تسجيل الدخول


عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس

روى حجّاج الصوّاف قال: أمرني عمر بن عبد العزيز ـــ وهو والٍ على المدينة ـــ أن أشتري له ثيابًا فاشتريت له ثيابًا فكان فيها ثوب بأربعمائة، فقطعه قميصًا ثمّ لمسه بيده فقال: ما أخشنه وأغلظه! ثمّ أمر بشراء ثوبٍ له ـــ وهو خليفة ـــ فاشتروه بأربعة عشر درهمًا فلمسه بيده فقال: سبحان الله ما ألْيَنَه وأرَقّه!.
وروى طُعْمَة بن غيلان، ومحمد بن خالد قالا: كان عمر بن عبد العزيز من أعطر قريش وألبسها، فلمّا استُخلف كان من أخسّهم ثوبًا، وأجشبهم عيشًا، وقدم الفضول.
وروى سليمان بن موسى قال: ما زال عمر بن عبد العزيز يرد المظالم منذ يوم استُخلف إلى يوم مات.
وروى عبد المجيد بن سُهيل قال: رأيتُ عمر بن عبد العزيز بدأ بأهل بيته فرد ما كان بأيديهم من المظالم، ثم فعل بالناس بعد، قال: يقول عمر بن الوليد جئتم برجلٍ من ولد عمر بن الخطّاب فولّيتموه عليكم ففعل هذا بكم.
وقال أبو بكر بن أبي سَبْرة: لما رد عمر بن عبد العزيز المظالم قال: إّنه لينبغي أن لا أبدأ بأول من نفسي، فنظر إلى ما في يديه من أرض أو متاع فخرج منه حتى نظر إلى فص خاتمٍ فقال: هذا ممّا كان الوليد بن عبد الملك أعطانيه ممّا جاءه من أرض المغرب، فخرج منه.
وروى جُويرية بن أسماء قال: قال عمر: يا مزاحم بعني رَحْلًا لمصحفي، قال فأتاه برَحْلٍ فأعجبه، قال: من أين أصبتَ هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين دخلتُ بعض الخزائن فوجدتُ هذه الخشبة فاتخذتُ منها رحْلًا، قال: انطلقْ فقوِّمْه في السوق، فانطلق فقوَّموه نصف دينار فرجع إلى عمر فأخبره، قال: تُرانا إن وضعنا في بيت المال دينارًا أنسلم منه؟ قال: إنّما قوَّموه نصف دينار، قال: ضَعْ في بيت المال دينارين.
وروى رِياح بن عَبيدة قال: أُخْرِجَ مسك من الخزائن فلمّا وُضع بين يدي عمر أمسك بأنفه مخافة أن يجد ريحه، فقال له رجل من أصحابه: يا أمير المؤمنين ما ضرّك أن وجدتَ ريحه؟ فقال عمر: وهل يُبْتغى من هذا إلّا ريحه؟.
وروى نُعيم بن عبد الله أنّ عمر بن عبد العزيز قال: إنّي لأدع كثيرًا من الكلام مخافة المباهاة.
وروى فُرات بن مسلم قال: اشتهَى عمر بن عبد العزيز التفّاح فبعث إلى بيته فلم يجد شيئًا يشترون له به، فركب وركبنا معه فمرّ بدير فتلقّاه غلمان للديرانييّن معهم أطباق فيها تفّاح، فوقف على طبق منها فتناول تفّاحة فشمّها ثمّ أعادها إلى الطبق ثمّ قال: ادْخلوا ديركم، لا أعلمكم بعثتم إلى أحدٍ من أصحابي بشيء، قال: فحرّكتُ بغلتي فلحقتُه فقلت: يا أمير المؤمنين اشتهيتَ التفّاح فلم يجدوه لك فَأُهْدِيَ لك فرددتَه، قال: لا حاجة لي فيه، فقلت: ألم يكن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر يقبلون الهديّة؟ قال: إنّها لأولئك هديّة وهي للعمّال بعدهم رشوة.
وروى فُرات بن مسلم قال: كنتُ أعرض على عمر بن عبد العزيز كتبي في كلّ جمعة فعرضتُها عليه فأخذ منها قرطاسًا قدر شبر، أو أربع أصابع بقي فكتب فيه حاجة له، فقلت: غفل أمير المؤمنين، فلمّا كان من الغد بعث إليّ أن تعالَ وجئ بكتبك، فجئته بها فبعثني في حاجة، فلمّا جئت قال: ما نال لنا أن ننظر في كتبك بعدُ، قلتُ: لا إنّما نظرتَ فيها أمس، قال: خُذْها حتى أبعث إليك، فلمّا فتحتُ كتبي وجدتُ فيها قرطاسًا قدر قرطاسي الذي أخذ.
وروى وُهيب بن الورد قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز اتَّخذَ دَارًا لطعام المساكين، والفقراء، وابن السبيل، قال وتقدّم إلى أهله: إيّاكم أن تصيبوا من هذه الدار شيئًا من طعامها فإنّما هو للفقراء، والمساكين، وابن السبيل، فجاء يومًا فإذا مولاة له معها صحفة فيها غرفة من لبن فقال لها: ما هذا؟ قالت: زوجتك فلانة حامل كما قد علمتَ واشتهت غرفةً من لبن، والمرأة إذا كانت حاملًا فاشتهت شيئًا فلم تُؤتَ به تخوّفت على ما في بطنها أن يسقط، فأخذتُ هذه الغرفة من هذه الدار، فأخذ عمر بيدها فتوجّه بها إلى زوجته وهو عالي الصوت وهو يقول: إن لم يُمْسِك ما في بطنها إلّا طعامُ المساكين، والفقراء فلا أمسكه الله، فدخل على زوجته فقالت له: ما لك؟ قال: تزعم هذه أنّه لَا يُمْسِك ما في بطنك إلّا طعام المساكين، والفقراء، فإن لم يُمْسكه إلّا ذلك فلا أمسكه الله، قالت زوجته: رُدّيه ويحك، والله لا أذوقه، قال: فردّته.
وروى أيّوب بن موسى قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عُرْوة عامله على اليمن: أمّا بعد: "فإنّي أكتب إليك آمرك أن تردّ على المسلمين مظالمهم فتراجعني، ولا تعرف بُعْد مسافة ما بيني وبينك، ولا تعرف أحداث الموت، حتى لو كتبتُ إليك أن ارْدد على مسلم مظلمة شاةٍ لكتبتُ ارْددها عفراء أو سَوداء؛ فانْظر أن تردّ على المسلمين مظالمهم ولا تراجعني".
وروى عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: قاد الناس الخيل إلى سليمان بن عبد الملك، فمات قبل أن يُجْريها فاستحيا عمر من الناس، فأجرى الخيل التي جُمعت، ثمّ أعطى آخر فرس جاء لم يخيّب أحدًا، ثمّ لم يُجْرِ فرسًا حتى مات.
وروى عُبيد بن الوليد قال: سمعتُ أبي يذكر أنّ عمر بن عبد العزيز كان يسخَّن له في المطبخ العامّة ماء يتوضّأ به وهو لا يعلم، ثمّ علم بعد ذلك فقال: كم لكم منذ أَسخنتموه؟ فقالوا: شهر أو نحوه، قال: فألقى في مطبخ العامّة لذلك حطبًا.
وروى عُبيد بن الوليد، عن أبيه أنّ عمر بن عبد العزيز كان إذا سمُر في أمر العامّة أسرج من بيت مال المسلمين، وإذا سمر في أمر نفسه أسرج من مال نفسه، قال: فبينا هو ذات ليلة إذ نعس السراج فقام إليه ليُصْلحه، فقيل له: يا أمير المؤمنين إنّا نكفيك، فقال: أنا عمر حين قمتُ وأنا عمر حين جلستُ.
وروى عمرو بن ميمون قال: ما زلتُ ألطف أنا وعمر في أمر الأمّة حتى قلتُ له: يا أمير المؤمنين ما شأن هذه الطوامير التي يُكتب فيها بالقلم الجليل يُمَدّ فيها وهي من بيت مال المسلمين؟ فكتب في الآفاق أن لا يُكْتَبنّ في طومار بقلم جليل ولا يُمَدّنّ فيه، قال: فكانت كتبه إنّما هي شبر أو نحوه.
وروى حفص بن عمر بن أبي الزّبير قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: أمّا بعد؛ "فكتبتَ تذكر أنّ القراطيس التي قِبَلَك قد نفدتْ، وقد قطعنا لك دون ما كان ُيقطع لمن كان قبلك، فأدِقّ قلمك، وقاربْ بين أسطرك، واجمع حوائجك، فإنّي أكره أن أُخْرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به".
وروى عبد الله بن دينار قال: لم يرتزق عمر من بيت مال المسلمين شيئًا، ولم يرزأه حتى مات.
وروى سيّار أبو الحكم قال: كان أوّل ما أُنْكِر من عمر بن عبد العزيز أنّه لما دَفَن سليمان بن عبد الملك، أُتي بدابّة سليمان التي كان يركب فلم يركبها، وركب دابّته التي جاء عليها، فدخل القصر وقد مُهّدت له فُرُش سليمان التي كان يجلس عليها فلم يجلس عليها، ثمّ خرج إلى المسجد، فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعدُ؛ "فإنّه ليس بعد نبيّكم نبيّ، ولا بعد الكتاب الذي أُنزل عليه كتاب، ألا إنّ ما أحلّ الله حلال إلى يوم القيامة، وما حرّم الله حرام إلى يوم القيامة، ألا إني لستُ بقاضٍ ولكني منفّذ، ألّا إني لستُ بمبتدع ولكني متّبع، ألا إنه ليس لأحد أن يطاع في معصية الله، ألا إني لستُ بخيركم، ولكني رجل منكم غير أنّ الله جعلني أثقلكم حملًا، ثمّ ذكر حاجته"، وفي رواية: لما انصرف عمر عن قبر سليمان قال: إذا دوابّ سليمان قد عُرضت له، قال: فكشّر ثمّ أشار إلى بُغيلة شهباء فأُتي بها فركبها، قال: فانصرف فإذا فُرُش سليمان في منزله، قال: فقال: لقد عجلتم، ثمّ تناول وسادةً أرْمنيّة فطرحها بينه وبين الأرض، ثم قال: أما والله لولا أني في حوائج المسلمين ما جلستُ عليك.
وروى حفص بن عمر قال: احتبس عمر بن عبد العزيز غلامًا له يحتطب عليه ويلقط له البَعْر، فقال له الغلام: الناس كلهم بخيرٍ غيري وغيرك، قال: فاذْهب فأنت حرّ.
وروى حمّاد بن زيد، عن أيّوب قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين لو أتيتَ المدينة فإن قضى الله موتًا دُفنتَ في موضع القبر الرابع مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، قال: والله لأن يعذّبني الله بكلّ عذاب إلّا النار؛ فإنّي لا صَبْرَ لي عليه أحبّ إليّ من أن يعلم الله من قلبي أنّي أُراني لذلك أهلًا.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال