تسجيل الدخول


عمرو بن معد يكرب الزبيدي

1 من 1
عَمْرو بن معد يكرب بن عبد الله بن عمرو بن عُصْم بن زُبَيْد الأصغر بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبه، وهو زُبَيْد الأكبر، ابن صعب بن سَعْد العشيرة الزبيدي الشاعر الفارس المشهور. يكنى أبا ثور.

قال ابْنُ مَنْدَه: عداده في أهل الحجاز. وقال ابن ماكولا: له صحبة ورواية. وقال أبو نعيم: له الوقائع المذكورة في الجاهلية، وله في الإسلام بالقادسية بلاءٌ حسن.

قال ابْنُ أَسْحَاقَ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: قدم عمرو بن معد يكرب على رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم في وفد زُبيد فأسلم،(*) وله قصةٌ مع قَيْس بن المكشوح المرادي.

وذكر ابْنُ سَعْدٍ، عن الوَاقِدِيِّ، عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زُهَيرٍ، عن محمد بن عمارة ابن خزيمة، قال: قال عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يكِربَ لقيس بن مكشوح حين انتهى إليهم أمْرُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم: قد ذُكر لنا أنَّ رجلًا من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول: إنه نبي، فانطِلقْ بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبيًا فلن يخفَى علينا.

[[فأبى]] قيس فركب عمرو إلى المدينة، فنزل على سعد بن عبادة، فأكرمه، وراح به إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلم، وأجازه النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فرجع إلى قومه؛ فأقام فيهم مسلمًا مطيعًا؛ وكان عليهم فَرْوَة بن مسيك؛ فلما مات النبي صَلَّى الله عليه وسلم ارتد عَمْرو.

وذكر ذلك سَيْفٌ في كتاب "الرِّدَّة" وأن المهاجر بن أبي أمية أسر عَمْرو بن معد يكرب، فأرسله إلى أبي بكر، فعاود الإسلام.

قال الخَطِيبُ في "المتَّفِق والمُفْتَرِق": يقال: إنّ له وفادة: وقيل لم يَلْقَ رسولَ الله صَلََّى الله عليه وسلم؛ وإنما قدم إلى المدينة بعد وفاته، وحضر القادسية، وأبْلَى فيها.

وروينا في مَنَاقِب الشَّافعي لمحمد بن رمضان بن شاكر: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا الشافعي، قال: وَجَّه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم عليًّا، وخالد ابن سعيد؛ إلى اليمن؛ فبلغ عمرو بن معد يكرب ما قِيل في جماعةٍ من قومه، فقال لهم: دَعُوني آتِ هؤلاء القوم؛ فإني لم أسمَّ لأحدٍ قط إلا هابني؛ فلما دنا منهما قال: أنا أبو ثَوْر، أنا عمرو بن معد يكرب، فابتدرَاه، كلّ منهما يقول خَلِّني وإياه. فقال عمرو: العرَبُ تفزَّع بي، وأراني لهؤلاء جزَرًا؛ فانصرف(*).

وأخرج مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ في تاريخه، مِنْ طريق خلاد بن يحيى، عن خالد بن سعيد، عن أبيه، قال: بعث النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم خالد بن سعيد بن العاص إلى اليمن، وقال له: "إِنْ مَرَرْتَ بِقَرْيَةٍ فَلَمْ تَسْمَعْ أَذانًا فَاسْبِهِمْ"، فمرّ ببني زُبيد فلم يسمع أَذانًا فسباهم، فأتاه عَمْرو بن معد يكرب فكلمه فيهم، فوهبهم إياه؛ فوهب له عَمْرٌو سيْفَه الصَّمْصاَمة، فتسلّحه خالد بن سعيد؛ فقال له عمرو:
على صَمْصَامَة السيفِ السلامُ

في أبيات له.(*)

ومدح عَمْرو بن معد يكرب خالدَ بن سعيد بقصيدةٍ أشرْتُ إليها في ترجمة خالد [[ثبت في ديوان عمرو بن معد يكرب أنه مدح خالد بن سعيد بن العاص لما بعثه النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم مصدّقًا عليهم بقصيدة يقول فيها:

فَقُلَتْ لِبَاغِي الخَيْرِ إِنْ تَأْتِ خَالِدا نُسَرَّ وَتَرْجِعْ نَاعِمَ البَالِ حَامِدا]] <<من ترجمة خالد بن سعيد بن العاص "الإصابة في تمييز الصحابة".>>.

وشهد عَمْرو فتوحَ الشام، وفتوحَ العراق؛ فقال ابن عائذ في المغازي: سمعْت أبا مسهر يحدِّث عن محمد بن شعيب؛ عن حبيب، قال: قال مالك بن عبد الله الخَثْعَمي: ما رأيْتُ أشرفَ من رجل برزَ يَوْمَ اليرموك، فخرج إليه عِلْج فقتله، ثم انهزموا وتبعهم؛ ثم انصرف إلى خِباءِ عظيم. فنزل ودعا بالجفان، ودعا مَنْ حَوْله، فقلت: مَنْ هذا؟ قيل: عمرو بن معد يكرب.

وقال الهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: أصيبت عَيْنُه يوم اليَرْمُوك.

وأخرج أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وابْنُ عَائِذٍ، وابْنُ السَّكَنِ، وَسَيْفُ بْنُ عُمَرَ، والطَّبَرَانِيُّ، وغيرهم، بسندٍ صحيح، عن قيس بن أبي حازم، قال: شهدتُ القادسية فكان سَعْدٌ على الناس، فجعل عَمْرو بن معد يكرب يمرُّ على الصفوف، ويقول: يا معشر المهاجرين، كونوا أُسُودًا أشدّاء؛ فإنّ الفارس إذا ألقى رُمْحَه يئس، فرماه أُسْوَارٌ من الأساورة بنُشّابة، فأصاب سِيَة قَوْسِهِ، فحمل عليه عَمْرو فطعنه فدَقّ صلبه، ونزل إليه فأخذ سلبه.

وأخرجها ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ وجهٍ آخر أطول مِنْ هذا؛ وفي آخرها: إذ جاءته نَشّابة فأصابت قَرَبوس سَرْجِه، فحمل على صاحبها، فأخذه كما تؤخذ الجارية، فوضعه بين الصفين، ثم احتزّ رَأْسَه، وقال: اصنعوا هكذا.

وروى الوَاقِدِيُّ مِنْ طريق عيسى الخياط، قال: حمل عمرو بن معد يكرب يوم القادسية وَحْدَه فضرب فيهم، ثم لحقه المسلمون وقد أحدقوا به وهو يضرب فيهم بسيفه، فنحَّوْهم عنه.

ورأيت في ديوانه، رِواية أبي عمرو الشيباني، من نسخةٍ فيها خط أبي الفتح بن جني قصيدةً يقول فيها:

وَالقَادِسِيَّةُ حِينَ زَاحَمَ رُسْتُمٌ كُنَّا الكُمَاةَ نَهِرُّ كالأشْطَانِ

وَمَضَى رَبِيعٌ بِالجُنُودِ مُشَرِّقًا يَنْوِي الجِهَادَ وَطَاعَةَ الرَّحْمَنِ
[الكامل]

وأخرج الطَّبَرَانِيُّ عن محمد بن سلام الجمحي، قال: كتب [[عمر]] إلى سعد: إني أمددتكَ بألفي رجل: عمرو بن معدِ يكرب، وطليحة بن خُويلد.

وذكر ابْنُ سَعْدٍ عن الوَاقِدِيِّ، عن رَبِيعَةَ، عن عثمان: لما ولي النعمان بن مقرّن كتب إليه لما توجه إلى نهاوند: إن في جندك عمرو بن معد يكرب، وطليحة بن خويلد، فأحضرهما وشاوِرْهما في الحرب.

وأخرج مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بن أبي شيبة في تاريخه، مِنْ طريق مغيرة بن مِقْسَم، قال: كتب عمر إلى سعد وإلى النعمان بن مُقَرّن فذكر نحوه، وزاد وجرير بن عبد الله البجَلي، وعلباء بن الهيثم.

وقد أخرج ابْنُ أبِي شَيْبَةَ بسندٍ صحيح، عن عبد الملك نحو الأول؛ وزادوا: لا تعطهما من الأمر شيئًا، فإن كل صانع أعلم بصناعته.

وقال ابْنُ عَائِذٍ: حدثنا عبد الرحمن بن مَغْرَاء، حدثنا جابر بن يحيى القارئ، قال: لما افتتح سعد العراق ودرّ له الخراج أوفد عَمْرو بن معد يكرب إلى عُمَر يذكرُ له شجاعته، وحُسْنَ مؤازرته.

وقال البُخَارِيُّ في "تاريخه": حدثنا موسى، حدثنا حماد، عن أبي عمران، عن علقمة بن عبد الله بن معقل بن يسار، قال: بعث عمر النعمان بن مقرن إلى نهاوند، وبعث معه عمرو بن معد يكرب.

وأخرج ابْنُ سَعْدٍ وَالبَغَوِيُّ، والهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْب، والزبير في الموفقيات، والطبراني، وابن منده، من طريق شَرْقي بن قُطامي، عن أبي طلق الغامدي، عن شراحيل بن القعقاع، عن عَمْرو بن معد يكرب، قال: لقد رأيتنا من قريب ونحن إذا حججنا قلنا:

لَبَّيْكَ تَعْظِيمًا إلَيْكَ عُذْرَا هَذِي زُبَيدٌ قدْ أتَتْكَ قَسْرَا
يَقْطَعْنَ خَبْتًا وَجِبَالًا وعْرَا

[الرجز]

الحديث؛ وفيه: وكنا نمنع الناسَ أن يقِفُوا بعرفة، ونَقِف ببطن مُحَسِّر يمنة عرفة، فَرَقًا من أن يتخطَّفنا الجن، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أجِيزُوا بَطْنَ عَرفَةَ، فَإنَّما هُمْ إذَا أسْلَمُوا إخْوَانُكُم" أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 12420. قال: فعلَّمنا النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم التلبية: "لبيك اللهم لبيك..." إلى آخرها.(*) لفظ الطبراني.

وقال في "الأوْسَطِ": لم يَرْوِه عن شَرْقي إلا محمد بن زياد. وأخرجه ابن منده مِنْ طريق أحمد بن محمد بن الصلت، عن محمد بن زياد، فخالف السند الأول؛ فقال عن شرقي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: سمعت عَمْرو بن معد يكرب. وابن الصلت متروك.

وقال يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ أبِي أوَيْسٍ، حدثنا أبي عن عَمْرو بن شمر، عن أبي طوق، عن شرحبيل، كذا قال عمرو بن شمر فيهما.

قال عَبْدُ الغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ: اسْمُ أبي طلق الغامدي عدي بن حنظلة؛ وله حديث آخر في فضل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} موقوف، أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق، والدينوري في المجالسة بسندَيْن كلٌّ منهما واهٍ ـــ أن عمرو بن معد يكرب كان في مجلس عُمر بن الخطاب، فذكره.

وأخرج الدُّولَابِيُّ عن أبي بكر الوجيهي، عن أبيه، عن أبي صالح بن الوجيه، قال: في سنة إحدى وعشرين كانت وقعة نَهَاوَنْد، فقتل النعمان بن مُقرِّن، ثم انهزم المسلمون. وقاتل عمرو بن معد يكرب يومئذ حتى كان الفتح فأثبتَتْه الجراحة فمات بقرية رُوذة.

قال الوجيهِيُّ: وأنشدني غيره في ذلك لدعبل بن علي الخزاعي:
الطويل

لَقَدْ عَادَت الرُّكْبَانُ حِينَ تَحَمَّلُوا بِرُوذَةَ شَخْصًا لَا جَبَانًا وَلَا غمْرَا

فَقُلْ لِزُبَيْدٍ بَلْ لِمَذْجِحَ
كُلِّهَا رزئْتُمْ أبَا ثَوْرٍ قَريِعَ الوَغَى عَمْرَا

ومن طريق خَالِدِ بْنِ قَطَنٍ، حدثني مَنْ شهد مَوْتَ عمرو بن معد يكرب: كان قد رقد، فلما أرادوا الرحيلَ أيقظوه، فقام، وقد مال شقّه، وذهب لسانُه، فلم يلبث أنْ مات؛ فقالت امرأته الجعفرية... فذكر البيتين.

وقال المرْزَبَانِيُّ: مات في خلافة عثمان بالفالج. وقد جاوز المائة بعشرين سنة، وقيل بخمسين.

وحكى أبُو عمرو أنه مات بالقادسية إمَّا قتيلًا وإما عطشًا. وقيل: بل بعد وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين.

قلت: وقيل: إنه عاش بعد ذلك، ففي كتاب المعمرين لابْنِ أبي الدنيا، من طريق جُويرية بن أسماء، قال: شهد صِفّينَ غَيْرُ واحد أبناء خمسين ومائة، منهم عمرو بن معديكرب.

وأخرج أحْمَدُ بْنُ سيارٍ، وَعَمْرو بْنُ شَبَّةَ، من طريق رُميح بن هلال، عن أبيه: رأيت عمرو بن معد يكرب في خلافةِ معاوية شيخًا عظيمَ الْخِلقَة، أعظم ما يكون مِنَ الرجال، أجَشَّ الصوت، إذا التفت التفت بجميع جَسده.

وقال أبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ المُثَنَّى: شهد عَمْرو بن معد يكرب القادسيةَ، وهو ابْنُ مائةٍ وست سنة. وقيل مائة وعشرة.

وقال أبُو عُمَرَ: كان شاعرًا محسنًا؛ ومما يستحسن من شعره قصيدته التي أولها:

أمِنْ رَيْحَانَة الدَّاعِي السَّمِيع يُؤرِّقُنِي وَأصْحَابِي هُجُوعُ

[الوافر]

يقول فيها:

إذَا لَمْ تَسْتَطِعْ شَيْئًا فَدَعْهُ وَجَاوِزْهُ إلَى مَا تَسْتَطِيعُ
[الوافر]

وهو فحل في الشجاعة والشعر.

قال عَمْروُ بْنُ العَلَاءِ: لا يفضل عليه فارسٌ في العرب، وهو القائل في قيس بن مكشوح المرادي من قصيدة يقول فيها:

أعَاذِلُ عُدَّتِي بَدَنِي وَرُمْحِي وَكُلُّ مُقَلَّص سَلِس القِيَادِ

أعَاذِلُ إنَّمَا
أفْنَى شَبَابِي إجَابَتِيَ الصَّرِيخَ إلَى المُنَادِي
[الوافر]

ويقول فيها:

وَيَبْقَى بَعْدَ حِلْمِ القَوْمِ حِلْمِي وَيَفْنَى قَبْلَ زَادِ القَوْمِ زَادِي

تَمَنَّى
أنْ
يُلَاقِيـنِي
قُيَيْسُ وَدِدْتُ وَأيْنَمَا مِنِّي ودَادِي

فَمَنْ ذَا عَاذِرِي مِنْ ذِي سَفَاهٍ لا يَرُودُ بِنَفْسِهِ مَنَّ المُرادي

أريدُ
حَيَاتَهُ
وَيُريدُ
قَتْلِي عَذِيركُ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِ

[الوافر]
(< جـ4/ص 568>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال