تسجيل الدخول


الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي

1 من 1
الحسين: بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشميُّ، أبو عبد الله سِبط رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ورَيْحَانته.

قال الزُّبَيْرُ وَغَيْرُهُ: وُلد في شعبان سنة أربع. وقيل سنة ست وقيل سنة سبع، وليس بشيء.

قالَ جَعْفر بْنُ مُحَمَّدٍ: لم يكن بين الحَمْلِ بالحسين بعد ولادة الحسن إلا طهر واحد.

قلت: فإذا كان الحسن وُلد في رمضان ووُلد الحسين في شعبان احتمل أن تكون ولدته لتسعة أشهر. ولم تطهر من النفاس إلا بعد شهرين.

وقد حفِظَ الحسين أيضًا عن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وروى عنه.

أخرج له أصحابُ السنن أحاديثَ يسيرة. وروى بن ماجة وأبو يَعْلى عنه، قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ وَإِنْ قَدُمَ عَهْدُهَا فَيُحْدِث لَهَا اسْتِرْجَاعًا إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ ثَوَابَ ذَلِكَ"(*). لكن في إسناده ضعف.

وروى عن أبيه وأمه وخاله هِند بن أبي هَالَة، وعن عمر. وروى عنه أخوه الحسن وبنوه: على زين العابدين وفاطمة وسُكينة، وحفيده الباقر والشعبيّ وعكرمة وسنان الدؤلي وكرز التيمي، وآخرون.

وروى أَبُو يعْلَى من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة، قال: كان الحسن والحسين يَصطَرِعان بين يدي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فجعل يقول: "هي حُسَيْن". فقالت فاطمة: لم تقول هي حسين؟ فقال: "إِنَّ جِبْرِيل يَقُولُ هي حُسَيْن"(*).

وفي الصّحيح عن ابن عمر حين سأله رجل عن دم البعوض: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "هُمَا رَيْحانتاي مِنَ الدُّنْيَا"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 5/ 33، 8/ 8، أحمد في المسند 2/ 85، 93، الطبراني في الكبير 3/ 137، ابن أبي شيبة 12/ 100، أبو نعيم في الحلية 5/ 71، 7/ 365، المتقي الهندي في كنز العمال حديث 34256، 37719 ـــ يعني الحسن والحسين.

ومن حديث بن سيرين، عن أنس، قال: كان الحسن والحُسين أشبههم برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

وقال يَحْيى بْنُ سَعيِد الأنْصَارِيُّ، عن عبيد بن حنين: حدثني الحسين بن علي، قال: أتيتُ عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه فقلت: انزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك. فقال عمر: لم يكن لأبي منبر. وأخذني فأجلسني معه أقلّب حصى بيدي، فلما نزل انطلق بي إلى منزله، فقال لي: مَنْ عّلَّمك؟ قلت: والله ما علَّمني أحد. قال: بأبي، لو جعلت تَغْشانا. قال: فأتيته يومًا وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب، فرجع ابنُ عمر فرجعت معه فلقيني بعد قلت فقال لي: لم أرك. قلت: يا أمير المؤمنين؛ إني جئتُ وأنت خالٍ بمعاوية، فرجعتُ مع ابن عمر. فقال: أنت أحقُّ بالإذن من ابن عمر: فإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم. سنده صحيح وهو عند الخطيب.

وقال يونس بن أبي إسحاق، عن العَيْزَار بن حُرَيْث: بينما عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة إذ رأى الحسين مقبلًا، فقال: هذا أحبّ أهلِ الأرضِ إِلَى أَهْلِ السَّماء اليوم.

وكانت إقامةُ الحسين بالمدينة إلى أن خرج مع أبيه إلى الكوفة فشهد معه الجَمل ثم صِفّين ثم قتال الخوارج، وبقي معه إلى أن قتل؛ ثم مع أخيه إلى أن سلّم الأمر إلى معاوية، فتحوّل مع أخيه إلى المدينة واستمر بها إلى أن مات معاوية؛ فخرج إلى مكة؛ ثم أتته كتُب أهل العراق بأنهم بايعوه بعد مَوْت معاوية فأرسل إليهم ابْنَ عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب فأخذ بَيْعتهم؛ وأرسل إليهم فتوجّه؛ وكان من قصّة قَتْله ما كان.

وقال عمار بن معاوية الدُّهْني: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسن: حدثني عن مَقْتل الحسين حتى كأني حضرته، قال: مات معاوية والوليد بن عتبة بن أبي سفيان على المدينة فأرسل إلى الحسين بن علي ليأخذَ بيعته ليلته، فقال: أخّرني، ورفق به؛ فأخّره، فخرج إلى مكَّة، فأتاه رُسل أهل الكوفة: إنّا قد حبسنا أنفسنا عليك. ولسنا نحضر الجمعةَ مع الوالي، فأقدم علينا. وقال: وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة، فبعث الحُسينُ بن عَلي إليهم مسلم بن عقيل، فقال: سِرْ إلى الكوفة فانظر ما كتبوا به إليّ، فإن كان حقًا قدمتُ إليه.

فخرج مسلم حتى أتى المدينة، فأخذ منها دليلين، فمرَّا به في البريَّة، فأصابهم عطَش فمات أحَدُ الدليلين، فقدم مسلم الكوفة، فنزل عَلَى رجُل يقال له عَوْسجة، فلما علم أهلُ الكوفة بقدومه دبّوا إليه، فبايعه منهم اثنا عشر ألفًا، فقام رجل ممن يَهْوَى يزيد بن معاوية إلى النّعمانِ بن بَشير، فقال: إنك ضعيف أو مستضعف؛ قد فسد البَلَدُ، قال له النّعمان: لأنْ أَكُونَ ضَعِيفًا في طَاعَةِ اللهِ أَحبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنُ أكونَ قَوِيًّا فِي معْصيَتِهِ، مَا كُنْتُ لأَهْتِكَ سِتْرًا.

فكتب الرجل بذلك إلى يزيد، فدعا يزيد مولى له يقال له سرحون فاستشاره، فقال له: ليس للكوفة إلا عبيد الله بن زياد، وكان يزيد ساخطًا على عبيد الله، وكان همّ بعزله عن البصرة؛ فكتب إليه برضاه عنه، وأنه أضاف إليه الكوفة، وأمره أن يطلب مسلم بن عقيل، فإن ظفِر به قَتله.

فأقبل عبيدالله بن زياد وفي وُجوه أهل البصرة حتى قدم الكوفة متلثّمًا، فلا يمر على أحد فيسلم إلا قال له أهل المجلس: عليك السَّلام يا ابنَ رسولِ الله، يظنونه الحسين بن علي قدم عليهم فلما نزل عبيد الله القَصْر دعا مولى له فدفع إليه ثلاثةَ آلاف درهم، فقال: اذهب حتّى تسألَ عن الرجل الذي يبايعه أهلُ الكوفة فادخُل عليه، وأَعلمه أنكَ من حِمْص، وادفع إليه المال وبايِعْه، فلم يزل المولى يتلطّفُ حتى دَلّوه على شيخ يلي البيعة، فذكر له أمْرَه، فقال: لقد سرني إذ هداك الله، وساءني أنَّ أمرنا لم يستحكم. ثم أدخله على مسلم بن عقيل فبايعه ودفع له المال، وخرج حتى أتى عبيد الله فأخبره، وتحول مسلم حين قدم عُبيد الله من تلك الدار إلى دار أخرى، فأقام عند هانئ بن عُروة المرادي.

وكان عُبيد الله قال لأهل الكوفة: ما بالَ هانئ بن عروة لم يأتني؟ فخرج إليه محمد بن الأشعث في أناس مِنْ وجوهِ أهل الكوفة وهو على باب دِاره، فقالوا له: إنْ الأمير قد ذكرك واستبطأك، فانطلق إليه؛ فركب معهم حتى دخل على عُبيد الله بن زياد، وعنده شريح القاضي، فقال عبيد الله لما نظر إليه لشريح: أتتك [[بخائنٍ]] رِجْلاه.

فلما سلم عليه قال له: يا هانئ، أين مسلم بن عقيل؟ فقال له: لا أَدْري. فأخرج إليه المولى الذي دفع الدراهم إلى مسلم، فلما رآه سُقِط في يده وقال: أيّها الأمير، والله ما دعوتُه إلى منزلي، ولكنه جاء فطرح نَفْسَه علىّ فقال ائتني به، فتلكأ فاستدناه، فأدْنَوْهُ منه، فضربه بالقضيب وأمر بحبسه. فبلغ الخبر قومه، فاجتمعوا على باب القَصْر، فسمع عُبيد الله الجلَبة، فقال لشريح القاضي: اخرج إليهم فأَعلمهم أنني ما حبَسْتُه إلا لأستخبره عن خَبر مسلم؛ ولا بأس عليه منّي.

فبلغهم ذلك فتفرقوا، ونادى مسلم بن عقيل لما بلغه الخبر بِشِعاره، فاجتمع عليه أربعون ألفًا من أهل الكوفة، فركب وبعث عُبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة فجمعهم عنده في القصر، فأمر كلّ واحد منهم أن يشرف على عشيرته فيردّهم، فكلّموهم فجعلوا يتسللون؛ فأمسى مسلم وليس معه إلا عدَدٌ قليل منهم.

فلما اختلط الظلامُ ذهب أولئك أيضًا، فلما بقي وحدُه تردَّد في الطرق بالليل، فأتى بابَ امرأةٍ فقال: اسقيني ماء؛ فسقَتْه فاستمر قائمًا، قالت: يا عبد الله، إنك مُرْتاب، فما شأنك؟ قال: أنا مسلم بن عقيل، فهل عندك مَأوى؟ قالت: نعم، ادخل، فدخل؛ وكان لها ولد مِن مَوَالي محمد بن الأشعث، فانطلق إلى محمّد بن الأشْعث، فأخبره، فلما يفجأ مسلمًا إلا والدارُ قد أُحيط بها، فلما رأى ذلك خرج بسيفه يدفعهم عن نفسه، فأعطاه محمد بن الأشعث الأمان، فأَمْكن من يده، فأتى به عُبيد الله فأمر به فأصعد إلى القصر ثم قتله وقتل هانئ بن عروة وصلبهما؛ فقال شاعرهم في ذلك أبياتًا منها:

فَإِنْ كُنْتِ لاَ تَدْرِينَ مَا المَوْتُ فَانْظُرِي إِلَى هَانِئٍ فِي السُّوْقِ وَابْنِ عَقِيلِ
[الطويل]

ولم يبلغ الحسين ذلك حتى كان بينه وبين القادسيَّة ثلاثة أميال، فلقيه الحرّ بن يزيد التميمي، فقال له: ارجع؛ فإني لم أدَعْ لك خلفي خيرًا، وأخبره الخبر، فهمَّ أن يرجع، وكان معه إخوة مسلم؛ فقالوا: والله لا نرجع حتى نصيبَ بثأرنا أَوْ نُقْتَل. فساروا، وكان عبيد الله قد جهَّزَ الجيش لملاقاته، فوافَوْه بكربلاء، فنزلها ومعه خمسة وأربعون نفسًا من الفرسان ونحو مائة راجل، فلقيه الحسين وأميرهم عُمر بن سعد بن أبي وقَّاص، وكان عبيدالله ولاّه الري، وكتب له بعَهْدِه عليها إذا رجع من حرْب الحسين، فلما التقيا قال له الحسين: اختر مني إحدى ثلاث: إما أن ألحق بثغر من الثّغور، وإما أن أرجع إلى المدينة، وإما أن أَضَع يدي في يد يَزيد بن معاوية.

فقبل ذلك عمر منه، وكتب به إلى عُبيد الله، فكتب إليه لا أقبل منه حتى يضع يده في يدي؛ فامتنع الحسين، فقاتلوه فقتل معه أصحابه وفيهم سبعة عشر شابًّا من أهل بيته، ثم كان آخر ذلك أن قُتل وأُتي برأسه إلى عُبيد الله فأرسله ومَنْ بقي من أهل بيته إلى يزيد، ومنهم علي بن الحسين، وكان مريضًا، ومنهم عمته زَيْنَب، فلما قدموا على يزيد أدخلهم على عِياله ثم جهزهم إلى المدينة.

قلت: وقد صنّف جماعة من القدماء في مَقْتَل الحسين تصانيف فيها الغثّ والسَّمين، والصّحيح والسّقيم، وفي هذه القصَّة التي سقتها غنىً.

وقد صحَّ عن إبراهيم النخعي أنه كان يقول: لو كنْتُ فيمن قاتل الحسين ثم أُدخلت الجنّة لاستحييت أن أنظرَ إلى وجه رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم.

وقال حَمَّادُ بْنُ سَلَمَة، عن عمار بن أبي عمّار، عن ابن عباس: رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيما يرى النائمُ نصفَ النهار أشعَث أغبر، بيده قارورة فيها دَم؛ فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله! ما هذا قال: "هذا دَمُ الحسين وَأَصْحَابِهِ، لَمْ أَزَلْ أَلْتَقِطهُ مُنْذُ اليَوْمَ، فَكَانَ ذَلِكَ اليَوْم الَّذِي قُتِلَ فِيهِ"(*).

وعن عمار، عن أم سلمة: سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي.

قال الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قتل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وكذا قال الجمهور؛ وشذَّ مَنْ قال غير ذلك.
(< جـ2/ص 67>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال