1 من 2
عمرو بن مَعْدِيكَرِب
ابن عبد الله بن عمرو بن عُصْم بن عمرو بن زُبيد الصغير، وهو مُنبّه بن ربيعة بن سَلَمة بن مَازِن بن رَبيعة بن مُنَبَّه. وهو ِجماع زُبيد، وهو من مَذْحِج. وكان عمرو بن معديكرب فارس العرب.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا عبد الله بن عمرو بن زُهير، عن محمد بن عُمارة بن خُزيمة بن ثابت قال: قَدِم عَمرو بن مَعديكرب في عشرة من زُبيد المدينة فقال حين دخلها، وهو آخذ بزمام راحلته: مَنْ سيّد أهل هذه البحرة من بني عمرو بن عامر؟ فقيل له: سعد بن عُبادة. فأقبل يقود راحلته حتى أناخ ببابه، فخرج إليه سعد فرحّب به وأمر برحله فحُطّ وأكرمه وحباه ثمّ راح به إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلم وأقام أيـّامًا، وأجازه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، كما كان يجيز الوفدَ، وانصرف راجعًا إلى بلاده. فلمّا قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ارتدّ عمرو بن معديكرب فيمن ارتدّ باليمن ثمّ رجع إلى الإسلام وهاجر إلى العراق وشهد فتح القادسيّة وغيرها وأبلَى بـَلاءً حسنًا.
(< جـ8/ص 85>)
2 من 2
عمرو بن مَعْدِيكَرب
ابن عبد الله بن عمرو بن عُصْم بن عمرو بن زبيد الأصغر، وكان عمرو فارس العرب ويكنى أبا ثور، وفد إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأسلم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن عمرو بن زهير عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: قدم عمرو بن معديكرب في عشرة من زبيد من قومه على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان عمرو قد قال لقيس بن مكشوح المرادي حين انتهى إليهم أمر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: يا قيس، إنك سيد قومك اليوم، وقد ذُكِرَ لنا أن رجلًا من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول إنه نبي، فانْطَلِق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبيًا كما يقول، فإنه لن يخفى علينا إذا لقيناه اتبعناه، وإن كان غير ذلك علمنا علمه: فإنه إن يسبق إليه رجل من قومك سَادَنَا وَتَرأَّسَ علينا وكنا له أذْنَابًا فأبَى عليه قيس وسفّه رأيه.
فركب عَمرو بن معديكرب حتى قدم المدينة، فقال حين دخلها وهو آخذ بزمام راحلته: من سيد أهل هذه البحيرة من بني عمرو بن عامر؟ فقيل له: سعد بن عُبادة، فأقبل يقود راحلته حتى أناخ ببابه، فقيل لسعد: عمرو بن معديكرب، فخرج إليه سعد فرحَّب به وأمر برَحْله فحط وأكرمه وحَبَاه، ثم رَاحَ به إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلم وأقام أيامًا، وأجازه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم،كما يجيز الوفد، وانصرف راجعًا إلى بلاده.(*)
وأقام عمرو مع زبيد قومه وعليهم فَرْوَة بن مُسَيك سامعًا مطيعًا إذا أراد أن يغزو أطاعه، وكان فروة يصيب كل من خالفه، فلما بلغ قيس بن مكشوح خروج عمرو بن معديكرب أوعدَ عمرًا وتحطم عليه: خَالَفني وترك رأيي، وقال عمرو في ذلك شعرًا. قال محمد بن عمر سمعتها من مشيختنا:
أمرتكَ
يوم ذى صَنْعا ء أمرًا باديًا رَشَدُهُ
أَمَرْتُكَ
باتِّقَاء
اللــ ـه والمعروف تأتقدُهُ
خرجتَ من المني مثل الــ ـحُمَيِّر عَارُه وتِدُهْ
وجعل عمرو بن معديكرب يقول: قد خبرتك يا قيس بن مكشوح، إنك يا قيس ستكون ذَنَبًا تابعًا لفروة بن مسيك، وجعل فروة يطلب قيس بن مكشوح كل الطلب حتى فرّ من بلاده.
فلما توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثبت فروة بن مسيك على الإسلام، يغير على من خالفه بمن أطاعه، وارتدّ عمرو بن معديكرب بعد وفاة النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقال حين ارتد وهي ثبت:
وَجَدْنَا مُلْكَ فَرْوَةَ شَرّ مُلْكٍ حِمَارًا سافَ مَنْخِرُهُ بعَذْرِ
وكنتَ إذا رأيتَ أبا عُمَيْر ترى الحُوَلاَء من خُبْثٍ وَغَدْرِ
وجعل فروة بن مسيك يطلب مَن ارتد عن الإسلام ويقاتله.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني ابن أبي سبرة عن عبد الملك بن نوفل أن عمرو بن معديكرب قال: كانت خيل المسلمين تنفر من الفيلة يوم القادسية وخيل الفُرس لا تنفر، فأمرت رجلًا فَتَرَّسَ عني، ثم دنوتُ من الفيل وضربتُ خَطمه فقطعته: فَنَفَرَ ونفرت الفيلَة فحطمت العسكر، وألح المسلمون عليهم حتى انهزموا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني أسامة بن زيد الليثي عن أبان بن صالح قال: قال عمرو بن معديكرب يوم القادسية: ألزموا خراطيم الفيلة السيوف: فإنه ليس لها مقتل إلا خرطومها.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا ابن أبي سبرة عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير قال: حدّثنا نيار بن مكرم الأسلمي قال: شهدتُ القادسية فرأينا يومًا اشتد فيه القتال بيننا وبين الفُرس، ورأيتُ رجلًا يفعل بالعدو يومئذ الأفاعيل، قلت: مَن هذا جزاه الله خيرًا؟ قيل: عمرو بن معديكرب.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني منصور بن أبي الأسود عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيْس بن أبي حازم قال: شهدتُ القادسية فسمعت عمرو بن معديكرب وهو يمشي بين الصَّفَّين وهو يقول: يا معشر المسلمين، كونوا أُسُودًا، أَسَدٌ أَغْنَى شَاتَه، إنما الفارسي تيس بعد أن يضع نيزكه، وأسوارهم لا تقع له نشابة، فقلنا له: احذر أبا ثَور فرماه الأسوار فما أخطأ قوسه، وشد عليه عمرو فأخذه وسقطا إلى الأرض جميعًا فتكشف عنهما وإن عمرًا لعلى صدره يذبحه وأنا أنظر، وأخذ سَلَبه سوارين وَيَلْمَق ديباج.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني ابن أبي سبرة عن عيسى الحناط قال: أتى عمرو بن معديكرب يوم القادسية بفرس فهزه، فقال: هذا ضعيف، ثم أتى بآخر فأخذ مَعرفته فهزه فقال: هذا ضعيف، ثم أتى بآخر فأخذ معرفته فهزه فقال: هذا ضعيف، ثم أتى بآخر فأخذ معرفته فهزه فركضه، فقال: لأصحابه إني حامل فعابر الجسر، فإن أسرعتم أدركتموني وقد عقر بي القوم ووجدتموني قائمًا بينهم، وإن أبطأتم عني وجدتموني قتيلًا بينهم قد قُتلت وجُردت، فحمل عمرو فوجدناه قائمًا قد عقر به على ما وصف.
قال: أخبرنا محمد بن عمر عن ربيعة بن عثمان قال: لما ولى عمر النعمان بن مقرن على الناس يوم نَهَاوَند كتبَ إليه: إِنّ في جندك عمرو بن معديكرب وطُلَيحة بن خُوَيلد الأسدي فأحضرهما وشاوِرْهما في الحرب.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني بكير بن مسمار عن زياد مولى سعد قال: سمعتُ سعدًا يقول: وبلغه أن عمرو بن معديكرب وَقَع في الخمر وأنه قد دُلِّه، فقال: لقد كان له موطن صالح، لقد كان يوم القادسية عظيم الغناء شديد النكاية للعدو، فقيل له: قيْس بن مكشوح، فقال: كان هذا أبذل لنفسه من قيس وإن قيسًا لشجاع.
قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: كان عمرو بن معديكرب يمر علينا يوم القادسية ونحن صفوف فيقول: يا معشر العرب كونوا أسدًا، أسد أغنى شاته، فإنما الفارسي تيس بعد أن يلقى نيزكه.
قال: أخبرنا عبد الله بن الزبيري الحميدي قال: حدّثنا سفيان قال: حدّثنا إسماعيل عن قيس قال: شهدتُ الأشعث وعمرو بن معديكرب وقَعَ بينهما كلام في المسجد قال: فقال له الأشعث: والله لئن جئتك لَأُضَرِّطَنّك، فقال له أبو ثور عمرو بن معديكرب: كلا، والله إنها لَعَزُومٌ مُفَزَّعة.
قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني قال: حدّثني أبي عن عَمرو بن شمر عن أبي طَوق عن شرَحبيل بن القعقاع أنه قال: سمعتُ عمرو بن معديكرب يقول: لقد رأيتنا من قريب ونحن إذا حججنا في الجاهلية نقول:
لَبَّيْكَ تعظيما إليك عذرا هذي زُبَيد قد أتتك قسرا
تقطع من بين عَضَاه سمرَا تَعْدُو بها مُضمّرات شُزْرَا
يقطعن خَبتًا وجِبَالا وعْرَا قد تَرَكوا الأوثَان خِلْوًا صِفرَا
فنحن والحمد لله نقول اليوم كما علمنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلت: يا أبا ثور وكيف علمكم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والملك، لا شريك لك، وكنا نمنع الناس أن يقفوا بعرفات في الجاهلية فأمرنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن نخلي بينهم وبين بطن عرفة، وإنما كان موقفهم ببطن محسر عشية عرفة فرقًا أن نتخطفهم وقال لنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنما هم إذا أسلموا إخوانكم".(*)
(< جـ6/ص 268>)