شيء قلتَ، ألا قلتَ إنّ أبي يقول: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}؟ قال: قد فعلتُ.
وروى يزيد بن عياض بن جُعْدُبة قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى سليمان بن أبي كَريمة: إنّ أحقّ العباد بإجْلال الله، والخَشْية منه مَن ابتلاه بمثل ما ابتلاني به، ولا أحد أشدّ حسابًا، ولا أهْون على الله إن عصاه مني، فقد ضاق بما أنا فيه ذرعي، وخفتُ أن تكون منزلتي التي أنا بها هلاكًا لي؛ إلاّ أن يتداركني الله منه برحمة، وقد بلغني أنّك تريد الخروج في سبيل الله، فأحبّ يا أخي إذا أخذتَ موقفك أن تدعو الله أن يرزقني الشهادة، فإنّ حالي شديدة وخطري عظيم، فأسأل الله الذي ابتلاني بما ابتلاني به أن يرحمني ويعفو عني.
وروى الحسن بن أبي العَمَرّطة قال: رأيتُ عمر بن عبد العزيز قبل أن يُسْتخلف فكنتَ تعرف الخير ــ أي أثر النعيم والترف ــ في وجهه، فلمّا استُخلف رأيت الموت بين عينيه.
وروى عُبيدة بن عُقبة أنّه دخل على فاطمة بنت عبد الملك فقال لها: ألا تخبريني عن عمر بن عبد العزيز؟ فقالت: ما أعلم أنّه اغتسل من جنابة ولا من احتلام مذ استخلفه الله حتى قبضه.
وروى أبو الحُوّاريّ قال: حدّثنا هشام أنّ فاطمة بنت عبد الملك بعثت إلى رجل من الفقهاء فقالت: إنّي أخاف أن لا يسع أمير المؤمنين ما يصنع قال: وما ذاك؟ قالت: ما كان من أهله بسبيل منذ وُليّ، فلقي الرجل عمر فقال: يا أمير المؤمنين بلغني شيء أخاف أن لا يسعك، قال: وما ذاك؟ قال: أهلك لهم عليك حقّ، فقال عمر: وكيف يستطيع رجل أن يأتي ذاك وأمرُ أمّةِ محمد في عنقه، أللهُ سائله عنها يوم القيامة؟.
وروى مَزْيَد بن حَوْشَب أخو العوّام قال ما رأيتُ أخْوَف من الحسن، وعمر بن عبد العزيز كأنّ النار لم تُخْلَقْ إلاّ لهما.
وروى سَبرة بن عبد العزيز بن الربيع قال: حدّثني أبي، عن أبيه قال: قال عمر بن عبد العزيز يومًا والله لوددتُ لو عدلتُ يومًا واحدًا، وأنّ الله تَوَفّى نفسي، فقال له ابنه عبد الملك: وأنا والله يا أمير المؤمنين لوددتُ لو عدلتَ فُواق ناقة، وأنّ الله توفّى نفسك، فقال: {اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [سورة طه: 98]، فقال: الله الذي لا إلَهَ إلاّ هُوَ، ولو حُشّتْ بي وبك القدور، فقال عمر: جزاك الله خيرًا.
وروى الأوزاعي أنّ محمد بن المِقْدام سأل فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: ما تُرَينَ بَدْيَ مرض عمر الذي مات فيه؟ قالت: أُرَى بَدْيَه أو جُلّه الوَجَل.
وروى ابن لَهيعة قال: وجدوا في بعض الكتب: تقتله خشيةُ الله، يعني: عمر بن عبد العزيز.
وروى وُهيب بن الورد قال: بلغنا أنّ عمر بن عبد العزيز لما توفّي جاء الفقهاء إلى زوجته يعزّونها به فقالوا لها: جئناك لنعزّيك بعمر فقد عَمَّت مصيبة الأمة فأخبرينا يرحمك الله عن عمر كيف كانت حاله في بيته؟ فإن أعلم الناس بالرجل أهله، فقالت: والله ما كان عمر بأكثركم صلاة ولا صيامًا؛ ولكني والله ما رأيت عبدًا قط كان أشدَّ خوفًا لله من عمر، والله إن كان ليكون في المكان الذي إليه ينتهي سرور الرجل بأهله، بيني وبينه لحاف، فيخطر على قلبه الشئ من أمر الله، فينتفض كما ينتفض طائر وقع في الماء، ثم يَنْشِج ثم يرتفع بكاؤه حتى أقول والله لتخرجنَّ نفسه التي بين جنبيه، فأطرح اللحاف عني وعنه رحمة له وأنا أقول: ياليتنا كان بيننا وبين هذه الإمارة بعد المَشْرِقَينْ، فوالله ما رأينا سرورًا منذ دخلنا فيها.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال