1 من 2
سعيد بن عامر
ابن حِذْيَم بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جُمَح بن عَمرو بن هُصَيص بن كعب وأُمّه أروى بنت أبي مُعيط بن أبي عَمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، ولم يكن لسعيد ولدٌ ولا عقبٌ. والعقبُ لأخيه جميل بن عامر بن حِذْيَم. من ولده سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن جميل، ولي القضاء ببغداد في عسكر المهديّ، وأسلم سعيد بن عامر قبل خَيْبر، وهاجر إلى المدينة، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خَيبر وما بعد ذلك من المشاهد، ولا نعلمُ لهُ بالمدينة دارًا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن الجُمَحِيّ، قال: لمَّا مات عياض بن غنم ولَّى عُمر بن الخطاب سعيد بن عامر بن حِذْيَم عَمَلَهُ، وكان على حمص وما يليها من الشام، وكتب كتابًا يوصيه فيه بتقوى الله والجدّ في أمر الله والقيام بالحق الذي يجب عليه ويأمره بوضع الخراج والرفق بالرعية، فأجابه سعيد بن عامر على نحوٍ من كتابه.
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا زُهَيْر بن معاوية، قال: حدّثنا إسماعيل بن أَبِي خالد، عن عامرِ، قال: أَمَّرَ عُمَرُ سعيدَ بن عامرٍ على جيش، فقال عمر: اللهم إني لم أُسَلِّط سعيدَ بنَ عامر على أَشْعَارهم ولا على أَبْشَارهم، ولكن أمرته أَنْ يُجَاهِدَ بهم عَدُوَّهم، ويعدل فيهم، ويَقْسِم فَيْئَهم بينهم. فقال سعيد بن عامر لِعُمَر: يا أمير المؤمنين، اخْشَ الله في الناس، ولا تَخْشَ الناسَ في الله، وأحب للمسلمين كما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكْرَهْ لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، والزم الأمرَ ذا الحُجَّة يُعِنْكَ الله على أمرك، ويكفك ما همك، وأقم وجهَك وقضاءك لمن استرعاك الله أَمْرَهُ لِقَرِيبِ المسلمين وَبَعِيدِهم، وَلاَ تَقْضِ في الأمر قَضَاءَين، فيختلف عليك رأيك وتنزع عن الحق، وَخُضِ الغَمَراتِ إلى الحقّ حيث عَلِمْتَه وَلاَ تَخَفْ في الله لومة لائم، فإنَّ خيرَ القول مَا تَبِعَه الفِعْلُ. فقال عُمَر ومَنْ يُطِيق هذا يَا سَعِيدَ بنَ عامر؟ قال: مَنْ وضع الله في عُنُقه ما وضع في عنقِك من أَمْر المسلمين، إنما عليك أن تَقُولَ فَيُتَّبَعُ قَوْلُك.
قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غَسّان النَّهْدِيّ قال: حدّثنا مسعود بن سعد الجُعْفِيّ، قال: حدّثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن سَابط، قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى سعيد بن عامر الجُمَحِيّ فقال: إنّا مُسْتَعْمِلُوكَ على هؤلاء، تسيرُ بهم إلى أرض العدو، فتجاهدُ بهم، فقال: يا عمر لا تَفْتِنِّي. فقال عُمَرُ: والله لا أدعكم، جعلتموها في عنقي ثم تخليتم مِنِّي! إنما أبعثك على قوم لست بأفضلهم، ولست أبعثك لتضرب أبشارهم، ولا تنتهك أعراضهم، ولكن تجاهد بهم عدوَّهم، وتقسم بينهم فيئهم. فقال: اتق الله يا عُمَرُ. أحبَّ لأهل الإسلام ما تحب لنفسك، وأقم وجهك وَقَضَاءَك لمن استرعاك الله من قريب المسلمين وبعيدهم، ولا تقض في أمر واحدٍ قَضَاءَين، فيختلف عليك أمرك، وتنزع عن الحق، والزم الأمر ذا الحُجّة يُعِنْكَ الله على ما ولاك، وخض الغمرات إلى الحق حيث علمتْهُ، وَلاَ تَخْشَ في الله لومة لائم.
قال: فقال عُمَرُ: وَيْحَكَ يا سعيد، من يطيق هذا؟ قال: من وضع الله في عنقه مثل الذي وضع في عنقك، إنما عليك أن تأمر فَيُطاع أمرك أو يُتْرك فتكون لك الحجة. قال: فقال عمر: إنا سنجعل لك رزقًا. قال: لقد أعطيت ما يكفيني دونه ــ يعني عطاءه ــ وما أنا بمزداد من مال المسلمين شيئًا. قال: فكان إذا خرج عطاؤه نظر إلى قوتِ أهله من طعامهم وكسوتهم وما يصلحهم، فيعزله، وينظر إلى بقيته فيتصدق بهِ، فيقول أهله: أين بقية المال؟ فيقول: أقرضتُه. قال: فأتاه نَفَرٌ من قومه فقالوا: إنَّ لأهلك عليك حقًّا وإن لأصهارك عليك حقًّا وإن لقومك عليك حقًّا. قال: ما أَستَأْثر عليهم، إنّ يدي لمع أيديهم، وما أنا بطالب أو ملتمس رضاء أحد من الناس بطلبي الحُور العِين، لو طلعت منهن واحدةٌ لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس، وما أنا بِمُتَخَلِّفٍ عن العُنُقِ الأول بعد إِذْ سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "يجيء فقراءُ المسلمين يَدِفُّون كما يَدِفُّ الحمام فيقال لهم: قفوا للحساب، فيقولون: والله ما تركنا شيئًا نُحاسبُ به. قال فيقول الله: صدق عبادي. فيدخلون الجنة قبل الناس بسبعين عامًا"(*).
قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أُوَيْس المدني، قال: حدّثنا سليمان بن بِلاَل، عن يحيى بن سعيد، قال: حدثني أبو طُوَالَةَ عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعْمَر بن حزم، أن مكحولًا أَخْبَرَهُ أنّ سعيد بن عامر بن حِذْيم الجُمَحِيّ من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال لعمر بن الخطّاب: إني أريد أن أوصيك يا عمر، قال: أَجَل فَأَوْصني قال: أوصيك أَنْ تَخْشَى الله في الناس وَلاَ تَخْشَ الناسَ في الله ولا يَختلف قولك وفِعْلك، فإن خير القول مَا صَدَّقَهُ الفعلُ، ولا تقضِ في أمرٍ واحدٍ بقضاءَين، فيختلف عليك أمرك، وَتَزِيغ عن الحق، وخذ بالأمر ذي الحُجة تأخذ بالفُلْج ويُعِينُكَ الله ويصلح رَعِيَّتَكَ على يديك، وأقم وجهك وقضاءك لمن ولاك الله أمره من بعيد المسلمين وقريبهم، وأحبب لهم ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، وخض الغمرات إلى الحق ولا تخف في الله لومة لائم: فقال عمر: من يستطيع ذلك؟ فقال سعيد: مثلك من ولاَّه الله أمر أُمَّةَ محمد ثم لم يَحل بينه وبين أحد.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عبد الله بن جعفر، عن عُثمان بن محمد الأَخْنَسِيّ، قال: استعمل عُمَر بن الخطاب سعيدَ بن عامر بن حِذْيَم الجُمَحِيّ على حِمْص، وكان يصيبهُ غَشْيَةٌ وهو بين ظَهْرَي أصحابِه، فذُكر ذلك لعمر بن الخطاب فسأله في قَدْمَةٍ قَدِم عليه من حِمْص، فقال: يا سعيد، ما الذي يُصيبك؟ أَبِكَ جِنَّةٌ؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين، ولكني كنت فيمن حضر خُبَيبًا حين قُتل وسمعتُ دَعوتَهُ، فوالله ما خطرتْ على قلبي وأنا في مجلسٍ إلاّ غُشي عَلَيَّ. قال فزادته عند عُمَر خَيْرًا.
قال: أخبرنا مَعْنُ بن عيسى، قال: حدثنا موسى بن عُلَيّ بن رَبَاح، عن أبيه، أن عمر ابن الخطاب أجاز رجلًا بألف دينار ــ ابنَ حِذْيَم الجُمَحِيّ، وكان فاضلًا. قال معنٌ: وقد ذَكَر موسى بنُ عُلَيّ مِنْ فضل ابن حِذْيَم وَصدَقَتِه ما هو أهلٌ أن يُجَازَ بألف دينار في حديث طويل لم أحفظهُ.
قال محمد بن عمر: ومات سعيد بن عامر سنة عشرين في خلافة عمر بن الخطاب.
(< جـ5/ص 90>)
2 من 2
سعيد بن عامر بن حِذْيَم بن سلامان
ابن ربيعة بن سعد بن جُمَح بن عَمْرو بن هُصيص، أسلم قبل خيبر وهاجر إلى المدينة، وشهد مع النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، خَيْبَرَ وما بعد ذلك من المشاهد، ولا نعلم له بالمدينة دارًا، وولاّه عمر بن الخطّاب عمل عياض بن غنم حين مات عياض، وكان على حمص وما يليها من الشأم، وكانت تصيبه غَشْيَةٌ وهو بين ظهري أصحابه، فذُكر ذلك لعُمر، قال: فسأله، فقال: كنتُ فيمن حضر خُبيبًا، رحمه الله، حين قُتل، وسمعتُ دعوته فوالله ما خطرت على قلبي وأنا في مجلس إلاّ غُشي عليّ، قال: فزاده عند عمر خيرًا.
قال محمّد بن سعد: وأُخبرتُ عن أبي اليمان الحمصيّ عن حَرِيز بن عثمان عن حبيب ابن عُبيد عن سعيد بن عامر بن حِذْيَم، وكان قرشيًّا، وكان أميرًا على حمص أوّل ما فُتحت فوثب على فرس له فقال له قائلٌ: لقد أجدتَ الوثبة يا قرحا، فقال سعيد: من هذا الذي سمّاني بغير الاسم الذي سمّاني والدي؟ إن كان لغنيًّا أن تَلْعَنَه الملائكة.
قال محمّد بن عمر: ومات سعيد بن عامر سنة عشرين في خلافة عمر، رحمه الله.
(< جـ9/ص 402>)