تسجيل الدخول


حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي

1 من 1
حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ

(ب د ع) حَمْزة بن عبْد المُطَّلِب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أبو يعلى، وقيل: أبو عمارة، كني بابنيه: يعلى، وعمارة. وأمه: هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة، وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وهو عم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة؛ أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، وأرضعت أبا سلمة بن عبد الأسد، وكان حمزة، رضي الله عنه وأرضاه، أسنَّ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل بأربع سنين، والأول أصح. وهو سيد الشهداء، وآخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين زيد ابن حارثة.

أسلم في السنة الثانية من المبعث، وكان سبب إسلامه ما أخبرنا به أبو جعفر عبيد اللّه بن أحمد بإسناده إلى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال: إن أبا جهل اعترض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فآذاه وشتمه، وقال منه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له، فلم يكلمه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ومولاة لعبد اللّه بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف عنه، فعمد إلى ناد لقريش عند [[الكعبة]]، فجلس معهم، ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحًا قوسه راجعًا من قَنَصٍ له، وكان صاحب قَنَص يرميه ويخرج له، وكان إذا رجع من قنصه لم يرجع إلى أهله حتى يطوف بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم، وكان أعز قريش وأشدها شكيمة، وكان يومئذ مشركًا على دين قومِه، فلما مر بالمولاة، وقد قام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فرجع إلى بيته، فقالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لَقِيَ ابن أخيك محمد من أبي الحكم آنفًا، وجده ها هنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد.

فاحتمل حمزَة الغضبُ لما أراد الله تعالى به من كرامته، فخرج سريعًا لا يقف على أحد، كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت، معدًا لأبي جَهْلٍ أن يَقَعَ به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسًا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة شجه شجة منكرة، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقالوا: ما نَراك يا حمزة إلا قد صبأت، فقال حمزة: وما يمنعني، وقد استبان لي منه ذلك؟ أنا أشهد أنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأن الذي يقول الحقُّ، فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين؛ قال أبو جهل: دعوا أبا عمارة؛ فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبًا قبيحًا. وتم حمزة على إسلامه، فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد عز وامتنع، وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولون منه.

ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا، وأبلى فيها بلاء عظيمًا مشهورًا قَتَلَ شيبة بن ربيعة بن عبد شمس مبارزة، وشرِك في قتل عتبة بن ربيعة، اشترك هو وعلي رضي الله عنهما في قتله، وقتل أيضًا طعيمة بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، أخا المطعم بن عدي.

قال أبو الحسن المدائني: أول لواء عقده رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، بعثه في سرية إلى سيف البحر من أرض جهينة، وخالفه ابن إسحاق، فقال: أول لواء عقده لعبيدة بن الحارث بن المطلب.

وكان حمزة يُعْلم في الحرب بريشة نعامة، وقاتل يوم بدر بين يدي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بسيفين، وقال بعض أسارى الكفار: من الرجل المعلم بريشة نعامة؟ قالوا: حمزة رضي الله عنه. قال: ذاك فعل بنا الأفاعيل.

وشهد أحدًا، فقتل بها يوم السبت النصف من شوال، وكان قتل من المشركين قبل أن يقتل واحدًا وثلاثين نفسًا؛ منهم: سباع الخزاعي، قال له حمزة: هلم إلي يا ابن مقطعة البُظُور، وكانت أمه ختانة، فقتله.

قال ابن إسحاق: كان حمزة يقاتل يومئذ بسيفين، فقال قائل: أيُّ أسد هو حمزة! فبينما هو كذلك إذ عثر عثرة وقع منها على ظهره، فانكشف الدرع عن بطنه، فَزَرَقه وحشي الحبشي مولى جبير بن مطعم، بحربة فقتله.

ومثل به المشركون، وبجميع قتلى المسلمين إلا حنظلة بن أبي عامر الراهب، فإن أباه كان مع المشركين فتركوه لأجله، وجعل نساء المشركين: هند وصواحباتها يجْدَعْنَ أنف المسلمين وآذانهم ويبقرون بطونهم، وبقرت هند بطن حمزة رضي الله عنه فأخرجت كبده، فجعلت تلوكها فلم تسغها فلفظتها؛ فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "لَوْ دَخَلَ بَطْنَهَا لَمْ تَمَسَّهَا النَّارُ". فلما شهده النبي صَلَّى الله عليه وسلم اشتد وجده عليه، وقال: "لَئِنْ ظَفِرْتُ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ"، فأنزل الله سبحانه: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل 126، 127].(*) وروى أبو هريرة قال: وقف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على حمزة، وقد مثل به، فلم يَرَ منظرًا كان أوجع عليه منه فقال: "رَحِمَكَ الله، أَيْ عَمُّ، فَلَقَدْ كُنْتَ وَصُولًا لِلرَّحمِ فَعُولًا لِلْخَيْراتِ".(*) وروى جابر قال: لما رأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حمزة قتيلًا بكى، فلما رأى ما مثل به شهق، وقال: "لَوْلَا أَنْ تجِدَ صَفِيَّةُ لَتَركْتُهُ حَتَّى يحْشَرَ مِنْ بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ" (*)أخرجه أبو داود في السنن 2/ 213 كتاب الجنائز باب في الشهيد يغسل حديث رقم 3136 والترمذي في السنن 3/ 335، كتاب الجنائز (8) باب ما جاء في قتلى أحد وذكره حمزة (31) حديث رقم 1016 وأحمد في المسند 3/ 128، والبيهقي 4/ 10، والحاكم في المستدرك 1/ 365 والدارقطني في السنن 4/ 116، وأبو نعيم في الحلية 9/ 226 وذكره الهيثمي في الزوائد 3/ 27، والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 30034.. وصفية هى أم الزبير وهي أخته. وروى محمد بن عقيل، عن جابر قال: "لما سمع النبي صَلَّى الله عليه وسلم ما فعل بحمزة شهق، فلما رأى ما فعل به صعق".

ولما عاد النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة سمع النوح على قتلى الأنصار، قال: "لَكِنْ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ"(*) أخرجه ابن ماجة في السنن 1/ 507 كتاب الجنائز (6) باب ما جاء في البكاء على الميت (53) حديث رقم 1591، وأحمد في المسند 2/ 40، 84، والطبراني في الكبير 3/ 159، والبيهقي في السنن 4/ 70 والحاكم في المستدرك 1/ 381، وابن سعد في الطبقات 3/1/31 وذكره الهيثمي في الزوائد 6/ 123.. فسمع الأنصار فأمروا نساءهم أن يندبن حمزة قبل قتلاهم، ففعلن ذلك، قال الواقدي: فلم يزلن يبدأن بالندب لحمزة حتى الآن.

وقال كعب بن مالك يرثي حمزة، وقيل هي لعبد اللّه بن رواحة: [الوافر]

بَكَتْ عَينْي وَحُقَّ لَهَا بُكَاهَا وَمَا يُغْنِي البُكَاءُ وَلَا العَوِيلُ

عَلَى أَسَدِ الإِلهِ
غَدَاةَ
قَالُوا لِحَمْزَةَ:
ذَاكُمُ
الرَّجُلُ القَتِيلُ

أُصِيبَ
المُسْلِمُونَ
بهِ
جمِيعًا هُنَاكَ وَقَدْ أُصِيبَ بهِ الرَّسُولُ

أَبَا يَعْلَى، لَكَ الأَرْكَانُ
هُدَّتْ وَأَنْتَ
المَاجِدُ البرُّ
الوَصُولُ

عَلَيْكَ سَلَامُ رَبِّكَ
فِي جِنَانٍ يُخالِطُهَا
نَعِيمٌ
لَا
يَزُولُ

أَلَا
يَا هَاشِمَ
الأَخْيَارِ
صَبْرًا فَكُلُّ
فَعَالِكُمْ
حَسَنٌ جمِيلُ

رَسُولُ
الله
مُصْطَبِر
كَرِيمٌ بِأَمْرِ الله
يَنْطِقُ
إِذْ
يَقُولُ

أَلَا
مَنْ
مُبْلِغٌ
عَنِّي
لُؤَيًّا فَبَعْدَ
اليَوْمِ
دَائِلَةٌ
تَدُولُ

وَقَبْلَ
اليَوْمِ
مَا عَرَفُوا وَذَاقُوا وَقَائِعَنَا
بِهَا
يُشْفىَ
الغَلِيلُ

نَسِيتُمْ
ضَرْبَنَا
بِقَلِيبِ
بَدْرٍ غَدَاةَ
أَتَاكُمُ
المَوْتُ
العَجِيلُ

غَدَاةَ
ثَوَى أَبُو جَهْلٍ صَرِيعًا عَلَيْهِ
الطَّيرُ
حَائِمَةً
تجُولُ

وَعُتْبَةُ
وَابْنُهُ
خَرًّا
جمِيعًا وَشَيْبَةُ عَضَّهُ
السَّيْفُ الصَّقِيلُ

أَلَا
يَا هِنْدُ
لَا تُبْدِي
شَمَاتًا بِحَمْزَةَ
إِنَّ
عِزَّكُمْ
ذَلِيلُ

أَلَا
يَا هِنْدُ
فَابْكِي
لَا تَمَلِّي فَأَنْتِ
الوَالِهُ
العَبْرى
الثَّكُولُ

وكان مقتل حمزة للنصف من شوال من سنة ثلاث، وكان عمره سبعًا وخمسين سنة، على قول من يقول: إنه كان أسن من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل: كان عمره تسعًا وخمسين سنة، على قول من يقول: كان أسن من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بأربع سنين، وقيل: كان عمره أربعًا وخمسين سنة، وهذا يقوله من جعل مقام النبي صَلَّى الله عليه وسلم بمكة بعد الوحي عشر سنين، فيكون للنبي صَلَّى الله عليه وسلم اثنتان وخمسون سنة ويكون لحمزة أربع وخمسون سنة؛ فإنهم لا يختلفون في أن حمزة أكبر من النبي صَلَّى الله عليه وسلم.

أخبرنا أبو جعفر عبيد اللّه بن أحمد بن علي البغدادي بإسناده، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني رجل من أصحابي، عن مِقْسم، وقد أدركه، عن ابن عباس، قال صلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على حمزة فكبر سبع تكبيرات، ثم لم يؤت بقتيل إلا صلى عليه معه، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة.

وأخبرنا فتيان بن محمود بن سودان، أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا أبو القاسم عيسى بن الجراح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا محمد بن جعفر الوركاني، أخبرنا سعيد بن ميسرة البكري، عن أنس بن مالك قال: كان النبي صَلَّى الله عليه وسلم إذا كبر على جنازة كبر عليها أربعًا، وأنه كبر على حمزة سبعين تكبيرة.

وقال أبو أحمد العسكري: وكان حمزة أول شهيد صلى عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

أخبرنا محمد بن محمد بن سرايا بن علي الشاهد، ومسمار بن أبي بكر بن العويس، وغير واحد، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل الجعفي الإمام، حدثنا عبد اللّه بن يوسف، أخبرنا الليث، حدثني ابن شهاب، عن عبد اللّه بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبد الله قال: كان النبي صَلَّى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلي أحد في قبر واحد، يقول: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، وقال: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 4/ 62 كتاب الجنائز باب ترك الصلاة عليهم (62)حديث رقم 1955 وابن ماجة في السنن 1/ 485 كتاب الجنائز (6) باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم (28)حديث رقم 1514 وابن أبي شيبة في المصنف 3/ 325 والبيهقي في دلائل النبوة 3/ 295.. وأمر بدفنهم في دمائهم، فلم يغسلوا، ودفن حمزة وابن أخته عبد اللّه بن جحش في قبر واحد، وكفن حمزة في نَمِرة، فكان إذا تركت على رأسه بدت رجلاه، وإذا غطي بها رجلاه بدا رأسه، فجعلت على رأسه، وجعل على رجليه شيء من الإذْخِر.

وروى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: "كان ناس من المسلمين قد احتملوا قتلاهم إلى المدينة ليدفنوهم بها، فنهى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال: "ادْفِنُوهُمْ حَيْثُ صُرِعُوا".(*)

وقد روي عن حمزة، عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم حديث: أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان البزاز، أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: وفي كتابي عن عبد اللّه بن محمد بن ناجية، حدثنا عمر بن شبة، أخبرنا سري بن عياض بن منقذ بن سلمى بن مالك، ومالك ابن فاطمة بنت أبي مرثد كنَّاز بن الحصين حدثني منقذ بن سلمى، عن حديث جده أبي مرثد، عن حديث حليفه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، حديثًا مسندًا إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: "الْزَموُا هَذَا الدُّعَاءَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أّسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ وَرِضْوَانِكَ الأَكْبَرِ" (*)أخرجه الطبراني في الكبير 3/ 166 وذكره المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 3217، 3837..

أخبرنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي في كتابه، أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن إبراهيم، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن قالا: أخبرنا سهل بن بشر، أخبرنا علي بن منير، أخبرنا أبو طاهر الذهلي، أخبرنا محمد بن علي بن شعيب، أخبرنا خالد بن خداش، أخبرنا حماد بن زيد، عن أبي الزبير، عن جابر قال: استصرخنا على قتلانا يوم أحد، يوم حفر معاوية العين، فوجدناهم رطابًا يتثثنون، زاد عبد الرحمن: وذلك على رأس أربعين سنة، قالا: وقال حماد بن زيد: وزادني جرير بن حازم عن أيوب "فأصاب المرَّ رجل حمزة، فطار منها الدم".

أخرجه الثلاثة.

سلمي: بضم السين والإمالة. وحازم بالحاء المهملة.
(< جـ2/ص 67>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال