تسجيل الدخول


عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن غنم بن سالم...

عُبَادَة بن الصامت بن قيس الأنصارىّ السّالميّ، من القواقلة:
يكنى أبا الوليد. أمّه أم عُبادة قُرّة العين بنت عبادة بن نَضْلة. كان لعبادة بن الصامت من الولد: الوليد وأمّه جميلة بنت أبي صعصعة بن زيد، ومحمّد وأُمّه أمّ حرام بنت مِلْحان بن خالد. شهد عُبادة العَقَبة الأولى والثّانية والثالثة مع السبعين من الأنصار، وكان نقيبًا على القَواقِل بني عوف بن الخزرج، ففي الصَّحيحين، عن عبادة، قال: أنا من النّقباء الذين بايَعُوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ليلة العقبة... الحديث. (*)، وشهد بدْرًا والمشاهد كلّها، وقال ابْنُ يُونُسَ: شهد فَتْح مصر، وكان أمير رُبْع المدد.
قال محمد بن كعب القُرَظِيّ: جمع القرآن في زَمنِ النَّبي صَلَّى الله عليه وسلم خمسةٌ من الأَنصـار: معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأُبي بن كعب، وأَبو أَيوب، وأَبو الدرداء. وكان عبادة يعلم أَهل الصُّفَّة القرآن، ولما فتح المسلمون الشام كتب يزيد بن أبي سفيان إلى عُمر: قد احتاج أهلُ الشّام إلى مَنْ يعلِّمهم القرآن ويفقههم؛ فأرسل معاذًا وعُبَادة وأبا الدَّرداء، فأَرسلهم عمر بن الخطاب، وأَقام عبادة بحِمْص، وأَقام أَبو الدرداء بدمشق، ومضى معاذ إلى فلسطين، ثم صار عبادة بَعْدُ إلى فلسطين. قال ابن سعد: آخَى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين أبي مَرْثَد الغَنَويّ. أخرج حُميد بن زنجويه في كتاب "التَّرغيب"، عن أبي الأشعث: أنه راح إلى مَسْجِد دمشق، فلقي شداد بن أَوس والصَّنابحي، فقالا: اذهب بنا إلى أخ لنا نعودُه، فدخلا على عُبادة، فقالا: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت بنعمةٍ من الله وفَضْل. ومِنْ مناقبه ما ذكر في المغازي لابن إسحاق، عن عُبادة بن الصَّامت، قال: لما حارب بنو قَيْنُقَاع بسبب ما أمرهم عَبْدُ الله بن أبي ــ وكانوا حلفاءه ــ فمشى عُبَادة بن الصَّامت، وكان له من الحلف مثل الذي لعبد الله بن أبيّ، فخلعهم وتَبَرَّأَ إلى الله ورسوله مِنْ حِلْفهم، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ والنَّصَارَى...} [المائدة: 51] الآية.
روى عن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم كثيرًا، فروى عنه أنَس بن مالك، وأبو أبيّ أنس ابن أم حرام، وجابر بن عبد الله، وفضالة بن عُبيد، والمقدام بن معد يكرب، وأبو أمامة الباهليّ، ورفاعة بن رافع، وأوس بن عبد الله الثقفيّ، وشرحبيل ابن حّسنة، ومحمود بن الرّبيع، وأبو إدريس الخولاني، وأبو مسلم الخولانيّ، وعبد الرّحمن بن عسيلة الصُّنابحي، وحطان الرّقاشي، وأبو الأشعث الصّنعاني، وجُبير بن نُفير، وجُنادة بن أميّة، وبنوه: الوليد، وعبد الله، وداود، وآخرون.
قال جُنادة: دخلت على عُبادة، وكان قد تفقّه في دين الله. ولعبادة قصص متعددةٌ مع معاوية، وإنكاره عليه أشياء، وفي بعضها رجوعُ معاويةَ له، وفي بعضها شكواه إلى عثمان منه، تدلُّ على قوته في دين الله، وقيامه في الأمر بالمعروف. قال يعلى بن شداد: ذكر معاوية الفِرَار من الطّاعون، فذكر قصةً له مع عبادة، فقام معاوية عند المنبر بعد صلاة العصر، فقال: الحديث كما حدَّثني عُبادة، فاقتبسوا منه؛ فهو أفقَهُ مني. وروى أَبو الأَشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، وكان بدريًا: بايع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على أَن لا يخاف في الله لومة لائم، فقام من الشام خطيبًا فقال: يا أَيّها الناس، إِنكم قد أَحدثتم بيوعًا، لا أَدري ما هي؟ أَلا إِن الفضة بالفضة وزنًا بوزن، تبِرْها وعينها، والذهب بالذهب وزنًا بوزن، تبره وعينه، أَلا ولا بأْس ببيع الذَّهب بالفضة يدًا بيد، والفضة أكثرها، ولا يصلح نسيئة، أَلا وإن الحنطة بالحنطة مُدْيـا بمُدي، والشعير بالشعير مديًا بمدي، أَلا ولا بأس ببيع الحنطة بالشعير، والشعير أكثرهما، يدًا بيد، ولا يصلـح نسيئة، والتمر بالتمر مُدْيـًا بمُدْي، والملـح بالملح مديً بمدي، فمن زاد أو ازداد فقد أَربى.
استعمله النبي صَلَّى الله عليه وسلم علي بعض الصدقات، وقال له: "اتَّقِ الله، لاَ تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبَعِيْرٍ تَحْمِلُهُ لَـهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ لَهَا ثَوأجٌ"! قال: فو الذي بعثك بالحق لا أعمل على اثنين(*). قال الأوزاعيّ:‏ أول مَنْ تولَّى قضاء فلسطين عُبادة بن الصّامت، وكان معاوية قد خالفه في شيء أنكره عليه عُبادة في الصّرف، فأغلظ له معاوية في القول، فقال له عُبادة‏: لا أُساكنك بأرضٍ واحدة أبدًا، ورحل إلى المدينة، فقال‏‏ له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره، فقال:‏ ارجع إلى مكانك؛ فقبَّح الله أَرضًا لست فيها ولا أمثالك‏، وكتب إلى معاوية: لا إمْرةَ لك على عُبادة. وذكر خَلِيفَةُ أن أبا عبيدة ولاّه إمْرَة حمص، ثم صرفه؛ وولى عبد الله بن قُرط.
قال الوليد بن عبادة: كان عبادة بن الصامت رجلًا طوالًًا جسيمًا جميلًا، ومات بالرملة من أرض الشام سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان بن عفّان وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وله عقب. قال محمّد بن سعد: وسمعتُ من يقول: إنّه بقي حتّى توفّي في خلافة معاوية بن أبي سفيان بالشأم. وقيل: مات بفلسطين، ودُفن بالبيت المقدس، وقَبْرُه بها معروف إِلى اليوم، وقيل:‏ إِنه تُوفِّي بالمدينة، والأول أشهر وأكثر، وقيل: توفي سنة خمس وأَربعين أَيام معاوية، والأَول أَصح. وأورد ابْنُ عَسَاكِرَ في ترجمته أخبارًا له مع معاوية تدلُّ على أنه عاش بَعْدَ ولايةِ معاوية الخلافة، وبذلك جزم الهيثم بن عديّ.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال