تسجيل الدخول


بلال بن رباح الحبشي

1 من 1
بلال بن رباح:

بلال بن رباح المؤذّن، يُكْنَى أبا عبد الله، وقيل: أبا عبد الكريم، وقيل: أبا عبد الرّحمن. وقال بعضهم: يُكْنَى أبا عمرو، وهو مولى أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، اشتراه بخمس أواقٍ، وقيل: بسَبْع أواقٍ، وقيل: بتسع أواق ثم أَعْتَقَه، وكان له خازنًا، ولرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مُؤَذنًا، شهد بَدْرًا وأُحُدًا وسائرَ المشاهدِ مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وآخى رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بينه وبين عُبَيدة بن الحارث بن المطّلب.(*) وقيل: بل آخى بينه وبين أبي رويحه الخثعميّ.(*)

أخبرنا عبد الوارث، حدّثنا قاسم، حدّثنا الخُشَنيّ، حدّثنا ابن المثنى، حدّثنا يحيى ابن أبي بكير، حدّثنا زائدة عن عاصم عن زرّ، عن عبد الله قال: كان أول من أَظهر الإِسلَام سبعة: رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأبو بكر، وعمّار، وأمه سمَيّة، وصُهَيب، وبلال، والمِقْداد، فأمَّا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فمنعه اللهُ بعمِّه أبي طالب، وأمَّا أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأمَّا سائرهم فأخذهم المشركون فأَلْبَسوهم أدرعَ الحديد وصَهرُوهم في الشّمس، فما منهم إنسانٌ إلّا وقد أتاهم على ما أرادوا إلّا بلال؛ فإنه هانَتْ عليه نفسُه في الله، وهان على قومه؛ فأَعطَوْه الوِلْدَانَ فجعلوا يطوفون به في شِعَاب مكّة، وهو يقول: أُحدٌ، أُحدٌ.‏ ‏

وروى منصور، عن مجاهد قال: أول من أظهر الإسلام سبعة، فذكر معنى حديث ابن مسعود، إلا أنه لم يذكرْ المقداد، وذكر موضعه خبّابًا، وذكر في سُمَيَّة ما لم يُذْكر في حديث ابن مسعود، وزاد في خَبَرِ بِلَال أنهم كانوا يطوفون به والْحَبْلُ في عنقه بين أَخْشَبَيْ مكة.‏

قال ابنُ إسحاق: كان بلال مولى أبي بكر الصّديق رضي الله عنه لبعض بنى جُمَح، موَلَّدًا من مولديهم، قيل: من مولدي مكّة. وقيل: من مولدي السَّراة، واسمُ أبيه رباح، واسم أمه حَمَامة، وكان صادقَ الإسْلَام طاهرَ القلب. وقال المدائنيّ: كان بلال من مولَّدي السّراة.‏

مات بدمَشْق، ودفن عند باب الصّغير بمقبرتها سنة عشرين، وهو ابنُ ثلاث وستين سنة. وقيل: تُوُفِّي سنة إحدى وعشرين. وقيل: تُوفِّي وهو ابن سبعين سنة. وقال: كان ترْبَ أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، وله أخ يسمَّى خالدًا، وأخت تسمّى غفرة. وهي مولاة عمر بن عبد الله مولى غفرة المحدّث المصريّ.

وكان فيما ذكَرُوا آدَمَ شديد الأدمة، نحيفًا طُوالًا أجنى خفيف العارضين. روى عنه عبدُ الله بن عُمَر وكعب بن عجُرة، وكبار تابعي المدينة والشّام والكوفة.‏

وقال علي بن عمر: روَى عن بلال جماعة من الصّحابة، منهم أبو بكر الصّديق، وعمر ابن الخطاب، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، وكَعْب بن عجُرة، والبَرَاء بن عازب وغيرهم رضي الله عنهم‏.

وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك قال: بلغني أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لبلال‏: ‏"يا بلال ‏إنّي دَخَلْتُ الْجَنَّةُ، فَسَمِعْتُ فِيهَا خَشْفًا أَمَامِي‏"‏‏ قال: والخَشْف: الوَطء والحسّ، "‏فَقُلْتُ‏: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: بِلَالٌ"أخرجه أحمد في المسند 5/354، 360، والطبراني في الكبير 8/335. قَالَ: فكان بلالٌ إذا ذَكر ذلك بَكَى.‏(*)

وذكر ابن أبي شيبَة عن حسين بن علي عن شيخ يقال له: الحفصيّ، عن أبيه عن جدّه قال: أَذّنَ بلالٌ حياةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. ثم أذّن لأبي بَكْرٍ رضي الله عنه حياتَه، ولم يؤذِّنْ في زمن عمر، فقال له عمر: ما منعك أن تؤذّن؟ قال: إني أذَّنت لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى قُبِض، لأنه كان وليَّ نعمتي، وقد سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول‏: ‏"‏يَا بِلَالُ؛ لَيْسَ عَمَلٌ أَفْضَلَ مِنَ الْجِهَادِ في سَبِيلِ اللَّهِ"أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 20935، 23171 وعزاه لعبد بن حميد عن بلال‏‏، فخرج مجاهدًا(*).‏ ويقال: إنه أذّن لعمر إذ دخل الشّام مرَّة؛ فبَكى عُمَر وغيره من المسلمين‏.

حدّثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: حدّثنا محمد بن بكر، قال: حدّثنا أبو داود، قال: قرىء على سلمةَ بن شبيب وأنا شاهد. قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا معمر عن عطاء الخراسانيّ قال: كنْتُ عند سعيد بن المسيّب فذكر بلالًا فقال: كان شحيحًا على دينه وكان يعذَّب على دينه. فإذا أراد المشركون أن يقاربَهم قال: الله الله. قال: فلقي النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أبا بكر رضي الله عنه فقال لو كان عندنا مال اشترينا بلالًا قال: فلقيني أبو بكر العباس بن عبد المطلب فقال له اشْتَر لي بلالًا. فانطلق العبّاس فقال لسيدته: هل لك أن تبيعيني عَبْدَك هذا قَبْل أن يفوتَك خيره وتُحْرَمي ثمنه؟ قالت: وما تصنَع به! إنه خبيث، وإنه قال: ثم لقيها فقال مثل مقالَتِه، فاشتراه العبّاسُ، فبعث به إلى أبي بكر، فأعتقه، فكان يؤذِّن لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. فلما مات النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أراد أنْ يخرُجَ إلى الشّام، فقال له أبو بكر: بل تكون عندي. فقال: إن كنْتَ أعتقتَني لنفسك فاحْبِسني، وإنْ كنْتَ أعتقتني للّهِ عزّ وجلَّ فذَرْني أذهب إلى اللّهِ عزّ وجل. فقال: اذهب. فذهب إلى الشّام، فكان بها حتى مات‏.(*)

وأخبرنا عبد الله بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن بكر، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا حامد بن يحيى، قال: حدّثنا سفيان عن إسماعيل عن قيس، قال: اشترى أبو بكر بلالًا وهو مدفون بالحجارة.

وأخبرنا عبد الله، حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا مسدّد، قال: حدّثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن نعيم بن أبي هند قال: كان بلال لأيام أبي جهل، وأن أبا جهل قال لبلال: وأَنْتَ أيضًا تقول فيمن يقول؟ قال: فأخذَه فبطحَه على وجهه وسلقه في الشّمس، وعمد إلى رَحىً فوضعها عليه، فجعل يقول: أَحَدٌ أَحَدٌ. قال: فبعث أبو بكر رضي الله عنه رجلًا كان له صديقًا، قال: اذْهَبْ فاشْتَرِ لي بلالًا.‏

وذكر معنى خبر عبد الرّزّاق إلى قوله: فأعتقه، ولم يذكُرْ ما بعد ذلك.‏

وكان أُمَيّةُ بن خلف الجمحيّ ممن يعذِّب بلالًا، ويُوالي عليه العذاب والمكروه؛ فكان مِنْ قدَر الله تعالى أنْ قَتله بلالٌ يوم بدر على حسب ما أتى من ذلك في السّير، فقال فيه أبو بكر الصّديق رضي الله عنه أبياتًا،‏ منها قوله: [الوافر]

هَنِيئًا زَادَكَ الرَّحْمَنُ خَيْرًا فَقَدْ أَدْرَكْتَ ثأْرَكَ يَا بِلَالُ
(< جـ1/ص 258>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال