تسجيل الدخول


ذو العين

قَتَادةُ بنُ النُّعْمَانِ بن زَيْد الأَنصاري الأَوسي ثم الظفَري:
أَخرجه ابن عبد البر، وابن منده، وأبو نعيم؛ إِلا أَن أَبا نعيم قال: "سقطت حدقتاه، فردهما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم"، وقال ابن الأثير: هذا لا يصح، إِنما سقطت إِحدى عينيه، فردها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ويعرف بذي العين، وقال ابن حِبَّانَ، وابن حجر: مَنْ زعم أن قتادة بن النعمان اثنان فقد وهم، وقال محمّد بن عمر: يكنى أبا عمر، وقال عبد الله بن محمّد بن عمارة الأنصاريّ: يكنى أبا عبد الله، وقيل كنيته أبو عثمان، وقيل: يُكنى أبا عمرو الأنصاري.
أمّه أُنَيسة بنت قيس بن عَمرو من بني النجّار من الخزرج، وكان لقتادة من الولد: عبد الله وأمّ عمرو وأمّهما هند بنت أوس بن خَزَمَةَ، من القَوَاقِل حلفاء في بني عبد الأشهل، وعمرو وحفصة وأمّهما الخنساء بنت خُنيس الغسّاني، ويقال بل أمّهما عائشة بنت جُرَيّ بن عمرو من بني ظفر، قال عبد الله بن محمد بن عمارة: وليس لقتادة اليوم عقب، وكان آخر من بقي من ولده عاصم ويعقوب ابنا عمر بن قتادة، وكان عاصم بن عمر من العلماء بالسيرة وغيرها، محدثا نسابة، أَكثر محمد بن إِسحاق الرواية عنه، وقد انقرضوا فلم يبق منهم أحد.
قال محمّد بن عمر: وقد شهد قتادة بن النعمان العَقَبة مع السبعين من الأنصار في روايته ورواية موسى بن عقبة وأبي معشر، ولم يذكره محمّد بن إسحاق في كتابه فيمن شهد العقبة، وقال خليفة، وابن حبان، وجماعة: "شهد بدرًا"، وشهد المشاهد كلّها، وأُصيبت عينه يوم بَدْر، وقيل يوم الخندق،فسالَت حدَقَتُه، فأرادوا قطعها، ثم أتوا النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم، فدفع حدقته بيده حتى وضعها موضعها، ثم غمزها براحته، وقال:‏ ‏"‏اللّهُم اكْسُهَا جَمالًا‏"، فجاءت وإنها لأحسن عينيه وما مرضت بعده‏(*)، وقال أبو عمر، والدار قطني، وابن شاهين: أن عين قتادة أُصيبت يوم أحد، روى جابر بن عبد الله، قال‏: أُصيبت عَيْنُ قتادة بن النّعمان يوم أحد، وكان قريبَ عَهْدٍ بعرْس، فأتى النّبي صَلَّى الله عليه وسلم، فأخذها بيده فردّها، فكانت أحسنَ عينيه وأحدّهما نظَرًا بعد أن كبر، وفي رواية أخرى عن عمر بن عبد العزيز: كنا نتحدث أنها تعلقت بِعرْقٍ فردَّها رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وفي رواية أخرى أنه قال: يا رسول الله إنّ عندي امرأة أحبّها وإن هي رأت عيني خشيتُ أن تُقْذِرَني، فردّها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فرجعت وكانت أقوى عينيه، وكانت معه راية بني ظَفَر يوم الفتح، وذكر الوَاقِدِيُّ أنه كان مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم يوم حُنَين.
كان رضي الله عنه من فضلاء الأنصار، وقَالَ الْبُخَارِيُّ: له صحبة، وحكى ابن شاهين، عن ابن أبي داود ـــ أنه أول مَنْ دخل المدينة بسورة من القرآن وهي سورة مريم، وكان قتادة من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم
روى الأصمعي، عن أَبي معشر المدني قال: وَفَّدَ أَبو بكر بن محمد بديون أَهل المدينة إِلى عُمَر بن عبد العزيز رَجُلًا من وَلِدَ قتادة بن النعمان، فلما قدم عليه قال: ممن الرجل فقال:
أَنَا ابْنُ الَّذِي سَالَتْ عَلَى الْخَدِّ عَيْنُهُ فَرُدَّتْ بِكَفِّ الْمُصْطَفَى أَحْسَنَ الْرَدِّ
فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ
لِأَوَّل
أمْرِهَا فَيَا حُسْنَ مَا عَيْنٍ وَيَا حُسْنَ مَا رَدِّ
فقال عُمَر بن عبد العزيز:
تِلْكَ الْمَكَارِمُ لاَقَعْبَانُ مِنْ
لَبَنٍ شِيبًا
بِمَاءٍ
فَعَادَا
بَعْدُ
أَبْوَالًا
وكان قتادة من فضلاءِ الصحابة، وروى أَبو سلمة، عن أَبي سعيد الخدري "أَن النبي صَلَّى الله عليه وسلم خرج ليلة لصلاة العشاء، وهاجت الظلمة والسماءُ، وبَرَقَت بَرْقة، فرأَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قتادة بن النعمان، فقال: "قتادة"؟ قال: نعم، يا رسول الله، علمت أَن شَاهِدَ الصلاة الليلة قليل، فأَحببت أَن أَشهدها، فقال له: "إِذا انصرفت فأَتني" فلما انصرف أَعطاه عُرجُونا، فقال: "خذ هذا يُضيء أَمامك عشرًا، وخلفك عشرًا".(*) وفي رواية أخرى: "خذ هذا فسيضيء لك، فإذا دخلْتَ البيت، ورأيتَ سوَادًا في زاوية البيت فاضرِبه قبل أن يتكلم، فإنه شيطان"(*).
روى قتادة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، روى عاصم بن عُمَرَ بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن قتادةَ بن النعمان: أَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "إِذَا أَحَبَّ الله الْعَبْدَ حَمَاهُ الْدُّنْيَا، كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ"
وروى عنه ابنه عمر بن قتادة، ومحمود بن لبيد، وأخوه لأمه أبو سعيد الخدريّ حديث: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}"‏تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ"‏‏(*). وقتادة بن النّعمان هذا هو الذي كان يقرؤها وكان يَتَقَالّها وعليه مخرج ذلك الحديث، وله في قصّة نزول‏: ‏{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ} [النساء 07‏1]‏ في بني أبيرق من الأنصار فضيلة كبيرة،‏ وحديثُه بذلك مشهور في السّير، وفي كتب تفسير القرآن.
وقال عمر بن قتادة: مات قتادة بن النعمان سنة ثلاثٍ وعشرين وهو يومئذٍ ابن خمسٍ وستّين سنة، وصلى عليه عمر بن الخطّاب، رحمه الله، بالمدينة ونزل في قبره أخوه لأمّه أبو سعيد الخُدريّ ومحمّد بن مسلمة والحارث بن خَزَمَةَ، وقال ابن أبي حاتم، وابن حبان: ونزل في قبره عمر بن الخطاب، وقيل: توفي سنة أربع وعشرين.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال