تسجيل الدخول


عمرو بن معد يكرب الزبيدي

((عَمْرو بن معد يكرب بن عبد الله بن عمرو بن عُصْم بن زُبَيْد الأصغر بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبه، وهو زُبَيْد الأكبر بن صعب بن سَعْد العشيرة)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((عمرو بن مَعْدِيكَرِب بن عبد الله بن عمرو بن عُصْم بن عمرو بن زُبيد الصغير، وهو مُنبّه بن ربيعة بن سَلَمة بن مَازِن بن رَبيعة بن مُنَبَّه. وهو ِجماع زُبيد)) الطبقات الكبير. ((عَمْرو بنُ مَعْدِ يكَرِب بن عَبْد اللّه بن عَمْرو بن حُصم بن عمرو بن زُبَيد الأَصغر، وهو مُنَبِّه، بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن مُنَبِّه بن زُبَيد الأَكبر بن الحارث بن صعب بن سعد العشيرة بن مَذْحِج الزُّبَيدي المذْحِجِي، أَبو ثَور. كذا نسبه أَبو عمر. وقال هشام الكلبي "عُصْم" بدل "حصم".)) أسد الغابة. ((يقال في نسبه: عمرو بن معديكرب بن عبد الله بن عمرو بن عاصم بن عمرو بن زُبيد الأصغر، وهو منبه بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبّه بن زُبيد الأكبر بن الحارث بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن عمرو بن زهير عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: قدم عمرو بن معديكرب في عشرة من زبيد من قومه على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان عمرو قد قال لقيس بن مكشوح المرادي حين انتهى إليهم أمر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: يا قيس، إنك سيد قومك اليوم، وقد ذُكِرَ لنا أن رجلًا من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول إنه نبي، فانْطَلِق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبيًا كما يقول، فإنه لن يخفى علينا إذا لقيناه اتبعناه، وإن كان غير ذلك علمنا علمه: فإنه إن يسبق إليه رجل من قومك سَادَنَا وَتَرأَّسَ علينا وكنا له أذْنَابًا فأبَى عليه قيس وسفّه رأيه. فركب عَمرو بن معديكرب حتى قدم المدينة، فقال حين دخلها وهو آخذ بزمام راحلته: من سيد أهل هذه البحيرة من بني عمرو بن عامر؟ فقيل له: سعد بن عُبادة، فأقبل يقود راحلته حتى أناخ ببابه، فقيل لسعد: عمرو بن معديكرب، فخرج إليه سعد فرحَّب به وأمر برَحْله فحط وأكرمه وحَبَاه، ثم رَاحَ به إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلم وأقام أيامًا، وأجازه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم،كما يجيز الوفد، وانصرف راجعًا إلى بلاده.(*) وأقام عمرو مع زبيد قومه وعليهم فَرْوَة بن مُسَيك سامعًا مطيعًا إذا أراد أن يغزو أطاعه، وكان فروة يصيب كل من خالفه، فلما بلغ قيس بن مكشوح خروج عمرو بن معديكرب أوعدَ عمرًا وتحطم عليه: خَالَفني وترك رأيي، وقال عمرو في ذلك شعرًا. قال محمد بن عمر سمعتها من مشيختنا:

أمرتكَ
يوم ذى صَنْعا ء أمرًا باديًا رَشَدُهُ

أَمَرْتُكَ
باتِّقَاء
اللــ ـه والمعروف تأتقدُهُ

خرجتَ من المني مثل الــ ـحُمَيِّر عَارُه وتِدُهْ

وجعل عمرو بن معديكرب يقول: قد خبرتك يا قيس بن مكشوح، إنك يا قيس ستكون ذَنَبًا تابعًا لفروة بن مسيك، وجعل فروة يطلب قيس بن مكشوح كل الطلب حتى فرّ من بلاده. فلما توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثبت فروة بن مسيك على الإسلام، يغير على من خالفه بمن أطاعه، وارتدّ عمرو بن معديكرب بعد وفاة النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقال حين ارتد وهي ثبت:

وَجَدْنَا مُلْكَ فَرْوَةَ شَرّ مُلْكٍ حِمَارًا سافَ مَنْخِرُهُ بعَذْرِ

وكنتَ إذا رأيتَ أبا عُمَيْر ترى الحُوَلاَء من خُبْثٍ وَغَدْرِ

وجعل فروة بن مسيك يطلب مَن ارتد عن الإسلام ويقاتله. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني ابن أبي سبرة عن عبد الملك بن نوفل أن عمرو بن معديكرب قال: كانت خيل المسلمين تنفر من الفيلة يوم القادسية وخيل الفُرس لا تنفر، فأمرت رجلًا فَتَرَّسَ عني، ثم دنوتُ من الفيل وضربتُ خَطمه فقطعته: فَنَفَرَ ونفرت الفيلَة فحطمت العسكر، وألح المسلمون عليهم حتى انهزموا.)) الطبقات الكبير.
((سيَّره أَبو بكر إِلى الشام، فشهد اليرموك.)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني أسامة بن زيد الليثي عن أبان بن صالح قال: قال عمرو بن معديكرب يوم القادسية: ألزموا خراطيم الفيلة السيوف: فإنه ليس لها مقتل إلا خرطومها. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا ابن أبي سبرة عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير قال: حدّثنا نيار بن مكرم الأسلمي قال: شهدتُ القادسية فرأينا يومًا اشتد فيه القتال بيننا وبين الفُرس، ورأيتُ رجلًا يفعل بالعدو يومئذ الأفاعيل، قلت: مَن هذا جزاه الله خيرًا؟ قيل: عمرو بن معديكرب. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني منصور بن أبي الأسود عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيْس بن أبي حازم قال: شهدتُ القادسية فسمعت عمرو بن معديكرب وهو يمشي بين الصَّفَّين وهو يقول: يا معشر المسلمين، كونوا أُسُودًا، أَسَدٌ أَغْنَى شَاتَه، إنما الفارسي تيس بعد أن يضع نيزكه، وأسوارهم لا تقع له نشابة، فقلنا له: احذر أبا ثَور فرماه الأسوار فما أخطأ قوسه، وشد عليه عمرو فأخذه وسقطا إلى الأرض جميعًا فتكشف عنهما وإن عمرًا لعلى صدره يذبحه وأنا أنظر، وأخذ سَلَبه سوارين وَيَلْمَق ديباج. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني ابن أبي سبرة عن عيسى الحناط قال: أتى عمرو بن معديكرب يوم القادسية بفرس فهزه، فقال: هذا ضعيف، ثم أتى بآخر فأخذ مَعرفته فهزه فقال: هذا ضعيف، ثم أتى بآخر فأخذ معرفته فهزه فقال: هذا ضعيف، ثم أتى بآخر فأخذ معرفته فهزه فركضه، فقال: لأصحابه إني حامل فعابر الجسر، فإن أسرعتم أدركتموني وقد عقر بي القوم ووجدتموني قائمًا بينهم، وإن أبطأتم عني وجدتموني قتيلًا بينهم قد قُتلت وجُردت، فحمل عمرو فوجدناه قائمًا قد عقر به على ما وصف. قال: أخبرنا محمد بن عمر عن ربيعة بن عثمان قال: لما ولى عمر النعمان بن مقرن على الناس يوم نَهَاوَند كتبَ إليه: إِنّ في جندك عمرو بن معديكرب وطُلَيحة بن خُوَيلد الأسدي فأحضرهما وشاوِرْهما في الحرب. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني بكير بن مسمار عن زياد مولى سعد قال: سمعتُ سعدًا يقول: وبلغه أن عمرو بن معديكرب وَقَع في الخمر وأنه قد دُلِّه، فقال: لقد كان له موطن صالح، لقد كان يوم القادسية عظيم الغناء شديد النكاية للعدو، فقيل له: قيْس بن مكشوح، فقال: كان هذا أبذل لنفسه من قيس وإن قيسًا لشجاع.)) الطبقات الكبير. ((قال ابن عائذ في المغازي: سمعْت أبا مسهر يحدِّث عن محمد بن شعيب؛ عن حبيب، قال: قال مالك بن عبد الله الخَثْعَمي: ما رأيْتُ أشرفَ من رجل برزَ يَوْمَ اليرموك، فخرج إليه عِلْج فقتله، ثم انهزموا وتبعهم؛ ثم انصرف إلى خِباءِ عظيم. فنزل ودعا بالجفان، ودعا مَنْ حَوْله، فقلت: مَنْ هذا؟ قيل: عمرو بن معد يكرب. وقال الهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: أصيبت عَيْنُه يوم اليَرْمُوك. وأخرج أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وابْنُ عَائِذٍ، وابْنُ السَّكَنِ، وَسَيْفُ بْنُ عُمَرَ، والطَّبَرَانِيُّ، وغيرهم، بسندٍ صحيح، عن قيس بن أبي حازم، قال: شهدتُ القادسية فكان سَعْدٌ على الناس، فجعل عَمْرو بن معد يكرب يمرُّ على الصفوف، ويقول: يا معشر المهاجرين، كونوا أُسُودًا أشدّاء؛ فإنّ الفارس إذا ألقى رُمْحَه يئس، فرماه أُسْوَارٌ من الأساورة بنُشّابة، فأصاب سِيَة قَوْسِهِ، فحمل عليه عَمْرو فطعنه فدَقّ صلبه، ونزل إليه فأخذ سلبه. وأخرجها ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ وجهٍ آخر أطول مِنْ هذا؛ وفي آخرها: إذ جاءته نَشّابة فأصابت قَرَبوس سَرْجِه، فحمل على صاحبها، فأخذه كما تؤخذ الجارية، فوضعه بين الصفين، ثم احتزّ رَأْسَه، وقال: اصنعوا هكذا. وروى الوَاقِدِيُّ مِنْ طريق عيسى الخياط، قال: حمل عمرو بن معد يكرب يوم القادسية وَحْدَه فضرب فيهم، ثم لحقه المسلمون وقد أحدقوا به وهو يضرب فيهم بسيفه، فنحَّوْهم عنه. ورأيت في ديوانه، رِواية أبي عمرو الشيباني، من نسخةٍ فيها خط أبي الفتح بن جني قصيدةً يقول فيها:

وَالقَادِسِيَّةُ حِينَ زَاحَمَ رُسْتُمٌ كُنَّا الكُمَاةَ نَهِرُّ كالأشْطَانِ

وَمَضَى رَبِيعٌ بِالجُنُودِ مُشَرِّقًا يَنْوِي الجِهَادَ وَطَاعَةَ الرَّحْمَنِ
[الكامل]

وأخرج الطَّبَرَانِيُّ عن محمد بن سلام الجمحي، قال: كتب [[عمر]] إلى سعد: إني أمددتكَ بألفي رجل: عمرو بن معدِ يكرب، وطليحة بن خُويلد. وذكر ابْنُ سَعْدٍ عن الوَاقِدِيِّ، عن رَبِيعَةَ، عن عثمان: لما ولي النعمان بن مقرّن كتب إليه لما توجه إلى نهاوند: إن في جندك عمرو بن معد يكرب، وطليحة بن خويلد، فأحضرهما وشاوِرْهما في الحرب. وأخرج مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بن أبي شيبة في تاريخه، مِنْ طريق مغيرة بن مِقْسَم، قال: كتب عمر إلى سعد وإلى النعمان بن مُقَرّن فذكر نحوه، وزاد وجرير بن عبد الله البجَلي، وعلباء بن الهيثم. وقد أخرج ابْنُ أبِي شَيْبَةَ بسندٍ صحيح، عن عبد الملك نحو الأول؛ وزادوا: لا تعطهما من الأمر شيئًا، فإن كل صانع أعلم بصناعته. وقال ابْنُ عَائِذٍ: حدثنا عبد الرحمن بن مَغْرَاء، حدثنا جابر بن يحيى القارئ، قال: لما افتتح سعد العراق ودرّ له الخراج أوفد عَمْرو بن معد يكرب إلى عُمَر يذكرُ له شجاعته، وحُسْنَ مؤازرته.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قال أبو عمر:‏ أقام بالمدينة برهة، ثم شهد عامة الفتوح بالعراق، وشهد مع أبي عبيد بن مسعود)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال أبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ المُثَنَّى: شهد عَمْرو بن معد يكرب القادسيةَ، وهو ابْنُ مائةٍ وست سنة. وقيل مائة وعشرة.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((أنبأنا خلف بن قاسم، حدّثنا الحسن بن رشيق، حدّثنا محمد بن رمضان بن شاكر، حدّثنا محمد بن عبد الله بن الحكم، حدّثنا الشّافعي، قال: وَجَّهَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب، وخالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنهما إلى اليمن، وقال: "إذا اجتمعْتُما فعلي أمير، وإِن افترقتما فكلُّ واحد منكما أمير"، فاجتمعا، وبلغ عمرو بن معديكرب مكانهما، فأَقبل في جماعةٍ من قومه، فلما دنا منهما قال: دعوني حتى آتي هؤلاء القوم، فإني لم أُسَمَّ لأحد قط إلا هابني، فلما دنا منهما نادى‏: أبا أبو ثور، أنا عمرو بن معديكرب. فابتدراه عليّ وخالد، وكلاهما يقول لصاحبه: خَلّني وإياه ويفديه بأبيه وأمّه. فقال عمرو إِذْ سمع قولهما: العرب تفزع منّي، وأراني لهؤلاء جزرًا، فانصرف عنهما‏.(*) وكان عمرو بن معديكرب شاعرًا محسنًا، ومما يستحسن من شعره قوله: [الوافر]

إِذَا لَـمْ تَسْتََطعْ شَيْئًا فَدَعْهُ وَجَاوِزْهُ إِلَى مَا تَسْتَطِيعُ

وشعره هذا من مذهبات القصائد أوله: [الوافر]

أَمِنْ رَيْحَانَةِ الدَّاعِي السَّميعُ يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحَابِي هُجُوعُ

ومما يستجاد أيضًا من شعره قوله: [الوافر]

أَعَاذِلُ عُدَّتِي بُدْنِي وَرُمْحِي وَكُلُّ مُقَلِّصٍ سَلِسِ القِيَادَ

أَعَاذِلُ
إِنَّمَا
أَفْتَى
شَبَابِي إِجَابَتِيَ الصَّرِيخَ إِلَى المُنَادِيِ

مَعَ الأَبْطَالِ حَتَّى سُلَّ جِسْمِي وَأَقْرَحَ عَاتِقِي حَمْلُ النّجَادِ

وَيَبْقَـىَ بَعْدَ حِلْمِ القَوْمِ حِلْمِي وَيَفْنَى قَبْلَ زَادِ القَوْمِ زَادِيَ

وفيها يقول: [الوافر]

تَمَنَّى
أَنْ
يُلَاقِيِنيِ
قُبَيْسٌ وَدِدْتُ فَأَيْنَمَا مِنِّي وِدَادِي

فَمَنْ ذَا عَاذِرِي مِنْ ذِي سَفَاهٍ يَرُودُ
بِنَفْسِ
شَرَّ
المُراَدِ

أُرِيدُ
حَيَاتَهُ
وَيُرِيدُ
قَتْلِي عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِ

في أبيات له كثيرة من هذه.‏ وتروى هذه الأبيات لابن دريد بن الصّمة أيضًا، وهي لعمرو بن معديكرب أكثر وأشهر. والله أعلم‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال ابْنُ مَنْدَه: عداده في أهل الحجاز. وقال ابن ماكولا: له صحبة ورواية. وقال أبو نعيم: له الوقائع المذكورة في الجاهلية، وله في الإسلام بالقادسية بلاءٌ حسن. قال ابْنُ أَسْحَاقَ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: قدم عمرو بن معد يكرب على رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم في وفد زُبيد فأسلم،(*) وله قصةٌ مع قَيْس بن المكشوح المرادي. وذكر ابْنُ سَعْدٍ، عن الوَاقِدِيِّ، عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زُهَيرٍ، عن محمد بن عمارة بن خزيمة، قال: قال عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يكِربَ لقيس بن مكشوح حين انتهى إليهم أمْرُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم: قد ذُكر لنا أنَّ رجلًا من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول: إنه نبي، فانطِلقْ بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبيًا فلن يخفَى علينا. [[فأبى]] قيس فركب عمرو إلى المدينة، فنزل على سعد بن عبادة، فأكرمه، وراح به إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلم، وأجازه النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فرجع إلى قومه؛ فأقام فيهم مسلمًا مطيعًا؛ وكان عليهم فَرْوَة بن مسيك؛ فلما مات النبي صَلَّى الله عليه وسلم ارتد عَمْرو. وذكر ذلك سَيْفٌ في كتاب "الرِّدَّة" وأن المهاجر بن أبي أمية أسر عَمْرو بن معد يكرب، فأرسله إلى أبي بكر، فعاود الإسلام. قال الخَطِيبُ في "المتَّفِق والمُفْتَرِق": يقال: إنّ له وفادة: وقيل لم يَلْقَ رسولَ الله صَلََّى الله عليه وسلم؛ وإنما قدم إلى المدينة بعد وفاته، وحضر القادسية، وأبْلَى فيها. وروينا في مَنَاقِب الشَّافعي لمحمد بن رمضان بن شاكر: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا الشافعي، قال: وَجَّه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم عليًّا، وخالد بن سعيد؛ إلى اليمن؛ فبلغ عمرو بن معد يكرب ما قِيل في جماعةٍ من قومه، فقال لهم: دَعُوني آتِ هؤلاء القوم؛ فإني لم أسمَّ لأحدٍ قط إلا هابني؛ فلما دنا منهما قال: أنا أبو ثَوْر، أنا عمرو بن معد يكرب، فابتدرَاه، كلّ منهما يقول خَلِّني وإياه. فقال عمرو: العرَبُ تفزَّع بي، وأراني لهؤلاء جزَرًا؛ فانصرف(*). وأخرج مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ في تاريخه، مِنْ طريق خلاد بن يحيى، عن خالد بن سعيد، عن أبيه، قال: بعث النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم خالد بن سعيد بن العاص إلى اليمن، وقال له: "إِنْ مَرَرْتَ بِقَرْيَةٍ فَلَمْ تَسْمَعْ أَذانًا فَاسْبِهِمْ"، فمرّ ببني زُبيد فلم يسمع أَذانًا فسباهم، فأتاه عَمْرو بن معد يكرب فكلمه فيهم، فوهبهم إياه؛ فوهب له عَمْرٌو سيْفَه الصَّمْصاَمة، فتسلّحه خالد بن سعيد؛ فقال له عمرو: على صَمْصَامَة السيفِ السلامُ في أبيات له.(*) ومدح عَمْرو بن معد يكرب خالدَ بن سعيد بقصيدةٍ أشرْتُ إليها في ترجمة خالد [[ثبت في ديوان عمرو بن معد يكرب أنه مدح خالد بن سعيد بن العاص لما بعثه النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم مصدّقًا عليهم بقصيدة يقول فيها:

فَقُلَتْ لِبَاغِي الخَيْرِ إِنْ تَأْتِ خَالِدا نُسَرَّ وَتَرْجِعْ نَاعِمَ البَالِ حَامِدا]] <<من ترجمة خالد بن سعيد بن العاص "الإصابة في تمييز الصحابة".>>.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قدم على النبي صَلَّى الله عليه وسلم في وفد مُرَاد، لأَنه كان قد فارق قومه سعدَ العشيرة ونزل في مُرَاد، ووفد معهم إِلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فأَسلم معهم. وقيل: إِن عمرًا قدم في وفد زبيد قومه، والله أَعلم. وكان إِسلامه سنة تسع. وقال الواقدي: سنة عشر. ولما أَسلموا عادوا إِلى بلادهم، فلما توفي النبي صَلَّى الله عليه وسلم ارتدَّ مع الأَسود العَنْسي، فسار إِليه خالد بن سعيد بن العاص فقاتله، فضربه خالد على عاتقه، فانهزم، وأَخذ خالد سيفه الصِّمْصَامة. فلما رأَى عمرو قدومَ الإِمداد من أَبي بكر رضي الله عنه إِلى اليمن، عاد إِلى الإِسلام، ودخل على المهاجر بن أَبي أُمية بغير أَمان، فأَوثقه وسيرَّه إِلى أَبي بكر، فقال له أَبو بكر: أَما تستحيي! كلّ يوم مهزوم أَم مأْسور! لو نصرتَ هذا الدين لرفعَك الله! قال: لا جَرَم لأُقبِلَنَّ ولا أَعود. فأَطلقه ورجع إِلى قومه، ثم عاد إِلى المدينة)) أسد الغابة.((قال: أخبرنا عبد الله بن الزبيري الحميدي قال: حدّثنا سفيان قال: حدّثنا إسماعيل عن قيس قال: شهدتُ الأشعث وعمرو بن معديكرب وقَعَ بينهما كلام في المسجد قال: فقال له الأشعث: والله لئن جئتك لَأُضَرِّطَنّك، فقال له أبو ثور عمرو بن معديكرب: كلا، والله إنها لَعَزُومٌ مُفَزَّعة. قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني قال: حدّثني أبي عن عَمرو بن شمر عن أبي طَوق عن شرَحبيل بن القعقاع أنه قال: سمعتُ عمرو بن معديكرب يقول: لقد رأيتنا من قريب ونحن إذا حججنا في الجاهلية نقول:

لَـبّـَيـْكَ تعظيما إليك عذرا هـذي زُبَـيد قـد أتـتـك قسرا

تـقـطـع من بين عَضَاه سمرَا تَـعْـدُو بـهـا مُـضـمّـرات شُـزْرَا

يقطعن خَبتًا وجِبَالا وعْـرَا قد تَرَكوا الأوثَان خِلْوًا صِفرَا
فنحن والحمد لله نقول اليوم كما علمنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلت: يا أبا ثور وكيف علمكم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والملك، لا شريك لك، وكنا نمنع الناس أن يقفوا بعرفات في الجاهلية فأمرنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن نخلي بينهم وبين بطن عرفة، وإنما كان موقفهم ببطن محسر عشية عرفة فرقًا أن نتخطفهم وقال لنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنما هم إذا أسلموا إخوانكم".(*))) الطبقات الكبير. ((أخرج ابْنُ سَعْدٍ وَالبَغَوِيُّ، والهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْب، والزبير في الموفقيات، والطبراني، وابن منده، من طريق شَرْقي بن قُطامي، عن أبي طلق الغامدي، عن شراحيل بن القعقاع، عن عَمْرو بن معد يكرب، قال: لقد رأيتنا من قريب ونحن إذا حججنا قلنا:

لَبَّيْكَ تَعْظِيمًا إلَيْكَ عُذْرَا هَذِي زُبَيدٌ قدْ أتَتْكَ قَسْرَا
يَقْطَعْنَ خَبْتًا وَجِبَالًا وعْرَا

[الرجز]

الحديث؛ وفيه: وكنا نمنع الناسَ أن يقِفُوا بعرفة، ونَقِف ببطن مُحَسِّر يمنة عرفة، فَرَقًا من أن يتخطَّفنا الجن، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أجِيزُوا بَطْنَ عَرفَةَ، فَإنَّما هُمْ إذَا أسْلَمُوا إخْوَانُكُم" أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 12420. قال: فعلَّمنا النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم التلبية: "لبيك اللهم لبيك..." إلى آخرها.(*) لفظ الطبراني. وقال في "الأوْسَطِ": لم يَرْوِه عن شَرْقي إلا محمد بن زياد. وأخرجه ابن منده مِنْ طريق أحمد بن محمد بن الصلت، عن محمد بن زياد، فخالف السند الأول؛ فقال عن شرقي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: سمعت عَمْرو بن معد يكرب. وابن الصلت متروك. وقال يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ أبِي أوَيْسٍ، حدثنا أبي عن عَمْرو بن شمر، عن أبي طوق، عن شرحبيل، كذا قال عمرو بن شمر فيهما. قال عَبْدُ الغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ: اسْمُ أبي طلق الغامدي عدي بن حنظلة؛ وله حديث آخر في فضل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} موقوف، أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق، والدينوري في المجالسة بسندَيْن كلٌّ منهما واهٍ ـــ أن عمرو بن معد يكرب كان في مجلس عُمر بن الخطاب، فذكره.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((كان فارس العرب مشهورًا بالشّجاعة)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((أخرج الدُّولَابِيُّ عن أبي بكر الوجيهي، عن أبيه، عن أبي صالح بن الوجيه، قال: في سنة إحدى وعشرين كانت وقعة نَهَاوَنْد، فقتل النعمان بن مُقرِّن، ثم انهزم المسلمون. وقاتل عمرو بن معد يكرب يومئذ حتى كان الفتح فأثبتَتْه الجراحة فمات بقرية رُوذة. قال الوجيهِيُّ: وأنشدني غيره في ذلك لدعبل بن علي الخزاعي:
الطويل

لَقَدْ عَادَت الرُّكْبَانُ حِينَ تَحَمَّلُوا بِرُوذَةَ شَخْصًا لَا جَبَانًا وَلَا غمْرَا

فَقُلْ لِزُبَيْدٍ بَلْ لِمَذْجِحَ
كُلِّهَا رزئْتُمْ أبَا ثَوْرٍ قَريِعَ الوَغَى عَمْرَا
ومن طريق خَالِدِ بْنِ قَطَنٍ، حدثني مَنْ شهد مَوْتَ عمرو بن معد يكرب: كان قد رقد، فلما أرادوا الرحيلَ أيقظوه، فقام، وقد مال شقّه، وذهب لسانُه، فلم يلبث أنْ مات؛ فقالت امرأته الجعفرية... فذكر البيتين. وقال المرْزَبَانِيُّ: مات في خلافة عثمان بالفالج. وقد جاوز المائة بعشرين سنة، وقيل بخمسين. وحكى أبُو عمرو أنه مات بالقادسية إمَّا قتيلًا وإما عطشًا. وقيل: بل بعد وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين. قلت: وقيل: إنه عاش بعد ذلك، ففي كتاب المعمرين لابْنِ أبي الدنيا، من طريق جُويرية بن أسماء، قال: شهد صِفّينَ غَيْرُ واحد أبناء خمسين ومائة، منهم عمرو بن معد يكرب. وأخرج أحْمَدُ بْنُ سيارٍ، وَعَمْرو بْنُ شَبَّةَ، من طريق رُميح بن هلال، عن أبيه: رأيت عمرو بن معد يكرب في خلافةِ معاوية شيخًا عظيمَ الْخِلقَة، أعظم ما يكون مِنَ الرجال، أجَشَّ الصوت، إذا التفت التفت بجميع جَسده.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال