1 من 1
روى عبد الرحمن بن سَابط قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى سعيد بن عامر الجُمَحِيّ فقال: إنّا مُسْتَعْمِلُوكَ على هؤلاء، تسيرُ بهم إلى أرض العدو، فتجاهدُ بهم، فقال: يا عمر لا تَفْتِنِّي، فقال عُمَرُ: والله لا أدعكم، جعلتموها في عنقي ثم تخليتم مِنِّي! إنما أبعثك على قوم لست بأفضلهم، ولست أبعثك لتضرب أبشارهم، ولا تنتهك أعراضهم، ولكن تجاهد بهم عدوَّهم، وتقسم بينهم فيئهم، فقال: اتق الله يا عُمَرُ. أحبَّ لأهل الإسلام ما تحب لنفسك، وأقم وجهك وَقَضَاءَك لمن استرعاك الله من قريب المسلمين وبعيدهم، ولا تقض في أمر واحدٍ قَضَاءَين، فيختلف عليك أمرك، وتنزع عن الحق، والزم الأمر ذا الحُجّة يُعِنْكَ الله على ما ولاك، وخض الغمرات إلى الحق حيث علمتْهُ، وَلاَ تَخْشَ في الله لومة لائم، فقال عُمَرُ: وَيْحَكَ يا سعيد، من يطيق هذا؟ قال: من وضع الله في عنقه مثل الذي وضع في عنقك، إنما عليك أن تأمر فَيُطاع أمرك أو يُتْرك فتكون لك الحجة.
وروى مكحول أنّ سعيد بن عامر بن حِذْيم الجُمَحِيّ من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطّاب: إني أريد أن أوصيك يا عمر، قال: أَجَل فَأَوْصني قال: أوصيك أَنْ تَخْشَى الله في الناس وَلاَ تَخْشَ الناسَ في الله ولا يَختلف قولك وفِعْلك، فإن خير القول مَا صَدَّقَهُ الفعلُ، ولا تقضِ في أمرٍ واحدٍ بقضاءَين، فيختلف عليك أمرك، وَتَزِيغ عن الحق، وخذ بالأمر ذي الحُجة تأخذ بالفُلْج ويُعِينُكَ الله ويصلح رَعِيَّتَكَ على يديك، وأقم وجهك وقضاءك لمن ولاك الله أمره من بعيد المسلمين وقريبهم، وأحبب لهم ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، وخض الغمرات إلى الحق ولا تخف في الله لومة لائم: فقال عمر: من يستطيع ذلك؟ فقال سعيد: مثلك من ولاَّه الله أمر أُمَّةَ محمد ثم لم يَحل بينه وبين أحد.