تسجيل الدخول


حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي

1 من 1
حمزة بن عبد المطلب:

حمزة بن عبد المطّلب بن هاشم، عمّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم. وكان يقالُ له: أسَد الله، وأَسَد رسولِه، يُكْنَى أبا عُمارة وأبا يَعْلَى أيضًا بابنيه عُمارة ويَعْلى.

أَسْلم في السّنة الثّانية من المبعث، وقيل: بل كان إسلام حمزة بعد دخول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دارَ الأرْقم في السّنة السّادسة من مَبْعَثه صلّى الله عليه وآله وسلّم، كان أسَنَّ من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأربع سنين، وهذا لا يصحُّ عندي، لأنّ الحديثَ الثّابتَ أن حمزة، وعبد الله بن عبد الأسد، أرضعتهما ثويْبَة مع رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، إلَّا أن تكون أرضعتهما في زمانين.

وذكر البكائيّ، عن ابن إسحاق، قال: كان حمزَةُ أسنَّ من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بسنتين. وقال المدائنيّ: أول سريّة بعثها رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مع حمزة بن عبد المطّلب في ربيع الأول من سنة اثنتين إلى سِيْفِ البحري من أرض جهينة، وخالفه ابن إسحاق فجعلها لعبيدة بن الحارث.

قال ابن إسحاق: وبعضُ النّاس يزعمون أنَّ رايةَ حمزة أول رايةٍ عقدها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. قال: وكان حمزة أَخا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الرّضاعة؛ أرضعتهما ثويبة قال أبو عمر: ولم تُدْرِك الإسلام، فما أسلم من أعمام رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلّا حمزة والعبّاس.

واختلف في أعمام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقيل: عشرة، وقيل: اثنا عشر، ومَنْ جعلهم اثني عشر جعل عبد الله أباه ثالث عشر من بني عبد المطّلب، وقال: هم أبو طالب، واسْمُه عبد مناف، والحارث، وكان أكبرَ ولد عبد المطّلب، والزّبير، وعبد الكعبة، وحمزة، والعبّاس، والمقوم، وحَجْل، واسمه المغيرة، وضرار، وقُثْم، وأبو لهب واسمُه عَبْد العزّى، والغَيْداق؛ فهؤلاء اثنا عشر رجلًا، كلُّهم بنو عبد المطّلب، وعبد الله أبو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثالث عشر، هكذا ذكرهم جماعةٌ من أهل العلم بالنّسب، ومنهم ابن كيسان وغيره.

ومَنْ جعلهم عشرة أسقط عبد الكَعْبة، وقال: هو المقوم، وجعل الغيداق وحَجْلًا واحدًا. ومَنْ جعلهم تسعة أَسْقط قُثم، ولم يختلفوا أنّه لم يُسْلم منهم إلّا حمزة والعبّاس.

قال أبو عمر: للزّبير بن عبد المطّلب ابنٌ يسمَّى حَجْلًا، وقد قال بعضهم: إنَّ اسمَه المغيرة أيضًا، وأما أبو لهب وأبو طالب فأدْرَكا الإسلام ولم يسلما. وكان عبد الله أبو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأبو طالب والزّبير وعبد الكعبة، وأم حكيم، وأميّة، وأرْوَى، وبرّة، وعاتكة بنات عبد المطّلب لأبٍ وأم، أمّهم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

وكان حمزة وصفيّة والمقوم وحَجْل لأبٍ وأم، أمُّهم هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زُهرة.

وكان العبّاس وضرّار وقُثم لأب وأم، أمُّهم نُتَيلة بنت جَناب بن كليب، من النّمر بن قاسط. وقيل: بل هي نُتَيلة بنت جندب بن عَمْرو بن عامر، من النّمر بن قاسط، وأمُّ الحارث صفية بنت جنيدب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صَعْصَعة، لا شقيقَ له منهم.

وقيل: أمّ الحارث سمراء بنت جنيدب بن جُنْدب بن حرثان بن سواءة بن عامر بن صعصعة، وأمّ أبي لهب لبّى بنت هاجر، من خُزَاعة.

شهد حمزة بَدْرًا، وأَبْلَى فيها بلاءً حسنًا مشهورًا. قيل: إنه قتَل عتبة بن ربيعة مبارزة يوم بَدْر، كذا قال موسى بن عقبة. وقيل: بل قتل شيبة بن ربيعة مُبارزة، قاله ابن إسحاق وغيره، وقتل يومئذ طعيمة بن عديّ أخا المطعم بن عديّ، وقتل يومئذ أيضًا سَباعًا الخزاعيّ. وقيل: بل قتله يوم أُحُد قبل أن يُقْتل، وشهِدَ أُحُدًا بعد بَدْر، فقُتل يومئذ شهيدًا، قتله وحشيّ بن حرب الحبشيّ، مولى جُبير بن عديّ على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من الهجرة، وكان يوم قُتل ابن تسع وخمسين سنةً، ودُفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش في قبْرٍ واحد.

رُوِي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: "حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاء".(*) ورُوي: "خَيْرُ الشُّهَدَاء، وَلَوْلَا أَنْ تجِدَ صَفِيَّةَ لَتَرَكْتُ دَفْنَهُ حَتَّى يُحْشرَ في بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ"(*)أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 199. والمتقي الهندي في كنز العمال، حديث رقم 33260.، وكان قد مُثّل به وبأصحابه يومئذ.

قال ابن جريج: مثَّل الكفَّار يوم أُحدٍ بقَتْلى المسلمين كلِّهم إلا حنظلة بن الرّاهب، لأنّ أبا عامر الراهب كان يومئذ مع أبي سفيان، فتركوا حنْظَلة لذلك.

وقال كثير بن زيد عن المطّلب، عن حنطب: لمّا كان يوم أُحُد جعلَتْ [[هند]] بنت عتبة والنّساء معها يجدَعن أنوف المسلمين، ويَبْقَرْنَ بطونهم، ويقطَعْنَ الآذان إلا حنظلة، فإنّ أباه كان من المشركين. وبَقرَتْ هند عن بطن حمزة فأَخْرَجت كبده، وجعلت تَلوك كبده، ثم لفظتْه؛ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: "لَوْ دَخَلَ بَطْنَهَا لَمْ تَدْخُلِ النَّارَ" قال: لم يمثَّل بأحدٍ ما مُثِّلَ بحمزة، قطعت هِنْد كبده، وجدعَتْ أنفه، وقطعت أذنيْه، وبقرتْ بطنه، فلما رأى النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ما صُنع بحمزة فقال: "لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لأُمَثِلَنَّ بِثَلَاثِينَ مِنْهُمْ"، فأنزلَ الله عزَّ وجل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ...}‏ [النحل‏: 126، 127] الآية.

قال معمر عن قتادة: مُثّل بالمسلمين يوم أُحد فأنزل الله تَعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ}‏‏ {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ}. ثم قال: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل‏: 127].(*)

حدّثنا خلف بن القاسم، حدّثنا محمد بن القاسم بن شعبان، حدّثنا محمد بن محمد ابن بدر، حدّثنا الحسن بن حماد سجادة، حدّثنا إسحاق بن يوسف، عن ابن عوف، عن عُمير بن إسحاق، قال: كان حمزة يقاتل بين يَدَيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم أُحد بسَيْفَيْن، فقال قائل: أي أسد! فبينا هو كذلك إذ عثر عَثرة فوقع منها على ظهْره، فانكشف الدرْعُ عن بَطنِه، فطعنه وحْشي الحبشيّ بحَرْبة. أو قال: برمح، فأنفذه.

وروى عبد الله بن نمير، عن أبي حماد الحنفيّ، عن عبد الله بن محمد عقيل، عن جابر بن عبد الله، قال: لما رأى النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حمزة قتيلًا بكى، فلما رأى ما مثَّل به شهق.(*)

وروى صالح المُريّ، عن سليمان التميميّ، عن أبي عثمان النهديّ، عن أبي هريرة، قال: وقف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على حمزة، قد قتِل ومثل به فلم يرَ منظرًا كان أوْجَع لقلبه منه، فقال: "رَحِمَكَ اللَّهُ أَيْ عَمّ، فَلَقَدْ كُنْتَ وَصُولًا للرَّحِمِ، فعُولًا لِلْخَيْرَاتِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ أَظْفَرَنِي اللَّهُ بِالْقَوْمِ لأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ". قال: فما برح حتى نَزلت: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}‏ [النحل: 126]. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "بَلْ نَصْبِرُ"، وكفَّر عن يمينه.(*)

وذكر الواقديّ قال: لم تَبْكِ امرأة من الأنصار على ميت بعد قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "‏لَكِنْ حَمْزَة لَا بَوَاكِي لَهُ إِلَى الْيَوْمِ"،(*) إلا بدأتْ بالبكاء على حمزة ثم بكت ميتها.

وأنشد أبو زيد عن عمر بن شبة لكعب بن مالك ـــ يرثي حمزة ـــ وقال ابن إسحاق هي لعبد الله بن رواحة: [الوافر]

بَكَتْ عَيْنِي وَحُقَّ لَهَا بُكَاهَا وَمَا يُغْنِي الْبُكَاءُ وَلَا العَوِيلُ

عَلَى أَسَدِ الإِلَهِ
غَدَاةَ
قَالُوا لِحَمْزَةَ
ذَاكُمُ
الرَّجُلُ القَتِيلُ

أُصِيبَ المُسْلِمُونَ
بِهِ
جَمِيعًا هُنَاكَ وَقَدْ أُصِيبَ بِهِ الرَّسُولُ

أَبَا يَعْلَى، لَكَ الأَرْكَانُ
هُدَّتْ وَأَنْتَ
المَاجِدُ
البَرُّ الوَصُولُ

عَلَيْكَ سَلَامُ رَبِّكَ فِي جِنَانٍ يُخَالِطُهَا نَعِيمٌ
لَا
يَزُولُ

أَلَا يَا هَاشِمَ
الأَخْيَارِ
صَبْرًا فَكُلُّ
فَعَالِكُمْ
حَسَنٌ جَمِيلُ

رَسُولُ
اللَّهِ
مُصْطَبِرٌ
كَرِيمٌ بِأَمْرِ
اللَّهِ
يَنْطِقُ
إِذْ
يَقُولُ

أَلَا مَنْ
مُبْلِغٌ
عَنِّي
لُؤَيًّا فَبَعْدَ
اليَوْمِ
دَائِلَةٌ
تَدُولُ

وَقَبْلَ اليَوْمِ مَا عَرَفُوا
وَذَاقُوا وَقَائِعَنَا
بِهَا
يُشْفَى
الغَلِيلُ

نَسِيتُمْ
ضَرْبَنَا
بِقَلِيبِ
بَدْرٍ غَدَاةَ
أَتَاكُمُ
المَوْتُ
العَجِيلُ

غَدَاةَ ثَوَى أَبُو جَهْلٍ صَرِيعًا عَلَيْهِ
الطَّيْرُ
حَائِمَةً
تَجُولُ

وَعُتْبَةُ وَابْنَةُ
خَرَّا
جَمِيعًا وَشَيْبَةُ عَضَّهُ
السَّيْفُ
الصَّقِيلُ

أَلَا يَا هِنْدُ لَا تُبْدِي
شَمَاتًا بِحَمْزَةَ إِنَّ عِزَّكُمُ
ذَلِيلُ

أَلَا يَا هِنْدُ فَابْكِي لَا تَمَلِّي فَأَنْتِ الوَالِهُ
العَبْرَى
الهَبُولُ
(< جـ1/ص 423>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال